مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةغير مصنف

الحجر الأسود وما ورد فيه

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بقلم الباحثة: دة خديجة أبوري

تمهيد

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيداً، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اقتفى أثره، وسلَّم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

          فيقول الله تعالى في كتاب العزيز: ﴿إن أول بيت وضع للناس الذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا﴾([1])  

فهو بيت عظيم، كثير المنافع والخيرات، لما يحصل عنده من تنزل السكينة والرحمات، وتكفير الخطايا والسيئات. وقد عظم الله تعالى شعائر بيته الحرام، وجعل تعظيمها من تقوى القلوب، وأودع فيه آيات بينات باقيات، ومن تلك الآيات المشهودة وجود الحجر الأسود، الذي نزل من الجنة، منه يبدأ الطائفون طوافهم بالبيت العتيق باستلامه وتقبيله، وقد قبله سيد البشرية عليه الصلاة والسلام بيقين، فزاده شرفا على شرف، وبركة على بركة.

         ولأهمية الموضوع  أفردته بهذا المقال الذي سأتناول فيه ـ إن شاء الله تعالى ـ ما ورد في فضله فيما قاله ﷺ وحدث عنه، وبما فعله ﷺ من مسحه وتقبيله له . فأقول وبالله التوفيق: 

 الحجر الأسود وما ورد فيه من الأحاديث

الحجر الأسود ياقوتة من يواقيت الجنة:

روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة، ولولا أن الله طمس على نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب» ([2]).

والركن هو الحجر الأسود، والمقام هو مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

زيادة شرف الحجر الأسود بتقبيل النبي صلى الله عليه وسلم له:

إن للحجر الأسود من المنزلة العظيمة، دون سائر الأحجار، ومما زاده تشريفا تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم له، وذلك حين طاف بالبيت العتيق. فعن عمر رضي الله عنه أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله فقال: «إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك»([3]).

قال الإمام عز الدين بن جماعة: «وإذا أراد الإنسان أن يقبِّل الموضع الذي قبله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيقين، فليستوعب الحجر بالتقبيل إن أمكنه، وقد استوعبته مرات بفضل الله»([4])

 احتفاء الرسول صلى الله عليه وسلم به، والحث على الإكثار من استلامه

لما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث سويد بن غفلة قال: «رأيت عمر قبل الحجر والتزمه وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بك حفيا»([5])

الحجر الأسود من مواطن استجابة الدعوات

لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «من استلم هذا الركن ثم دعا استجيب له، قيل لابن عباس: وإن أسرع؟ قال: وإن كان أسرع من البرق الخاطف»([6])

شهادته لمن استلمه بحق

فعن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله ﷺ في الحجر:«ليأتين هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق»([7]).

الخاتمة:

      وفي الختام أحمد الله  تعالى أولا وآخرا الذي وفقني في هذا المقال للحديث عن الحجر الأسود  وما ورد فيه من الأحاديث، وأسأله تعالى أن يتقبل مني هذا العمل المتواضع، وأن ينفع به، إنه مجيب.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

************

لائحة المراجع المعتمدة في المقال

1- الجامع الصحيح (المسند من حديث رسول الله ﷺ وسننه وأيامه). البخاري: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري. قام بشرحه وتصحيح تجاربه وتحقيقه: محب الدين الخطيب- رقم كتبه، وأبوابه، وأحاديثه، واستقصى أطرافه: محمد فؤاد عبد الباقي- نشره، وراجعه، وقام بإخراجه، وأشرف على طبعه: قصي محب الدين الخطيب. المطبعة السلفية القاهرة. ط1- 1400.

2- الجامع الكبير.الترمذيأبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي.حققه، وخرج أحاديثه، وعلق عليه: د بشار عواد معروف. دار الغرب الإسلامي بيروت.ط 1- 1996.

3- صحيح سنن الترمذي. الألباني: محمد بن ناصر. مكتبة المعارف الرياض. ط1/ 1420-2000.

4- صحيح مسلم. وفي طليعته: غاية الابتهاج لمقتفي أسانيد كتاب مسلم بن الحجاج للزبيدي.دار طيبة. الرياض. ط1/ 1427-2006.

5- المستدرك على الصحيحين. الحاكم النيسابوري: أبو عبد الله محمد بن عبد الله تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا دار الكتب العلمية– بيروت. ط1 /1411 – 1990

6- المصنف. الصنعاني: عبد الرزاق بن همام الصنعاني. عني بتحقيق نصوصه، وتخريج أحاديثه، والتعليق عليه: حبيب الرحمن الأعظمي. ط1 /1390-1970.

7- هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك. ابن جماعة: عبد العزيز بن بدر الدين محمد. تحقيق: نور الدين عتر. دار البشائر الإسلامية. بيروت ط1 /1414.

هوامش المقال:

 

([1]) سورة آل عمران الآيتان: (96-97).

([2]) أخرجه الترمذي في سننه (2 /216) كتاب: الحج، باب: ما جاء في فضل الحجر الأسود والركن والمقام برقم: (878).

([3]) أخرجه البخاري (1 /492)  كتاب: الحج، باب: ما ذكر في الحجر الأسود برقم: (1597)، وصحيح مسلم (1 /578)، كتاب: الحج، باب: استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف برقم: (1270).

([4]) هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك (2 /821).

([5]) أخرجه مسلم في صحيحه (1 /578)، كتاب: الحج، باب: استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف برقم: (1271).

([6]) مصنف عبد الرزاق (5 /30) برقم: (8880).

([7]) أخرجه الترمذي في سننه (2 /283) برقم: (961) وقال: هذا حديث حسن، والحاكم في المستدرك (1 /628) برقم: (1682).وقال الألباني: صحيح. صحيح سنن الترمذي (1 /492-493) برقم: (961).

*راجع المقال الباحث: محمد إليولو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق