مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

التحسينات المالية في المذهب المالكي وتطبيقاتها المعاصرة28

ذ/ عبد السلام اجميلي 

من علماء القرويين

– تعريف المساقاة ومشروعيتها:

تعريفها: المساقات مفاعلة من السقي، وهذه المفاعلة على غير بابها، وسميت بهذه التسمية لأن شجر أهل الحجاز أكثر حاجة إلى السقي لأنها تسقى من الآبار، فسميت بهذه التسمية.

وهي في الشرع دفع الشجر لمن يقوم بسقيه ويتعهد حتى يبلغ تمام نضجه نظير جزء معلوم من ثمره، فهي شركة زراعية على استثمار الشجر يكون فيها الشجر من جانب والعمل في الشجر من جانب والثمرة الحاصلة مشتركة بينهما بنسبة يتفق عليها المتعاقدان كالنصف والثلث ونحو ذلك، ويسمى العامل بالمساقي، والطرف الآخر برب الشجر.

والشجر يطلق على كل ما غرس ليبقى في الأرض سنة فأكثر من كل ما ليس لقطعه مدة ونهاية معلومة، سواء أكان مثمرا أو غير مثمر، وتكون المساقاة على غير المثمر نظير ما يأخذه المساقي من السعف والحطب ونحوها([1]).

-مشروعيتها:

شرعت أحكامها في السنة السابعة من الهجرة لما عامل النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر على أن يعملوا في أرضهم ونخيلهم بالنصف، وكان في صدر الإسلام غنما يزرع ثلاثة، رجل له أرض، ورجل منح أرضا، ورجل اكترى أرضا بذهب أو فضة، رواه أبو داوود والنسائي بإسناد صحيح عن ابن المسيب([2]).

وأما جوازها فعليه جمهور العلماء مالك والشافعي والثوري وأبو يوسف ومحمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة وأحمد وداوود وهي عندهم مستثناة بالسنة من بيع ما لم يخلق ومن الإجارة المجهولة، وقال أبو حنيفة لا تجوز المساقاة أصلا، وعمدة الجمهور في إجازتها حديث ابن عمر الثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع إلى يهود خيبر نخل خبير وأرضها على أن يعملوها من أموالهم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم شطر ثمرها أخرجه البخاري ومسلم وفي بعض رواياته أنه صلى الله عليه وسلم ساقاهم على نصف ما تخرجه الأرض والثمرة وما رواه مالك أيضا من مرسل سعيد ابن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليهود خيبر يوم افتتح خيبر أٌركم على ما أٌركم الله على أن التمر بيننا وبينكم قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص بينه وبينهم و يقول إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي([3]).

واجمعوا على أن ما كان في الحائط من الدواب والعبيد انه ليس من حق العامل.

واختلفوا في شرط العامل ذلك على المساقي فمنهم من قال لا يجوز ذلك فيما كان منها في الحائط قبل المساقاة وأما من اشترط فيها ما لم يكن في الحائط فلا يجوز وقال الشافعي لا بأس بذلك وإن لم يكن في الحائط وبه قال بن نافع من أصحاب مالك وقال محمد بن الحسن لا يجوز أن يشترطه العامل على رب المال ولو اشترطه رب المال على العامل جاز ذلك، ووجه كراهية ذلك ما يلحق في ذلك من الجهل بنصيب رب المال، ومن أجازه رأى أن ذلك تافه ويسير ولتردد الحكم بين هذين الأصليين استحسن مالك ذلك في الرقيق الذي يكون في الحائط في وقت المساقاة ومنعه في غيرهم لأن اشتراط المنفعة في ذلك أظهر([4]).

– هل يجوز أن تساقى الأرض مع النخل بجزء من النخل أو بجزء مما يخرج من الأرض

فذهب إلى جواز هذه المسألة طائفة، وبه قال صاحبا أبي حنيفة والليث والإمام أحمد والثوري وابن أبي ليلى وجماعة.

وقال الشافعي وأهل الظاهر لا تجوز المساقاة إلا في الثمر فقط.

وأما مالك فقال : إذا كانت الأرض تبعا للثمر وكان الثمر أكثر ذلك فلا بأس بدخولها في المساقاة اشترط جزءا خارجا منها أو لم يشترطه وحد ذلك الجزء بأن يكون الثلث فما دونه.

ولم يجز أن يشرط رب الأرض أن يزرع البياض لنفسه لأنها زيادة زادها عليه وهذا استحسان من الإمام مالك رحمه الله تعالى ([5]).

 


[1] -فقه السنة للسيد سابق، 3/205.

[2] -الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي 1/101.

[3] -بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد، 2/242.

[4] -بداية المجتهد ونهاية المقتصد، 2/245.

[5] -بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج2، ص : 244.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق