مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةدراسات عامة

التصوف وعلم الكلام

     يبدو أن الاختلاف بين الصوفية وعلماء الكلام اختلاف عميق، يشمل المسلك والمنهج والجوهر، وبالتالي فالتصوف “رد فعل لتصور المتكلمين للعقيدة” [1].

     – اختلاف في المسلك: رفضهم للجدل الذي يؤدي إلى العداوة والبغضاء والخلاف، وتكفير الطائفة لمنافستها، وعدم تعهد القلب وصلاحه، وتطهير النفس والبعد عن الرياء والتعاظم، ولم يكن الرسول ولا الصحابة من المتكلمين المولعين بالجدل. قال تعالى (ما ضربوه إلا جدلا) [2]  .

     -اختلاف في المنهج: منهج علم الكلام اقامة الدليل العقلي على صحة العقائد والذب عنها ضد الملحدين. في حين أن منهج التصوف التنبيه الى وساوس النفوس والتخلص منها عن طريق الإيمان والمجاهدة، فالمتكلمون أهل جدل وعقل ونظر، والمتصوفة أهل سلوك وطريق.

     -اختلاف في الجوهر: فالعقل الذي يعتمده الفلاسفة وعلماء الكلام في الجدال والنقاش واقامة البراهين…عاجز عند الصوفية عن معرفة الله وإنما تتم هذه المعرفة بطريق القلب، وذلك بعد مجاهدة النفس واماتة الحس واضعاف الشهوات، واللهج بالذكر، فيرق الحجاب الموضوع على القلب المخلوق وتنكشف له الأنوار . [3]

    ولهذا ميزوا بين عقلين: عقل جسماني هو الذي يعتمده المتكلمون والفلاسفة وميدانه المعقولات وعلمه كسبي، وعقل ايماني يتجاوز المعقولات الى عالم الملكوت الفسيح، وعلمه لدني.

الهوامش :

  [1] التصوف ايجابياته وسلبياته، ص 38-45.

 [2]   سورة الزخرف، الآية 58.

  [3] كشف النقاب: ابن عجيبة، ص 123-125.

Science

د. طارق العلمي

  • أستاذ باحث في الرابطة المحمدية للعلماء، متخصص في المجال الصوفي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق