مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةغير مصنف

من رجالات الحديث بالأندلس ـ الإمام أبو الوليد الباجي (ت 474 هـ )ـ

 

 

 

بقلم: عبد الفتاح مغفور*

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.

 أما بعد:

فلاشك أن الإمام الباجي حظي بمكانة مرموقة في علم الحديث الشريف، وضرب فيه بسهم وافر حتى ذاع صيته، وملأت شهرته الآفاق في عصره وبعد عصره، فاحتل فيه مركز الأستاذية في كافة الأمصار ـ بالمشرق والمغرب على السواء ـ التي حلَّ بها عالما ومتعلما، فبرز فيه، وأصبح من كبار أئمته، بصيرا بطرقه متكلما على علله، محققا لرواياته، ناقدا لأسانيده ومتونه، مميزا بين صحيحه وضعيفه.

ولهذا وقع اختياري على أن أعرف بهذا الإمام الجليل المحدث الفقيه؛ إذ من خلال التعريف به يمكن استخلاص إسهاماته وجهوده، واجتهاداته في الدرس الحديثي.

 1 ـ التعريف بالإمام الباجي: 

 أ ـ اسمه وكنيته[1]:

هو سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث أبو الوليد التجيبي التميمي القرطبي الأندلسي الذهبي، الفقيه المالكي الحافظ إمام المسلمين، والباجي من باجة الأندلس[2].

 ب ـ أسرته:

ينحدر من أسرة عالمة، وكان له إخوة أجلة، قال القاضي في المدارك: “وكان له إخوة جلة نبلاء وبيته بيت علم ونباهة”[3].

ج ـ دراسته، ورحلته إلى المشرق:

ـ نشأ أبو الوليد الباجي في بيئة علمية بين أحضان والدته الفقيهة[4] بنت أبي بكر محمد بن موهوب القبري، فشَبَّ، وهمته في طلب العلم عالية، ينتقل بين مدن الأندلس، للأخذ عمن بقي من الشيوخ بعد الفتنة التي أتت على كثير من كبار علمائها في أوائل القرن الخامس الهجري، شأنه في ذلك شأن شباب الأندلس في هذه الفترة المضطربة من تاريخ الأمة الإسلامية في هذا البلد، ولما حصل على ما يكفيه من علوم اللغة العربية والأدب وفنونه، مال إلى علم الحديث والفقه والأصول.

وبما أنه استفاد من التردد على كبار الشيوخ بالأندلس، وعلم ما للترحل بين أمصار بلده من مزايا  أدرك أن عليه أن يغتنم الفرصة، ويتجه إلى المشرق للمزيد من لقاء جلة الشيوخ والانتهال من ينابيع العلم في مراكزها آنذاك، فصمم العزم على الرحيل.

 فارتحل سنة (426هـ) ، ومر في طريقه بمصر[5]، وأخذ بها عن محمد بن الوليد، واتجه إلى مكة، ليلتقي بكبار علمائها في الحديث والفقه ـ ،ولزم بها أبا ذر الهروي الحافظ يخدمه أزيد من ثلاثة أعوام …وسمع منه صحيح البخاري الذي تداول المحدثون روايته[6]، عن الباجي بالأندلس والمغرب، وغيره من الشيوخ الذين لقيهم هناك.

ثم قصد العراق عن طريق الكوفة التي استقر ودرس بها مدة.

 ثم انتقل إلى بغداد،  ووجد فيها بيئة علمية غير التي عرفها في سائر المدن والقرى، التي أتيح له دخولها، فأقام بها ثلاثة أعوام[7]، يسمع الحديث، ويدرس الفقه. وفي سنة سبع وثلاثين وأربع مائة، ورد مدينة حلب صادرا من العراق.

 وهكذا مرت رحلته التي استغرقت ثلاثة عشر عاما، يجالس الشيوخ ويلازم الحفاظ، ويبحث عن حلقات الدرس والتدريس حيثما حل وارتحل، وينافح عن الحديث الشريف، ويروم الأئمة الأعلام، حتى أصبح من كبار أئمته بالأندلس، بصيرا بطرقه، متكلما على علله وفقهه.

 د ـ بعض شيوخه في علم الحديث:

والإمام الباجي رحمه الله تتلمذ على يد شيوخ كبار في علم الحديث رواية ودراية؛ كمحمد بن الحسن (ت450هـ ) [8] حدث عنه أبو الوليد الباجي بالأندلس، وأحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي أبو بكر الخطيب البغدادي الشافعي (ت 463هـ )حافظ المشرق، الإمام المحدث الكبير، حيث ألف ستا وخمسين مصنفا[9] في مختلف علوم الحديث، “وكل من أنصف علم أن المحدثين بعده عيال على كتبه”[10]، وهو ممن حدث عنه أثناء رحلته إلى المشرق، ومن شيوخه أيضا في هذه  الرحلة: الإمام الشيرازي الشافعي[11] .

 ه ـ تلاميذه :

لما حصل أبو الوليد الباجي على علم غزير بالأندلس والمشرق، ووثق من نفسه في وقت مبكر من رحلته، شرع يشتغل بتدريس الحديث، وهو في العقد الثالث من عمره، دون الانقطاع عن الأخذ عن أجلة العلماء.

وقد حدث عنه ـ بالمشرق ـ أبو الفرج ابن السلالي بالكوفة الذي كان ينزل بداره، وهو أول من تتلمذ عليه في رحلته، ذكر ذلك في كتابه “فرق الفقهاء”. ونقله عنه ابن الأزرق في “روضة الأعلام”[12].

وبعد عودته من رحلته إلى الأندلس عام  تسعة وثلاثين وأربعمائة، وعنده من التحقيق والإتقان والتدقيق في علم الحديث وغيره، وأصبحت له شخصية المحدث الحافظ، وتأهل ـ بحق ـ ليكون إمام المحدثين بالأندلس حتى بعد صيته، واستدعي لميورقة، ليناظر ابن حزم في اتباع المذهب المالكي، فاستوطنها ودرَّس العلم بها وبإشبيلية[13]، والموطأ بمرسية، كما حدث عن نفسه بذلك قائلا: “وكان لي في ذلك الوقت مجلس يجتمع إلي فيه للمذاكرة في الموطأ بمسجد الموضع الذي كنت أسكن فيه”[14]، كما سمع منه الجم الغفير صحيح البخاري بدانية[15]، وتخرج على يده علماء كبار، كإبراهيم بن أحمد بن أسود أبو إسحاق[16]، وإبراهيم بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التجيبي الباجي القرطبي أخو أبي الوليد الباجي سكن معه ميورقة[17]، والإمام الجليل أبو بكر الطرطوشي[18] وغيرهم.

و ـ وفاته: قال عياض: “توفي بالمرية سنة أربع وسبعين وأربعمائة، لسبع عشرة خلت من رجب”[19].

 

  2 ـ الإمام الباجي  رجل من رجالات الحديث وفقهه بالأندلس:

ومما يدل  على أن أبا الوليد الباجي إمام من أئمة الحديث، وأنه ضرب فيه بسهم وافر، حتى ذاع صيته واشتهر داخل بلاد الأندلس وخارجها ما يأتي: 

ـ  أولا: مكانته عند أهل العلم  ـ في الحديث الشريف ونبوغه فيه ـ :

وقد عبر غير واحد من أهل العلم  على هذه المكانة  التي تبوأها، في علم الحديث الشريف، وغيره من العلوم الأخرى، فأثنوا عليه ومدحوه ووثقوه، وكل واحد أثنى عليه بخاصية، ووصفه بصفة، ومنهم من أجمل فيه صفات شتى، وهذه طائفة من النصوص تبين مدى التقدير الكبير الذي حظي به عند علماء عصره  – من تلامذته وشيوخه وقرنائه، وعند من جاء بعدهم عبر مختلف الأعصار والقرون-.

ـ  أ ـ وصفه بالإمامة مطلقا: قال القاضي عياض نقلا عن الحافظ أبو علي ابن سكرة الصدفي: “هو أحد أئمة المسلمين[20] لا يسأل عن مثله”[21].وقال الضبي: “إمام متقدم مشهور عالم “[22]. وقال الداودي: “الإمام الحافظ العلامة أبو الوليد التجيبي القرطبي الذهبي”[23]، وقال ابن العربي ـ تلميذه-[24]:”وكل من رحل لم يأت بمثل ما أتيت به أنا والقاضي أبو الوليد الباجي، وأما غيرنا فقد تعب”[25].

ـ  وصفه بالإمامة في الحديث والحفظ:

قال عياض: “كان أبو الوليد – رحمه الله – فقيها نظارا محققا راوية محدثا، يفهم صنعة الحديث ورجاله”[26].وقال الضبي: “محدث إمام متقدم مشهور عالم “[27]. وقال الحميري: “شارح الموطأ”. وقال الحافظ الذهبي: “الحافظ العلامة ذو الفنون … برع في الحديث وعلله، ورجاله وفي الفقه وغوامضه وخلافه وفي الكلام ومضايقه”[28]، وقال أيضا في العبر: “برع في الحديث والفقه…”[29] وقال ابن شاكر الكتبي: “برع في الحديث وبرز على أقرانه”[30]. وقال الحافظ ابن كثير: “الفقيه المالكي أحد الحفاظ المكثرين في الفقه والحديث”[31]، وقال الحافظ السيوطي:” الإمام أبو الوليد الباجي.. برع في الحديث والتفسير والفقه وغوامضه، ورجع إلى الأندلس بعد ثلاث عشرة سنة، بعلوم كثيرة، وتصدر للإفادة وانتفع به جماعة كثيرة”[32]، وقال الزركلي: “فقيه كبير من رجال الحديث”[33].

قال محمد بن مخلوف: “الحافظ النظار العلم المتفنن المؤلف المتقن المتفق على جلالته علما وفضلا ودينا… وأكثر نسخ البخاري الصحيحة بالمغرب، إما رواية الباجي عن أبي ذر بسنده، وإما رواية أبي علي الصدفي بسنده”[34].

ثانيا:  تأليفه في علم الحديث وفقهه ورجاله:

لقد  خلف لنا الإمام الباجي مؤلفات كثيرة، في الحديث وفقهه، ورجاله التي  تكشف وتبين علو كعبه في هذا العلم الشريف، ومن هذه المؤلفات:

1 ـ الاستيفاء شرح الموطأ: وهو من أكبر شروح الموطأ، وفي هذا يقول الباجي في مقدمة  كتاب المنتقى: “يتعذر على أكثر الناس جمعه، ويبعد عنهم درسه لاسيما لمن لم يتقدم له في هذا العلم نظر، ولا تبين له فيه بعد أثر فإن نظره فيه يبلد خاطره ويحيره ولكثرة مسائله ومعانيه يمنع تحفظه وفهمه،وإنما هو لمن رسخ في العلم وتحقق بالفهم”[35]. وقال عياض: “لم يصنع منه غير الطهارة في مجلدات”[36]، ولو لم يكمله لما قال في مقدمة كتاب المنتقى: ” انتقيته من الكتاب المذكور..”[37] أي: الاستيفاء. والانتقاء يكون من الشيء التام في الغالب والله أعلم. وقال الذهبي: “كان صنف كتابا كبيرا جامعا بلغ فيه الغاية سماه:  كتاب الاستيفاء”[38]. قال ابن فرحون: “كتاب حفيل كثير العلم لا يدرك ما فيه إلا لمن بلغ درجة أبو الوليد في العلم”[39] . 

2ـ  كتاب المنتقى شرح الموطأ: وهو أوسط شروحه على الموطأ قال فيه مؤلفه: “انتقيته

 من الكتاب المذكور على حسب ما رغبته وشرطته، وأعرضت فيه عن ذكر الأسانيد واستيعاب المسائل والدلا

وقال عياض: “لم يؤلف مثله”[41]. ذهب فيه مذهب الاجتهاد، وإبراز الحجج، وهو مما يدل على تبحره في العلم والفنون[42]. رواه عنه أبو عبد الله محمد بن سليمان بن خليفة الأنصاري المالقي[43]، وغير واحد من تلاميذه. والنقول منه منبثة في معظم كتب الفقه والحديث.لة له، وما احتج به المخالف، وسلكت فيه السبيل الذي سلكت في كتاب “الاستيفاء”من إيراد الحديث والمسألة من الأصل، ثم أتبعت ذلك ما يليق به من الفرع وأثبته شيوخنا المتقدمون رضي الله عنهم من المسائل وسد من الوجوه والدلائل وبالله التوفيق”[40].

3 ـ  الإيماء: وهو شرح ثالث للموطأ اختصره من المنتقى اختصارا مركزا يجمع فوائده… وهو أصغر شروحه عليه. قال ابن فرحون:  “قدر ربع المنتقى”[44].

 4- تحقيق المذهب: هكذا سماه  عياض [45]وابن فرحون[46]، وقال الذهبي: “رسالة في الأمية”[47]. ولم يبينا اسمه، شرح فيه بعض أحاديث الجامع الصحيح للبخاري في الأمية[48].

5- التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح: وهو من أقدم المؤلفات التي تناولت رجال البخاري، وقد أصبح  لأهميته مرجعا للمتأخرين يحيلون عليه ويرجعون إليه[49]، الذي أبان فيه على علو كعبه في معرفة رجال الحديث وعلله واتبع فيه  منهجية جيدة تميز فيها عن غيره، ومن هذه السمات التي توضح منهجه فيه:

أن الإمام الباجي في هذا الكتاب المذكور كان يرسم للعَلَم  المترجم  له صورة موجزة، معرفا به، مع الإحالة على الباب أو بعض الأبواب التي أخرج له فيها البخاري؛ حيث كان يضع العلم في وسط سلسلـة ثلاثية، مبتدئا ببعض شيوخه الذيـن روى عنهم، معـدلا أو مجرحا، أو جامعا بين التعديل والتجريح، مستشهدا على ذلك بأقوال العلماء في الغـالب، ومثال ذلك: في ترجمة إسحاق ابن محمد بن إسماعيل بن أبي فروة، قال النسائي: “هو ضعيف ليس بثقة”[50]. أو يتكلَّم في الرواة جرحًا وتعديلاً، هو نفسه، ومثال ذلك: في ترجمة يحيى بن سعيد القطان، قال: “أحد الأئمة المشهورين بالحفظ والإتقان والمعرفة بالصحيح من السقيم والجرح والتعديل”[51].

ثم يختم الترجمة بذكر تاريخ الولادة والوفاة إن وقعتا له. وعندما تشتبه بعض الأسمـاء، يحكي الخلاف ويناقش ويستنتج ويرجح ويعلل في بعضها ويلزم الحيـاد إذا لم يتضح له الأمـر.

6- رسالة في شرح حديث “البينة على المدعي واليمين على من أنكر”[52].

ثالثا:  علم الإمام الباجي بعلم مصطلح الحديث:

لم يوجد لأبي الوليد الباجي كتاب محض في مصطلح الحديث ـ فيما اطلعت عليه ـ ولكن كل من قرأ كتب الباجي، أو درسها يدرك أن الرجل قد ضرب في هذا العلم بسهم وافر، وأنه كان يتمتع باطلاع واسع على طرقه المختلفة، كما كانت له مواقف مميزة من جملة قضايا هذا العلم العسير المنال.

ومن موضوعات هذا العلم التي تناولها الباجي بالدرس والتحليل ما يأتي:

ـ المسند:

 لقد قسم الباجي الخبر من  حيث الاتصال والانقطاع إلى نوعين: مسند ومرسل، حيث عرَّف المسند بقوله: “هو ما اتصل إسناده”[53] وشرح هذا التعريف في كتابه الحدود بقوله: “معنى ذلك أن يتصل نقل الرواة له، فيخبر كل واحد منهم عمن نقل إليه إلى أن يتصل ذلك  إلى الصحابي رضي الله عنه الذي نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم”[54].

ويستنج من هذا التوضيح أن المسند عنده هو المتصل المرفوع إلى رسول صلى الله عليه وسلم.

أما حكمه عنده، فهو وجوب العمل به متى كان رجاله ثقات؛ لأن الشرع ورد بذلك وينسب الذين ينكرون العمل به إلى البدعة فهو يقول: “وأنكر العمل به جماعة من أهل البدع”.

 واستدل على رأيه هذا بقوله: ” والدليل على ما قلناه أنه لا يمنع من جهة العقل أن يتعبدنا الباري ـ سبحانه وتعالى ـ بالعمل بخبر من يغلب على ظننا ثقته وأمانته، وإن لم يقع لنا العلم بصدقه، كما يتعبدنا بالعمل بشهادة الشاهدين، إذا غابت على ظننا ثقتهما، وإن لم يقع لنا العلم بصدقهما”[55]

ـ الموقوف:

والموقوف عند الباجي رحمه الله هو: “ما وقف به على الراوي، ولم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى ذلك أنه وقف على الصحابي رضي الله عنه، أو غيره من رواته، وجعل من قوله ولم يرفع ولا وصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد أو إرسال”[56]. فالموقوف عنده يشمل الموقوف والمقطوع في اصطلاح علماء الحديث، ويتجاوزهما إلى كل حديث موقوف، على أي راو دون التابعي، وكأنه يستخدم عبارة موقوف بالمعنى اللغوي لا الاصطلاحي رغم تنبيهه على أن “هذه الألفاظ كلها على حسب المواضعة بين أهل الصناعة”.

أما حكم الحديث الموقوف على الصحابي فهو في حكم المرفوع عند الباجي يحتج به ويعمل بما يمكن أن يستنبط منه من الأحكام الشرعية[57].

-زيادة الثقات: ذهب الإمام  الباجي أن زيادة الثقة في الخبر مقبولة،  واستدل على ذلك:

1ـ أنه لو شهد شاهد لرجل على غريمه بألف دينار وشهد شاهدان آخران بألف وخمسمائة، لأخذ بالزيادة فكذلك الخبر.

2ـ ولأنه لو انفرد هذا الراوي العدل الثبت بنقل خبر لقبل منه، فكذلك إذا انفرد بنقل زيادة في الخبر[58].

ومثَّل لزيادة الثقة بما رواه أبو خالد الأحمر (ت189هـ) عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا)[59]، ويستدل المالكي بهذا الحديث” على أن قراءة الإمام قراءة المأموم، فيقول الشافعي: هذا انفرد به أبو خالد الأحمر، وقد خولف فيه. والجواب عنه: أن زيادة الثقة مقبولة”[60]

ـ أوامر السنة عند الباجي في قوة أوامر القرآن:

يرد الباجي ما قاله أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه من التفريق بين الفرض والواجب؛ حيث جعلوا الفرض ما ثبت بنص القرآن، والواجب ما ثبت بقول النبي صلى الله عليه وسلم، ويجعلهما بمعنى واحد، لأن ما ثبت بقول النبي عليه الصلاة والسلام هو ما ثبت بنص القرآن، فكل من عند الله ثابت بنص القرآن لقوله تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول)[61]، وقوله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم[62])[63].

 والحاصل أن الإمام الباجي رجل من رجالات الحديث بالأندلس، وحافظ من حفاظه الذين يستنبطون أحكامه، بل كان ناقدا للحديث سندا ومتنا، يميز بين الصحيح من السقيم.

جريدة المصادر والمراجع

1. تذكرة الحفاظ لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت   1374هـ ـ 1954م.

2. ترتيب المدارك وتقريب المسالك  لمعرفة أعلام مذهب مالك، للقاضي عياض، تحقيق  الأساتذة: محمد بن تاويت الطنجي، عبد القادر الصحراوي، محمد بن شريفة، سعيد أعراب.  مطبعة فضالة المحمدية، المغرب.

3. الإشارات إلى معرفة الأصول والوجازة في معنى الدليل لأبي الوليد الباجي، مركز إحياء التراث المغربي ـ الرباط.

4. الأعلام للزركلي، المطبعة العربية، مصر ط1/ 1345 هـ ـ 1927م.

5. البداية والنهاية لأبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الشافعي، مكتبة المعارف بيروت، لبنان، ط1، 1372هـ ـ 1966م.

6. بغية الملتمس  في تاريخ رجال أهل الأندلس، لأحمد بن يحيـى الضبي، دار الكتاب العربي، القاهرة 1967.

7. التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح، للباجي، تحقيق: أبو لبابة حسين دار اللواء ط1/ 1406 هـ ـ 1986م.

8. التكملة لكتاب الصلة لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن الآبار، تحقيق عزت العطار الحسيني، مطبعة السعادة، مصر 1375هـ ـ 1995. 

9. تهذيب تاريخ دمشق الكبير لابن عساكر، دار المسيرة، بيروت، ط2 1399هـ ـ 1979م.

10. جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس، لأبي نصر فتوح الحميدي، دار إحياء التراث للتأليف والترجمة، 1966.

11. الديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب لابن فرحون، مطبعة السعادة، القاهرة 1393.

12. الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لأبي الحسن علي بن بسام الشنتريني ، تحقيق: لطفي عبد البديع، الهيئة العامة المصرية للكتاب، مركز تحقيق التراث، القاهرة، 1975.

13. شجرة النور الزكية لمحمد بن محمد بن مخلوف، دار الكتب العربي، بيروت.

14. صحيح البخاري، لمحمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي، تحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، لبنان (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) ط1، 1422هـ.

15. الصلة لابن بشكوال، الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1386هـ ـ 1966م.

16. طبقات الحفاظ للسيوطي، مطبعة الاستقلال الكبرى، القاهرة ط1/ 1973م.

17. طبقات المفسرين للسيوطي، مطبعة طهران، 1960.

18. العبر في خبر من غبر للذهبي، طبعة الكويت 1380 هـ ـ 1960م.

19. العواصم من القواصم لابن العربي، المطبعة الجزائرية الاسلامية، ط1/ 1345هـ ـ 1926م.

20. فهرس ابن عطية، تحقيق: محمد أبو الأجفان، محمد الزاهي، دار الغرب الإسلامي، بيروت ط2/ 1983م.

21. قواعد التحديث  للقاسمي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1399هـ ـ 1966م.

22. مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان لأبي محمد عبد الله بن سعد بن علي اليمني اليافعي المكي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، ط2، 1979م.

23. مستفاد الرحلة والاغتراب للقاسم بن يوسف التجيبي، تحقيق: عبد الحفيظ منصور، مطبعة لجنة التأليف والترجمة، القاهرة، 1386هـ- 1966م.

24. المنتقى في شرح الموطأ للباجي، مطبعة السعادة، بمصر ط1 /1133 هـ ـ 1912م.

25. المنهاج في ترتيب الحجاج للباجي، تحقيق: عبد المجيد تركي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط3 /2001.

26. وفيات الأعيان لأحمد بن محمد بن خلكان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت 1969م.

 

 هوامش المقال

****************************

[1]  بعض مصادر ترجمته: ترتيب المدارك 8 /117. والصلة 1 /200.

[2] الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة القسم : 2 ص: 80.

[3] ترتيب المدارك 8 /126

[4] تهذيب تاريخ ابن عساكر  6 /261.

[5] ترتيب المدارك 8 /118

[6]نفح الطيب 2 /276.

[7] ترتيب المدارك 8 /117.

[8] ترجمته في: جذوة المقتبس ص: 50، الصلة 2 /65

[9] تذكرة الحفاظ 3 /1139.

[10] قواعد التحديث للقاسمي ص: 41.

[11] الفتح المبين في طبقات الأصوليين 1 /252.

[12] التعديل والتجريح 1 /106

[13] الصلة لابن بشكوال 2 /620

[14] مستفاذ الرحلة والاغتراب ص: 324.

[15] التكملة 2 /929.

[16] التكملة لابن الآبار 1 /139.

[17] التكملة لابن الآبار 1/ 138.

[18] الفتح المبين في طبقات الأصوليين 1 /253.

[19] ترتيب المدارك 8 /127.

[20] الصلة1 /202، وفيات الأعيان2 /408.

[21] ترتيب المدارك 8 /120، مرآة الجنان 3 /108.

[22] بغية الملتمس ص: 303.

[23] طبقات المفسرين 1 /202.

[24] العواصم من القواصم  2/208، الفكر السامي 4 /52.

[25] نفح الطيب 2 /235.أزهار الرياض 3 /63.

[26] ترتيب المدارك 8 /119.

[27] بغية الملتمس ص: 303.

[28] تذكرة الحفاظ 3 /1179.

[29]  العبر 3 /208

[30] فوات الوفيات 2 /64.

[31] البداية والنهاية 12 /122.

[32] طبقات المفسرين ص: 13.

[33] الأعلام للزركلي 1 /386

[34] شجرة النور الزكية 1 /120.

[35] المنتقى 1 /2.

[36] ترتيب المدارك 8 /124

[37] المنتقى 1 /3.

[38] تذكرة الحفاظ 1180.

[39] الديباج المذهب 1 /120

[40] ترتيب المدارك 2 /84.

[41] ترتيب المدارك8 /124.

[42] نفح الطيب 2 /282.

[43] فهرس ابن عطية ص: 155.

[44] الديباج المذهب 1 /121.

[45] ترتيب المدارك 8 /122.

[46]الديباج المذهب ص: 122.

[47] تذكرة الحفاظ 3 /1181.

[48] طبع بتحقيق عبد الرحمن بن عقيل الظاهري عالم الكتب .م.ع.س. الرياض، الطبعة الأولى، 1983.

[49] مثل: القاضي عياض في ترتيب المدارك، وابن حجر في تهذيب التهذيب وفتح الباري وغيرهم.

[50] التعديل والتجريح 1 /377.

[51] نفس المصدر 3/ 1219.

[52] التعديل والتجريح 1 /128

[53] الإشارات53، المنهاج 13.

[54] الحدود 63.

[55] الإشارات 53.

[56] الحدود 63.

[57] ينظر المنهاج في ترتيب الحجاج ص:  86.

[58] الإشارات 59.

[59] رواه البخاري في كتاب الصلاة باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب1 /85 برقم 378

[60] المنهاج 81 ـ 82.

[61] سورة المائدة من الآية 92.

[62] سورة النور.من الآية 63.

[63] الحدود في الأصول ص:  54.

*راجع هذا المقال بتكليف من رئيس المركز، لجنة مكونة من: يوسف أزهار، فاطمة الزهرة المساري، خديجة أبوري، محمد إليولو.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق