إذا أردنا أن نتبين خصوصية المرحلة التي عرفها الدرس الأشعري بالمغرب على العهد العلوي، يكفينا في ذلك، بالإضافة إلى ما تم ذكره من نماذج تأليفية حسب شكل الكتابة من شرح وتقييد ونظم وغير ذلك، أن نتتبع المجالات والمواضيع التي تمت معالجتها والخوض فيها، والتي تتراوح بين الكتابة في الاصطلاح العقدي، ومعالجة الموقف من الاشتغال بعلم الكلام ومسألة التقليد، والخوض في مسائل الجدل والمناظرة بين الفرق الكلامية والرد على أهل الأهواء، ومسألة الجبر والاختيار، ومسألة التكفير والتحذير منها، ومواضيع أخرى كثيرة في تفاصيل علم الكلام، وهذه المواضيع في عمومها تكشف لنا نوع الاشتغال العقدي الذي كان عليه علماء العصر العلوي، وهو اشتغال مواكب للسياق مجيب على انشغالات المسلم، ومن ثم فهو ليس اشتغالا نظريا منقطعا بقدر ما هو اشتغال موصول يجمع بين روح الدين ومستجدات ومتطلعات الواقع بكل حيثياته وملابساته.

ويمكن أن نورد بعض النماذج التأليفية التي عرفتها هذه الأبعاد الاشتغالية التي عرفها الدرس العقدي الأشعري على العهد العلوي، ونذكرها على النحو الآتي:

أولا: المصطلح العقدي:

ـ تعريفات وحدود، لعبد القادر الفاسي، (ت1091هـ).

ثانيا: الموقف من الاشتغال بعلم الكلام ومسألة التقليد:

ـ إتقان التقييد لمن خلع ربقة التقليد وحاول في الاستواء التفنيد، للمفضل السوسي، رقم:13914. (محمد المفضل من العلماء المشهورين توفي في فاس سنة 1320هـ.)

ـ رد التشديد في مسألة التقليد، لأبي العباس أحمد بن مبارك السجلماسي اللمطي (ت1156هـ/1743م).

ـ تقييد في صحة إيمان المعتقد، لمحمد بن التهامي الوزاني (ت1311ه).

ـ مستنهج العلام للخوض في مباحث الكلام، لأبي زيد عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي (1096هـ/1685م).

ـ إرشاد المستفيد لما للأئمة من التفصيل في طبقات أهل التقليد، لعبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن “ابن زيدان”العلوي، (ت1365هـ).

ـ مختصر رد التشديد في مسألة التقليد، للشيخ أحمد بن مبارك السجلماسي (ت1156هـ)، لمحمد بن الحسن بناني (ت1194ه)، والكتاب المختصر هو “رد التشديد” قد طبع بتحقيق عبد المجيد خيالي، دار الكتب العلمية، 2001.

ـ رسالة في مسألة خلق ما يصدر اختيارا عن العباد من الأعمال، للطيب بن عبد المجيد ابن كيران (ت1227هـ).

ـ التقليد في العقائد، لجعفر الكتاني ( ت 1323ه).

ـ تقييد في عقائد عوام المؤمنين، لمحمد بن التهامي الوزاني (ت1311هـ/1893م)، رقم: 13904. (الخزانة الحسنية ج1)

ـ تأليف عن إيمان عوام المسلمين، لسيدي محمد بن التهامي الوزاني، (ت1311هـ).

ـ نور الحياة فيما يجب للخالق على المخلوقات وفي كيفية النظر والتفكر في خلق الأرض والسماوات، لأبي محمد عبد الله بن أحمد بن عزوز المراكشي المعروف بسيدي بلة (1204هـ/1790م).

ثالثا: الجدل والمناظرة بين الفرق الكلامية والرد على أهل الأهواء:

ـ الدرة الفائقة في الرد على الفرقة الضالة من الخوارج والرافضة والمعتزلة والقدرية والزنادقة، لأبي القاسم بن أحمد بن علي بن إبراهيم الزياني (ت1249هـ/1833م).

ـ إفشاء القواعد المذهبية والأقوال المرضية في إبطال النحلة الإغليسية التي ابتدعها الملحد بالأقطار المغربية، لأبي حامد محمد العربي بن محمد بردلة (ت1133هـ/1720م).

ـ الحجة القوية في التحذير مما عليه الطائفة اليهودية والتنبيه لما هم فيه أهل التبصر والحمية، لمحمد بن محمد بن عبد الله ابن الموقت الفتحي المراكشي (ت1369هـ/1949م).

ـ تأليف في الرد على رسالة الوهابي، لأبي الطيب بن كيران، (ت1227هـ).

ـ مراجعة أبي سالم للطيب المسناوي، لأبي سالم عبد الله بن محمد بن أبي بكر العياشي (1090هـ).

ـ مراجعة رسالة اللمعة السنية في تحقيق الإلقاء في الآنية للشهرزوري، لمحمد بن عبد القادر الفاسي (ت1116هـ).

ـ مراجعات لبعض مسائل مسلك السداد للملا إبراهيم بن حسن، لأبي محمد عبد القادر بن علي بن يوسف الفاسي (ت1116هـ). رقم 169/1 (ضمن مجموع). (الخزانة العياشية)

ـ سؤال أبي سالم العياشي لسيدي الطيب المسناوي، لأبي سالم العياشي (ت1090هـ).

رابعا: مسألة الجبر والاختيار:

ـ اللمعة الخطيرة في مسألة خلق العباد الشهيرة، لأبي عبد الله محمد المهدي بن أحمد الفاسي (1109هـ/1698م).

ـ مراجعة النظر في مسألة الاحتجاج بالقدر، لأبي عبد الله محمد بن المفضل الصنهاجي (1333هـ/1915م).

ـ مسألة في أفعال العباد الاختيارية، لأبي عبد الله محمد الطيب بن عبد المجيد بن كيران الفاسي (1227هـ/1812م).

ـ النبذة اليسيرة واللمعة الخطيرة في مسألة خلق أفعال العباد الشهيرة، لأبي عبد الله محمد المهدي بن أحمد بن علي بن أبي المحاسن يوسف الفاسي (ت1109هـ) رقم:527.

ـ تقييد على مسألة مسلك السداد إلى مسألة خلق العباد، لمحمد بن عبد القادر الفاسي (ت1116هـ).

خامسا: مسألة التكفير والتحذير منها:

ـ الكشف والتبين في أن عبارات محمد أبي عمر في تكفير أكثر طلبة عصره وغيرهم خارقة للإجماع، لمبارك بن محمد العنبري السجلماسي الفيلالي من أهل القرن11هـ، توجد نسخة منها في خزانة علال الفاسي، رقم: 253.

ـ نصيحة المغترين وكفاية المضطرين في التفريق بين المسلمين بما لم ينزله رب العالمين ولا أخبر به الصادق الأمين ولا ثبت عن الخلفاء المهديين، لأبي عبد الله محمد بن أحمد ميارة الفاسي (1072هـ/1662م).

ـ الحكم بالعدل والإنصاف الرافع للخلاف فيما وقع بين بعض فقهاء سجلماسة من الاختلاف في تكفير من أقر بوحدانية الله وجهل ببعض ما له من الأوصاف، لعفيف الدين أبي سالم عبد الله بن محمد العياشي (ت1090هـ/1679م).

ـ التحذير والتنفير من الأفعال التي تؤدي إلى التكفير، لمحمد بن الحسن بن عبد القادر العرائشي المكناسي (ت1351هـ) وقد فرغ منه سنة وفاته.

ـ مراجعة النظر في مسألة الاحتجاج بالقدر، لأبي عبد الله محمد الصنهاجي الشهير الصنهاجي، (ت1333هـ) رقم:224.

خلاصة واستنتاجات:

يظهر من خلال كل ما تم عرضه من مجموع التآليف التي عرفها العصر العلوي في مجال الدرس العقدي، الحركية التأليفية العقدية الواسعة التي عرفها هذا العصر، بالنظر لما شهده من نشاط تأليفي همّ مختلف صنوف التأليف العقدي، وأيضا من جهة أخرى يظهر من طبيعة هذه المؤلفات خصوصية المرحلة وتميزها في سياق الصيرورة التاريخية التي عرفها الفكر الأشعري بالمغرب، وتميز هذه المرحلة عن غيرها من باقي المراحل السابقة لها، وكيف أن هذا العصر يعد محطة خاصة وفريدة ضمن المحطات العلمية السابقة له، ويظهر هذا جليا في طبيعة القضايا العقدية المتداولة، والإضافات النوعية التي قدمها علماء هذا العصر للدرس والفكر الأشعريين.

لقد حاولت من خلال هذه النبذة الميسرة التي قدمتها عن الحركة التأليفية العقدية التي عرفها العصر العلوي أن أقدم ملامح عامة عن طبيعة هذه الحركة، وبيان معالمها الكبرى وخصوصيتها، وذلك من خلال سرد وعرض جملة من التآليف العقدية على اختلاف أشكالها ومواضيعها، وهو ما يعطي للقارئ العادي، بله القارئ المتبصر، مدى ترسخ العقيدة الأشعرية وتجدرها في الممارسة الدينية المغربية في بعدها العقدي في هذا العصر كما غيره من العصور السابقة له، الأمر الذي يظهر جليا فيما عرفه من تآليف عقدية أشعرية غزيرة، سواء تلك التي تحمل طابعا تنظيريا وتقعيديا، أو تلك التي طمحت إلى تقريب العقيدة الأشعرية وتيسيرها وتبسيطها إلى عموم المسلمين.

(أصل هذه الدراسة مقال منشور بمجلة الغنية العدد المزدوج 8/7)

الهوامش:

---

[1] ـ ينظر: سلوة الأنفاس، 1/366. شجرة النور الزكية، ص: 355. طبقات الحضيكي، 1/183. إتحاف المطالع 1/27. أعلام الزركلي، 6/14.

[2] ـ شرح توحيد الرسالة، للشيخ محمد بن قاسم جسوس (1182هـ)، دراسة وتحقيق إحسان النقوطي، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ـ المملكة المغربية، ص: 81.

[3]  ـ شرح توحيد الرسالة، ص: 80.

[4]  ـ ينظر: سلوة الأنفاس، 2/268. الأعلام للزركلي، 7/96. شجرة النور الزكية، ص: 374. إتحاف المطالع 1/90. موسوعة أعلام المغرب، 7/2466.

[5]  ـ ذكره بنعبد الله في معلمة الفقه المالكي، ص: 106.

[6]  ـ ينظر: الأعلام للزركلي، 1/108. إتحاف المطالع 2/430. موسوعة أعلام المغرب، 8/2921.

[7] ـ ينظر: الأعلام للزركلي، 6/15.

[8]ـ ينظر: الأعلام للزركلي، 4/292.

[9]  ـ ترتيب المدارك، القاضي عياض، تحقيق علي عمر، دار الأمان المغرب، 3/247.

[10]  ـ ينظر: معالم الإيمان، 3/ 114.

[11]  ـ ينظر: النبوغ المغربي، ص: 276.

[12]  ـ النبوغ المغربي، ص: 277.

[13]  ـ شرح توحيد الرسالة، ص: 75.

[14]  ـ شرح توحيد الرسالة، ص: 78.

[15]  ـ العقيدة البرهانية الأشعرية لأبي عمرو السلالجي الفاسي (521هـ ـ 574هـ)، تقديم وتحقيق د. جمال علال البختي، ص: 49.

[16]  ـ العقيدة البرهانية الأشعرية، ص: 54.

[17]  ـ العقيدة البرهانية الأشعرية، ص: 55.

[18]  ـ ينظر: تطور المذهب الأشعري في الغرب الإسلامي، ذ. يوسف احنانة، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ـ المملكة المغربية، الطبعة 2؛ 2007، ص: 243.

[19]  ـ ينظر: تطور المذهب الأشعري في الغرب الإسلامي، ص: 244.

[20]  ـ تطور المذهب الأشعري في الغرب الإسلامي، ص: 249ـ250.

[21]  ـ م. ن، ص: 251ـ252.

[22]  ـ طبقات الحضيكي، 2/512.

[23]  ـ النبوغ المغربي، عبد الله كنون، ص: 284.

[24]  ـ شرح الأسماء الحسنى، محمد السنوسي، تحقيق نزار حمادي، ص: 6.