مركز الدراسات والبحوث في الفقه المالكيغير مصنف

كتاب “الحوادث والبدع” لأبي بكر الطرطوشي (ت520ﻫ)

ترجمة المؤلف:

اسمه ونسبه:

   هو محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيوب، أبو بكر، الفهري، الأندلسي، الطرطوشي، المعروف في عصره بابن أبي رندقة.

شيوخه:

   لازم القاضي أبا الوليد الباجي، وأخذ عنه، ورحل إلى المشرق، ودخل بغداد، وأخذ عن أبي بكر الشاشي، وأبي العباس الجرجاني، وأبي علي التستري، وغيرهم.

تلاميذه:

   أخذ عنه خلق كثير، منهم أبو طاهر السلفي، وأبو الطاهر إسماعيل بن عوف، وسند مؤلف الطراز، وأبو بكر ابن العربي، وغيرهم.

منزلته وثناء العلماء عليه:

   قال ابن بشكوال: “كان إماما عالما، عاملا زاهدا، ورعا دينا متواضعا، متقشفا متقللا من الدنيا، راضيا منها باليسير.

    أخبرنا عنه القاضي أبو بكر ابن العربي، ووصفه بالعلم، والفضل، والزهد في الدنيا، والإقبال على ما يعنيه. وقال لي: سمعته يقول: “إذا عرض لك أمر دنيا وأمر آخرة، فبادر بأمر الآخرة، يحصل لك أمر الدنيا والأخرى” [الصلة في تاريخ أئمة الأندلس (ص: 545)].

   وقال إبراهيم بن مهدي بن قُلَينا: “كان شيخنا أبو بكر زهده وعبادته أكثر من علمه”.

  وحكى بعض العلماء أن أبا بكر الطرطوشي نجب عليه نحوٌ من مائتي فقيهٍ مفتي، وكان يأتي إلى الفقهاء وهم نيام، فيضع في أفواههم الدنانير، فيهبون، فيرونها في أفواههم” [سير أعلام النبلاء (14/ 354)].

مؤلفاته:

   له كتب كثيرة، منها: سراج الملوك [طبع طبعات، منها طبعة بولاق، سنة (1289ﻫ)، ثم أعيد طبعه بدار المنهاج، ط1، سنة (1434ﻫ)]، ومختصر تفسير الثعلبي، وكتاب كبير في مسائل الخلاف، وشرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، وبر الوالدين، وكتاب الحوادث والبدع، وهو الذي نروم التعريف به في هذه الورقة.

وفاته:

قال ابن خلكان:

  توفي ثلث الليل الأخير من ليلة السبت لأربع بقين من جمادى الأولى سنة عشرين وخمسمائة (520ﻫ)، بثغر الإسكندرية، وصلى عليه ولده محمد، ودفن في مقبرة وعلة، قريبا من البرج الجديد، رحمه الله تعالى.

وذكر ابن بشكوال في كتاب الصلة أنه توفي في شعبان من السنة المذكورة.

مصادر ترجمته:

الصلة في تاريخ أئمة الأندلس (ص: 545)، الديباج المذهب (ص:371)، وفيات الأعيان (4/ 264)، شجرة النور (ص: 124) [360]، نفح الطيب (2/ 85).

التعريف بالكتاب:

   موضوع الكتاب هو المحدثات والبدع في الدين، كما يفهم من العنوان، وهذا الموضوع قد حظي بعناية المالكية، منذ القرن الثالث الهجري، مع الإمام أصبغ بن الفرج (ت225ﻫ)، ومحمد بن سحنون (ت256ﻫ)، وموسى بن معاوية الصمادحي (ت225ﻫ)، وغيرهم.

  وتوالت بعد ذلك التآليف في الموضوع عبر التاريخ، وعرفت مدا وجزرا حسب الدوافع والأسباب، إلى عصر أبي بكر الطرطوشي حيث ألف كتابه:“الحوادث والبدع”، وليس المراد بـه مطلق البدع والضلالات، بل المقصود البدع التي ليس لها أصل في الشرع، ويعتقد كثير من الناس أنها من العبادات والطاعات والسنن، كما صرح بذلك الطرطوشي في المقدمة حيث قال:

  “هذا كتاب أردنا أن نذكر فيه جُمَلا من بدع الأمور ومحدثاتها، التي  ليس لها أصل في كتاب الله، ولا سنة، ولا إجماع، ولا غيره، فألفيت ذلك ينقسم إلى قسمين:

قسم يعرفه الخاصة والعامة أنها بدعة محدثة؛ إما محرمة، وإما مكروهة.

وقسم يظنه معظمهم ـ إلا من عصم الله ـ عبادات، وقربات، وسننا.

   فأما القسم الأول؛ فلم نتعرض لذكره؛ إذ كُفينا مؤنة الكلام فيه؛ لاعتراف فاعله أنه ليس من الدين” [الحوادث والبدع، ص: 21].

منهج أبي بكر الطرطوشي في كتابه “الحوادث والبدع”

  أما منهج المصنف في كتابه فقد بناه على قواعد مذهب الإمام مالك رحمه الله، لكن لا يظهر منه تعصب مذهبي، ولا تقيد بآرائه، بل يسرد، ويناقش، ويدلل، ويعلل.

  فهو ـ رحمه الله ـ يذكر البدعة، ويبين وجه مناقضتها للشريعة، ثم يأتي بالدلائل والبينات على ذلك بوضوح وجلاء.

  وقد أقام كتابه على النقل من الكتب والمؤلفات، فقهية، وحديثية، وعلمية عامة، لكنه كان ينقل عن بعض مشايخه مشافهة؛ مبينا آرائهم، وموضحا أقوالهم. [بتصرف من مقدمة التحقيق، (ص: 9)].

قيمة الكتاب:

   هذا وتبرز أهمية الكتاب، فضلا على منزلة مؤلفه ومكانته العلمية، في كثرة النقول عنه، فقد نَقل عن الإمام الطرطوشي جُلُّ من أتى بعده، ممن ألف في البدع، أو تكلموا عنها، ومنهم:

ـ الإمام الشاطبي في: “الاعتصام”.

ـ أبو شامة في كتابه: “الباعث على إنكار البدع والحوادث”.

ـ السيوطي في: “الأمر بالإتباع”، وفي”تحذير الخواص من أحاديث القصاص”.

ـ ابن حجر في: “تبيين العجب فيما ورد في فضل رجب”.

ـ القاسمي في “إصلاح المساجد”.

ـ والزبيدي في “إتحاف السادة المتقين”.

  وغيرها كثير، بل إن كتابه كان يذكر في الأثبات والمشيخات، ويرويه أهل العلم لطلابهم؛ كما في “صلة الخلف بموصول السلف” للروداني.

وهذا كله يدل دلالة واضحة على مدى أهمية الكتاب، واعتماده لدى العلماء.

أبواب الكتاب:

اشتمل هذا الكتاب على أربعة أبواب:

الباب الأول: فيما انطوى عليه الكتاب العزيز من الأمور التي ظاهرها سِلْم جرَّت إلى هُلْك.

الباب الثاني: فيما اشتملت عليه السنة من النهي عن محدثات الأمور.

الباب الثالث: في أساليب الصحابة في كيفية ضبطهم للقانون الذي به تحفظ قواعد الدين وتموت البدع.

الباب الرابع: في نقل ما حدث من ذلك في الإسلام، وتنصيص العلماء على تحريمها وكراهتها.   

طبعات الكتاب:

 طبع كتاب “الحوادث والبدع” طبعات، منها: طبعة دار الغرب الإسلامي، سنة (1990م)، بتحقيق ذ/ عبد المجيد تركي، ودار ابن الجوزي،ط3، سنة (1422ﻫ)، بتحقيق ذ/ علي بن حسن الحلبي الأثري.

المعلومات التقنية للكتاب:

عنوان الكتاب: “الحوادث والبدع”.

المؤلف: أبو بكر الطرطوشي (ت520ﻫ).

المحقق: علي بن حسن الحلبي الأثري.

طبعة الكتاب: دار ابن الجوزي،ط3، سنة (1422ﻫ).

 بقلم الباحث: فؤاد القطاري

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق