أَحَادِيث فِي فَضْل المَدِينَة النَّبَويَّة
بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم الباحث: د. محمد اليولو
تمهيد:
إن مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم طيبة الطيبة، مأرز الإيمان، وملتقى المهاجرين والأنصار، ومتنزل جبريل الأمين على النبي صلى الله عليه وسلم. هذه المدينة المباركة التي شرفها الله وفضلها وجعلها خير بقاع الأرض بعد مكة المكرمة، وقد استفاضت الأحاديث الصحيحة في ذكر فضلها، وبيان حرمتها، ومكانتها، إخبارا ودعاء، وترغيبا وترهيبا.
ولأهمية الموضوع أفردته بهذا المقال الذي سأتناول فيه ـ إن شاء الله تعالى ـ ما ورد في فضلها من أحاديث نبوية صحيحة. فأقول وبالله التوفيق:
أَحَادِيث فِي فَضْل المَدِينَة النَّبَويَّة
أولا: أن الله جعل المدينة النبوية حرما آمنا:
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حرما، وإني حرمت المدينة حراما، ما بين مأزميها، أن لا يهراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح لقتال، ولا تخبط فيها شجرة إلا لعلف»[1].
ثانيا: أن الإيمان يأرز إلى المدينة ويؤوب إليها :
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الإيمان ليأرز إلى المدينة، كما تأرز الحية إلى جحرها»[2].
ثالثا: أن من صبر على لأواء المدينة وشدَّتها يشهد له النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ويشفع له:
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد مولى المهري: أنه جاء أبا سعيد الخدري ليالي الحرة فاستشاره في الجلاء من المدينة وشكا إليه أسعارها وكثرة عياله، وأخبره أن لا صبر له على جهد المدينة ولأوائها، فقال له: ويحك لا آمرك بذلك، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يصبر أحد على لأوائها فيموت إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة إذا كان مسلما»[3].
رابعا: أن المدينة محروسة ومحفوظة بالملائكة عليهم السلام:
لما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده ما من المدينة شعب ولا نقب إلا عليه ملكان يحرسانها حتى تقدموا إليها»[4].
خامسا: أن المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال:
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال»[5].
سادسا: أن فيها مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم الذي تعدل الصلاة فيه ألف صلاة فيما سواه:
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة في مسجدي هذا، أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام»[6].
سابعا: أن في المدينة الروضة الشريفة التي لها فضل:
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي»[7].
ثامنا: أن المدينة تنفي خبثها وشرها:
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن أعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا محمد أقلني بيعتي، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي، فأبى، ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي فأبى، فخرج الأعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما المدينة كالكير، تنفي خبثها ويَنْصَعُ طَيِّبُهَا »[8].
تاسعا: أن من أراد أهل المدينة بسوء أهلكه الله:
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أراد أهل المدينة بسوء، أذابه الله كما يذوب الملح في الماء»[9].
الخاتمة:
وفي الختام أحمد الله تعالى الذي وفقني في هذا المقال الذي تناولت فيه ما ورد في فضل المَدِينَة النَّبَويَّة من أَحَادِيث صحيحة، ولم يكن قصدي استقصاء كل الأحاديث في فضلها؛ إذ الأمر يطول؛ ولكن اقتصرت على بعض منها للتذكير لا غير.
فأسأل المولى سبحانه وتعالى أن أن يتقبل مني هذا الجهد المتواضع، وأن ينفع به، راجيا منه كذلك أن يذخر لي أجره يوم لقائه، وأن يبلغنا فضل المدينة النبوية، ويرزقنا سكناها، والموت في ثراها آمين أمين.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
*********************
جريدة المصادر والمراجع:
1- الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه لمحمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي، دار ابن كثير، دمشق، ط1، 1423هـ/2002م.
2- المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: لمسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، ت: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي، دار طيبة، الرياض، ط1، 1427هـ/2006م.
هوامش المقال:
[1] - صحيح مسلم كتاب: الحج، باب: الترغيب فى سكنى المدينة والصبر على لأوائها (1 /621)(رقم 1374).
[2] - صحيح البخاري كتاب: فضائل المدينة، باب: الإيمان يأرز إلى المدينة (ص: 452)(رقم 1876)، وصحيح مسلم كتاب: الإيمان، باب: بيان أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا وأنه يأرز بين المسجدين (1 /78)(رقم 147).
[3] - صحيح مسلم كتاب: الحج، باب: الترغيب فى سكنى المدينة والصبر على لأوائها(1 /621) (رقم 1374).
[4] - صحيح مسلم كتاب: الحج، باب: الترغيب فى سكنى المدينة والصبر على لأوائها (1 /621)(رقم 1374).
[5] - صحيح البخاري كتاب: فضائل المدينة، باب: لا يدخل الدجال المدينة (ص: 452)(رقم 1880)، وصحيح مسلم كتاب: الحج، باب: صيانة المدينة من دخول الطاعون والدجال إليها(1 /622) (رقم 1379).
[6] - صحيح البخاري كتاب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة ، باب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة (ص: 287) (رقم 1190)، وصحيح مسلم كتاب: الحج، باب: فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة (1 /626)(رقم 1394).
[7] - صحيح البخاري كتاب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة ، باب: فضل ما بين القبر والمنبر(ص: 288) (رقم 1196)، وصحيح مسلم كتاب: الحج، باب: ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة (1 /625)(رقم 1391).
[8] - صحيح البخاري كتاب: فضائل المدينة، باب: المدينة تنفي الخبث(ص:453) (رقم 1883)، وصحيح مسلم كتاب: الحج، باب: المدينة تنفي خبثها (1 /623) (رقم 1383) واللفظ له.
[9] - صحيح البخاري كتاب: فضائل المدينة، باب: إثم من كاد أهل المدينة(ص: 552)(رقم 1877)، وصحيح مسلم كتاب الحج:، باب: من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله(1 /624)(رقم 1387) واللفظ له.
*راجعت المقال الباحثة: خديجة أبوري