مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويطبيعة ومجال

إبداع المرأة الصحراوية في المجال الصناعي والتجاري

يعتبر المحيط أو البيئة  من ارض و سماء و ماء و إنسان و حيوان، و تقلب الفصول و المناخ و الظواهر الطبيعة (التي لا يمكن حصرها) و التفاعل و التداخل بين كل هذه المتغيرات و غيرها فيالأزمنة المختلفة مواد و خامات و معادن يمكن الاستفادة منها كمصادر و معطيات بذل الأجداد كثيرا من الوقت والتفكيرو الجهد لابتكارها والتفنن في صقلهاوإيصالها إلينا لنفهمها ونقطفها كثمار ومحصلات ونتائج ليس علينا إلا الاستفادة منها، لنقدمها لأنفسنا و للبشرية جمعاء

وكل منا يعرف أن الحاجة أم الاختراع، فالإنسان الصحراوي كسائر خلائق الأرض لم يخلق ليعيش مكتوف الأيدي بل كان عليه أن يشقى ويبتكر ليعيش، وعلى هذا الأساس انتشرت مختلف الحرف التي زاولها مع مرور الزمن. وفي ظل هذه البيئة القاسية كانت المرأة الصحراوية على الخصوص نواة للعديد من الأنشطة التي أبدعت فيها رغم قساوة البيئة، وقد حاولت إبراز مدى أهميتها داخل مجتمعها وإصرارها وصبرها وإبداعها في مجالات عدة من ضمنها المجال الصناعي والتجاري.

صناعة الخيمة بمختلف مراحلها

كانت المرأة الصحراوية هي من تغزل الوبر في رقة وجمالية لتصنع منه الخيمة التي هي بيتها وبيت مجتمعها الصحراوي بشكلها الهرمي الذي يتسع لمختلف الأغراض ويجمع أهلها وضيوفها وهي الوحدة الأساسية المكونة ل( لفريڭ) مجموعة من الخيام التي تجاور بعضها البعض سواء لسبب قرابة أو انتجاع مراعي أو لقرب المياه أو لسبب من الأسباب. وبذلك لا تكون الخيمة وحدة للاستقرار المادي فحسب وإنما تجسد إطارا قويا للعلاقات الاجتماعية والعاائلية، فإن قيل: خيمة أهل فلان، تعني أسرتهم الصغيرة أو الكبيرة، وإذا قيل فلان تخيَّم أو استخيم فمعناه تزوج

 

نموذج للخيمة الصحراوية  الصورة مأخوذة من موسم طانطان

[1]

وتصنع الخيمة من شعر الماعز وصوف الضأن ووبر الإبل أو بصوف النعام السوداء ما لم يتوفر الشعر الكثير وتنسج على شكل وحدات طويلة حسب رغبة المالك في الاتساع.
ولا يتعدى عرض الوحدة حوالي الخمسين أو الستين سنتيمتر أو الطول من 10امتار إلى 12 متر ونصف.

وتسمى هذه الوحدة الأساسية في صناعة الخيمة "لَفْلِيجْ" (ج فَلْجَهْ)، تقوم المرأة بنسجها عبر مراحل دقيقة يمر بها الشعر منذ إزالته من فوق ظهور الماعز والإبل والضأن إلى أن تصبح خيمة تأوي الأسرة وتحمي ممتلكاتها. وأهم هذه المراحل: تنظيفه من التراب والأوساخ المختلفة "اَشْمِيطْ "وهو خلط الشعر والصوف والوبر تسمى "بَاَتْمَوْرِيسْ" أيضا  مشطه بمشطين من حديد و"يٌقَرْشَلْ "ثم "اَتْفَرْ"، "لَغْزِيلْ" و"لَبْرِيمْ"، "لَمْحِيطْ"، "اَلتْسَدي"، "َإِنْزِيزْ"، "لَخْيَاطَ..".

ويشار إلى أن صناعة الخيمة تأخذ وقتا طويلا قبل أن تبدو على شكلها الحالي.حيث تعمل عشرات النساء المتخصصات في خياطة وتطريز الخيام  وهن يتعرضن للظى الشمس الحارقة كل يوم من أجل تغطية النقص الحاصل في تصنيع الخيمة.
وتشترك معدات مختلفة في تهيئ هذا العمل منها ما هو خشبي: "كاَلْقَرْشَالْ" و"الْمَغْزَلَ" و"الْمَبْرَمْ"

و"اَلصُّوصِيَّه "و"الْمَنْزَزْ" ومنها ما صنع من حديد "كَاَلْاِبْرَ" و"الْمَخْيَطْ"، و"الْمَدْرَاهْ "وما إلى ذلك.
وتقوم الخيمة على ركيزتين تتعانقان في غطاء مقوس صنع من خشب يسمى "الْحَمَّارَ" وتقوم مقامه أحيانا قطعة من قماش تلف رأس الركيزة لئلا تخرجا من وسط الخيمة التي تحملانه إلى أعلى. وتشد إلى الأرض بأوتاد عبر حبال ثمانية تسمى لَخْوَالَفْ واَلظَّهْرَهْ بواسطة حلقات مثلثة مفتوحة تسمى لَخْرَابْ.

وفي تعريف آخر لمكونات الخيمة :

"خيمة": وهي القطعة الكبرى من وبر الجمل وشعر الماعز السابق ذكره،

"بَنْيَة": قماش ابيض داخلي يوضع بطرق مختلفة،

"لَكْفَ": قطعة نسيج تتدلى من كلا الجانبين كستار،

"اَلرْكِيزَة لْكَدَّامِيَّة": وهو العمود الأمامي الذي يوازي ذاك الذي في المؤخرة. وهما معا يضمنان ارتفاع الخيمة وعلوها،

"مَسْمَكْ": وهو العمود الأوسط الأمامي الذي يشد الخيمة في المدخل،

"بَابْ": عمودان جانبيان يلتقيان بالسابق،

"اَلرْكِيزَة الْوَرَّانِيَّة": هو العمود الخلفي،

"لْخَالْفَة لْكَدَّامِيَّة": هو الحبل الأمامي،

"لَوْتَدْ" وهو المثبت في الأرض يربط الحبل،

"لْخَرْبْ": هي الشوكة الخشبية التي تكمل الحبل،

"لَكْتٌوبْ" هو الحبل الذي يشكل الطرق الأساسي "لْلَخَرْبْ"،

وهو الذي يوجد وسط الخيمة ويتخذ كالنقطة التي يتم فيها تثبيت الأعمدة،

"ظْهٌورَ" وهي الحبال الوسطى للخيمة،

"لْخَالْفَة لْوَرَّانِيَّة" وهو الحبل الخلفي[2]

و"اَلطْنَبْ" في ذاته إذا كان من حلفاء سمي "حبلا"، وان كان مفتولا من الجلد سمي "نَسْعَة" و"اَلنَّسْعَة" كلمة فصيحة وهي القطعة من النسع الذي هو: سير ينسج عريضا على هيأة أعنة النعال تشد به الرحال، القاموس المحيط مادة نسع[3].

أما داخل الخيمة فهناك بالطبع مناسبات تتطلب الفصل، إذ لا يصح أن تجتمع النساء مع الضيوف مثلا وان يكون الأطفال بمعزل عن الكبار إلى غير ذلك.

وهنا يصلح استعمال "لْبَنْية" "فَلْبَنْيَة" هو قماش يستعمل داخل الخيمة، إذ توظف أحيانا مشدودة إلى أعمدة لإيواء العرسان أو الأطفال والرعاة أو العبيد ليلا، وهي مع ذلك دليل على تشريف شخص ما. وتعلق بالعمودين الكبيرين المذكورين الذين يبلغان عادة 3.45 متر إلى 04 أمتار طولا لكل واحد منهما، زهاء 06 ثقب. وتختلف مواقع واستعمالات "لْبَنْيَة" داخل الخيمة حسب الحاجة[4].
وتأوي الخيمة كل مستلزمات الحياة من أواني وأغطية وأفرشة ومواد غذائية ترتب بشكل يسمح باستقبال الضيوف وإطعام الوافدين وإيواء النازلين دون ضجر أو إزعاج في جو يطبعه الانسجام والبساطة التي تعكس المروءة والكرم والجاه. وقد نتبين المكانة الاجتماعية أو الاقتصادية للشخص من خلال حجم خيمته ووضعها داخل ترتيب خيام لَفْرِيڭْ وتتنافس النساء في إبداع تزيينها وإبراز جمالها.

 

 صناعة الأفرشة والأغطية والأواني

كانت تبدع في صنع الأغطية و الوسائد والأواني وكانت هي من تصنع الأفرشة المزركشة لإضفاء لمستها الأنثوية وتعطي لفرش بيتها الأناقة والتميز ومن الأفرشة التي صنعتها.

  •   "اَلْحَصَائِرْ "وتصنع من "اَلسِّمَارْ" وهي سٌلَيْكات صفراء ومتينة خشبية الشكل تستخرجها النساء من ضفاف الأنهار والوديان.
  •   "اِلِوِيشْ"ويصنع من جلد الضأن ويستعمل كمفرش للصلاة .
  •   "اَلْحَنْبَلْ" ويصنع من الصوف والشعر.
  •   "لَكْطِيفَة" تصنع من الصوف الملون بالأحمر.
  •   "لَكْسِي" وهي أيضا تصنع من الصوف.
  •   "اَحَايَكْ" ويصنع من الصوف الناصع البياض وهو من الألبسة الخاصة بالمرأة.
  •   "اَلزَّرْبِيَّة "أو مصطلح عليه" بْلَكْطِيفَة"تصنع من الصوف الملون بالوان مختلفة.
  •    "لَغْلاَفْ" ويصنع من جلد الخرفان الصغار .
  •    "الْفَرْو" ويصنع من جلد الغنم.
  •    "الْكَلْ" وهو فرش يصنع من الصوف الملون بألوان مختلفة وهو بطول الخيمة وهو مصدر للدفء والجمال.

كانت المرأة الصانعة من تدبغ الجلود وتنحتها برقة وجمال بألوان مختلفة وصناعة المنتوجات الجلدية هي الحرف التي تعتمد فيها أساسا على جلد الماعز أو الإبل، ويشار هنا أن الصانعة التقليدية تقوم بدباغة الجلد ثم تهيئه لهذا الغرض .

ويدخل في هذه الحرفة صناعة "أَصَرْمِي "و"اَلْمَرْفَكْ "و"الجَّمَّاعَة" وهي حافظة للمفاتيح وتغليف الصناديق وبعض الوسائل التزينية للخيمة و"اَتَّزَايَه بِشَرْمَطْهَا "و"اَسْفَلْ" و"اَلدَّيْرْ" و"لَخْزَامَة بَكْلاَمِينْهَا" و"اَلشَّرْكَه" و"اَمْشَقَّبْ "و"اَلرَّاحْلَه "و"اَلْكٌونْتِيَّه "و"اَلتَّاطِّيكَتْ" وهي قيد الجمل و"اَرَاكَنْ" وهو في اللغة العربية الهودج، و"لَحْرَجْ" وهو ما يحمل هوادج النساء و"اَلصَّنْدٌوكْ" المغلف بالجلد بشكل جميل ومتقون و"الكربة" و"اَلتَّاسٌوفْرَة" و"اَلشَّكْوَة" .تذاب الزبدة، وتحول دهنا، ويوعى في نحي صغير، يدعى"اَكَرْطْ" فيما يبدو هذه الكلمة بربرية وللنحي الصغير غلاف من الجلد، يسمى : "أَكَرْمِي" وهو أيضا من جلد الماعز أما النحي الكبير فيدعى "عَكَّه"، و"مَزْوَدْ" و"ظَبْيَة"وهما مزادتان يحمل فيهم الزاد من حبوب وغيرها إلى الجراب وهو يدعى اَشَكْفَلْ أو "اَمْصَرْ"[5] و"اَلجَّحْفَه" ولها اسم أخر وهو" تَاحْمَيْرٌّوتْ "وأيضا تسمى "لَمْسَامَه" وهو ما تركب عليه الفتيات الصغيرات و"اَلتِّيزِيَّاتَنْ" جمع "تَزَايَة" وهي عبارة عن حقيبة مربعة الشكل، وتصنع من جلد الإبل وهي أداة يخزن فيها كل ما خف وزنه وغلا ثمنه من حلي وملابس[6] ، وتستعمل هذه الجلود أيضا في تغليف التمائم والمخطوطات والكتب لصيانتها من التلف، وتستعمل المرأة في هذه المهنة أصبغة آنذاك كانوا يتخذونها من بعض النباتات نذكر منها على سبيل المثال "لَكْصَيْبَة" و"اَلْوَنْكَلْ" وبعض الأشجار والأطيان ووسائل كَاَلْخَطَّاطَة وهي آلة الرسم بالألوان واَلْكَبْظَة وهي آلة التقطيع واَللَّشْفَة وهي آلة الغرز وهي آلة الرسم بالألوان.

أَتَّاسٌوفْرَة

وعاء جلدي كالحقيبة، قد يصل طولها إلى متر ونصف المتر وعرضها 70 سنتمترا وتوضع على أحد جانبي الجمل أو الناقة، وتستعمل"أَتَّاسٌوفْرَة" لتخزين المؤن وأواني الشاي وغيرها مما يحتاجه الرحل في تنقلهم من مكان إلى آخر . وتقوم المرأة على الخصوص بصنع "أَتَّاسٌوفْرَة" من جلد الماعز وتزيينه بالزخرفة الملائمة وتضع له قفلا يدويا صنع من حبل جلدي يسمى "اَلسَّيْرْ" ليسهل على الرحل فتحها، وتتطلب عملية صنع "أَتَّاسٌوفْرَة" ما بين 4 إلى 6 أيام، ولا توضع بداخلها السوائل مباشرة ولا الوسائل الحادة التي قد تؤثر على الجمل خلال المشي.

  اَلْكٌونْتِيَّة

هي وعاء صغير الحجم إلى حد ما، توضع على أحد جانبي الجمل، تستخدم لوضع أواني الشاي الصغيرة منها على وجه الخصوص: البراد والأكواب، وهي عبارة عن جلد يغلف صحنا لا يقل عمقه في غالب الأحيان عن 20 سنتمتر ومحيطه عن 70 ستنمتر.
ويصنع هذا الصحن من "اَلسِّمَارْ"، وهي سٌلَيْكَات صفراء خشبية الشكل تستخرجها النساء من ضفاف الوديان والأنهار. ويبقى الجزء العلوي من اَلْكٌونْتِيَّة جلديا مائة بالمائة لتسهيل عملية إغلاقها وفتحها، فيما يبقى الجزء السفلي مخصصا لوضع الأواني، ويمنع "اَلسِّمَارْ" من تكسرها رغم حركة الجمل.
وصنع "اَلْكٌونْتِيَّة" هو من اختصاص المرأة، ولم يسبق للرجل أن أمتهن الحرف الجلدية كما لم يسبق للمرأة أن امتهنت حرف الصياغة والنقش على الخشب إلا إذا كان ذلك من باب الطرفة أو المساعدة البسيطة.

أَصَرْمِي


"أَصَّرْمِي" هو تلك الوسادة الجلدية التقليدية، ولا يستعمل "أَصَّرْمِي" كوسادة فقط بل تستعمله المرأة الصحراوية لتزيين خيمتها كذلك، فيعطي لهذه الأخيرة جمالية طبيعية بأهدابه الجلدية الرقيقة وبما بصمت عليه الصانعة التقليدية من زخرفة ونقوشات تقترحها عليها مخيلتها الفكرية بما يرتبط ارتباطا وثيقا بجمالية الطبيعة الصحراوية وبعادات وتقاليد المنطقة.
وقد يزيد طول "أَصَّرْمِي" عن المتر الواحد وعرضه عن 40 سنتمترا، وعندما يأخذ شكلا مستديرا يسمى "مَرْفَكْ"، وهي كلمة حسانية مشتقة من المرفق حيث يوضع المرفق تحت الْمَرْفَكْ قصد الاستراحة.
وصنع "أصرمي "أو "المرفك "كباقي المنتوجات التقليدية الجلدية هو من اختصاص المرأة، ولا تزال المرأة تحاول الحفاظ على طريقة صنعه والتلوينات والرسومات التي يحملها عبر العصور كرمز من رموز الفنون التقليدية النسائية.

آمْشَقَّبْ

 

"آمْشَقَّبْ"، تركب عليه المرأة بعد وضعه فوق الجمل أو الناقة، و"آمْشَقَّبْ" مصنوع من الخشب الجيد ومزين بأفرشة جلدية وأثواب مختلفة. لصنع "آمْشَقَّبْ" يفضل استعمال خشب اَلجْدَارِي المتواجد في الصحراء خصوصا بمنطقة اَزِيِكْ وهو معروف بصلابته ومقاومته لقساوة الظروف المناخية وتلونه الطبيعي، كل ذلك يجعله يعمر طويلا لدى صاحبته
و"آمْشَقَّبْ" مكون في شكله على الخصوص من أربعة أعواد سميكة تسمى الأوتاد مترابطة فيما بينها بعيدان أخرى تسمى الْبِيبَانْ والأحواض وخيوط جلدية تسمى "اَلسْيٌورْ" وأفرشة جلدية جميلة تتفنن المرأة في زخرفتها كما يتفنن الرجل في النقش على الخشب.

اَلرَّاحْلَة


وكما أن "آمْشَقَّبْ "للمرأة فإن "الراحلة" للرجل يركب عليها بعد وضعها فوق الجمل أو الناقة، ويجعلها شكلها الهندسي كالكرسي الذي لا يسع إلا لرجل واحد، و"اَلرَّاحْلَة "عموما مكونة من: "اَلرَّاحْلَة" و"اَللَّبْدَة"و"اَلرْفَدْ". الأولى مصنوعة من الخشب الصلب الجيد مغشاة بجلد الماعز المزخرف بأيادي النساء المحترفات فيما تصنع القطعة الثانية في غالبيتها من الجلد، وتوضع هذه الأخيرة أي "اَللَّبْدَة" بين اَلرَّاحْلَة والجمل لتمنع تأثير خشب الأولى على الجمل.

 

لوازم السقي من قرب وغيرها

اَلْكَرْبَة


"اَلْكَرْبَة" هي ذلك الوعاء الجلدي المخصص لتخزين الماء، وغالبا ما يستعمله الرحل لهذه الغاية بعد وضعها على أحد جانبي الجمل أو الناقة. وتقوم المرأة المحترفة بصنع "اَلْكَرْبَة" من جلد شاة على وجه الخصوص ويترك شعرها ظاهرا على الخارج دون دباغة فيما تتم عملية تهيئ داخلها عن طريق دباغتها بأعشاب طبيعية تسمى "اَلزَّوَّايَة ".  
بعد ذلك يتم وضع سائل القطران بداخلها لمنع تسرب أو سيلان الماء، ولا يتم استغلال ماء "َلْكَرْبَة "إلا بعد سقيها 3مرات على الأقل، وذلك حتى لا تؤثر المعالجة بسائل القطران على جودة الماء. وقد أثبتت التجربة حفاظ الكربة على برودة الماء الموجود بداخلها وذلك بفضل طريقة صنعها وجودة الجلد وطبيعة المواد المستعملة في دباغتها.

وكانت تصنع أيضا "اَلْعَكَّة" خاصة بدهن الغنم وهي مصنوعة من جلد شاة كبيرة و"اَكَرْطْ" وهو أيضا يستخدم لتخزين دهن الغنم ويصنع من جلد الغنم الصغير ولا تستعمل قبل دباغتها.

اَلشَّكْوَة


"اَلشَّكْوَة" هي ذلك الوعاء الجلدي المخصص لنخيظ وتحضير اللبن، سواء كان لبن الإبل أو الماعز أو الغنم تساعدها في ذلك كما يظهر في الصورة ثلاثة عيدان طويلة تسمى "اَلْحَمَّاره".
و"اَلشَّكْوَة" كباقي المنتوجات الجلدية اليدوية هي في صناعتها من اختصاص المرأة، وتصنع الشكوة من جلد شاة بكامله، وتستوجب عملية تهيئه دباغته باستعمال أعشاب مختلفة من أهمها أوراق شجر اَلجْدَارِي.
تغلق وتفتح "اَلشَّكْوَة" بواسطة قفل يدوي جلدي سهل الاستعمال يوجد عند الرأس يصل طول" اَلشَّكْوَة" في المعتاد مابين 60 و70سنتمترا.

اطْبَكْ

                     
"اَطْبَكْ" بمعنى الطبق مفرد أطباق، وهو من اللوازم والأواني الضرورية في الخيمة الصحراوية، ولا يستعمل "اَطْبَكْ "فقط لتحضير بعض الأطعمة كَالكسكس مثلا ولكنه وسيلة كذلك لتقديم الوجبات عوض المائدة الخشبية.
و"الطبك "كباقي المنتوجات اليدوية التي تصنع من مادة "السمار" وهي سٌلَيْكَات صفراء ومتينة خشبية الشكل تستخرجها النساء من ضفاف الأنهار والوديان أو زعف النخيل. هذه المهنة أيضا هي في صناعتها من اختصاص المرأة، ولم يسبق للرجل أن شوهد يزاولها إلا إذا كان ذلك من باب المساعدة الخفيفة للمرأة يصل طول "اَطْبَكْ" في المعتاد إلى حولي 150سنتمترا.

 

الحلي

كانت تجود قرائح المرأة الصحراوية وتبدع أناملها في صانعة الحلي لتتزين به وتبيعه وسنعطي نماذج من الحلي التي كانت تصنعه وتتزين به قديما.

[7][8]

 فللحلي مكانة خاصة في نفوس النساء الصحراويات، لذلك تجدهن يحببن صنعه واقتناءه، وتخزينه للتزيين به في المناسبات. كما أن مكانة المرأة الاجتماعية تقاس بما لديها من حلي، فهذه الأخيرة تعكس مدى الخبرة الجمالية لديهن ولدى المجتمع الذي تعشن فيه، لأن الحلي هو تعبير حضاري يصدر عن وجدان جماعي، وخاصة حب الجمال والرغبة في تحقيقه برؤية فنية متميزة وفي ذلك قال الشيخ محمد الإمام في هذا الخصوص: وأما عادتهن في التحلي وما معناه من أصناف التزيين، فلتعلم أن لهن اعتناء زائدا بأنواع الزينة: حليا وطيبا وخضابا، وغير ذلك، ويصنعنها أشكالا مختلفة الأوضاع والأنواع، ويرين استعمالها على سنهن"[9].

وأهم ما يميز صناعة الحلي في الصحراء، كونها تحمل صدقا فنيا، رغم أن صانعها لا يستعمل فيها إلا أدوات بسيطة، وقد كان لكل عضو من أعضاء المرأة حلي خاص به، ومن هذه الأعضاء نذكر:

وقال أيضا في ظفر الرأس:"ولهن مهارة عجيبة في ضفر* شعر رؤوسهن، ويغير شكل الضفير من الأثغار حسبما يفعلن في الحلي على حسب الارتقاء في السن[10]

– الرأس: تقوم النساء بظفر شعر الرأس وبطرق مختلفة، تتناسب مع كل فئة عمرية معينة.

[11]

من بين طرق ضفر الشعر قبل تثبيت الحلي عليه

 
 

فالشابات المقبلات على الزواج يقمن بظفر " سَنَمَانَة " وهي نوع من الظفيرات شبيهة ب"الرَّاسْطَة "، استمدت أصولها من الجذور الإفريقية. وتزين ظفيرة " سَنَمَانَة " بأنواع متعددة من الحلي، ومنها: " لَبْكَيْرْ"، "لَخْرَابْ"،" أَمْجٌونْ"، ويسمى أيضا "اَلْخٌوصْ".

[12]

[13]

 

أما النساء الكبيرات في السن " الْكَهْلاَتْ":

فإنهن يضعن على رؤوسهن ما يعرف ب"لَمْشَنْفَة " وهي عبارة عن سلك حديدي رقيق يصل طوله إلى نصف متر يتم لفه بقطعة من الثوب، ثم يغلف بالشعر المصنوع ويسمى " برونو " ويزخرف بقطعة جلدية تحتوي على كثير من العقيق وخاصة " لبكير " ألوانه المعروفة الأحمر، الأخضر، الأزرق، و"بوخزامة" .

[14]

كما يضعن " بَفْ " وهو نموذج جمالي يزين به الشعر شكله نصف دائري يتم تثبيته في مقدمة الرأس ب " لَبِّنْساَتْ " مقابض ويغلف أمامه بقطعة جلدية تسمى " فْلِيرْ " وتحتوي على " لَبْكَيْرْ"، و"أَمْجٌونْ"، أو" الْخٌوصْ"، و" لَخْرَابْ ".

[15]

كما تقوم النساء المسنات بظفر مجموعة من الظفائر كظفيرة " أَمْزَدْحَنْ " مفردها "أَمْزَدَّحْ " إضافة إلى ظفرة " اَلسَّدْغَاتْ " أو " اَلسْوَالَفْ " ويتم تزيينها ب " اَلْمَيَّال ولَعْكِيكْ" و"اَلْفَشَّهْ"و"لَمَّاشَعْ" وتتكون من "الْمَيَّالْ" و"الَعْكِيكْ" ومعه قرب من الذهب أو الفضة وظفرت "اَنْدَكْ" وظفرت ثلاثة في ثلاثة ثم "بَرْمَهْ وْعَكْنَه"وظفرت "اَمْبَيْطِيحْ"وظفرت "يَيَّ"كل هذه أسماء تسريحات كن النساء الصحراويات يتفنن في التزين بها…

وتجدر الإشارة إلى أن الشعر الطويل يعتبر سمة من سمات الجمال عند المجتمع الصحراوي.

 

الرقبة: تولي النساء الصحراويات أهمية خاصة وعناية كبيرة لعناصر الجمال المرتبطة بالعنق، باعتباره أحد الأعضاء البارزة التي تظهر جمال المرأة، ولذلك يعلقن فيه أنواع خاصة من القلائد التي لها أسماء ومواصفات متعددة، مثل:

[16]

 

[17]

"لْبَغْدَادْ": حيث يتم إلصاق العقيق " لَخْرَزْ " في قطعة من الجلد دائرية الشكل لتحيط بالعنق.

"َأمْزَرَّدْ": هي عبارة عن قلادة مصنوعة من أنواع متعددة من لخرز وخاصة: أو"شْعِيلَة "و"لَمَّاشَعْ" و"لَكْصَيَّا" ذو اللون الأحمر.

[18]

– "القلادة": التي تحتوي على" أَلْمَيَّالْ" و"لَكْرِي" و"اَشْعِيلْ".

"اليدين": يتم تزيينها بأنواع متعددة من الحلي، من ضمنها:

"الدبالج ": وعادة ما تكون مصنوعة من الفضة أو الذهب دائرية الشكل توضع في المعصم.

[19]

[20]

"اَلْوَيَّاتْ "مفردها" لَيَّة "وهي عبارة عن لَيَّه واحدة في معصم المرأة يصنع من" لَخْرَزْ" الحر ومن "لْبْكَيْرْ"، لونه أصفر و"أَلْكْرٌودْ" مثل: "الَعْكِيكْ" لونه أحمر و"النِّيلْ " لونه أخضر و"اَلشْرِيعْ "عكس " اَتَّسْبِيحْ " فَيُلْوَى مرتين إلى ثلاثة في معصمها ويصنع من الفضة والذهب و"سَانْقٌو" مرصع بالفضة وأحجار أخرى كريمة.

[21]

"لَرْسَاغْ": مفرده "رَسْغْ" وهو يصنع من "سَانْغٌو" وهو نوع من العود الأسود المستورد أو العاج وله شكل دائري ولونه عادة ما يكون أبيضا أو أسودا ويسمونها" اَرْسَاغ ْسَانْغٌو"وفيهم قال :وفي بلادهم نوع من الشجر بعرف بسانغو: اسود اللون، ويزداد اسودادا بعد الذبول واليبس، يضعون منه أساور، وينمقونها بالفضة ونحوها على أحسن شكل واغرب مهارة، وهي أحسن عندهم من أساور الذهب والفضة [22]، أما الخواتم فغالبا ما تكون مصنوعة من "الْكٌوسْ الْحَرْ" أو الفضة أو الذهب.

[23]

"الأرجل": يضعن النساء الصحراويات في الأرجل الخلاخيل المصنوعة من الفضة.

– "الأذنين": تضع النساء الصحراويات في آذانهن حلقات أو بدلات " اَلطْوَانَكْ " التي تكون عبارة عن" أَخْرَابْ "أو "أَخْرَاسْ" مصنوعة من الفضة أو الذهب.

وأحسن الحلي عندهم يقول الشيخ محمد الإمام وأشرفه: "خرز من الحجارة النفيسة والجواهر الثمينة لم نره في غير بلادهم، مختلف الألوان، وذلك الجنس أحسنه عندهم: نوع يعرف عندهم بالمرفي قد نمقته يد الطبيعة تنميقا عجيبا مابين اصفر واخضر واحمر إلى غير ذلك من الألوان، والواحدة منه يبلغ ثمنها عندهم كذا وكذا[24].

اهتمت المرأة الصحراوية بكل مظاهر الجمال، التي تظهر أنوثتها،  والحلي الجميلة أهم ما تحب الإبداع فيه والتحلي به حتى تصبح في أبهى حللها وسط مجتمعها.

بالإضافة إلى الإبداع في حياكة الملابس وترقيعها في تناسق، والى استعمالها في التطريز أحيانا، فالمرأة الصحراوية من غير الصانعة التقليدية برعت في خياطة "اَلدْرَارِيعْ" بأشكال جميلة نادرة، كما كن يصنعن من الحرير وردة تجعل على رأس السبحة تسمى"اَلدَّكِّيَّة" ولها لمسات جمالية مختلفة شملت كل مناحي الحياة.

ختاما وباختصار إن الصحراء تذكرنا بالصبر والتحمل والمثابرة في قهر الصعاب، وفي الوقوف بصلابة أمام كل التحديات، هذه بعض المظاهر الاجتماعية التي أبدعت فيها المرأة الصحراوية في بيئة قاسية، هي تجربة اعتمدت فيها على الرواية الشفهية ومجموعة من المصادر رغم قلتها والتي جعلتني استشف مدى الصبر والتأقلم الذي أبرزته المرأة الصحراوية في ظل ظروف قاسية استطاعت معها أن ترسم لها ولمجتمعها نمط حياة مليء بالإبداع والعطاء.

بصمة آية في الجمال لنساء تذوقن نكهة التجربة وحرصن على إدمانها بلمسة متميزة وفريدة، فالمرأة الصحراوية ظلت عنصرا ايجابيا وركنا مكينا في الأسرة والبيت والمجتمع لا تغيب شمسها على أي ناحية من نواحي الحياة.

 

أدو الشيخ ماء العينين شيخاني باحثة في المركز

 

 

 


[1][1] ازوان الموسيقى الحسانية رحلة في عمق المغرب الصحراوي احمد عيدون  ص14

[2][2]الخيمة وخصائصها الشكلية من كتاب دراسات صحراوية لخوليوكارو بروخا ترجمة احمد صابر تقديم رحال بوبريك  مركز الدراسات الصحراوية ص/218/219 [2]

[3]الثقافة الشنقيطية "مقاربة نسقية ص/211  [3]

  نفسه ص.220[4]

  الثقافة الشنقيطية "مقاربة نسقية ص/219[5]

   التراث الشعبي الحساني مدينة طرفاية  نموذجا جامعة بن زهر اكادير 2008/2009 ص/19[6]

[7]الحلي في المجتمع الصحراوي قديما مدونة التراث اكادير

[8]  الحلي في المجتمع الصحراوي قديما مدونة التراث اكادير

[9]إسعاف السائل بالكلام على بعض المسائل للشيخ محمد الإمام ابن الشيخ ماء العينين تحقيق الدكتور انس أمين ص/105

[10]/ نفسه ص/105

*في نسخة ب/ ظفر

[11] الحلي في المجتمع الصحراوي قديما مدونة التراث اكادير

[12] الحلي في المجتمع الصحراوي قديما مدونة التراث اكادير

 [13]الحلي في المجتمع الصحراوي قديما مدونة التراث اكادير

 [14]الحلي في المجتمع الصحراوي قديما مدونة التراث اكادير

 [15]الحلي في المجتمع الصحراوي قديما مدونة التراث اكادير

[16] نفسه

[17] نفسه

[18] نفسه

   نفسه   [19]

[20] نفسه

[21] نفسه

إسعاف السائل بالكلام على بعض المسائل للشيخ محمد الإمام ابن الشيخ ماء العينين تحقيق الدكتور انس أمين ص/105[22]

[23] الحلي في المجتمع الصحراوي قديما مدونة التراث اكادير

[24]/ إسعاف السائل بالكلام على بعض المسائل للشيخ محمد الإمام ابن الشيخ ماء العينين تحقيق الدكتور انس أمين ص/105

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق