مركز الدراسات والبحوث في الفقه المالكيغير مصنف

الوثائق المجموعة لعبد الله بن فتوح البُونْتي (ت462ﻫ)

ترجمة المؤلف:

هو عبد الله بن فتوح بن موسى بن عبد الواحد أبو محمد البُونْتي (ت462ﻫ)

روى عن أبيه، وغيره. كان عالما، فقيها، موثقا، حافظا، مؤلفا.

حلاه ابن بشكوال بقوله: «كان من أهل المعرفة والعلم والحفظ والفهم»، وقال عنه القاضي عياض: «من فقهاء هذه الطبقة العاشرة ونبهائها».

توفي في جمادى الآخرة سنة اثنتين وستين وأربع مائة (462ﻫ).

مؤلفاته:

ألف كتاب الوثائق المجموعة، واختصر كتاب المستخرجة.

مصادر الترجمة:

الصلة لابن بشكوال (2/428)، ترتيب المدارك (8/166)، بغية الملتمس (ص: 350)، شجرة النّور الزكية (ص: 119)، الأعلام للزركلي (4/112)، معجم البلدان (1/511)، هدية العارفين (1/452)، معجم المؤلفين (6/101).

التعريف بكتاب «الوثائق المجموعة» لابن فتوح

اسم الكتاب:

«الوثائق المجموعة»: بهذا العنوان وُسِم الكتاب في جميع المصادر التي ترجمت لابن فتوح.

وكذا ورد بهذا الاسم في مجموعة من كتب المذهب التي نقلت عنه، مثل الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (2/444)، ومنح الجليل شرح مختصر خليل (4/233)، والبهجة في شرح التحفة (1/217).

منهج المؤلف في كتابه:

كتاب «الوثائق المجموعة» أحد أهمِّ الكتب الجامعة بين الوثائق والأحكام، وكتب محاضر القضاة وسجلاتهم؛ وقد جمع فيه مؤلفه أربعةَ كتبٍ من كتب أمهات الوثائق والأحكام التي كان عليها معول القضاة والمفتين، وهي: وثائق موسى بن أحمد الوتد (ت377ﻫ)، ووثائق أبي محمد بن أبي زمنين (ت399ﻫ)، ووثائق ابن العطار (ت399ﻫ)، ووثائق ابن الهندي (ت399ﻫ).

ولم يكن غرض ابن فتوح من كتابه هذا جَمْع كتب من سبقه ونسخها في قرطاس واحد، بل طريقته أقرب إلى الاختصار والترتيب منها إلى الجمع، وقد أراد ابن فتوح أن يجمع ما اتفقوا عليه من وثيقة أو فقه، سواء كان الاتفاق في اللفظ أو المعنى، ويسوقها في سياق واحد، جامعا كل وثيقة إلى شكلها، ثم يتبع ذلك بما اختلفوا فيه، عازيا كل نقل لأصحابه، بإيجاز واختصار غير مخل؛ ليسهل تناول ذلك من كتاب واحد لمن له رغبة في هذا الفن. وأضاف إلى ذلك من قول غيرهم، كمحمد بن عمر بن الفخار.

وسيرا على منهج كتب الوثائق والأحكام افتتح ابن فتوح كتابه بباب النكاح.

وقد صرح ابن فتوح بالمنهج الذي نحاه في كتابه الوثائق تصريحا كافيا، بَيَّن فيه المعالم التي اتبعها فيه، فقال: «هذا الكتاب … أجمع فيه مما ألفه الفقهاء ـ رحمهم الله ـ محمد بن عبد الله بن أبي زمنين، ومحمد بن أحمد بن العطار، وأحمد بن سعيد بن الهندي، وموسى بن أحمد المعروف بالوتد.

وأذكر فيه مما اتفقوا عليه في المعنى من وثيقة، أو فقه أحدهم، وأذكر فيه ما انفرد به واحد منهم دون صاحبه، أو اختلفوا فيه حتى يجمع هذا الكتاب ما في كتبهم المؤلفة من الفقه والوثائق، إلا اليسير مما عسى أن يترك لنسيان يقع، أو إغفال ينزل؛ ليسهل تناول ذلك من كتاب واحد على من حاول هذا الفن، وكان من بغيته إحسانه؛ إذا به تتحصن أموال المسلمين وفروجهم ودماؤهم؛ لأن المقصد فيه يعتد به المسلمون، ويعقد لهم ما ينحل عند الحاجة إليه.

وأضم في هذا الكتاب كل وثيقة من وثائقهم إلى شكلها، وكل مسألة إلى مثلها على اللفظ والمعنى، وربما اختصرت بعض اللفظ في المسائل لئلا يطول الكتاب، وأذكر فيه أيضا من غيرها، ومن قول محمد بن عمر بن الفخار مسائل قليلة، وأبدأ بالنكاح على حسب ما رتبوا، فمن وجد فيه هذا الكتاب خللا، أو وهما فليصححه من كتبهم؛ إذ لا يعصم الإنسان من الوهم». [الوثائق المجموعة لابن فتوح (1/174)].

مشمولاته:

كتاب «الوثائق المجموعة» لابن فتوح كغيره من كتب الوثائق والأحكام ضم بين دفتيه عدة من وثائق وفصول في فقهها تندرج تحت أبواب، وهي بالإضافة إلى المقدمة التي بين فيها منهجه: باب النكاح، والطلاق، والحضانة، والظهار، واللعان، والإيلاء، والعيوب، ومغيب الزوج، وسقوط العذرة، والنفقات، والبيوع، وتصيرات في دين، والتوليج، والإبراء، والمعاوضة، والشفعة، والسلم، ونعوت الرقيق، والصلح، والوكالة، والقسمة، والكراء، والاستئجار، والمزارعة، والمساقاة، والجوائح، والمغارسة، والشركة، والوديعة، اللقطة، والعارية، والمنحة، والحبس، والعمرى،الصدقة، والهبة، والإقرار، والنحلة، والقرض، ودعاوى الضمان، والفرائض، والوصية، والاستحقاق، والاسترعاء، والإضرار، والتعديل والتجريح، والغصب، وصلاح الأحوال وقبحها، والحجر، وإسلام النصراني واليهودي، والردة، والتدمية والعفو، والصلح على ذلك، والقذف، والعنف والتدبير والكتابة، والقضاء، والحيازات، وفي التسجيلات في مواضيع شتى.

مصادره:

اعتمد ابن فتوح على أمهات وكتب من المذهب المالكي، إلا أنها تتسم بالندرة والقلة، فعلاوة على الكتب الأربعة التي جمعها في كتابه، ونص عليها بقوله: «وأجمع فيه مما ألفه الفقهاء ـ رحمهم الله ـ محمد بن عبد الله بن أبي زمنين، ومحمد بن أحمد بن العطار، وأحمد بن سعيد بن الهندي، وموسى بن أحمد المعروف بالوتد ومن قول محمد بن عمر بن الفخار ومسائل قليلة»، اعتمد أيضا أمهات وكتباً أخرى في الفقه المالكي، مثل كتاب المدونة، والعتبية، والمستخرجة، والواضحة، ثم أقوال محمد بن السليم، ومحمد بن يبقى بن زرب، ومحمد بن لبابة، وغيرهم.

اعتماده في المذهب:

كتاب «الوثائق المجموعة» من أهم مؤلفات الوثائق والأحكام، فهو يحضى بمكانة علمية مهمة بين كتب هذا الفن، وقد تبوأ هذه المنزلة من كونه جمع فيه مؤلفه بين أربعة من المصنفاتِ الأمهات في الوثائق والأحكام، وهي: وثائق ابن الهندي، ووثائق ابن العطار، ووثائق ابن أبي زمنين، ووثائق موسى الوتد.

قال فيه ابن بشكوال: «له كتاب حسن في الوثائق والأحكام. وهو كتاب مفيد». [الصلة: 1/272 (615)]، وقال عياض: «ألف الوثائق المجموعة، وهو تأليف مشهور مفيد جمع فيه أمهات كتب الوثائق وفقهها، وهو مستعمل». [ترتيب المدارك: 8/166].

وكتب المذهب حافلة بالنقل عنه، فبالرجوع إليها نجد أن هذه النقول أكثر من تحصى أو تعد.

ويزيد من قيمة الكتاب أنه هناك جهوداً وضعت حوله، من ذلك:

* حواش على الوثائق المجموعة لابن عات هارون بن أحمد بن جعفر النفزي أبي محمد (ت582ﻫ)، تسمى: «الطرر الموضوعة على الوثائق المجموعة»، وهي المعروفة بطرر ابن عات. [صلة الصلة: القسم الرابع ص: 231 (464)، الأعلام للزركلي: 8/59].

* خطر فنظر على وثائق ابن فتوح لأبي البركات عماد الدين محمد بن محمد بن إبراهيم بن حزب الله البلفيقي المعروف بابن الحاج (ت771ﻫ) [   شجرة النور ص: 229 (824)].

طبعاته:

طُبع جزء من كتاب «الوثائق المجموعة»، سنة 1997م منسوبا لعبد الواحد المراكشي، تحقيق الدكتور حسين مؤنس، مكتبة الثقافة الدينية.

 إلا أن المحقق لم يُحالفه الصواب في هذه النسبة، فقد وهم ونسبه إلى غير مؤلفه الحقيقي، وقد نبه على ذلك أستاذنا الدكتور محمد العلمي في مقال له نشر بمجلة الأحياء عدد 12 لسنة 1998، وكذلك الأستاذ ادريس السفياني في أطروحته الموسومة: بـ«الوثائق والأحكام بالمغرب والأندلس في القرنين الرابع والخامس الهجريين».

ثم طبع الكتاب مرة ثانية محَققَ النسبة إلى صاحبه بعنوان: «أبو محمد عبد الله بن فتوح الفهري (ت462ﻫ) موثقا، مع تحقيق كتابه: الوثائق المجموعة»، للأستاذ عبد العزيز الحاتمي، ط دار لبنان للطباعة والنشر، ط1، سنة 1433ﻫ/2012م. استفتحه بدراسة ابن فتوح فيما يزيد عن 150 صفحة.

بقلم الباحث عبد القادر الزكاري

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مختصركم حول المؤلف وحول كتبه وما قيل عنه في منتهى الدقة إلا أنه لم تذكروا شيئل عن مكان ولادة نشأة أو مكان وفات البونتي وأصله.

    ولكم جزيل الشاكر, مع كامل تقديراتي للعمل المنشور.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق