مركز الدراسات والبحوث في الفقه المالكيغير مصنف

الزاهي في أصول السنة لأبي إسحاق محمد بن شعبان المعروف بالقرطي (ت355ﻫ)

    بقلم الباحثة: فاتحة الأنصاري

   صدر جزء من كتاب ” الزاهي في أصول السنة” لأبي إسحاق محمد بن شعبان المعروف بالقرطي (ت355ﻫ)، باعتناء ذ أحمد بن عبد الكريم، الذي حصل به على درجة الماجستير من الجامعة الحرة بنواكشوط.

   وكتاب الزاهي جامع لأبواب الفقه أراد مؤلفه أن يقيم فقه أهل المدينة على أدلته،وهو يعد من الكتب المشهورة في الفقه المالكي، بحيث تكثر النقول عنه في كتب المذهب، فبعضهم نقل أقواله، وتعرض لها أحيانا بالنقد والتحليل، كما فعل ابن أبي زيد القيرواني في النوادر والزيادات [انظر مثلا النوادر والزيادات 1/188-190-106]، وهو ممن أخذ عنه بالإجازة ابن شعبان [ينظر مقدمة النوادر والزيادات 1/15] ، بينما ينقل عامة الفقهاء أقوال ابن شعبان، ورواياته عن غيره، ولا يتعرضون لها بنقد أو تحليل، كما هو الشأن عن عدد من شراح مختصر خليل وغيرهم.

   ويعرف هذا الكتاب عندهم باسم كتاب ابن شعبان، أو كتاب القرطي، أو الزاهي، أو الشعباني، وإليه [أو إلى مختصر ما ليس في المختصر] يشير الباجي في المنتقى بقوله: “قال الشيخ أبو إسحاق”.

   اعتمد المحقق في إخراج هذا الكتاب على نسخة يتيمة من مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي.

   قال ابن شعبان في مقدمته:”… وقد روي لنا عن النبي صلى الله عله وسلم من غير جهة ثابتة أنه قال: “طلب العلم فرض على كل مسلم”..وذلك عندنا فيما يلزم الإنسان علمه، ولا يسعه جهله، ومن ذلك أن على من وجبت عليه الصلاة علم ما يلزمه قبل الدخول فيها من أسباب الطهارة والتنظف من الأذى، والندب والحض مع ما يلزمه من علم مفروض الصلاة ومسنونها، وما يتبع ذلك من أحداثها، ويشتمل عليه أمرها، وكذلك من كان ذا مال يجب في مثله الزكاة في علم ما يجب عليه من فرض ذلك، وكذلك من وجب عليه الحج بأي وجه كان، وكذلك من لزمه النفير إلى العدو ووجب عليه صيام شهر رمضان، وغير ذلك مما يلزم البالغ المكلف، وكذلك من خالط البياعات والمعاملات: يجب عليه من علم ذلك ما يمتنع به مما جاء عنه النهي في مثله كي لا يقع في خلاف ما أثبتته السنة، وشهدت بصحته الأمة، ألا ترى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يمنع من لم يفقه في الدين من الجلوس في الأسواق، ويأمر من ينادي: لا يجلس في سوقنا إلا من فقه في ديننا، وكذلك كل ما يعلمه إنسان أو يتعامل عليه اثنان، فأما تعلم ما يخاف كونه في بعض الأحيان، فقد اختلف في ذلك الأئمة في كل مكان، فقال قائل أهل الحجاز: ليس علينا علم ما هذه سبيله فإن وقع ونزل جعل الله بمنه الجزيل منه فرجا ومخرجا، وقال قائل أهل المشرق: بل نستعد للبلاء جلبابا، وذلك عندي أحوط لمن قدر عليه من غير أن يلزمه ذلك، خيفة من وقوعه حيث لا عالم به، وبعد موت فرسانه، ودروس عالمه، والعلم أحق بالادخار من المال كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد قال الله جل ذكره:”وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ”، فوجب علينا بهذا أن طلب ما آتانا الرسول صلى الله عليه وسلم، وما نهانا عنه من مظانه التي لا خلاف فيها بين أهل العلم بها … [ثم قال بعد أن ذكر موطأ الإمام مالك] وقد رأيت كثيرا من أصحابه يخالف بعضهم بعضا في الروايات عنه فيما عدا الموطأ من المسائل التي سألوه عنها، وسئل فسمعوا ووعوا، ولا يختلفون في المنصوص عنه فيه من المسائل، إلا في زيادة كلمة ونقصان أخرى بالشيء اليسير الذي لا يزيل معنى ولا يغير قولا، فقام إجماعهم هناك بنفسه، واحتجت إلى الاختيار من اختلافهم فيما عداه بما أرده إلى إجماعهم، فعملت كتابي وسميته بنسبي، فجعلته: الشعباني الزاهي لما ينضاف إلى الاختيار من ألفاظي، وما عسى أن أختاره من أقوالهم التي لم نسبوها إلى إمامهم مما لا يخرج عن مذهبه،…ثم جعلت كتابي هذا أبوابا من كل صنف ونوع من أصناف العلم وأنواعه بابا بابا، ليقرب على من التمس صنفا من الأصناف أو نوعا من الأنواع ما قصد له من ذلك الصنف أو النوع،…واستفتحت ذلك بأبواب الطهارة، ثم أبواب الزكاة، ثم أبواب الصيام، ثم أبواب الحج، ثم أبواب الجهاد العدو ثم أبواب الصلاة على الجنائز، ثم ما يتبع ذلك مما قدمت ذكره حتى يأتي ذلك على آخر الكتاب بتوفيق الله عز وجل وتسديده وعونه ومشيئته”

   ويحتوي هذا الجزء من كتاب الزاهي على سفرين:

-السفر الأول يبدأ من بداية المخطوط وينتهي بنهاية كتاب الضحايا، ويضم أبواب: الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، والجنائز، والنذور والأيمان، ثم الضحايا.

-والسفر الثاني: يبدأ من باب العقيقة وينتهي بنهاية باب سكنى المطلقات، ويضم هذا السفر أبوابا فقهية عديدة منها: باب الأشربة، وباب الشفعة، وباب العتق، وباب الإيلاء ،وباب الطلاق، وغيرها.

وقد طبع الكتاب بالمكتبة التوفيقية ط1/2012.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أسال الله جل وعلا أن يجزيكم خير الجزاء وأوفاه على ما تومون به من مجهودات لخدمة الفقه المالكي.
    وأسأل الله جل في علاه أن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق