مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصةدراسات عامة

فتح الأبواب المقفلة عن مباحث البسملة

 تقديم

بسم الله الرحمن الرحيم

بركة من الله وأمر، فلا غرو أن يكون المفتتح بها ديدن كتابه العظيم على الجملة والتفصيل، ودأب نبيه الكريم عليه الصلاة والتسليم، في شأنه كله، خطبا ودروسا، مراسلة وملاسنة، ، عهودا ومواثيق، حربا وسلما، تعبدا وتلاوة، أكلا وشربا، يقظة ومناما.

وإذ كانت البلسم الشافي، والمعونة الكافية، فقد حث أمته ـ وهو الأحرص على  كل ما يزين ويعين من خير لها ـ على  اللهج بها تبركا واستعانة ومفتتحا في كل شأن ذي بال قل أو كثر، وحذر من التغافل عنها تقصدا أو تأويلا فقال صلى الله عليه وسلم: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر».

وكيف يتغافل مختار عن مختار؛ إذ كانت هذه الأمة سباقة إلى فضل متأصل أصيل، وذاك شأن البسملة؛ لما ورد في كتاب الأوائل لابن أبي عاصم الشيباني عن ابن عباس قال: «أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم سليمان عليه السلام». ولما في أخبار مكة للأزرقي :  «وأول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم في صدر الكتاب من أهل مكة خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه». و لما روى الأزرقي عن إبراهيم بن عقبة قال: سمعت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص تقول: «إنّ أبي أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم».

ولا تنافي بين ما في كتاب الأوائل وما في أخبار مكة؛ إذ كان النبي سليمان عليه السلام أول من كتبها في الكتب مطلقاً، في كتابه إلى بلقيس يدعوها وقومها إلى الإسلام، وكان خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه أول من خطها في أول الكتب من أهل مكة.

والكل على خير وبركة وامتثال، وفي ذلك الدلالة على أهمية هذه الكلمة، والآية على ما اشتملت عليه من الأفضال، وما انطوت عليه من الأسرار؛ وذلك الداعي إلى التهمم بها تأليفا ومدارسة، بحثا ومفاتشة، سيما بعدما أفاض في الإبانة عن مكامن أسرارها، وخبايا جواهرها الإمام الهمام فخر الدين الرازي في مفتتح تفسيره الكبير مفاتيح الغيب، ثم تقيله من جاء بعده، ونسج على منواله تهذيبا واختصارا، إيضاحا واستفسارا.

ومن ذلك هذه الرسالة للشيخ إبراهيم بن غنيم الغنيمي، وقد نسبت إليه  تحقيقا كما يأتي في ترجمته  في هدية العارفين، ومعجم المؤلفين،  وقد وقعت بين يدي في مخطوطتين:

أولاهما مصورة عن النسخة المخطوطة المحفوظة بدار الكتب القومية تحت رقم 25 تفسير تيمور، وهي نسخة واضحة مقروءة تامة من 13 لوحة، وستة عشر سطرا لكل وجه منها، وسبع كلمات إلى ثمانية لكل سطر، بنظام تعقيبة يربط اللاحق بسابقه، بيد أنها مهملة التأريخ، لا يدرى ناسخها، وليس بهواميشها شيء من التصحيح أو التعقيب ناهيك عن السماعات؛ لحداثة عهدها. وقد رمزنا لها بـ «ق»، اقتباسا من دار الكتب القومية.

والثانية: من مكتبة الملك عبد العزيز رحمه الله بالرياض تحت رقم 2404، ذات ألواح سبعة، لكل وجه منها سبعة وعشرون سطرا، في كل منه 14 كلمة، فهو خط دقيق جدا، لكنه مقروء وواضح، وبهواميشها تصحيح وتعقيب، قال ناسخها مختتما كتابتها: «وكان الفراغ من كتابة هذه النسخة في يوم الجمعة المباركة، تسعة أيام خلت من شهر رجب الذي هو من شهور 1273هـ على يد كاتبها لنفسه رسلان عبد الله غفر الله له ولوالديه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله». ورمزها هـهنا هو  «ع». على اسم الملك عبد العزيز رحمه الله.

فآثرت التبرك بنسخها وقراءتها، والتعليق على مباحثها، والتوثيق لمسائلها، ومقابلة نسختيها؛ متوخيا الأليق بالإصابة منهما، على سبيل من التلفيق، مقدما بين يديها هذه الترجمة الموجزة لكاتبها:

ترجمة الشيخ إسماعيل بن غنيم الجوهري

هو العلامة الشيخ إسماعيل بن غنيم الجوهري الغنيمي، من أعلام مصر في القرن الثاني عشر الهجري؛ إذ كان رأسا في علوم الفقه والأصول، والنحو والبلاغة والأدب، مشاركا في علوم المنطق والسيرة وسواها، فجمع رحمه الله بين معقول الفنون ومنقولها، فلا غضاضة أن يصفه والده بـالشيخ غنيم([1])

وقال في معجم المؤلفين: عالم مشارك في بعض العلوم من آثاره: «فتح الأبواب المقفلة عن مباحث البسملة» كان حيا سنة 1165هـ1752مـ

قال في هدية العارفين: إسماعيل بن غنيم الجوهري له من التصانيف إنجاز الوعد بمسائل أما بعد. إحراز السعد بإيجاز الوعد بمسائل أما بعد. حلل الاصطفاء بشيم المصطفى صلى الله عليه وسلم. «فتح الأبواب المقفلة عن مباحث البسملة» فرغ منها سنة 1151 إحدى وخمسين ومائة وألف.

 

بسم الله الرحمان الرحيم وبه الإعانة([2])

 حمدا لمانح([3]) البيان، وفاتح أبواب التبيان، وصلاة وسلاما على من أمر بتجويد البسملة، وعلى آله وصحبه([4]) الحائزين من([5]) كل فضل أكمله([6]).

 وبعد، فيقول العبد الفقير إلى المولى الكبير إسماعيل بن الشيخ غنيم الجوهري منح التوفيق الباطني والظاهري: قد وضعت فيما مضى رسالة تتضمن ما اشتملت عليه البسملة من المباحث الشريفة، وتحتوي على ما فيها من الفوائد الغزيرة، و المقاصد المنيفة، وقد رأيت أن اختصارها من أهم([7]) المهات؛ ليسهل تعاطيها على أمثالي من أولي الرغبات، طالبا من الله الثواب، والفوز يوم المآب.

 اعلم أن البسملة يتعلق بها سبعة مباحث:

 المبحث([8]) الأول: في بيان ما يدل على طلب الابتداء بها في الأمور العلية.

المبحث الثاني: فيما يتعلق بها من المعاني السنية.

 

 المبحث الثالث: فيما تشتمل عليه من الأوجه([9]) العربية.

 المبحث الرابع: في بيان أنها من قبيل الإنشاء أو الخبر.

 المبحث الخامس: في بيان أنها من أي القضايا على وجه معتبر.

 المبحث السادس: في بيان ما اشتملت عليه من القصر على طريق الإيجاز

المبحث السابع: في بيان ما يتعلق بها من المجاز.  

المبحث الأول: في بيان ما يدل على طلب الابتداء بها في الأمور العلية: إنما ابتدئ بها اقتداء بالكتب السماوية التي أشرفها الكتاب العزيز المنزل على خير البرية؛ فإنها كلها بدئت بالبسملة؛ لحديث: ﱹبسم الله الرحمن الرحيم فاتحة كل كتاب  

ونقل الإمام أبو بكر التونسي إجماع علماء كل ملة([10]) على أن الله افتتح كل كتاب بـ ▬بسم الله الرحمن الرحيم♂.

            وذهب الإمام السيوطي إلى أنها من خصوصيات هذه الأمة؛ لحديث ﱹأنه عليه الصلاة والسلام كان يكتب أولا >بسم الله< فلما نزلت([11]): أو ادعوا الرحمن أمر بكتابة >بسم الله الرحمن<، فلما نزلت آية النمل أمر بكتابتها بتمامها([12]). فلو كانت في الكتب المتقدمة لأمر بكتابتها أولا.

            وقال([13]) الإمام النسفي: >إن معاني الكتب مجموعة في القرآن،[ل:2] ومعانيه في الفاتحة، ومعانيها في البسملة، ومعانيها في الباء<، فلو كانت في الكتب المتقدمة لكانت([14]) معاني القرآن في كل كتاب.

            وأجيب عن الأول بأنه أمر أولا([15]) بما ذكر؛ لعدم علمه إذ ذاك بوجودها في الكتب المذكورة.

وعن الثاني بأن المختص بالقرآن([16]) اللفظ العربي بهذا الترتيب، وما في سورة النمل عن سليمان ترجمة عما في كتاب بلقيس؛ لكونه كان غير عربي، وإن كانت الكتب السماوية نزلت [بتمامها] ([17]) عربية وعبر كل نبي عن كتابه بلسان قومه على ما ذكره الإمام الفيض؟؟؟

وفي هذا الجواب نظر؛ لاقتضائه اشتمال الكتب السماوية عليها لا بهذا اللفظ، وذلك يفيد الاحتواء على المعاني المذكورة، فالإشكال بحاله.

 على أن ما ذكره الإمام النسفي مشكل من وجه آخر، وهو أن القران مشتمل على أحكام وقصص ومواعظ وغيرها، والفاتحة وما بعدها ليس كذلك.

            وأجيب بأن مدار الكتب السماوية على توحيد الباري، وأنه رب العالم وخالقه وراحمه ومالكه، وخالق الهداية في قلب العبد، والمعين له، وأنه مصيِّرُ([18]) الخلق إلى دار سعادة أو شقاوة: وهذه المعاني مصرح بها في القرآن، مشار إليها في الفاتحة، مرموز إليها في البسملة، ملوح بها في الباء؛ فاقتصارهم على الاقتداء بالقران؛ لكونه الأشرف.

            هكذا قيل، وفيه نظر؛ لأن شرع من قبلنا ليس بشرع لنا([19])، وإن ورد في شرعنا ما يقرره.

 وعملا([20]) بخبر: ﱹكل أمر ذي [بال] ([21]) لا يبدأ فيه بـ>بسم الله الرحمن الرحيم< فهو أجذمﱸ أو ﱹأبترﱸ أو ﱹأقطعﱸ روايات ثلاث([22]).

            ولفظ >كل< موضوع لاستغراق أفراد المنكر نحو: ▬كل نفس ذائقة الموت♂، أو لاستغراق أفراد المعرف المجموع نحو: ▬وكلهم ءاتيه♂، أو أجزاء المفرد المعرف، نحو: >كل زيد أحسن<، أي: كل جزء من أجزائه [حسن] ([23]).

            فلفظها مفرد مذكر، ومعناها بحسب ما تضاف إليه، وإضافته إلى ﱹأمرﱸ بمعنى([24]) اللام؛ لامتناع أن تكون بمعنى >في< أو >من<؛ لأن ضابط الأولى أن يكون الثاني ظرفا نحو: ▬مكر الليل♂، وضابط الثانية أن يكون الأول بعضا [ل:3] من الثاني، وأن يصح حمل الثاني عليه كـ >خاتم فضة<. فإن انتفى الأمران نحو >ثوب زيد<، أو أحدهما نحو: >يوم الخميس<، و([25]) >يد زيد< تعين أن تكون بمعنى اللام.

 وكل إضافة امتنع أن تكون بمعنى >في< أو بمعنى >من< تعين أن تكون بمعنى >اللام<([26]) تحقيقا إن أمكن النطق بها كما مر، أو تقديراً إن لم يمكن النطق بها نحو: ﱹذي بالﱸ، و>عند زيد< و>مع عمرو<، وامتحان ذلك أن تأتي مكان المضاف بما يرادفه نحو: >صاحب<، و>مكان< [و>مصاحب<]([27]) قاله في التصريح.

 وما هنا من قبيل الثاني، فيقال: الإفراد لـلأمر؛ [لأن] ([28]) لفظ >كل< للإفراد كما مر، فاندفع ما يقال: لا يصح أن تكون الإضافة بمعنى >اللام< أيضا؛ لعدم صحة النطق [بها] ([29]).

 وعبر بـ>الأمر< ليشمل القول [كالقراءة] ([30]) والفعل كالذكاة.

 و>ذي< بمعنى >صاحب<، واختاره على >صاحب<؛ لأن الوصف به أبلغ، والإضافة به أشرف؛ لأنه يضاف للتابع فيكون متبوعا تقول: >زيد ذو مال وذو غلام<، بخلاف >صاحب< فإنه يضاف للمتبوع فيكون تابعا تقول: >عمر صاحب النبي ×< ولا تقول: >النبي صاحب [ع ل: 2] عمر<. ومن ثم وصف يونس عليه السلام في الأنبياء بقوله: ▬وذا النون♂؛ لأنه [في] ([31]) معرض المدح والثناء، و في نَ بقوله: ▬كصاحب الحوت♂؛ لأنه في مقام النهى عن اتباعه.

 و>البال< الحال الذي يهتم به شرعا، وفي الأصل القلب؛ فإطلاقه على ما ذكر من قبيل الاستعارة المصرحة أو التشبيه البليغ على ما سيأتي تحقيقه.

 وفي تقييد الأمر بذلك فائدتان:

 الأولى: تعظيم اسم الله تعالى حيث لا يبدأ([32]) به إلا في الأمور العظام.

            الثانية: التسهيل على الناس في محقرات الأمور.

 والمراد بـ>الأمر< المذكور أمر مقصود لم يجعل له الشارع([33]) مبدأ مخصوصا، ولم يكن ذكرا محضا([34])، فخرج المحرم والمكروه، والبسملة والحمدلة، والوضوء والصلاة، والأذكار المحضة، فتحرم على الأول، وتكره على المكروه، ولا تطلب للثالث والرابع والسادس [والسابع] ([35])، ويطلب للخامس خصوص البسملة؛ [لأن كلا من البسملة]([36]) والحمدلة وسيلة لتحصيل البركة في الغير أو منه، وكل من الوضوء والصلاة جعل له الشارع مبدأ مخصوصا؛ فلا حاجة لاستثناء ما ذكر من الحديث.

والدليل على إرادة القيد الأول من الحديث لزوم التسلسل المحال. وعلى([37]) إرادة الثاني منه تقييد الشارع له بنوع مخصوص من الذكر؛ فالوضوء([38]) لابد فيه [من] التسمية، والصلاة لابد فيها من التكبير، وإلا لزم التنافي، وعلى إرادة الثالث الإجماع على عدم طلب ابتداء الأذكار المحضة([39]) بالبسملة، واندفع بزيادة >منه< ما أورد من أن القرآن يلزم أن يكون ناقصا إذا لم يبتدأ بالبسملة.

 و>في< للسببية على حد حديث: ﱹدخلت امرأة النار في هرةﱸ([40]) وأشار به إلى أن البركة في الأمر ذي البال لا يحصل بما ذكر، إلا إذا قصده وأتى به لأجله. وأما إذا صاحبه من غير قصد فلا تحصل البركة فيه، فاندفع ما يقال: >بدأ< يتعدى بنفسه فَلِم عداه بـ >فى<.

 و>الأجذم< في الأصل المقطوع اليد، أو الذاهب الأنامل.

 و>الأبتر< مقطوع الذنب، جنس من جنس([41]) ماله ذنب.

 و>الأقطع< من سقطت يداه أو إحداهما.

 أريد من كل ناقص البركة، فالتركيب يصح أن يكون من قبيل التشبيه البليغ بحذف الأداة، والأصل: هو كأجذم في عدم حصول المقصود منه. وأن يكون من قبيل الاستعارة المصرحة، ولا يرد: أنه يلزم الجمع بين الطرفين وهو ممنوع؛ لأن المشبه في هذا التركيب محذوف، والأصل: >هو ناقص [كأجذم<، فحذف المشبه الذي هو >ناقص<]([42])، وعبر عنه باسم المشبه به وهو >أجذم<، وصار المراد به الناقص، فلا([43]) يلزم ما ذكر.

والجواب بأن هذا الجمع[ليس على وجه ينبئ عن التشبيه، والممتنع إنما هو الجمع] ([44]) على الوجه المذكور للتصريح بكونه استعارة في قوله:

لا تعجبوا من بلى غلالته*** قد زر أزراره على القمر([45])

مدفوع بأن المشبه به([46]) هنا خبر، وقد صرحوا بأن الجمع المنبئ عن التشبيه أن [يكون] ([47]) المشبه خبرا أو حالا أو نعتا.

            والتعارض بين هذه الرواية ورواية بـﱹالحمد للهﱸ([48]) من حيث إن الابتداء بأحدهما يفوت الابتداء بالآخر، فلا يتأتى العمل بهما؟

 

 

 مدفوع بأمور خمسة:

 بحمل الابتداء على العرفي الذي يمتد من حين الشروع إلى حين الأخذ في المقصود.

 أو على الأعم.

 أو في الأول على الابتداء الحقيقي الذي هو ذكر الشيء أولا من غير أن يسبقه شيء، وفي الثاني [ل:10] على الإضافي الذي هو ذكر الشيء أمام المقصود سبقه شيء أو لا([49])، على الوجه الذي اشتمل عليه القران المبين لكيفية العمل بالحديثين، فظهر أن بين الابتدائين عموما مطلقا: يجتمعان في البسملة، وينفرد الإضافي في الحمدلة.

 أو بأن الغرض التخيير بينهما؛ لعدم علم السبق والنسخ، والتعارضان المذكوران يحمل أمرهما على التخيير على ما ذكره المناوى نقلا عن الشيرازي.

 أو أن يراد من البسملة والحمدلة مطلق الذكر؛ لما ورد مما يدل على أن المعتبر جهة عمومهما، وكونهما([50]) ذكرا، وهو: ﱹكل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بذكر الله فهو أجذمﱸ. فحمل المقيد على المطلق بأن ألغى القيد، وأريد من المقيد [مطلق] ([51]) الذكر؛ لوجود مطلق ومقيدين بقيدين متنافيين([52]) [ليس بأولى بأحدهما من الآخر على [حد] قوله تعالى في قضاء رمضان: ▬فعدة من أيام أخر♂ وفي كفارة الظهار: ▬فصيام شهرين متتابعين♂ ] وفي صوم التمتع: ▬فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم♂: فلا يصح تقييد المطلق بهما؛ للتنافي، ولا بأحدهما؛ لانتفاء مرجحه.

وحمل المطلق على المقيد المشهور محله فيما إذا ورد مطلق ومقيد واحد كما في >الرقبة< في كفارتي القتل والظهار، فإن انتفى التنافي، أو كان أولى بأحدهما من الآخر، فلا يحمل المقيد على المطلق، بل يعمل بكل الروايات في الأول؛ لعدم التنافي [كما] ([53]) في روايات التتريب في الغسلات؛ بحمل رواية >إحداهن< على بيان الجواز، و>أولاهن< على الندب، و>أخراهن< على الإجزاء، وبحمل المطلق على المقيد في الثاني كقوله في كفارة اليمين: [▬فصيام ثلاثة أيام♂ [المائدة:91] وفي كفارة الظهار: ▬فصيام شهرين متتابعين♂ [المجادلة:4] وفي صوم التمتع] ([54]): ▬فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم♂ [البقرة:195] فحمل الصوم في كفارة اليمين على كفارة الظهار أولى من حمله على كفارة التمتع؛ لاشتراكهما في النهي، وهو قول قديم للإمام الشافعي رضي الله عنه.

 فظهر أن للأصوليين قاعدتين:

 الأولى: حمل المطلق على المقيد [وذلك] ([55]) فيما إذا ورد مطلق ومقيد واحد، أو مطلق ومقيدان بقيدين متنافيين هو أولى بأحدهما من الآخر [ع ل: 3] كما مر.

 الثانية: العكس، وذلك فيما إذا ورد مطلق ومقيدان بقيدين متنافيين ليس أولى([56]) بأحدهما من الآخر كما مر.

وأقول: هذا مخالف لما [هو] ([57]) في الأصول من أنه إذا ورد مطلق ومقيدان بقيدين متنافيين ولم يكن [أولى] ([58]) بأحدهما من الآخر؛ فإن المطلق يبقى على إطلاقه من غير حمل [ل: 11] لأحدهما على الآخر، على ما ذكره في جمع الجوامع([59]) كالمثال المتقدم.

على أن ما ذكره الأصوليون فيما إذا تعددت المواضع، وهنا الموضع واحد وهو الابتداء في الأمر ذي البال.

 ويمكن حمل ما ذكره الأصوليون على ما إذا تعددت المواضع، وما ذكروه([60]) هنا على ما إذا اتحد الموضع، وحينئذ تكون القواعد ثلاثة:

 الأولى: حمل المطلق على[المقيد. الثانية: العكس. الثالثة: بقاء المطلق على] ([61]) إطلاقه، ولكن لم أر لأحد من الأصوليين تصريحا بالقاعدة الثالثة. وإنما المذكور في كلامهم القاعدتان الباقيتان. فتأمل بنظرك السديد ولا تكن في شيء من([62]) العلوم أسيرا للتقليد.

 هذا إذا جعلت >الباء< في الحديث للتعدية. فإن جعلت للاستعانة أو المصاحبة فلا تعارض كما لا يخفى.

 وظاهر ما ذكر أن الحديثين من باب المطلق والمقيد، وليس كذلك؛ لأن المطلق لابد أن يكون نكرة، [على ما ذكره المحلي([63])، و>ذكر الله< في الحديث معرفة، فالمتعين أنهما من قبيل الخاص والعام، وقد ذكرت الجواب عن ذلك في الأصل] ([64])

المبحث الثاني فيما لها من المعاني السنية:

ويرجع حاصله إلى أربعة مقاصد تشتمل على عشرين مبحثا:

المقصد الأول في الباء، وفيه أربعة مباحث:

 الأول: في بيان معناها.

 الثاني: في بيان متعلقها.

الثالث: في توجيه([65]) تحريكها بالكسرة.

 الرابع: في توجيه [تطويل ألفها] ([66])

            فالباء يصح أن تكون للاستعانة، وأن تكون للمصاحبة على وجه التبرك واختاره الزمخشري([67])؛ لما فيه من الرد على المشركين، [ولكونه] ([68]) المقصود من طلب الإتيان بالبسملة؛ لأنهم كانوا يبتدئون أفعالهم بأسماء آلهتهم على الوجه المذكور.

 وهي متعلقة بمحذوف؛ لأنها حرف جر أصلي،  والقاعدة أن كل جار ومجرور ـ ليس زائدا، ولا شبيها بالزائد، ولا مما يستثنى به ـ لابد له من متعلق يتعلق به، أي: لابد له من عامل يعمل في محل مجروره النصب، وبين العامل والمعمول تعلق وارتباط.

 والفرق بين حرف الجر الأصلي والزائد والشبيه به([69]): أن الأصلي ما له معنى ويتوقف عليه الكلام، كالباء في: >كتبت بالقلم<. والزائد ما ليس له معنى ولا يتوقف عليه الكلام كالباء في: >بحسبك درهم<. والشبيه بالزائد ما له معنى ولا يتوقف عليه الكلام كـ>رب< في: >رب رجل كريم لقيته<.

 وذلك المحذوف يصح أن يكون فعلا، وأن يكون اسما، وكل منهما إما خاص أو عام، وكل منهما إما مقدم أو مؤخر، نحو: >أؤلف<([70]) و>تأليفي<، و>أبتدئ< و>ابتدائي<: فهذه احتمالات ثمانية كلها جائزة. والأَوْلى منها:

 أن يكون فعلا؛ لأنه الأصل في العمل، ولقلة المقدر حينئذ من حيث الحروف والكلمات؛ إذ هو بتقديره فعلا خمسة حروف وكلمتان، وبتقديره اسما [ل:12] حروف عشرة أو أحد عشر([71])، وأربع كلمات.

وأن يكون خاصا؛ لتعم البركة سائر أجزاء التأليف.

 وأن يكون مؤخرا؛ ليفيد القصر([72])؛ لأن تقديم المعمول يفيد ذلك كما في ▬إياك نعبد♂، وسيأتي الكلام عليه في المبحث السادس.

وحركت بالكسرة مع أن الأصل في الحروف المفردة أن تبنى على الفتح؛ لتناسب عملها الذي هو الجر، وهو بحسب الأصل الكسرة. وطولت؛ تفخيما للحرف الذي بدئ([73]) به كتاب الله تعالى.

المقصد الثاني: في الاسم

وفيه ثمانية مباحث:

 الأول: في معناه.

 الثاني: في بيان الابتداء به ابتداء بذكر الله.

 الثالث: في اشتقاقه.

 الرابع: في أصله.

 الخامس: في لغاته.

 السادس: في موجب حذف ألفه خطا.

 السابع: في بيان أن الاسم عين المسمى أو غيره.

 الثامن: في بيان محله من الإعراب.

فالاسم لغة ما دل على معنى. [وعرفا ما دل مفرده على معنى] ([74]) في نفسه غير متعرض ببنيته لزمن.

والابتداء به ابتداء بذكر الله؛ فيكون موافقا لحديث: ﱹكل كلام لا يفتتح بذكر الله فهو أجذمﱸ([75])؛ وذلك لقاعدة أن كل حكم ورد على اسم في الظاهر يكون واردا على مدلوله في الحقيقة، كـ>قام زيد<، ومدلول الاسم لفظ الجلالة؛ بناء على أن الإضافة بيانية، فكأنه قال: >بالله أبتدئ< إلا بقرينة؛ فإنه يكون واردا في الحقيقة على لفظه أيضا، نحو: >ضرب فعل< و>من حرف [جر] ([76])<؛ فإن الحكم بما ذكر للفظ، وإنما قال: >ما ذكر< دون >بالله<؛ لأمور خمسة ذكرتها([77]) في الأصل.

 وأجبت فيه عن التناقض الواقع في هذا التركيب أعنى >ضرب فعل<، و[>من حرف جر<]([78]).

 وهو مشتق عند البصريين من السمو، وهو العلو؛ لأنه يُعلي([79]) مسماه. وعند الكوفيين من السمة، وهي العلامة؛ لأنه علامة على مسماه، و الأول أرجح معنى ولفظا:

أما [أرجحيته] ([80]) معنى؛ فلأنه مبني على مذهب أهل الحق من أنه تعالى لم يزل موصوفا بـ[الأسماء و] ([81]) الصفات أزلا وأبدا، بخلاف الثاني؛ فإنه مبني على مذهب أهل الاعتزال من أنه تعالى كان في الأزل بلا اسم ولا صفة.

 وأما لفظا؛ فلموافقته لتصر يفه على أسماء وأسامي وسمي [وسمت] ([82])، والقلب خلاف الأصل لا داعي إليه.

 وأصله على الأول: >سمو< حذف الآخر وسكن الأول؛[ع ل:4] تخفيفا، وأتي بهمزة الوصل؛ توصلا إلى([83]) النطق بالساكن، فوزنه: >افع<.

 وعلى الثاني أصله: >وسم< حذفت الواو وعوض عنها همزة الوصل، فوزنه: >اعل<

 وفيه لغات ثمانية عشر: اسم وسم وسمى وسما وسمة [وسماة] ([84]) بتثليث الأول وقد جمعها [ل: 13] بعضهم في قوله:

سم اسم سمة سماة كذا   سمى سماء بتثليث الأول خذا([85])

 

 

والمشهور من ذلك سبع: اسم وسم [بضم وكسر] ([86]) وسمى بالقصر مثلثا، وقد جمعها بعضهم في قوله:

في الاسم سبع لغات كلها سمعت *** وإني قد ذكرت الكل مرتجلا

اسم بضم وكسر مع سم [بهما]([87]) *** وفي سمى بثلاث حسبما نقلا

 وقيل: المشهور عشر: اسم وسم وسمى بالتثليث وسماء بالفتح والمد، وقد جمعها بعضهم في قوله:

لغات الاسم قد حواها الحصر*** في بيت شعر وهو هذا([88]) الشعر

اسم وحذف همزه والقصر*** مثلثا ثم سماء عشر([89]).

 وحذفت الألف خطاًّ مع أن قاعدة الخط أن كل كلمة تكتب بصورة لفظها بتقدير الابتداء بها والوقف عليها؛ لكثرة الاستعمال. ولم تحذف من الأسماء التي بعده؛ لأنه الأصل فلا حاجة إلى([90]) التكلفات التي عنها غنية.

 واختلف هل الاسم عين الاسم المسمى أو غيره: فقيل: عينه. وقيل: غيره. وقيل: لا ولا. وجمع بأن الاسم إن أريد به اللفظ فغير المسمى قطعا، وإن أريد به المفهوم، وبالمسمى([91]) الذات من حيث هي كما في الجامد، فهو عينه، أو الذات، باعتبار الوصف كما في المشتق فهو غيره في صفات الأفعال كالخالق، ولا عينه ولا غيره في صفات الذات كالعالم و القادر، على ما جرى عليه الإمام الأشعري([92])

.

 ومحله نصب، إن تعلق بفعل أو باسم([93]) على مقابل المشهور، ورفع، إن تعلق باسم على المشهور.

 فإن قلت: الاسم المذكور مصدر عمل فيه إما رفع على الخبرية وإما نصب([94]) على المفعولية، سواء كان متعلقا به والخبر محذوف، أو متعلقا باسم فاعل خبر عن المبتدإ المحذوف؛ لأن معمول المعمول معمول، وقد صرحوا بأن المصدر لا يعمل محذوفا؟

قلت: عمله([95]) من جهة كونه مبتدأ، وهو رفع الخبر، وعمله من هذه الجهة([96]) محذوفا جائز اتفاقا، والممنوع عمله من جهة كونه مصدرا، وهو رفع الفاعل ونصب المفعول. والقول بأن معمول المعمول معمول باطل، و إلا لزم أن يكون المضاف إليه معمولا للعامل في المضاف، وهو لا يصح، على أن المعمول هنا مجرور، والظرف والمجرور يتوسع فيهما ما لا يتوسع في غيرهما.

المقصد الثالث: في لفظ الجلالة:

 وفيه خمسة مباحث:

 الأول في معناه.

 الثاني: في أصله.

 الثالث: في [بيان] أنه عربي [أو لا].

 الرابع: في بيان أنه الاسم الأعظم [أو لا] ([97]).

 الخامس: في بيان أنه مشتق أو مرتجل.

 فالله علم على الذات الواجب [ل:14] الوجود المستحق لجميع المحامد، فالوصفان المذكوران؛ لتعيين الموضوع([98]) له، وليسا داخلين فيه، فلا يرد أنه [يلزم أن يكون] كليا انحصر في فرد كـ>شمس<، فقول الخلخالي([99]): «إنه اسم لمفهوم الواجب لذاته، أو المستحق للعبودية، وكل منهما كلي انحصر في فرد، فلا يكون علما» مردود بأن >لا إله إلا الله< كلمة توحيد باتفاق، وأن الاستثناء فيها صحيح، وإلا لما أفادت التوحيد؛ لأن الكلي([100]) من حيث هو محتمل للكثرة، ولما صح الاستثناء؛ لأنه إن([101]) أريد بـ>الإله<: المعبود بحق، لزم استثناء الشيء من نفسه. وإن أريد [به] ([102]) مطلق المعبود لزم الكذب؛ لكثرة المعبودات الباطلة. فتعين أن يراد بـ>الإله< المعبود بحق، وهو كلي، ولفظ الجلالة علَم على الفرد الموجود منه قاله السعد([103]).

 وأصله عند البصريين >إله<، وعند الكوفيين >لاه<، وقيل: >ولاه< أبدلت([104]) واوه همزة كما في إعاء([105])، فهو على الأول والثالث >فِعال< بمعنى مفعول، وعلى الثاني [>فَعل<]([106]) بمعنى فاعل: أدخل عليه حرف التعريف؛ لإفادة الحصر، ثم حذفت همزته الثانية تخفيفا بعد نقل حركتها إلى اللام على القياس.

 ولا يرد لزوم التعويض والإدغام، مع أن المحذوف قياسا كالثابت؛ لأن هذا من الأمور التي اختص بها هنا هذا الاسم.

 وقيل: حذفت بحركتها على غير قياس؛ بدليل لزوم [ماذكر، ثم عوض عنها حرف التعريف الذي كان فيه قبل الحذف، أي: قصد ذلك بدليل قطع الهمزة لكن في النداء خاصة، لأنها فيه تتمحض للعوضية، وإلا لزم اجتماع معرفين وهما: النداء وحرف التعريف. وأقول: المحذور([107]) موجود في غير النداء أيضا، وهو اجتماع معرفين: حرف التعريف والعلمية. ولعل الجواب أن المحذور اجتماع معرفين لفظيين. ثم أدغم وجعل علما على الذات العلية، وضعه مسماه على الراجح وعلمه لغيره بوحي أو إلهام، وقيل: وضعه غيره بعد تعلقه بصفاته القاضية في ذلك، وقيل: جعل علما بالغلبة التقديرية بعد أن كان دخول أل علما بالغلبة التحقيقية وهي ما تكون بالنظر للاستعمال، بأن يستعمل اللفظ في غير ما غلب عليه مما وضع له بالوضع الأول كالنجم والكتاب

والأكثر على أنه عربي والاسم الأعظم، وذهب البلخي إلى أنه معرب أي: أعجمي وضع [ع ل:5] أصله للذات العلية في اللغة الأعجمية وهو «لاها» بالقصر ثم استعمله العرب على ذلك بعد تغييره بحذف ألفه وإدخال «أل» عليه، وقيل: عبراني، وقيل: سرياني، وذهب النووي إلى أن الاسم الأعظم هو الحي القيوم.

واختلف في أصله المذكور، فذهب البيضاوي إلى أنه مشتق من «أله» بكسر اللام إذا عبد أو أقام أو تحير أو احتاج أو ولع أو فزع([108] على الأول، ومن «لاه» يليه إذا علا أو من «لاه» يلوه إذا احتجب على الثاني، أو من «وله» إذا فزع أو طرب([109]). وبنى على ذلك أن لفظ الجلالة ليس بعلم، ولكنه غلب عليه تعالى فلا يستعمل في غيره، فأجري مجرى العلم في إجراء الوصف عليه وامتناع الوصف به وعدم تطرق احتمال الشركة إليه. وذهب الزمخشري إلى أنه جامد وبنى عليه أن لفظ الجلالة علم، واستدل على ذلك بأنه يوصف ولا يوصف به، تقول: إله واحد، ولا تقول: شيء إله([110]).

 فظهر أن في لفظ الجلالة من حيث العلمية خلافا مبنيا على الخلاف في أصله: فمن ذهب إلى أن الأصل صفة نَفَى عنه العلمية، ومن ذهب إلى أنه جامد جعله علما.

والراجح من الخلاف الأول أنه مشتق كما عليه البيضاوي، ومن الثاني أنه علم كما عليه الزمخشري، هكذا قيل، وفيه نظر؛ لأن رجحان الاشتقاق يستلزم رجحان عدم العلمية، ورجحان الجمود يستلزم رجحان العلمية، كما يؤخذ من بناء أحد الخلافين على الآخر، على أن قول البيضاوي: >ولكنه غلب عليه< يقتضي أنه علم بالغلبة، فتأمل المقام لتظفر بالمرام، فظهر أن لفظ الجلالة جامد إجماعا، والخلاف في الجمود والاشتقاق إنما هو في أصله الذي هو >إله< كما مر بيانه.

المقصد الرابع: في الكلمتين الأخيرتين وهما: «الرحمن الرحيم»

وفيه ثلاثة([111]) مباحث:

الأول: في لفظهما نوعا واشتقاقا.

 الثاني: في علة تقديم لفظ الجلالة عليهما، وتقديم >الرحمن< على >الرحيم<.

الثالث: في بيان الأبلغ منهما.

فهما صفتان مشبهتان مبنيتان للمبالغة من >رحم< بعد تنزيله منزلة اللازم بأن يقصد إثباته لفاعله من غير اعتبار تعلقه بمفعول لفظا أو تقديرا، نحو: «فلان يعطي»، أو جعله لازما، ونقله إلى باب >فعُل< بالضم، فيكونان مبنيين من >رحُم< بالضم. وبكل من هذين الجوابين سقط ما قيل: إن الصفة المشبهة لا تبنى إلا من لازم، والفعل هنا متعد. وأقول: لا يخفى أن >الرحمن< ليس من صيغ المبالغة، وأن جعلهما من صيغ المبالغة ينافي كونهما صفتين مشبهتين؛ لدلالة مثال المبالغة على التجدد والحدوث؛ لأنه محول عن اسم الفاعل، ودلالة الصفة المشبهة على الثبات والدوام([112]).

وقدم لفظ الجلالة عليهما؛ لأنه اسم ذات، وهما اسما صفة، والذات مقدمة فكذا ما دل عليها، وقدم «الرحمن»؛ لأنه خاص به تعالى لايطلق على غيره لغة ولا شرعا، والخاص مقدم من حيث العمل، فيقدم من حيث الذكر . وأما قول بني حنيفة في مسيلمة: >رحمان اليمامة<، وقول شاعرهم فيه:

سموت بالمجد ياابن الأكرمين أبا***وأنت غيث الورى لازلت رحمانا

فأجيب عنه بأمور ثلاث ذكرتها في الأصل منها: أنه من تعنتهم في كفرهم.

ولأنه أبلغ منه على الصحيح؛ لأنه هو الدال على جلائل النعم، والرحيم الدال على دقائقها؛ لأن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى كما في قطَع وقطَّع، والأبلغية إما باعتبار الكيف، وعليه قول السلف: «يارحمان الآخرة ورحيم الدنيا»؛ إذ الرحمات الأخروية جسام، وإما باعتبار الكم، وعليه قولهم: «يارحمان الدنيا ورحيم الآخرة»؛ لعموم الرحمة في الدنيا للمؤمن والكافر. وذهب بعضهم إلى أنهما بمعنى واحد لحديث ﱹيارحمن الدنيا والآخرة ورحيمهماﱸ([113]) أخرجه الحاكم في المستدرك مرفوعا.

وأجيب   بأن الأبلغية فيهما باعتبار الكيف كما مر، ولا يرد >حذر وحاذر< فإن الناقص أبلغ؛ لأنه صفة مشبهة دالة على ثبوت المعنى ودوامه؛ لأن المراد الأبلغية من جهة كثرة المعنى و>حاذر< كذلك، وإن كان الأول أبلغ من جهة أخرى؛ ولأن الكلام في لفظين متحدي النوع بأن يكونا فعلين، أو اسم فاعلين، وما ذكر بخلاف ذلك، فلا حاجة إلى ادعاء أن القاعدة أغلبية، والأبلغ أولى بالاعتبار في التقديم.

 ولا يرد أن القاعدة] ([114]) تقديم غير الأبلغ؛ ليترقى منه إلى الأبلغ، وإلا لم يكن لذكر [غير] ([115]) الأبلغ فائدة؛ لأنه يلزم من إثبات الخاص إثبات العام كقولهم: >هذا عالم نحرير<، و>جواد فياض<: إذ النحرير: العالم المتقن، والفياض: الجواد كثير الجود؛ لأنها([116]) مقيدة بما إذا كان الأبلغ مشتملا على غير الأبلغ كما في المثالين، وما هنا ليس كذلك. وبما([117]) إذا كان المقام يقتضي ذلك، فإن اقتضى المقام خلافه [لم] يشكل([118])، كما هنا؛ فإن المقام الداعي لإيراد البسملة تعظيم الله تعالى، فالمناسب([119]) ذكر ما يدل على جلائل النعم [وأصولها دون ما يدل على دقائقها، وإنما ذكر «الرحيم» الدال على دقائق النعم] ([120])؛ تنبيها على أن الكل منه؛ لئلا يتوهم أن محقرات الأمور لا تليق بذاته؛ فيحتشم من سؤالها. فيكون من باب التتميم الذي هو الإتيان ـ في كلام لا يوهم خلاف المقصود ـ بفضلة؛ لنكتة، نحو: ▬ويطعمون الطعام على حبه♂ أو من باب التكميل المسمى بالاحتراس أيضا وهو([121]) الإتيان ـ في كلام يوهم خلاف المقصود ـ بما يدفعه نحو: ▬أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين♂.

المبحث الثالث([122]): فما يتعلق [ع ل: 6] بها من أوجه العربية:

 فالاسم مجرور بالباء، وما بعده مجرور بالاسم؛ بناء على الراجح من أن المضاف [ل:15] إليه مجرور بالمضاف، وأن العامل في التابع هو العامل في المتبوع إلا البدل، فإن العامل فيه محذوف مماثل للمذكور.

 وحاصل ما فيها من الأوجه تسعة: حاصلة من ضرب ثلاثة في مثلها؛ لأن كلا من >الرحمن< و>الرحيم<([123]) مثلث الآخر.

 وهي قسمان: جائز عربية وقراءة وهو([124]): جرهما معا؛ على أنهما نعتان، أو الأول بدل [من لفظ الجلالة] ([125])؛ بناء على أنه علم، والثاني نعت له، لا للفظ الجلالة. وجائز عربية لا قراءة وهو الباقي:

 فالرفع؛ على أنه خبر مبتدإ محذوف تقديره: >هو<، والنصب؛ على أنه مفعول فعل محذوف تقديره: >أمدح<.

 وما اشتهر من أن الأقسام ثلاثة: جائز عربية وقراءة، وهو جرهما. وممتنع عربية وقراءة وهو جر >الرحيم< مع نصب >الرحمان< أو رفعه([126]). وجائز عربية لا قراءة وهو الباقي المشار إليه بقول بعضهم([127]):

إن ينصب >الرحمن< أو يرتفعا *** فالجر في الرحيم قطعا مُنعا

وإن يجر فأجز في الثاني *** ثلاثةَ الأوجه خذ بياني([128])

مبني على قول ضعيف أو مردود، كما بينته في الأصل([129]).

المبحث الرابع([130]): في بيان أنها من قبيل الإنشاء أو الخبر:

 يصح أن تكون خبرية؛ باعتبار متعلقها المحذوف، أي: >أبتدئ< أو >أؤلف<، لأن الفعل المذكور متحقق في الحال أو الاستقبال بدون الخبر، وذلك الخبر حكاية عنه، وهذا شأن الخبر الصادق.

 ويصح أن تكون لإنشاء المتعلق وهو المصاحبة أو([131])الاستعانة؛ لأنه لا يتحقق كذلك إلا بهذا اللفظ([132]).

 فاندفع ما يقال: لا يصح أن تكون خبرية؛ لأن المصاحبة والاستعانة([133]) لا يتحققان إلا بهما([134])، ولا إنشائية؛ لأن أصل الفعل كـ>التأليف< متحقق في الخارج بدون [هذا] ([135]) اللفظ. وقد ذكرت في الأصل معنى الخبر والإنشاء، مع ذكر فوائد مهمة.

المبحث الخامس ([136]): في بيان أنها [من] ([137]) أيّ القضايا هي؟ إما جملة اسمية أو فعلية:

فالاسمية إن كان المسند إليه [فيها] ([138]) مضافا، نحو: >بدئي<: فشخصية، إن كانت الإضافة [فيها] للعهد الحضوري كما هنا. وكلية إن كانت للاستغراق. وجزئية إن كانت للجنس في ضمن فرد مبهم. [وكلية إن كانت لها في ضمن جميع الأفراد] ومهملة إن احتملت ما ذكر([139]).

 [وإن كان معرفا بـ>أل<: فشخصية إن كانت للحقيقة من حيث هي، وجزئية إن كانت لها في ضمن فرد مبهم. وكلية إن كانت في ضمن جميع الأفراد. ومهملة إن احتملت ما ذكر] ([140]).

 والفعلية: شخصية إن كان الفاعل ضميرا معينا، أو علما أو اسم إشارة. وكلية إن كان([141]) غير ذلك دالا على العموم. وجزئية إن دل على التبعيض، وإلا فمهملة. وفي المعرف بـ>أل< ما مر من الاحتمالات.

 وكيفية نسبتها الإطلاق اللادوامي، وهي جهة الوجودية اللادائمة [ل:16] وهي المطلقة العامة المقيدة باللادوام، نحو: >كل إنسان متنفس لا دائما<؛ فيصح أن تكون من الممكنات الخمس، ومن المطلقات الأربع، ولا يصح أن تكون من الضروريات السبع، ولا من الدوائم الثلاث، ومعلوم أن القضية لا تسمى موجهة([142]) إلا عند التصريح بالجهة التي هي اللفظ الدال على كيفية النسبة: فإذا قيل: >ابتدائي ثابت ببسم الله الرحمن الرحيم بالفعل لا دائما< كانت وجودية لا دائمة، وبالإمكان العام كانت ممكنة عامة، أو بالإمكان الخاص كانت ممكنة خاصة، وهكذا. و قد أوضحنا ذلك في الأصل([143]).

 

 

المبحث السادس: ([144]): فيما اشتملت عليه من القصر:

 المجرور [فيها] معمول لمحذوف؛ على أنه مفعول له، أو خبر عنه، كما مر. فتقديمه عليه مفيد للقصر([145])، كما في ▬إياك نعبد♂ و>تميمي أنا< وهو قصر إضافي من قبيل قصر الموصوف على الصفة، أي([146]): التأليف مقصور على الاستعانة أو التبرك باسمه تعالى لا يتجاوزه إلى الاستعانة أو التبرك باسم غيره، والقصد بذلك الرد على المشركين؛ فإنهم كانوا يبتدئون أفعالهم بأسماء آلهتهم فيقولون: >باسم اللات والعزى< على وجه التبرك مع اعتقادهم حصول التبرك باسم الله تعالى؛ بدليل: ▬ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى♂ ▬ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله♂ فعلى الموحد قطع شركة الأصنام؛ لئلا  يتوهم منه تجويز الابتداء بأسمائها؛ فيكون قصر إفراد([147]).

 ويصح أن يكون قصر قلب [أي: قلب اعتقادهم] ([148])؛ ردا على الطائفة المنكرة لوجود المولى، تعالى عن ذلك، كالدهرية.

 وأن يكون قصر تعيين؛ ردا على المشركين؛ بناء على كونهم كانوا مترددين فيمن يتبرك باسمه. ولا يلزم من عبادتهم الأصنام تقربا إلى الله تعالى أنهم يعتقدون حصول التبرك بأسماء كل منهم([149])، وإن كان هو الظاهر.

 فظهر أنه يصح جريان أنواع القصر الثلاثة في البسملة كما لا يخفى، وقد ذكرت في الأصل الفرق [بين الأنواع الثلاثة] مع ذكر فوائد مهمة.

المبحث السابع([150]): فيما يتعلق بها من المجاز:

 البسملة مشتملة على المجاز بالحذف، وعلى المجاز المرسل، أو([151])الاستعارة المصرحة أو المكنية أو التمثيلية؛ وذلك لأن قوله: ▬بسم الله♂ فيه مجاز [بالحذف]، أي: >بسم مسمى الله< على حد قوله تعالى: ▬وسئل القرية♂ أي: أهلها، وإن صح أن تكون الإضافة بيانية، أو من إضافة الأعم إلى الأخص.

 و▬الرحمن الرحيم♂ يحتمل أن يكون فيه مجاز مرسل، أو استعارة مصرحة، أو استعارة مكنية [وتخييل] ([152])، أو استعارة تمثيلية؛ وذلك لأن >الرحمة< التي أخذ منها >الرحمن الرحيم< رقة في القلب المستحيل قيامها به([153]) تعالى، فإطلاقها عليه تعالى لا باعتبار هذا المعنى، بل باعتبار معنى آخر لازم لذلك المعنى، فيكونان [ل: 17] من قبيل[ل، ع:7] المجاز المرسل من([154]) الإحسان أو إرادته الذي علاقته اللزوم؛ لأن رقة القلب [تقتضي و] تستلزم التفضل والإحسان؛ [ممن قامت بقلبه على من رق عليه، فالتفضل لازم لها، فالمراد من كل من الموضعين :المتفضل المحسن] ([155])؛ إذ معناه الحقيقي مستحيل في حقه تعالى كما مر([156]).

 وكل اسم له [تعالى وله] ([157]) معنيان: حقيقي ومجازي: وقد استحال عليه باعتبار المعنى الحقيقي أطلق عليه باعتبار المعنى المجازي، وهذا معنى قول البيضاوي: أسماء الله تعالى المأخوذة مما([158]) له ذلك إنما تؤخذ باعتبار الغاية دون المبدإ، وهذا ما ذهب إليه الباقلاني. وذهب الأشعري إلى أن اللازم للرحمة إرادة التفضل، فالمراد من كل مريد التفضل([159])، فالرحمة على الأول صفة فِعل، وعلى الثاني صفة ذات([160])، والثاني أقرب؛ لأن كلا منهما لازم للرحمة؛ إذ من رحم شخصا أراد به التفضل، ثم تفضل عليه: فالأول نظر للمقصود، والثاني للاَّزم الأقرب.

 أو باعتبار معنى آخر؛ لعلاقة المشابهة بينهما؛ فيكونان من قبيل الاستعارة المصرحة: بأن يشبه >الإحسان< بـ>الرحمة< بجامع ترتب الانتفاع على([161]) كل، ويستعار له >الرحمة<، ويشتق منها >الرحمن الرحيم<، بمعنى المحسن؛ على حد >الحال ناطقة بكذا<([162]).

 أو باعتبار تشبيه معنى الجلالة، أو معنى الضمير المستتر في كل منهما العائد إليه تعالى بمَلِكٍ رَقَّ قلبُه على رعيته تشبيها مضمرا في النفس، وحذف المشبه به، وأثبت له شيء من لوازمه، وهما: >الرحمن الرحيم<، فهما استعارة تخييلية، ولفظ الجلالة استعارة مكنية على مذهب السكاكي([163]).

 أو باعتبار تشبيه هيئة منتزعة من متعدد، وهو >المحسن لخلقه< بهيئة منتزعة من متعدد وهو [ >الرحمن لخلقه<، بجامع هيئة منتزعة من متعدد وهو] ([164]) >حصول الانتفاع<، ثم استعير اللفظ الدال على الهيئة الثانية للهيئة الأولى، فيكونان من قبيل الاستعارة التمثيلية، على حد: >إني أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى<.

فإن قلت: الاستعارة التمثيلية لا تجرى إلا في المركب، وما ذكر من قبيل المفرد؟ قلت: الهيئة المشبهة لابد أن تكون منتزعة من متعدد كالهيئة المشبهة بها اتفاقا، وقد اختلف السيد والسعد([165]) في أنه هل يجب تعدد اللفظ الدال على الهيئة أو يكفي أن يدل على الهيئة بلفظ واحد؟

 ذهب السيد إلى الأول، والسعد إلى الثاني. ولا شك أن >الرحمن< يدل على الهيئة [المشبه] ([166]) بها من حيث دلالته على الذات المتصفة بـ>الرحمة<([167]) المستلزمة لذات أخرى مرحومة، وهذه الأمور هي [التي] ([168]) انتزع منها الهيئة، فيكون >الرحمان< دالا على [ل:18] هذه الأمور التي هي مأخذ الهيئة على بعضها بالمطابقة، وعلى البعض الآخر باللزوم، ثم استعير ذلك اللفظ الدال على تلك الهيئة بالالتزام للهيئة الأخرى المنتزعة من >إحسان الله لخلقه<، ويكون استعارة تمثيلية على مذهب السعد([169]).

 ويصح جريان ما ذكر على مذهب السيد أيضا بأن يجعل مأخذ الهيئة مركبا تقديرا؛ إذ المراد >الرحمن لخلقه< فحذف >لخلقه<؛ لكونه فضلة. ولا يجب ذكر جميع الأجزاء لذلك المركب.

 وذكرت في الأصل الراجح من المذهبين مع فوائد مهمة([170]).

 خـاتمة: الوقف على كل من >الاسم< و>لفظ الجلالة< و>الرحمان< قبيح؛ لتعلق كل بما بعده، وعلى >الرحيم< تام؛ لعدم تعلقه بما بعده؛ لأن الوقف قبيح إن تعلق الموقوف عليه بما بعده، وإلا فتام.

 وتخصيص البسملة([171]) بهذه الأسماء؛ ليعلم العارف أنه تعالى هو المستحق لأن يستعان به في جميع الأمور؛ لأنه المعبود الحقيقي المولي للنعم كلها عاجلها وآجلها، جليلها([172]) وحقيرها؛ فيتوجه إلى جنابه المقدس بكليته، ويتمسك بحبل التوفيق، ويشتغل سره بذكره والاستمداد به عن غيره؛ ولأن([173]) القرآن أعطي لأمته صلى الله عليه وسلم وهم أصناف ثلاثة: ظالم لنفسه فلا يعمل به فهو مقصر، ومقتصد أي: عامل في غالب الأوقات، وسابق بالخيرات بإذن الله، وهو من يضم إلى العمل به التعليم والإرشاد للعمل به، قال تعالى:▬ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا♂ الآية [فاطر:32..]: فـ>الله< للسابقين، و>الرحمن< للمقتصدين، و>الرحيم< للظالمين.

 ولا بأس بالتنبيه على سؤالين متعلقين بالبسملة:

[أحدهما] ([174]): لم اقتصر نوح عليه السلام على قول >باسم الله< ولم يأت([175]) بالاسمين الشريفين حيث قال: ▬بسم الله مجراها و مرساها♂ [هود: 41]؟

 وثانيهما: لم قدم سليمان عليه السلام اسمه على اسم الله تعالى؛ حيث قال: ▬إنه من سليمن وإنه بسم الله الرحمن الرحيم♂ [النمل: 31]؟

 وأجيب عن الأول بأنه قيل [في] ([176]) مقام هلاك قومه والغضب عليهم، و>الرحمةُ< لا تناسب ذلك.

 وعن الثاني بأنه خشي من بلقيس؛ لكفرها أن يصدر منها عند الوقوف على الكتاب ما يصدر من الجبارين من الشتم والإهانة؛ فأراد أن يكون اسمه وقاية لاسمه تعالى.

 وقانا الله من كيد الحاسدين، وعصمنا من شر المتعصبين المعتدين بجاه أشرف المرسلين [سيدنا محمد] ([177]) وآله وصحبه أجمعين. [والحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى، والحمد لله رب العالمين]([178]).

في ع قال ناسخها: >وكان الفراغ من كتابة هذه النسخة في يوم الجمعة المباركة، تسعة أيام خلت من شهر رجب الذي هو من شهور 1273هـ على يد كاتبها لنفسه >رسلان عبد الله< غفر الله له ولوالديه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله<.

 


([1]) ن معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة: 2/285. وهدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين لإسماعيل باشا البغدادي 5/181. وإيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون له أيضا: 1/32.

([2]) في ق: >وبه نستعين<.

([3]) في ق: >لمبلغ البيان<.

([4]) في ق: >وصحابه<

([5]) في ق: >في كل<.

([6]) في ع: >أجمله<.

([7]) في ق: >من أم<.

([8]) في ق: >الأول< دون >المبحث<، وكذا فيما يليه: الثاني، الثالث الخ.

([9]) في ق: >أوجه<.

([10]) في ق: >أمة<.

([11]) في ق: > نزل<.

([12]) ن أدب الكتاب لمحمد بن يحيى الصولي: 31، 32.

([13]) في ق: >وقول<.

([14]) في ق: >لكان<.

([15]) >أولا< من ع.

([16]) في ق: >المختص بالثاني<.

([17]) من ع

([18]) في ق: >وأن مَصِيرَ<.

([19]) في ق: >ليس شرعا<.

([20]) عطف على: >اقتداء<.

([21]) من ع.

([22]) رواه الخطيب البغدادي والحافظ الرهاوي والسبكي في طبقات الشافعية الكبرى. ن إرواء الغليل للألباني ح رقم 1، قال: وهذا سند ضعيف جدا.

([23]) من ع.

([24]) في :ق >على معنى<.

([25]) في ق: >أو يد زيد<.

([26]) في ق: >من<.

([27]) من ع. ن التصريح على التوضيح لخالد بن عبد الله الأزهري:1/676.

([28]) من ق

([29]) من ع.

([30]) من ع.

([31]) من ع

([32]) في ق: >لايبتدأ<

([33]) في ق: >يجعل الشارع له<.

([34]) في ع: >ذكرا مخصوصا<.

([35]) في ق: >والسادس وتطلب للخامس<.

([36]) من ع

([37]) في ق: >المحال على إرادة< بدون عطف.

([38]) في ع: >والوضوء< بواو بدل الفاء، وسقطت >من< من ق.

([39]) في ق: >على طلب ابتداء الأذكار المختصة<، وفي ع: >على عدم ابتداء طلب الأذكار المحضة<، والمثبت تلفيق منهما.

([40])  صحيح البخاري: ح 3318، وصحيح مسلم: ح 2242.

([41]) في ق: >جنس من جنس ماله ذنب<.

([42])  من ق.

([43]) في ع: >فلم يلزم<.

([44]) من ع.

([45]) البيت لأبي الحسن بن طباطبا العلوي. ن معاهد التنصيص على شواهد التلخيص( 2/129)، لأبي الفتح العباسي تح محيي الدين. عالم الكتب بيروت.

([46]) في ق: >اسم المشبه به<.

([47]) من ع، وفي ق: >الجمع المبني على التشبيه<.

([48]) أخرجه عن أبي هريرة أبو داود والنسائي وابن ماجه وأبو عوانة والدارقطني وابن حبان والبيهقي بألفاظ مختلفة (أبتر، أجذم، أقطع) ن الإرواء ح رقم: 1، 2. للتوسع.

([49]) في ق: >أم لا<.

([50]) في ق: > عمومها وكونها<، وفي ع كأنها >جملة عمومهما..< وتحتمل >جهة<.

([51]) من ق، وفيها: >وأريد من القيد<.

([52]) فالمطلق هو حديث: ﱹبذكر اللهﱸ، والمقيدان هما: بـﱹبسم اللهﱸ وبـﱹالحمد للهﱸ ، وهما متنافيان، فالوجه حمل المقيدين على المطلق؛ لتعذر حمله عليهما؛ للتنافي، أو أحدهما؛ لانعدام المرجح، وسيأتي مزيد بحث للمسألة، وما بين المعقوفتين من ق. إلا >حد< فزيادة اقتضاها مساق الحديث.

([53]) من ق، وفيها: >الترتيب في الغسلات< والأخيرة تقرأ بصعوبة بالغة، وفي ع: >رواية التتريب<، والكلام في حديث ولوغ الكلب، فإنه روي: >إحداهن، وأولاهن، وأخراهن< ن البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي: 5/ 24.

([54]) من ق.

([55]) من ع.

([56]) في ق: >بأولى<.

([57]) من ع.

([58]) من ع.

([59]) قال: «والمقيد بمتنافيين يستغنى عنهما إن لم يكن أولى بأحدهما من الآخر قياسا» جمع الجوامع: 326. دراسة وتحقيق عقيلة حسين. دار ابن حزم.

([60]) في ع: >ذكره<.

([61]) من ع.

([62]) في ق: >ولا تكن من العلوم< وفي ع :>ولا تكن في شيء العلوم< والمثبت ملفق منهما.

([63]) ن البدر الطالع في حل جمع الجوامع للمحلي: 1/413. تح مرتضى الداعستاني . مؤسسة الرسالة. والمحلي هو جلال الدين أبو عبد الله الشافعي.

([64]) من ع، وفي ق: >المقصد الثاني< بدل >المبحث<.

([65]) في ق: >في بيان توجيه<.

([66]) من ع.

([67])قال: «والثاني أن يتعلق بها تعلق الدهن بالإنبات  في قوله: )تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ( على معنى: متبرّكا بسم اللَّه أقرأ، وكذلك قول الداعي للمعرس: بالرفاء والبنين، معناه: أعرست ملتبسا بالرفاء والبنين. وهذا الوجه أعرب وأحسن» ن الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (1/ 4) دار الكتاب العربي – بيروت ط3. 1407

([68]) من ق.

([69]) في ق: >والشبيه بالزائد<.

([70]) في ق: >ألف<.

([71]) في ع: >إحدى عشرة<.

([72]) في ق: >الحصر ….تفيد<.

([73]) في ع: >الذي هو يبتدئ<.

([74]) من ق، وفي ع: >غير مقترن<.

([75]) في ق: >لا يفتتح فيه..<. وقد سلف تخريجه.

([76]) من ع.

([77]) في ق: >ذكرها<.

([78]) في ق: >وأجيب< ومابين المعقوفتين من ع.

([79]) في ع: >يدل على مسمى<، وفي ق تحتمل >يعلي< أو >يدل<، فآثرت ما أثبت؛ لزيادته معنى.

([80]) من ق.

([81]) من ع.

([82]) من ع.

([83]) في ق: >للنطق<.

([84]) من ع.

([85]) في ع: >سم سمة اسم سماة كذا*** سما سماء بتثليث لأول كلها<.

([86]) من ق.

([87]) من ق.

([88]) في ق: >وهذا هو الشعر<.

([89])

([90]) في ق: >للتكلفات<.

([91]) في ع: >أو بالمسمى<.

([92]) ن تفسير البيضاوي: (1/26). وكأن المبحث منتزع منه بتصرف.

([93]) في ق: >أو اسم<.

([94]) في ع: >إما الرفع…أو النصب..<.

([95]) في ع: >عمل هنا من جهة< ولها وجه، ولو قيل: >عمله هنا < لكان وجيها، ولعل كلمة >هنا< سقطت من ق.

([96]) في ع: >هذه الجملة<.

([97]) >بيان< من ق، >أولا< معا من ع.

([98]) في ع: >تعيين للموضوع<، وما بين المعقوفتين من ع، وفي ق >كلي<.

([99]) محمد بن مظفر الخطيبي الخلخالي شمس الدين(ت: 745هـ) له شرح المختصر وشرح المفتاح وشرح التلخيص. ن بغية الوعاة للسيوطي:1/247.

([100]) في ق: >الكل<.

([101]) في ق: >إذا<.

([102]) من ق.

([103])

([104]) في ق: >فأبدلت<.

([105])  يقال في >وعاء< >إعاء<، وكذا في وشاح ووجوه: إشاح وأجوه. ن تفسير البيضاوي: 1/26.

([106]) من ع، وفي ق: >أدخلت<.

([107]) كذا بالذال من الحذَر والخوف، فهو وجه مخوف، والأليق بالظاء من الحظر والمنع؛ فيكون وجها محظورا ممنوعا.

([108]) في هامش ع تعليقة لطيفة: >قوله: >إذا عبد< فيه إشارة إلى أنه متصف بالعبودية، وقوله: >أقام< إشارة إلى أنه ثابت له الوجود والقدم، وقوله: >تحير< فيه إشارة إلى أن عبده يتحير في معرفة كنه ذاته، والذي بعده فيه إشارة إلى احتياج عبده في جميع أموره، وقوله: >ولع< فيه إشارة إلى أنه منعم على عبده، وعند ظهور النعمة به اتصف بالولع والفرح، وقوله: >فزع< فيه إشارة إلى أنه يفزع إليه في جميع الأمور< انتهى. منتزعة من كلام القاضي البيضاوي رحمه الله: (1/ 26).

([109]) ن أنوار التنزيل وأسرار التأويل للقاضي البيضاوي (1/ 26)، (تح المرعشلي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1418هـ) والمبحث برمته منقول بالمعنى أحيانا وباللفظ تارة منه. وقد مضى مثل هذا التنبيه في المبحث السالف.

([110]) في ع >شيء واحد<، والتصويب من الكشاف (1/37)، وعبارته: >فإن قلت: أاسم هو أم صفة؟ قلت: بل اسم غير صفة، ألا تراك تصفه ولا تصف به، لا تقول: شيء إله، كما لا تقول: شيء رجل، وتقول: إله واحد صمد، كما تقول: رجل كريم خير<.

([111]) في ع: >ثلاث<.

([112]) فيه معنى الرد على القاضي البيضاوي ومن تقيله، قال: «و)الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ( اسمان بنيا للمبالغة من رحم، كالغضبان من غضب، والعليم من علم»: أنوار التنزيل: 1/27.

([113]) ن مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ نور الدين الهيثمي: (10/217)، تح محمد عبد القادر عطا. دار الكتب العلمية.

([114]) من ع.

([115]) من ع.

([116]) يعني: القاعدة المقررة.

([117]) في ق: >وربما<.

([118]) في ق: >المقام حذفه سلك<، وفي ع: >المقام خلافه يشكل<.

([119]) في ع: >والمناسب<.

([120]) من ع، وفيها: >تنبيها على أن الكل منه، ولئلا< بالعطف، وله وجه.

([121]) في ق: > هو< بلا واو.

([122]) في ق: > المقصد الرابع<.

([123]) في ع: >الرحمن الرحيم<.

([124]) في ع: >وهما قسمان.. وهما جرهما معا<.

([125]) من ق.

([126]) في ع: >ورفعه<.

([127]) في ق: >بقوله:<.

([128]) في ع: >ينتصب< والبيتان من ثلاثة للنور الأجهوري، وثالثهما قوله بعدهما:

فهذه تَضَمَّنَت تِسعًا مُنِع *** وجهان منها فادرِ هذا واستمع.

([129])يشير رحمه الله إلى منع الجر في «الرحيم»، وبمثل ذلك قال محشي الكفراوي: قوله «فالجَرُّ فِي الرَّحيمِ قَطعًا مُنِعَا» قوله: «قطعا منعا» أي: مقطوعا ومجزوما به أي: لم يخالف فيه أحد، وكلامه خلاف الصواب، والصواب أن يبدل «قطعا» بـ«وجها»؛ لأن الإتباع بعد القطع فيه خلاف، فقيل بالمنع، وقيل بالجواز.. ن حاشية إسماعيل الحامدي على الشيخ حسن الكفراوي شارح الأجرومية: 6. (طبعة سنغافورة، تطلب من مكاتب سليمان مرعي).

([130]) في ق: >المقصد الخامس <.

([131]) في ق: >والاستعانة<.

([132]) في ق: >لاتحقق لهذا<.

([133]) في ق: > أو الاستعانة<.

([134]) في ع: >إلا بهذا اللفظ<.

([135]) من ع.

([136]) في ق: >المقصد السادس<.

([137]) من ع.

([138]) من ع.

([139]) في ق: >ما ذكروا<، وما بين المعقوفتين من ع.

([140]) من ق.

([141]) في ع: >كانت<.

([142]) في ق، كأنها: >من جهة<.

([143]) في ق: >وقد وضحناه لك<.

([144]) في ق: >المقصد السابع<.

([145]) في ق: >للحصر<.

([146]) في ق: >إذ<.

                ([147]) ن الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل للزمخشري: 1/ 3.

([148]) من ع.

([149]) في ع: > للأصنام…كل منهما<، وكلاهما متجه، وما بين المعقوفتين بعيده من ق.

([150]) في ق: > المقصد الثامن<.

([151]) في ق: >والاستعارة< وما بين المعقوفتين من ع >بالحذف<.

([152]) من ع. والاستعارة إن صرح فيها بلفظ المشبه به فمصرحة أو تصريحية، وإن حذف فمكنية، والتمثيلية تشبيه هيئة بهيئة، وهل تجري في المفرد أولا؟ خلاف يأتي. ن جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع لأحمد الهاشمي: 260. تح يوسف الصميلي. المكتبة العصرية

([153]) في ع: >المستحيل بها قيامه<.

([154]) في ع: >عن<، وما بين المعقوفتين من ق، أعني: >تقتضي<.

   ([155]) من ع.

([156]) فهذا مجاز مرسل؛ لأن الكلمة استعملت في غير ما وضعت له؛ لعلاقة غير المشابهة، كاليد الموضوعة للجارحة المخصوصة إذا استعملت في النعمة. وهنا «الرحمة» استعملت في لازمها وهي «التفضل» على مذهب الباقلاني أو «إرادته» على مذهب الإمام الأشعري. وإن اعتبرت الصفة على حقيقتها تفويضا في الكنه وإثباتا للخبر بطل المبحث برمته؛ لأنه قائم على التأويل.

([157]) من ق

([158]) في ع: > ممن <.

([159]) في ع: >التفضيل<.

([160]) معناه في الأول: «متفضل» وفي الثاني: «مريد».

([161]) في ق: >في كل<.

([162]) هنا جعل العلاقة هي المشابهة، حتى تكون استعارة؛ لأنها استعمال اللفظ في غير ما وضع له؛ لعلاقة المشابهة: فالمستعار له هنا: «الإحسان»، والمستعار «الرحمة» الذي اشتق منها «الرحمن الرحيم»

([163]) مراده أن «الرحمن الرحيم» صفتان متخيلتان وهميتان لا تحقق لمعناهما حسا ولا عقلا كلفظ الأظفار للمنية في قول الهذلي الشهير، فهذه هي الاستعارة التخييلية. وتلك مبالغة في التعطيل لائحة.

والمكنية هـهنا مبنية على أن لفظ الجلالة مشبه، والمَلِك مشبه به، فحذف المشبه به (الملك)، ورمز للمشبه (لفظ الجلالة) بشيء من لوازم المشبه به (الرحمن الرحيم)على سبيل التخييل، قال السكاكي: «الاستعارة بالكناية لا تنفك عن الاستعارة التخييلية» ن مفتاح العلوم للسكاكي:( 487) تح عبد الحميد هنداوي. دار الكتب العلمية ومختصر السعد شرح تلخيص المفتاح: 364. تح هنداوي، المكتبة العصرية. ولمناقشة مذهب السكاكي ينظر الإيضاح في علوم البلاغة المعاني والبيان والبديع للخطيب القزويني:( 320) دار الكتب العلمية.ط1، 1985.

([164]) من ع.

([165]) السيد: الشريف علي بن محمد أبو الحسن الجرجاني (ت 816هـ)  له الإشارات والتنبيهات في علم البلاغة.«كانت بينه وبين الشيخ سعد الدين مباحثات ومحاورات في مجلس تَمَرْلَنْك» والسعد: مسعود بن عمر بن عبد الله سعد الدين التفتازاني (ت791هـ) له المطول والمختصر في شرح تلخيص المفتاح. ن بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للحافظ جلال الدين السيوطي (2/196 للسيد/ 2/285 للسعد) تح أبو الفضل إبراهيم. المكتبة العصرية 1998.

([166]) من ق.

([167]) في ق: >الرحمن<.

([168]) من ع، وفي ق: >انتزاع< بدل >انتزع<.

([169]) لأنه لا مانع عنده من جريانها في المفرد. ن مختصر السعد: (363،364).

([170]) في ع: >مع ذكر فوائد مهمة<.

([171]) في ق: >التسمية<.

([172]) في ق: >وجليلها..<.

([173]) في ع: >أولأن<.

([174]) من ع.

([175]) في ع: >ولم يعبر<.

([176]) من ع.

([177]) من ق.

([178]) في ق: > وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين<.

د. عبد الهادي السلي

  • باحث بمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق