مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

تقـريـب السنـوسيـة عند علماء المغرب 4

ذة. نعيمة ملوكي

باحثة بمركز دراس بن إسماعيل

 

رسالة السنوسي وهدفه من تأليف السنوسية:

لقد أدرك  السنوسي الأوضاع المتدهورة التي تعيشها الأمة الإسلامية في وقته على المستوى الفكري، وانكباب العلماء والطلبة على اجترار ما ألفه الأقدمون، وبذل جهودهم في تلخيص ما كتبوه أو شرحه أو وضع الحواشي عليه، دون إعمال النظر في أدلة التوحيد، فعزم على إحياء الاجتهاد في جميع ميادين الحياة، وبناء فكر راسخ يقظ يمكن المرء من مسايرة التطور الحضاري، وذلك بالرجوع إلى فترة الصحابة والخلفاء الراشدين باعتبارها منبع العقيدة الصافية، وعلى هذا الأساس أعمل النظر في تأليفاته العقيدية، وقدم للأمة عقيدة بست مستويات حسب فئات المجتمع، وكل واحدة منها أردفها بشرح، وذلك على الشكل التالي:

1- “عقيدة أهل التوحيد المخرجة بعون الله من ظلمات الجهل وربقة التقليد المرغمة بفضل الله تعالى أنف كل مبتدع وعنيد” وهي الكبرى.

– شرح العقيدة الكبرى المسمى بـ: “عمدة أهل التوفيق والتسديد في شرح عقيدة أهل التوحيد”. وقد وضعه استجابة لمن طلب إليه ذلك كما جاء في قوله “طلب مني من اعتنى بقراءتها أن أضع له عليها مختصرا يكمل مقاصدها ويسهل المشرع إلى ما عذب من مواردها فأجبته إلى ذلك” [شرح السنوسية الكبرى لعبد الفتاح عبد الله بركة دار القلم، ط1/1982م ص4]

2- العقيدة الوسطى وهي اختصار للعقيدة الكبرى مع زيادات نفيسة.

– “شرح العقيدة الوسطى” وهو أيضا اختصار لشرح العقيدة الكبرى.

3- “العقيدة الصغرى” الشهيرة بـ: “ذات البراهين” أو “أم البراهين”، فعلى صغر حجمها فقد تضمنت الضروري والنظري في قضية الحكم العقلي الذي يدور عليه اعتقاد المسلم وانطوت على براهين الاعتقاد الصحيح، وذلك بعبارة مركزة تغني عن التفريع وما فيه من فضول وعن التفصيل وما به من ذيول. وعن قيمتها أشار السنوسي في خطبة شرحه لها بأنها “كثيرة العلم محتوية على جميع عقائد التوحيد” وذكر أنه لا يعدل عنها “بعد الاطلاع عليها إلا من هو من المحرومين” ونعتها بأنها منقطعة النظير.[ينظر أم البراهين للإمام السنوسي تحقيق خالد زهري، دار الكتب العلمية ط2/2009م ص5]

-“شرح العقيدة الصغرى”، وضعها نزولا عند طلب أحد تلامذته محمد بن عبد الرحمن الحوضي.

4- “عقيدة صغرى الصغرى”: قال الملالي “وكان قد وضعها لوالدي حفظه الله تعالى، وذلك أن والدي لما قرأ على الشيخ عقيدته الصغرى وختمها عليه بالتفسير غير ما مرة، رأى أنه قد ثقل عليه درسها وحفظها لكبره وكثرة همومه، فطلب من الشيخ أن يجعل له عقيدة أصغر من الصغرى، بحيث يمكنه درسها وحفظها، فعمل له هذه العقيدة، وكتبها له بخط يده” [شرح المقدمات للإمام السنوسي تحقيق نزار حمادي، مكتبة المعارف بيروت، ط1/2009م ص17].

– شرح صغرى الصغرى، وله فيه نكت وفوائد مهمة.

5- المقدمات ألفها الإمام السنوسي لتكون ممهدة ومدخلا لدراسة كتبه الأخرى وخاصة عقيدته الصغرى. وباقي كتب أصول الدين. وأودع فيها إضافة إلى ذلك بعض البحوث اللطيفة، والمسائل المهمة في علم التوحيد. 

-وله شرح على هذه المقدمات.

6- “عقيدة صغرى صغرى الصغرى” وتسمى بالعقيدة الوجيزة أو عقيدة النساء، أو العقيدة السنوسية السادسة، يقال إنه وضعها للنساء زوجه وبناته ونساء المسلمين، فقد جاءت سهلة التناول بسيطة المضامين، ولم يكن تخصيص عقيدة للنساء بدعا في تاريخ الفكر العقدي الأشعري، فقد قام قبله بقرون الإمام أبو عمرو عثمان السلالجي -اختلف في سنة وفاته [(ت594هـ) حسب ما ورد في سلوة الأنفاس 2/205، و(ت574هـ) في وفيات ابن قنفذ ص288، و(ت564هـ) في شجرة النور الزكية 1/234]– في مرحلة ترسيم المذهب بالمنطقة بتأليف العقيدة البرهانية لامرأة اسمها خيرونة، طلبت منه أن يضع لها ما ينبغي اعتقاده على المذهب الأشعري فوضع لها البرهانية، التي أصبحت ذات شأن كبير في التاريخ العقدي للغرب الإسلامي. وهذا دليل على أن ممثلي الفكر الأشعري بالمغرب قد وجعلوا عقيدة النساء من بين هواجسهم الفكرية الملحة، انسجاما مع الاختيار المميز للتوجه العقدي للغرب الإسلامي الذي يميل نحو تعميم العقائد على عامة الناس ونبذ التقليد.[تطور المذهب الأشعري في الغرب الإسلامي،ص324

وقد استطاعت هذه المؤلفات العقدية للسنوسي أن تحل الإشكالات العقدية التي كانت رائجة في عصره، وأن تحرك همم الكتاب والمؤلفين إلى الكتابة حولها، فظهرت العديد من الكتب والمصنفات في هذا العلم أسهمت في انتعاش علم الكلام الأشعري من جديد، وعودة الروح إليه بنفس ومنهج الإمام السنوسي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق