مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينغير مصنف

كتاب العِقْدُ التمام فيمن زوجه النبي عليه الصلاة و السلام

للعلامة المحدث يوسف بن حسن ابن عبدالهادي المقدسي (ت 909هـ) 

 

إعداد: عبداللطيف السملالي

 

اللافت لانتباه الباحثين في التراث العربي الإسلامي أن كتبا كثيرة احتفت بالصحابة الكرام رضوان الله عليهم، واعتنت بدقائق أحوالهم واستقصت أخبارهم، وسردت لنا فصولا من سيرهم، وأبانت لنا عن جليل أعمالهم وسمو مواقفهم الإيمانية التي سجل لنا التاريخ بعض لحظاتها المشـرقة، كما أن مؤلفي تلك المصنفات اقتفوا أثر أولئك الصحب الكرام في علاقاتهم بمعلمهم ومرشدهم عليه الصلاة والسلام، و أظهروا كيف انقادوا له واهتدوا بهديه، و كيف ساروا على المنهج الذي خطه لهم.

وقد حرص أولئك المؤلفون على الاعتناء بجوانب دقيقة في حياة الصحابة الكرام، وهم في شديد الاتصال والارتباط به عليه الصلاة والسلام، و بما كان يدعوهم إليه وكيف كانوا يحتكمون إلى ما يصدر عنه من أوامر وتشريعات دون تلكؤ أو اعتراض، ويسلمون له فيما يختاره لهم.

 وتفنن العلماء على توالي الأحقاب في طرق موضوعات طريفة في هذا السياق، فهناك من صنف في أسماء وموالي وخدم الرسول عليه الصلاة والسلام ، وهناك من باشر التأليف فيمن سماه النبي صلى الله عليه وسلم عند مولده، أو فيمن غيّر النبيّ عليه الصلاة والسلام أسماءهم لما من فيها دلالات مستقبحة أو نسبة العبودية إلى غير الله، وهناك من وجه عنايته إلى تأليف فيمن أردفهم النبي صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر.

 ومن جميل ما تم تصنيفه في باب الصحابة رسالة صغيرة غزيرة الفوائد، منبئة عن المجهود المبذول من قبل صاحبها في تجميع موادها من مظان مختلفة، المسماة بـ:( العقد التمام فيمن زوجه النبي عليه الصلاة والسلام)، للعلامة يوسف بن حسن بن عبدالهادي المقدسي (ت909هـ).

و مؤلف هذه الرسالة علامة نحرير، عمدة الحفاظ المسندين، أطبقت الأئمة على فضله وجلالته، وشهد له معاصروه بإمامته في علمي الحديث والفقه. كانت له عناية بتراث الصحابة الكرام، وهو الذي عكف على وضع مصنفات كثيرة نافت على 400 كتاب، خص بعضها بإبراز فضائل ومناقب جلة الصحابة الأعلام؛ من تلك المؤلفات:

* محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
* محض الشَّيْد في مناقب سعيد بن زيد.
* محض الخلاص في مناقب سعد بن أبي وقاص.

 

كما وضع كتبا في مناقب: أبي عبيدة بن الجراح، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وعبدالرحمن بن عوف، وعلي بن أبي طالب رضوان الله عليهم جميعا.

وهذا الكُتَيّب عبارة عن جزء حديثي لطيف، ذكر فيه مؤلفه واحدًا وعشـرين حديثاً وأثراً، يروي جلها بسنده، فيمن زوّجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد مهَّد له بمقدمة جد مقتضبة، حدد فيها معالم موضوع رسالته جاء فيها: “فهذا كتاب أذكر فيه من زوَّجه النبي صلى الله عليه وسلم سميته: العقد التمام فيمن زوجه النبي عليه الصلاة والسلام “.

ثم اجتهد المؤلف في إيراد الروايات المسندة بروايته لها التي أفادته في تزويج النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أهل بيته، وثلة من أصحابه من الرجال والنساء، ومجموع الأسماء التي بسط أخبارها المؤلف في هذا الشأن بلغت 12 اسماً وفيما يلي أسماءهم:

1.   المرأة التي وهبت نفسها النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.
2.   الرجل الذي زوجه عليه الصلاة والسلام على ما لديه من القرآن.
3.   الأعرابي الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم:( أهلكني الشبق والجوع..).
4.   معن بن يزيد رضي الله عنه .
5.   عثمان بن عفان رضي الله عنه .
6.   زيد بن حارثة رضي الله عنه .
7.   جُلَيْبيب رضي الله عنه.
8.   زينب الكبرى بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
9.   رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
10. أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
11. فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم  .
12. أُمُّ أيمن رضي الله عنه .

 

 وكان اعتماد المؤلف في استخراج هذه الأسماء وإعمال النظر والبحث عمن زوَّجَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم ،  على مجموعة من المظان والمصادر الأصيلة في السنة والتاريخ والتراجم التي صرح بها، منها:

* سنن أبي داود (ت 204هـ).
* مسند الإمام أحمد (ت 241هـ)
* مسند عبد بن حُمَيْد (ت 249هـ).
* سنن الدارمي (ت 255هـ).
* صحيح الإمام البخاري (ت 256هـ).
* صحيح الإمام مسلم (ت 261 هـ).
* مسند محمد بن هارون الروياني (ت 307هـ).
* تاريخ دمشق؛ لابن عساكر (ت 571هـ).
* البداية والنهاية؛ لابن كثير (ت 774هـ).

 

ولم يكتف المؤلف بإيراد النصوص وإدراجها في رسالته بل كان يتعقّبها أحيانا بالنقد وإبراز ما فيها من نكارة ووَضْعٍ، مثل قوله: (رواه ابن عساكر، وهو حديث منكر)[1]. وقوله: (وقد ورد في هذا الباب أحاديث منكرة موضوعة، وقد أورد منها ابن عساكر طرقا جيدة في تاريخه مع ضعفها ووضعها)[2]

إن هذه الرسالة المفيدة في بابها على صغر حجمها نلمس من خلالها جهدا حسنا بذله المؤلف في تتبع أسماء من زوَّجَهم النبي صلى الله عليه وسلم ، و إن كان مجموع من نالوا فضل تزويجهم من قِبَلِهِ عليه الصلاة والسلام ، هو أكبر مما ذكره العلامة ابن عبدالهادي في رسالته،  ويزيد من قيمتها أنها جمعت مادة متفرقة وموزعة في بطون كتب السنة النبوية المختلفة، وهذا الجمع كان لصاحبه فضل السبق فيه، وندب نفسه واجتهد في البحث وتتبع نصوص السنة المطهرة، وأخرج لنا جزءا مفرداً في موضوعه.

ولا تخلو قراءة هذا الجزء من فوائد علمية وحديثية وتاريخية، ومعرفة بأحوال بعض الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، كما تطلعنا على أدلة مسائل فقهية كثيرة مرتبطة بالزواج، سبق للعلماء أن عقدوها فصولا في كتبهم مثل: باب الصداق، وجواز كونه تعليم القرآن/ في الرجل يتزوج المرأة فيدخل بها قبل أن يعطيها شيئاً…

كما أمدنا هذا الجزء بمعطيات على جانب كبير من الأهمية في تزويج بناته عليه الصلاة والسلام ، وخاصة زواج السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها بالإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فقد استعرض المؤلف جملة نصوص أفادتنا أيما إفادة بما يلي: تاريخ قِرَانِ الإمام علي والسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنهما، و مقدار صداقها رضي الله عنها ـ وما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ، من جهاز مع ابنته يوم زواجها ـ وفوائد علمها النبي للزَّوْجَيْن : الدعاء في دبر كل صلاة، دعاء عند الإيواء إلى الفراش.

 كما يطلعنا هذا الجزء على جانب من جوانب سيرته عليه الصلاة والسلام ، مع أقرب الناس إليه، والإنصات إلى شكواهم ، والسعي إلى إيجاد حلول لمعاناتهم ومشاكلهم، و أبرز حنوه عليه الصلاة والسلام على أمته، وتفقده أحوال صحابته رضوان الله عليهم رجالا ونساء.

  ولما كان هذا الجزء لم يستقص صاحبه أسماء من زوَّجَهُمْ النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن محققه الأستاذ هشام ابن إسماعيل السقا  عقد فصلا جعله ذيلا للجزء سماه:( واسطة عقد التمام)، ذكر فيه بعض من زَوَّجَه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فات المؤلف ذكره، من ذلك:

* المرأة التي زوَّجَها رسول الله صلى الله عليه وسلم  من ابن عمّها.
* تزويج فاطمة بنت قيس رضي الله عنها .
* تزويج كعب بن عاصم الأشعري رضي الله عنه .
* تزويج أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها .
*  وتزويج بلال، رضي الله عنه .

والجدير بالتذكير أن هناك أسماء كثيرة فات المحقق نفسه استدراكها على المؤلف، وهي تندرج في موضوع كتابه، وقد أحاطت كتب السنة وتراجم الصحابة بأسماء أولئك الصحابة وبأخبارهم، وقد تسنى لي الوقوف على بعضهم منهم:

1.  أبو هند الحجام البياضي: وهو الذي قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام:( إنما أَبُو هند امرؤ من الأنصار، فأنكحوه وأنكحوا إليه يَا بني بياضة)[3]

2.   أسامة بن زيد بن حارثة: زَوَّجَهُ عليه الصلاة والسلام فاطمة بنت قيس الفهرية.[4]
3.   أسلم: كنيته أبو رافع مولى النبي عليه الصلاة والسلام. زَوَّجَهُ الرسول مولاته سلمى.[5]
4.   أم المغيرة بنت نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب زوَّجَها رسول الله صلى الله عليه وسلم (بإذن من أبيها) تميم الداري.[6]
5.   الحارث بن خالد بن صخر القرشي: زَوَّجَهُ النبي صلى الله عليه وسلم ، بنت عبد يزيد بن هاشم بن المطلب.[7]
6.   سَلَمة بن أبي سلمة: زَوَّجَهُ النبي صلى الله عليه وسلم ، أميمة بنت حمزة بن عبدالمطلب.[8]
7.   ضُبَاعة بنت الزبير بن عبدالمطلب : زَوَّجَها رسول الله صلى الله عليه وسلم المقداد بن عمرو.[9]
8.   عبد الله بن المغفل: زَوَّجَهُ النبي صلى الله عليه وسلم ،  امرأة من الأَزْد، حين أسلم.[10]
9.   نُبَيْط بن جابر بن مالك الأنصاري: زَوَّجَهُ النبي صلى الله عليه وسلم ، الفريعة بنت أسعد بن زرارة.[11]
10. يَعْلَى بن أمية: (قال: زوَّجَنِي رسول الله امرأةً…)[12].

 

ولا يفوتني التنبيه في هذه الورقة التعريفية إلى أن موضوع من زَوَّجَهُ النبي صلى الله عليه وسلم، استنسخه تلميذ المؤلف: العلامة محمد بن علي بن طولون (ت 952هـ) وجعله في رسالة سماها: (وبل الغمام فيمن زَوَّجَهُ النبي عليه الصلاة والسلام)[13]، اعتمد فيها جملة وتفصيلا على الأحاديث والآثار التي أوردها شيخه ابن عبدالهادي المقدسي، دون الإشارة إلى عمل شيخه والتنويه بسبقه في طرق هذا الموضوع، وحاول أحيانا إبراز شخصيته من خلال أسانيده التي يروي بها بعض تلك الروايات فقط.

وختاما أشير إلى أن هذا الكتاب الطريف الزاخر بالفوائد المتنوعة: (العقد التمام فيمن زوجه النبي عليه الصلاة والسلام)، توجد منه فيما أعلم نسختان خطيَّتَان محفوظتان في المكتبة الظاهرية بدمشق. تحت رقم: 79/1  و3249.

وقد اعتنى بتحقيق هذا الكتاب وبادر إلى التعليق عليه وتخريج أحاديثه الأستاذ هشام بن إسماعيل السقا، ونشـرته دار عالم الكتب بالرياض سنة 1405هـ/1985م. و مجموع صفحات هذا الكتيب اللطيف بلغت 40 صفحة.

 

 

 


[1] . العقد التمام فيمن زوجه النبي. 29.

[2] . العقد التمام فيمن زوجه النبي. 29.

[3] . الاستيعاب.4/1772 ـ أسد الغابة.5/322 ـ الإصابة. 7/363.

[4] . الإصابة. ابن حجر. 6/250.

[5] . أسد الغابة. ابن الأثير. 1/52 و 1/93.

[6] . أسد الغابة. 6/398 ـ الإصابة. 8/311.

[7] . الاستيعاب. 1/286.

[8] . أسد الغابة 2/277  ـ الإصابة. ابن حجر. 3/126.

[9] . الطبقات الكبرى. ابن سعد. 8/46 ـ  المستدرك على الصحيحين. الحاكم. 4/72.

[10] . أنساب الأشراف. البلاذري. 4/54.

[11] . الاستيعاب. 4/1492.

[12] . المعجم الأوسط. الطبراني. 7/162.

[13] . نشر الكتاب بتحقيق: مسعد عبدالحميد السعدني. دار الطلائع. القاهرة. 1993.

amoxicillin amoxicillin amoxicillin
how to terminate a pregnancy abortion papers getting pregnant after abortion
bystolic coupons for free forest patient assistance bystolic generic name

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق