مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةغير مصنف

اهتمام المغاربة بالجامع الصغير من حديث البشير النذير للحافظ للسيوطي

 

 

 

 

إعداد: فاطمة الزهرة المساري*

 

 ورقة تعريفية بالكتاب:

 كتاب “الجامع الصغير من حديث البشير النذير”  من تأليف الإمام الحافظ أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911هـ). هو عبارة عن موسوعة حديثية، يحتوي على: (10031) عشرة آلاف وواحد وثلاثين حديثا. وتتميز كل هذه الأحاديث بثلاث مميزات[1]:

الأولى: أنها كلها أحاديث قولية.

الثانية: أنها أحاديث قصيرة المتن.

الثالثة: أنها بعيدة عن الأحكام الفقهية التفصيلية.

ويعد كتاب “جمع الجوامع”، للإمام الحافظ عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي من الموسوعات الحديثية الكبرى؛ حيث جمع فيه أكثر من مائة ألف حديث، قال السيوطي: “سميته جمع الجوامع، وقصد

وقال الألباني في مقدمة كتاب “صحيح الجامع الصغير وزيادته”: “إن كتاب “الجامع الصغير من حديث البشير النذير” للحافظ السيوطي، من أجمع كتب الحديث مادة وأغزرها فائدة، وأقربها تناولا، وأسهلها ترتيبا، فلا غرابة إن سارت به الركبان، وتداولته أيدي العلماء والطلاب في كل زمان ومكان، على

 

 اختلاف درجاتهم، وتباين مشاربهم، وتباعد اختصاصاتهم، فلا يكاد يستغني عنه المحدث، فضلا عن الفقيه و الخطيب”[4].ت فيه جمع الأحاديث النبوية بأسرها”[2]، وقسمه إلى أحاديث قولية وأحاديث فعلية، ثم انتقى من الأحاديث القولية، أحاديث صحيحة مختصرة، وقد زاد عليها بعض الزيادات وجمع ذلك كله، ورتبه على حروف 

المعجم، مراعياً أول الحديث فما بعده تسهيلا على الطلاب، في كتاب  سماه: “الجامع الصغير من حديث البشير النذير”. قال السيوطي في مقدمة كتابه: “أودعت فيه من الكلم النبوية ألوفا، ومن الحكم المصطفوية صنوفا، واقتصرت فيه على الأحاديث الوجيزة، ولخصت فيه من معادن الأثر إبريزه، وبالغت في تحرير التخريج، فتركت القشر، وأخذت اللباب، وصنته عما تفرد به وضاع أو كذاب، ففاق بذلك الكتب المؤلفة في هذا النوع  كـ”الفائق” و”الشهاب”، وحوى من نفائس الصنعة الحديثية ما لم يودع قبله في كتاب، ورتبته على حروف المعجم، مراعيا أول الحديث فما بعده تسهيلا على الطلاب، وسميته:  “الجامع الصغير من حديث البشير النذير”؛ لأنه مقتضب من الكتاب الكبير “جمع الجوامع” وقصدت فيه جمع الأحاديث النبوية بأسرها”[3].

مظاهر اهتمام المغاربة  بتدريس “الجامع الصغير”:

يعد كتاب “جمع الجوامع” ومختصره “الجامع الصغير” من أهم الكتب

 التي تحتوي على أكبر عدد من الأحاديث النبوية، لذلك أولاهما المغاربة[5] عناية خاصة بعد الاهتمام الذي أولوه بصحيح البخاري. فحفظوه ودرَّسوه للطلاب، ومن الشيوخ الذين درَّسوا “الجامع الصغير”:

– الفقيه المحدث سيدي محمد بن إبراهيم بن أحمد العثماني السوسي (ت1167هـ) سمع عليه مَحمد ـ فتحا ـ بن إبراهيم ـ بن أحمد بن عثمان بن الشيخ (ت1134هـ) قال في ترجمته: “وطلعت لحضور البخاري في زاكموزن المرة الأولى عند المرابط الخير الدين الصالح الفقيه المحدث المحب الأصفى الأجل المرتضى سيدي محمد بن إبراهيم بن أحمد العثماني نزيل رباط زاوية “تاكاركوست”، وهو من خيار رجال سوس وصلحائه ومن معه من الطلبة، نزلنا عنده خمسا وعشرين يوما، وكان رحمه الله تعالى يسمع في تلك المدة صحيح البخاري عليه، وجميع موطأ مالك، وجميع الشفاء لعياض، وجميع مسلم، وجميع الجامع الصغير للسيوطي”[6].

– أبو العباس التاكموتي الذي توفي بالوباء سنة (1214ه‍ ). كان رضي الله عنه فقيها عالما، مدرساً ماهراً في علوم شتى، اعتنى بالحديث صحيح البخاري وغيره، عكف على التدريس على ساق الجد برباط (تاكموت)، وزاوية (فم تاتلت)، حتى انتفع به خلق كثير لا يحصون منهم العالم الصوفي أبو بكر بن أحمد التاكموتي، ومحمد بن أحمد من (أقا أزنكاض) وغيرهم من أعلام نواحيه. وكان رضي الله عنه ترده الوفود، وأعيان القبائل يزورونه ويتبركون به، فإذا خرج ليودعهم، ينصب لهم مجلسا يعظهم فيه، بما في الجامع الصغير للسيوطي من الأحاديث، يقرأه قارئه، ويبين لهم معاني الحديث”[7].

الشيخ عبد الله بن محمد الكرسيفي (ت1214هـ) الذي تصَدَّر التدريس بجامع (زلاخة)، وقرأ عليه عبد الرحمن بن عبد الله الجشتمي (ت1296هـ)، فأخذ عليه تفسير القرآن للجلالين، وبعض كتاب الجامع الصغير للإمام السيوطي[8].

 وعند ازدياد رغبة الطلاب المغاربة في دراسة هذا الكتاب العظيم وشروحه، التمسوا من علماء المشرق تأليف شروح أخرى لأجل توسيع معارفهم، ومن بين هؤلاء العلماء: العلامة الشيخ المناوي رحمه الله. فقد ورد في “كشف الظنون” عند ذكر “الجامع الصغير” في حرف الجيم ذكر شروحه ثم قال: “شرح شمس الدين محمد عبد الرؤوف المناوي المتوفى سنة (1030هـ) شرح أولا بالقول كابن العلقمي فاستحسنه المغاربة، فالتمسوا منه أن يمزجه فاستأنف العمل وصنف شرحا كبيرا ممزوجا في مجلدات وسماه “بفيض القدير”[9].

ونتيجة لهذا الاهتمام الذي أولاه المغاربة بهذا الكتاب القيم، ازدهرت الخزائن المغربية العامة والخاصة، بهذا الكتاب وشروحه وحواشيه، وبجمع الجوامع الذي هو أصله ومصدره.  

*********************

جريدة المراجع

1. جمع الجوامع المعروف بالجامع الكبير للإمام جلال الدين السيوطي، الأزهر الشريف دار السعادة-مصر، 1462هـ/2005م.

2. صحيح الجامع الصغير وزياداته لمحمد ناصر الدين الألباني. المكتب الإسلامي الطبعة الثالثة: 1408هـ-1988م.

3. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون لحاجي خليفة،  دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان.

4. كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال لعلاء الدين علي المتقي بن حسام الدين الدمشقي. ضبطه وصححه كل من الشيخ: بكري حياني، والشيخ صفوة السقا. مؤسسة الرسالة العالمية، دمشق، الطبعة الأولى: 1433هـ/2012م.

5. المعسول لمحمد المختار السوسي، مطبعة النجاح،الدار البيضاء، 1382هـ/1963م.

 

هوامش المقال

*******************************

 

[1] – تاريخ علوم الحديث الشريف في المشرق والمغرب. ص:481 . 

[2]  – كنز العمال خطبة الجامع الصغير. 1 /6.

[3]  – كنز العمال خطبة الجامع الصغير. 1 /5-6.

[4]  – صحيح الجامع الصغير وزياداته لمحمد ناصر الدين الألباني ص: 12

[5]  – أقصد بالمغاربة: المغرب الأقصى المطل على البحر المتوسط شمالا والمحيط الأطلسي غربا، تحده شرقا الجزائر وجنوبا موريتانيا.

[6]  – المعسول 16 /115.

[7]  – المعسول 18 /228.

[8]  – المعسول 6 /22-23.

[9]– كشف الظنون لحاجي خليفة  1 /560. 

* راجع هذا المقال بتكليف من رئيس المركز لجنة مكونة من السادة الباحثين: خديجة أبوري، محمد اليولو، يوسف أزهار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق