الرابطة المحمدية للعلماء

“الحوار الحي” يفتح النقاش حول موضوع اليوم العالمي للمرأة

د آسية المستقيم: العالم يعاني من تحول الأخلاق لقيم مادية نفعية

كان موضوع اليوم العالمي للمرأة، والذي يصادف تاريخ 8 مارس من كل سنة، موضوع الحلقة الأخيرة من “الحوار الحي” بموقع الرابطة المحمدية للعلماء على شبكة الإنترنت، عبر استضافة الدكتورة آسية المستقيم، أحد أبرز الوجوه النسائية المتخصصة في شؤون المرأة وقضايا الأسرة، وهي حاصلة على دكتوره في الشريعة، من جامعة القرويين ـ كلية الشريعة، فاس، وعضو محاضر بخلية شؤون المرأة وقضايا الأسرة التابع للمجلس العلمي لفاس (2001ـ 2005)، كما أنها تشهر على إعداد وتقديم برنامج “الصلح خير” بإذاعة محمد السادس للقرآن الكريم، منذ رمضان 1429هـ.

ولأن أحد أبرز الأسئلة التي ظلت دوما لصيقة بدلالات تخصيص يوم عالمي للاحتفال بالمرأة وقضاياها، استفسر أحد المشاركين الكرام عن مدى ضرورة الإهتمام بقضية المرأة وفق نفس التوجه المرتبط بالصراع مع الرجل في الوقت الذي جعل الإسلام الرجال والنساء شقائق في الأحكام، لتردّ الدكتورة آسية المستقيم بأنه من لم يفهم غاية الوجود الإنساني كما جاء به القرآن الكريم، سيضل عن السبيل في هذه القضية وفي غيرها من القضايا التي تعترض بدعا العقل البشري وهو يبحث عن الحقيقة، وأنه تبعا لفقدان القوامة الدينية على سلوكات الناس وأفكارهم، غدا جنس الإنسان عرضة للتغيرات والتقويمات لحفنة بشرية مسيطرة، وبالنتيجة، أدت هذه المقدمات، وبصورة تدريجية وتلقائية إلى أن يصبح للأخلاق قيمة مادية نفعية أخذت تعتريها على مدار الزمن من مدلولاتها الفطرية الأصلية، وهذه نتيجة حتمية لانفصالها عن الدين المرجع الطبيعي لحياتها

وعن أساس العمل داخل مؤسسة الأسرة، فقد حدّدته آسية المستقيم ابتداء من حسن اختيار كل زوج لصاحبه ومعرفة علة وجود كل واحد منهما في هذا الكون، انطلاقا من قول الله تعالى: “ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة” ثم الانتظام في سلسلة قوية الحلقات يشد بعضها بعضا، تستمد قوتها من ذات الله العلية. وهنا لابد من الإشارة إلى ضرورة إزالة داء الفصام في الجانب الروحي والاجتماعي، موجهة نقدا رصينا لماهية التحرر المُؤَسَّس على المرجعية الغربية، قاصدة به بالتحديد التحرر من كل سلطة طبيعية روحية اجتماعية وغيرها تجعل للفرد السيطرة الأولى والأخيرة على مكونات هذا الكون الفسيح.

وعن مآزق وأهوال استغلال المرأة جسدا وروحا، فقد أكدت المتدخلة أنها مسألة قديمة قِدَم الشر المستوطن في نفوس الجن والإنس، مضيفة أن الخطاب الديني في هذا الأمر نافذ ومؤثر وشرط نجاحه أمران: الإقناع الفكري الذي يستجيب لتطلعات المرأة والرجل معا إلى المعرفة الحقة بدين الله الواحد؛ ثم منهج تغيير اجتماعي كفيل بتحقيق الأمن للمرأة من الحرية والمساواة والكرامة بما يتوافق وينسجم مع الأسس العقيدية المناسبة لفطرة الإنسا، مؤكدة أيضا على أن العلماء والإعلام الديني مطالبون بإعداد واسع النطاق لبناء الشبكة الاجتماعية من جديد وجعل الرجل والمرأة يعيشان المرحلة الأولى من مراحل الروحية.

من الأسئلة النوعية الواردة في ّالحوار الحي”، سؤال قيّم للغاية، حرّره مشارك باسم “أمازيغي غيور”، ولأهميته الشرعية والمعرفية نورده بالحرف: “أستاذتنا الدكتورة آسية المستقيم، أزول فلاون / السلام عليكم. كما هو معلوم ، تعاني المرأة المسلمة الأمازيغيَّة من ظلم وظلم : ظلم في أنوثتِها كامرأة، وظلم ثانٍ في أمازيغيَّتِها كمواطِنةٍ أمازيغية الهويةِ والثقافةِ واللغة. علماً أن الإسلام ـ كدين ـ لا يُغيِّر ولا يُبدِّل هويات المسلمات والمسلمين”.. “هل لديكم من رؤية وخطة ومبادرة لمواجهة هذيْن الظلميْن اللذيْن تتعرض لهما المرأة المسلمة الأمازيغية، والدفاع عن حقوقها وإنسانيتها وكرامتها وأمازيغيَّتها؟! تانميرت / شكراً “.

وردا على هذا السؤال، أكدت الدكتورة آسية المستقيم أن الإسلام لم يضع خطا فاصلا بين عربي وعجمي وإنما جعل الأفضلية للمتقين ونحن حين غيبنا الفكر الديني من حياتنا وعطلنا حاكمية الله في الأرض وهيمنت علينا النظريات والمقولات المادية التي تقدم للإنسان مبررات وذرائع التفكك والانشقاق صرنا كشمس على مغيب، حق المرأة والرجل معا في الإنسانية والكرامة و”الأمازيغية” مكفول لا ينازعه فيه كائن من كان، إنما علينا تقويم مجتمعنا وبنائه في كافة شؤونه وفقا لنظام أخلاقي متناسق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق