مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات عامة

بعض الأحاديث الموضوعة في عاشوراء

بسم الله الرحمن الرحيم

تقديم:

    يعد اليوم العاشر من شهر محرم الحرام، من الأيام المباركة ؛ وهو اليوم الذي نجى الله تعالى فيه موسى عليه السلام، وبني إسرائيل من بطش فرعون وجنوده؛ وقد وردت أحاديث صحيحة في بيان فضله، خاصة في فضل صيامه، منه حديث ابن عباس رضي الله عنهما: قال: “قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا : هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى. قال: فأنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه” ([1])، وعنه كذلك رضي الله عنهما قال: “ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرّى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني: شهر رمضان”([2])؛  لكن بالمقابل  قام بعض الوضاعين والكذابين بوضع أحاديث  مكذوبة عن فضل هذا اليوم ونسبوها للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن باب الدفاع عن سنته صلى الله عليه وسلم، وحفاظا عليها من هذه الأحاديث، كان من الواجب التذكير بها،ببيان وضعها ؛ لأجل ذلك جاء هذا المقال الذي سأورد فيه خمسة أحاديث موضوعة في فضل هذا اليوم، مع تخريجها، وبيان أقوال بعض العلماء الذين حكموا عليها بالوضع، وهذا أوان الشروع في المقصود، فأقول وبالله التوفيق:

الحديث الأول:

عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: “إن الله عز وجل افترض على بني إسرائيل صوم يوم في السنة…” وذكر الحديث مطولا وفيه: “من أحيا ليلة عاشوراء؛ فكأنما عبد الله مثل عبادة أهل السماوات السبع”، وفيه: “… ومن صلى، ومن اغتسل، ومن اكتحل، ومن مر يده على رأس اليتيم …” وفي آخر الحديث : “ومن عاد مريضا يوم عاشوراء؛ فكأنما عاد مرضى ولد آدم كلهم”.

تخريجه:

أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات ([3])، والسيوطي في اللآلئ المصنوعة([4]) وقالا: موضوع. قال ابن الجوزي: “هذا حديث لا يشك عاقل في وضعه، ولقد أبدع من وضعه وكشف القناع ولم يستحيى وأتى فيه المستحيل وهو قوله: وأول يوم خلق الله يوم عاشوراء، وهذا تغفيل من واضعه؛ لأنه إنما يسمى يوم عاشوراء إذا سبقه تسعة. وقال فيه خلق السموات والأرض والجبال يوم عاشوراء”.

وقال السيوطي: “موضوع. ورجاله ثقات، والظاهر أن بعض المتأخرين وضعه، وركبه على هذا الإسناد”.

الحديث الثاني:

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من صام يوم عاشوراء، كتب الله له عبادة ستين سنة، بصيامها وقيامها، ومن صام يوم عاشوراء، أعطى ثواب عشرة آلاف ملك، ومن صام يوم عاشوراء، أعطى ثواب ألف حاج ومعتمر، ومن صام يوم عاشوراء، أعطى ثواب عشرة آلاف شهيد، ومن صام يوم عاشوراء، كتب الله له أجر سبع سماوات، ومن أفطر عنده مؤمن في يوم عاشوراء؛ فكأنما أفطر عنده جميع أمة محمد، ومن أشبع جائعا في يوم عاشوراء؛ فكأنما أطعم جميع فقراء أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأشبع بطونهم…”

تخريجه:

أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات([5]) وقال: “هذا حديث موضوع بلا شك” ، والسيوطي في اللآلئ المصنوعة([6])، وقال:” آفته حبيب والله أعلم”، وابن القيم الجوزية في المنار المنيف وقال: “وهذا باطل يرويه حبيب بن أبي حبيب عن إبراهيم الصائغ عن ميمون بن مهران عن ابن عباس وحبيب كان يضع الأحاديث”([7]).

الحديث الثالث

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا “.

تخريجه:

أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات([8]) ، والسيوطي في اللآلئ المصنوعة([9]).

الحديث الرابع:

عن أبي غليط بن أمية ابن خلف الجمحى وقال: ” رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى يدي صرد فقال: هذا أول طير صام عاشوراء “.

تخريجه:

أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات([10])، والسيوطي في اللآلئ المصنوعة([11])، وقالا: “هذا حديث لا يصح ولا يعرف في الصحابة عنبسة، ولا أبو غليظ، ولا أبو عليط، قال البخاري: عبد الله بن معاوية منكر الحديث”.

الحديث الخامس:

عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : ” من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته “.

تخريجه:

أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات([12])، والسيوطي في اللآلئ المصنوعة([13])، وقالا عن العقيلي: “الهيصم مجهول والحديث غير محفوظ”.

الخاتمة:

وصفوة القول: أن على المسلم أن يتحرى ما صح من الأحاديث في فضائل الأيام ومنه يوم عاشوراء، التي تغني عن الموضوع ليعمل بها. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

**********************

هوامش المقال:

([1]) أخرجه البخاري في صحيحه (2/ 58-59)، كتاب: الصيام، باب: صيام يوم عاشوراء، برقم: (2004)، ومسلم في صحيحه (1 /504) كتاب: الصيام، باب: صوم يوم عاشوراء، برقم: (1130) واللفظ للبخاري.

([2]) أخرجه البخاري في صحيحه (2 /59)، كتاب: الصوم، باب: صيام يوم عاشوراء، برقم: (2006)، ومسلم في صحيحه،(1 /505)، كتاب: الصيام، باب: صوم يوم عاشوراء برقم: (1132)  واللفظ للبخاري.

([3]) الموضوعات (2 /113-114)..

([4]) اللآلئ المصنوعة (2 /92-93).

([5]) الموضوعات (2 /114-115).

([6]) اللآلئ المصنوعة (2 /92).

([7]) المنار المنيف (ص: 47).

([8]) الموضوعات (2 /116).

([9]) اللآلئ المصنوعة (2/ 94).

([10]) الموضوعات (2 /116).

([11]) اللآلئ المصنوعة (2/ 93).

([12]) الموضوعات (2 /115).

([13]) اللآلئ المصنوعة (2 /94).

*************************

لائحة المصادر والمراجع المعتمدة:

الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه. لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، قام بشرحه وتصحيحه وتحقيقه: محب الدين الخطيب، رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي، وقام بإخراجه وأشرف على طبعه: قصي محب الدين الخطيب، المطبعة السلفية القاهرة، ط1/1400هـ..

صحيح مسلم. وفي طليعته: غاية الابتهاج لمقتفي أسانيد كتاب مسلم بن الحجاج للزبيدي.دار طيبة. الرياض. ط1/ 1427-2006.

كتاب الموضوعات. لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي خرج آياته وأحاديثه: توفيق حمدان. دار الكتب العلمية بيروت. 2019مـ

اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة. لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي. خرج أحاديثه وعلق عليه: محمد عبد المنعم رابح. دار الكتب العلمية بيروت 2007مـ.

المنار المنيف في الصحيح والضعيف. لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر الحنبلي المعروف بابن القيم الجوزية. حققه وخرج نصوصه وعلق عليه: عبد الفتاح أبو غدة. مكتب المطبوعات الإسلامية. حلب. ط1/ 1390هـ- 1970مـ.

راجع المقال الباحث: محمد إليولو

Science

دة. خديجة أبوري

  • أستاذة باحثة مؤهلة بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق