مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينغير مصنف

الصحابي الجليل أبو هريرة الحافظ المفترى عليه

 

 

بقلم: يونس السباح

إنَّ المتأمِّل في حياة هذا الصحابي الجليل، والمتتبّع لأخباره  بعين الإنصاف يجدها حياةً حافلةً معطاءة، مليئةً بالعلم، بعيدة عن كلّ شين.

فقد عاش رضي الله  عنه مع النبي صلى  الله عليه وسلم ولازمه ملازمة قويّة، وتفانى في الدفاع عن الخلافة الراشدة، وحارب الردّة، وشارك في الفتوح، كلّ هذا في فترة وجيزة، إذ صدقت فيه دعوة النبي صلى  الله عليه وسلم بالحفظ والبركة.

ملامح من سيرته:

أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدّوسي ، نسبة إلى دوس بن عدنان، اشتهر أبو هريرة بكنيته ، وبها عرف حتى غلبت على اسمه فكاد ينسى.

وأما سبب تكنّيه فقد ورد على لسانه حينما قال: )كان اسمي في الجاهلية عبد شمس بن صخر، فسميت في الإسلام عبد الرحمن، وإنما كنوني بأبي هريرة لأني كنت أرعى غنما لأهلي، فوجدت أولاد هرّة وحشية فجعلتها في كمي، فلما رجعت عنهم سمعوا أصوات الهر من حجري، فقالوا: ما هذا يا عبد شمس؟ فقلت: أولاد هرّ وجدتها، قالوا: فأنت أبو هريرة فلزمتني بعد)[1]

أسلم سنة سبع من الهجرة بين الحديبية وخيبر وكان عمره حينذاك نحواً من ثلاثين سنة ، ثم قدم المدينة مع النبي ، حين رجوعه من خيبر وسكن ( الصّفة) ولازم الرسول ملازمة تامة ، إلى أن توفي رحمه   الله  في السنة التي توفيت فيها عائشة أم المؤمنين عام (58 هـ).

أقوال العلماء فيه:

قال فيه طلحة بن عبيد الله وهو أحد العشرة المشرين بالجنّة: (عن مالك بن أبي عامر قال: جاء رجل إلى طلحة بن عبيد الله، فقال: يا أبا محمد، أرأيت هذا اليماني يعني: أبا هريرة، هو أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم منكم، نسمع منه ما لا نسمع منكم، أو يقول على رسول الله صلى الله عليه و سلم ما لم يقل؟ قال: أما أن يكون سمع من رسول الله صلى الله عليه و سلم ما لم نسمع، فلا أشك إلا أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه و سلم ما لم نسمع، وذاك أنه كان مسكينا لا شيء له، ضيفاً لرسول الله صلى الله عليه و سلم يده مع يد رسول الله صلى الله عليه و سلم وكنّا نحن أهل بيوتات وغنى، وكنّا نأتي رسول الله صلى الله عليه و سلم طرفي النهار، فلا نشك إلا أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه و سلم ما لا نسمع، ولا نجد أحدا فيه خير يقول على رسول الله صلى الله عليه و سلم ما لم يقل)[2].

وشهد له عبد الله بن عمر فيقول: (يا أبا هريرة أنت كنت ألزمنا لرسول الله وأحفظنا لحديثه)[3].

 وجاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنه في مسألة، فقال ابن عباس لأبي هريرة رضي الله عنه: (أفته يا أبا هريرة، فقد جاءتك معضلة)[4]. .

شبهة كثرة روايات أبي هريرة:

لا يختلف اثنان في أنّ أبا هريرة هو الراوية الأشهر في تاريخ الإسلام لكثرة الأحاديث النبوية الشريفة التي رواها، ولشهادة أصحابه رضوان الله عليهم بهذا.

 فالحديث عن صحابة رسول الله لا بد أن يكون بأدب وعلى علم وأسس صحيحة، فلا خدش ولا غمر ولا سوء نيّة، لأن النبيّ حذرنا من ذلك عندما قال: «الله الله في أصحابي، فلو انفق أحدكم مثل احد ذهبا ما بلغ مد حدهم ولا نصيفه»[5].

وقد لاحظ بعض الدّارسين كثرة رواية هذا الصاحبي للحديث، وروّجوا تُهماً لا تليق بالمسلم الغيور، المدافع عن بيضة هذا الدين، ولو ردّها هؤلاء إلى علماء الحديث ورجاله لعلموا الحقيقة وعرفوا صدق الصحابة وأمانتهم في الرواية، لأنهم تربوا على يد رسول الله وسمعوا منه، وأخذوا عنه، وتعلموا منه أهمية الصدق، وقد حذرهم من الكذب عليه حين قال: «من كذب علي  فليتبوأ مقعده من النار»[6].

وعلينا أن نعلم أن أبا هريرة صحابي جليل، صحب رسول الله ، وكان قريبا منه، وقد أحبه رسول الله ، ودعا له بالحفظ، وكان رضي الله عنه زاهدا في الدنيا، ومن أهل الصفة، وكان حريصا على سماع الحديث من النبي ، وكثيرا ما كان يتحمل آلام الجوع حتى لا يفوته شيء من الحديث النبوي الشريف.

وإنّ الطاعنين في هذا الصحابي الجليل لم يدرسوا حياته دراسة صحيحة، ولم يعرفوا الحقائق الناصعة عن روايته ودقته، ولهذا فقد أخذوا بكل أسف يغمزون ويلمزون بلا هوادة.

بيان كثرة حديثه وتبرئته من كل إفك:

لقد كان رضي الله عنه حريصاً على العلم، وشهد له النبي بذلك، كما في صحيح الإمام البخاري عن أبي هريرة I  قال: قلت يا رسول الله، إني أسمع منك حديثاً كثيراً أنساه، قال: ابسط رداءك، فبسطته. قال: فغرف بيديه ثم قال: ضمّه، فضممته فما نسيت شيئاً بعده[7].

وكان كثير الحفظ لا ينسى، فقد دعا الله H فقال: (اللهم إني أسألك علما لا ينسى وقد أمن الرسول على دعائه)[8].

 فأبو هريرة إذن محفوف بالعناية الإلهية، والدعوات النبوية، إضافة إلى علمه وفضله وجلالة قدره، فقد تكلّموا فيه من جهة غزارة رواياته التي رواها في مدّة وجيزة، إذ كان إسلامه عام خيبر سنة 7هـ  و مجموع الأحاديث التي رواها بلغت 5374 حديثاً.

والردّ على هذه الشبهة أن أبا هريرة لم يكن كباقي الصّحابة يعمل على جلب الرزق لأسرته .. إنّما كان قائماً قاعداً مع النبي صلى الله عليه وسلم فطبيعي أن يسمع ويرى النبي أكثر.

ثم إنّه I بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لم يخض في أمور الدولة وينشغل بشؤون السياسة والحكم، كما كان كبار الصحابة أمثال الخلفاء الراشدين M، واكتفى بنشر العلم وانشغل بما يعرفه ويحفظه.

وقد تتبّع الدكتور محمد عبده يماني مجموع تلك المرويات الكثيرة، وخلص إلى نتائج مهمة نذكرها كما جاءت.

يقول الدكتور محمد عبده يماني: (ولكن القضية الأساسية التي أفادتنا عند استخدام الحاسب الآلي هي أنه عندما أدخلت هذه الأحاديث المروية فى كتب الحديث الستة، وجدنا أن أحاديث أبي هريرة بلغت (5374) ثم وجدنا بعد الدراسة بواسطة الحاسوب أن المكرر منها هو (4074) وعلى هذا يبقى العدد غير المكرر (1300) وهذا العدد تتبعناه فوجدنا أن العديد من الصحابه قد رووا نفس هذه الأحاديث من غير طريق أبي هريرة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى وبعد أن قمنا بحذف الأحاديث التي رويت من غير طريق أبي هريرة في كتب الصحاح الستة وجدنا أن ما انفرد به أبو هريرة  ولم يروه أي صحابي آخر هو أقل من عشرة أحاديث.

ثم شاء الله أن نطور العمل في أحاديث أبي هريرة فانتقلنا من الكتب الستة إلى الكتب التسعة وقد لاحظنا أن الأحاديث في الكتب التسعة المنسوبة إلى أبي هريرة هي (8960 حديثا) منها (8510) بسند متصل و (450 حديثا) بسند منقطع وبعد التدقيق انتهينا إلى أن الأحاديث التي رواها أبو هريرة في كل هذه الكتب التسعة بعد حذف المكرر هي (1475 حديثا) وقد اشترك في روايتها معه عدد من الصحابة.

وعندما حذفت الأحاديث التي رويت عن طريق صحابة آخرين وصلنا إلى حقيقة مهمة وهى أن ما أتى به أبو هريرة مع المكررات في كتب الحديث التسعة هي (253 حديث) ثم أن الأحاديث التي انفرد بها أبو هريرة بدون تكرار ولم يرويها أحد غيره في الكتب التسعة هي (42 حديث) وما زلنا نواصل البحث ولكن هذه الأمور وهذه الحقائق أزالت كل تلك الشبه والتهم العقيمة والمغرضة التي كانت تلصق بأبى هريرة ويتهمونه فيها  بالإكثار ويقولون عنه رضي الله عنه أنه روى (8000 حديث) بمفرده.. وبعضهم يقول أنه روى (5000 حديث) بمفرده.. هكذا دون روية أو تدقيق أو تمحيص)[9].

ومن أجل هذا يقضي المرء العجب ممّن لا يتورّعون في خلق الشبهات، وإثارة الفتن، حول هؤلاء الأعلام من الصحابة الذين أفنوا حياتهم في الدعوة إلى الله، وتربّعوا على كرسي العلم والتعلّم والأدب والأخلاق، ونهلوا من النبي H بلا واسطة، وأريقت دماؤهم من أجل دين الله تعالى وإعلاء كلمته.

ولذا فإني استغرب من الذين يطعنون في هذا الصحابي الجليل كيف يطعن بمن وثقه النبي وشهد له بالحرص على الحديث، وكيف نخوّنه وقد أمّنه رسول الله وجعله على صدقات المؤمنين يحفظها من الخائنين (السارقين)[10]، أيخوّن من أمّنه ووثقه رسول الله ووثقه صحابته؟.


[1]  أخرجه الحاكم في المستدرك رقم: 6141 (3/579).

[2]  أخرجه الترمذي في سننه، باب مناقب أبي هريرة رقم: 3837. (5/684). وقال: (هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحق) وقال الألباني: ضعيف الإسناد. ضعيف سنن الترمذي (1/515).

[3]  أخرجه الترمذي في سننه، باب مناقب أبي هريرة رقم: 3836. (5/ 684).

[4]  أخرجه مالك في الموطأ باب طلاق البكر رقم: 37 (2/571) تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.

[5]  أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا رقم: 3673. (5/8).

[6]  أخرجه البخاري في صحيحه كتاب العلم،  باب إثم من كذب على النبي H رقم: 108. (1/33).

[7]  أخرجه الإمام البخاري في صحيحه. كتاب العلم. باب حفظ العلم. حديث رقم: 119 (1/35).

[8]  أخرجه الحاكم في المستدرك رقم: 6158. (3/582).

[9]  مقال للدكتور محمد عبده يماني بعنوان: (اتّقوا الله في أبي هريرة) منشور على صفحته الإلكترونية، وهذا رابطها: http://www.dryamani.com/ar/News.aspx?NID=105#.VKvW1Mkyr4Z

[10]  أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى البحرين مع العلاء بن الحضرمي لجمع الصدقات وتوزيعها. انظر الخبر في معجم الطبراني الأوسط. من اسمه زكرياء رقم: 3597. (4/96).

how long for viagra to work viagra solid food open
where to order cheap viagra buy viagra online canada go
read married affairs sites wives who cheat on husbands
redirect read abortion pill process
coupon prescription read coupons for prescription drugs
abortion clinic dallas tx cheap abortions abortion surgery
discount prescriptions coupons cialis discount coupons cialis discount coupon
bystolic copay savings card bystolic generic
abortion pill abortion pill abortion pill
metformin metformin metformin
discount coupons for cialis redsoctober.com free prescription cards

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق