مركز ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلاميةقراءة في كتاب

فلسفة وتاريخ الرياضيات في الغرب الإسلامي

 

تقديم: عبد العزيز النقر

مركز ابن البنا المراكشي

نقدم للقارئ الكريم في ما يلي نص التقرير الذي أنجزه الأستاذ د. محمد أبلاغ في إطار مناقشته للأطروحة التي تقدم بها لنيل دكتوراه الدولة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز فاس، والتي نوقشت بتاريخ 19 يوليوز 2007. وكان عنوانها هو:”فلسفة وتاريخ الرياضيات في الغرب الإسلامي، محاولة تركيبية“.

   يندرج نشر نص هذا التقرير المهم في إطار سعي مركز ابن البنا المراكشي إلى التعريف بمبحث تاريخ العلوم العربية عموما، وتاريخ الأنشطة العلمية بمنطقة الغرب الإسلامي بشكل خاص. ويرجع التركيز على الأنشطة العلمية والفكرية والعمرانية التي أنجزت بمنطقة الغرب الإسلامي إلى عدة اعتبارات، أهمها أن هذه الرقعة الجغرافية لم تحض بكثير اهتمام من لدن الباحثين، سواء الغربيون منهم أو العرب والمسلمون، إذا ما قيست إلى الدراسات العلمية المعاصرة التي أنجزت حول الإسهامات الثقافية والفكرية والعلمية التي شهدها المشرق الإسلامي.

   سيعمل مركز ابن البنا المراكشي بشكل دوري على نشر العديد من التقارير الخاصة بالأطروحات الجامعية التي أنجزت حول تاريخ العلوم العربية بالجامعات المغاربية. ولا يخفى ما يكتسيه عمل كهذا من أهمية، حيث سيسهم عموما في التعريف بأهم الإشكالات والمواضيع التي تطرقت إليها هذه الأطروحات، والتي لم يعرف العديد منها إلى الآن طريقه إلى النشر كي يصير معروفا ومتداولا لدى القارئ العربي. ويزيد من ضرورة هذه المسألة أننا لا نتوفر إلى حدود الساعة على أي جرد شامل وتفصيلي لأهم الأطروحات الجامعية حول تاريخ العلوم العربية. كما نأمل أن يكون في عملية نشر هذه التقارير نوع من إقرار الفضل لهؤلاء الباحثين في خدمة الثقافة العربية الإسلامية.

يتقدم مركز ابن البنا المراكشي بالشكر الجزيل لمؤرخ العلوم الأستاذ محمد أبلاغ على سماحه بنشر هذا التقرير وعلى تفضله بإنجاز العديد من التقارير العلمية حول أهم الأطروحات الجامعية التي أشرف عليها خلال سنواته الأكاديمية أو كان عضوا ضمن لجنة مناقشتها. ولا ريب في أن إنجاز هذه التقارير من طرف مؤرخ علوم خبر هذا المجال مدة طويلة من الزمن سيكون قيمة مضافة إلى هذه التقارير، بل إلى الأطروحات نفسها.

   سيعمل المركز بتنسيق مع الأستاذ أبلاغ على نشر هذه التقارير بشكل دوري، ونأمل أن يسهم نشرها بشكل فعال في التعريف بهذا المبحث العلمي من جهة، وفي تشجيع الباحثين على إيلائه اهتماما أكبر من جهة أخرى.

نص التقرير

اسمحوا لي بأن أبدأ هذا التقرير بالترحم على أستاذي جمال الدين العلوي، الذي ما أن تعلمت منه طرق البحث القائمة على البحث الوثائقي والاعتماد على النصوص الفلسفية والعلمية والانطلاق منها لتكوين معرفة موضوعية بمختلف مكونات التراث الفلسفي والعلمي حتى طبقتها في البحث، وتوجت عندما كنت لا أزال باحثا مبتدأ باكتشاف السفرالأول من كتاب الكامل في صناعة العدد للحصار، وما أن كتبت له بقصة هذا الاكتشاف، حتى أجابني رحمه الله برسالة هنئني فيها على اكتشافي هذا، ولكنه ذكرني أيضا بأنني اخترت طريقا شاقا في البحث، اتفق القدماء وعلى رأسهم أرسطو في أن متعته هي في طوله ومشقته.

وفعلا وبعد كل هذه السنوات التي كرستها للبحث العلمي في مجال التراث العلمي والفلسفي العربي الإسلامي، أشعر كل مرة وكأنني باحث مبتدئ، ذلك أن طريق المعرفة الفلسفية، ليس هو طريق المعرفة التحليلية المتخصصة، بل هو طريق المعرفة العلمية المركبة، التي تحاول أن تقف عند الأبعاد العميقة الروحية والفلسفية والعلمية والأخلاقية للمعرفة الإنسانية مأخوذة في شموليتها.

وأريد أن أجدد الشكر والامتنان كذلك لأستاذي الأستاذ المحقق العالم الدكتور محمد بنشريفة الذي قبل الإشراف على هذه الأطروحة، وكذلك للسادة الأساتذة الأجلاء سالم بفوت، وبناصر البعزاتي وحسان الباهي والحكيم بناني عز العرب على قبولهم فحص ومناقشة هذا العمل، وكذلك لأستاذي في تاريخ الرياضيات الأستاذ أحمد جبار، الذي أجدد هنا امتناني له على ما علمني إياه في هذا المجال.

لن أعمد في هذا التقرير إلى الوقوف عند النقط التي تناولتها في هذه الأطروحة، بل أساسا عند بعض المشاغل الفكرية التي لازمتني كباحث عند الشروع في إنجازها، ذلك أنني عندما قدمتها كمشروع للأستاذ بنشريفة، كان الهدف الأول منها هو إنجاز كتاب مرجعي باللغة العربية، يتناول تاريخ الرياضيات في الغرب الإسلامي لأنني لاحظت أن معظم الأبحاث الجادة في هذا المجال، خصوصا منها ذات الطابع البيو- ببليوغرافي أنجزت بإحدى اللغات الأوربية الحالية، خصوصا الإسبانية والألمانية والفرنسية.

إلا أن إنجاز كتاب يكون بمثابة مرجع أولي لكل من أراد الاهتمام بتاريخ الرياضيات في الغرب الإسلامي، لم يكن ليشكل في نظري موضوعا كافيا ليكون مشروع أطروحة لنيل دكتوراه الدولة. لذلك ظللت لسنوات طوال أبحث عن أطروحة جديدة، لا توجد عند الباحثين الذين سبقوني في هذا المجال، إلى أن اهتديت بعد قراءات متعددة وبعد الأبحاث التي توالت في العقود الأخيرة، إلى هذه الأطروحة التي يمكنني أن أدافع عنها، هي رصد التوجهات الكبرى المتحكمة في تاريخ الرياضيات في الغرب الإسلامي.

ذلك لأنني لاحظت أن كل الدراسات السابقة سواء منها الأوروبية أو العربية، عند دراستها للرياضيين المنتمين لهذه المنطقة لا تتساءل أولا عن المنزلة التي تحتلها الرياضيات في مشروعهم الثقافي، لأننا ننطلق من المعرفة الحالية التي تجعل الرياضيات تقنية متغللة في مختلف المجالات المعرفية أكثر منها شيئا آخر،بينما كانت الرياضيات آنذاك ثقافة تابعة للتكوين الثقافي والروحي لصاحبها.

بمعنى آخر إن اهتمام فقهاء وعلماء حديث كالخوارزمي وأبي مسلمة المجريطي وابن السمح والزهراوي بالرياضيات، أكيد أنه لن يكون هو نفسه اهتمام فلاسفة علماء كابن الهيثم والمؤتمن بن هود وابن باجة وابن رشد، وبذلك فإن الأطروحة التي أدافع عنها هي أن تاريخ الرياضيات في الغرب الإسلامي قد اقتسمه اتجاهان في التعامل مع الرياضيات، سميت الأول “الاتجاه الديني العملي في تاريخ الرياضيات“؛ لأنه يعتبر هذه الأخيرة وسيلة أو أداة لحل مشاكل المدينة الإسلامية الشرعية منها أو المدنية، وبذلك اهتم أساسا بعلم الحساب الهندي القائم على النظام العشري وعلم الجبر والمقابلة المبتكر في بغداد خلال العقدين الثاني والثالث من القرن 9م.

أما الاتجاه الثاني فسميته “الاتجاه الرياضي الفلسفي النظري“، وهو بذلك اتجاه لم يجعل من الرياضيات وسيلة لحل مشاكل المدينة الإسلامية، بل اعتبرها درجة في المعرفة الإنسانية هدفها تحقيق الغاية القصوى من الإنسان، وهو الوصول به أعلى درجات الكمال الإنساني العقلي، وبما أن هذه الغاية السامية لا تدرك إلا باستيعاب العلوم النظرية كلها، للوصول إلى التمكن من أشرفها الذي هو علم ما بعد الطبيعة، فإن الرياضيات هنا تحتل درجة معرفية يمهد امتلاكها لاكتساب الفلسفة، وبذلك فإن الاهتمام في هذا الاتجاه هو بالهندسة النظرية ونظرية الأعداد نظرا لدورهما الميتافيزيقي المعروف منذ نشأة الاتجاه الفيتاغوري – الأفلاطوني في تاريخ الفكر الإنساني.

وبذلك إذا كان القسم الأول قد خصص للبدايات الأولى للاهتمام بالرياضيات، حيث ركزت فيه على تحليل أقدم نظام حسابي عرف في المغرب، أي: العمل بالرومي في الحساب، فإنني في هذا القسم ناقشت بالأساس الشروط الواجب تحققها لإنتاج المعرفة العلمية، ما دام الإنتاج الفكري المغربي قد تأخر إلى حدود القرن 4 هـ/ 10م.

وبذلك فإن البداية الفعلية للأطروحة هو القسم الثاني منها، الذي بفضل توفر المعلومات خصصته للاتجاه الرياضي الديني العملي، معتمدا فيه على الخصوص على بعض المصادر المخطوطة، وكذلك على المعلومات البيو-ببليوغرافية الواردة في كتب الصلات، من ابن الفرضي الذي عاش في القرن 4هـ إلى ابن الزبير الذي عاش في آخر القرن 7 هـ. وإذا كان أصحاب هذا الاتجاه الديني العملي، قد اهتموا إلى جانب الحساب والجبر والمقابلة بالهندسة، فإن المحطة النهائية له ستكون في المغرب بعد هزيمة العقاب سنة 1212م، وذلك من خلال المدرسة الرياضية لابن البنا المراكشي التي ستسيطر في المجال الرياضي درسا وتأليفا إلى حدود منتصف القرن العشرين، حيث سيكون الاهتمام فيها منصبا بشكل خاص على علم الحساب وعلم الجبر والمقابلة، لأهميتها الدينية والشرعية، مستعينا في ذلك بمفهوم مأخوذ من فلسفة وتاريخ العلوم المعاصرة وهو مفهوم البارادايغم Le Paradigme  الذي استعمله طوماس كون في كتابه الشهير “بنية الثورات العلمية“.

ونظرا للمعاني المتعددة لهذا المفهوم، فإن المقصود به هنا أننا إذا اعتبرنا الرياضيين المغاربة بمثابة جماعة علمية من ابن البنا المراكشي المتوفي سنة 1321م مرورا بابن النجار التلمساني والآبلي وابن هيدورالتادلي وابن الصباغ المكناسي وعبد الهادي ابن متجنوس الرباطي وأخيرا أقصبي المتوفى سنة 1945م، فإن الرياضيين المغاربة اشتغلوا تحت نفس البارادايغم لمدة تفوق الستة قرون، وهو أمر مثير للاستغراب، لا يمكن أن نلوم عليه العلماء المغاربة أنفسهم، ذلك أنه كان من الضروري تكليف الرياضيات بمهام جديدة كي تتقدم، وهو الأمر الذي لم يتأت لأسباب تتعلق بالتاريخ العام للمغرب في كل أبعاده الفكرية والروحية والثقافية.

إلا أن ما يمكن أن نؤكد عليه هنا هو أن مفهوم الباراديغم، يجب أن يأخذ اليوم مكانته في الفكر الإسلامي المعاصر؛ لأن من خلاله يمكن أن ندمج العلوم المعاصرة التي يساهم فيها اليوم العلماء العرب بأعداد هائلة في جسم الفكر الإسلامي نفسه، حتى لا تبقى هذه العلوم أداة للهدم، بل لبناء الفكر الإسلامي المعاصر وتطويره.

أما القسم الثالث من الأطروحة وهو المخصص للاتجاه الفلسفي النظري في تاريخ الرياضيات بالغرب الإسلامي فإنني خصصته لممثلي هذا الاتجاه بدأ من المؤتمن بن هود الذي ساهم اكتشاف كتابه الاستكمال مؤخرا ليس فقط، على تسليط الضوء على تاريخ العلوم بهذه المنطقة، بل كذلك على تاريخ الفلسفة بها، ذلك أن ابن رشد الذي توفي في أواخر القرن 12م، ليس قارئا مباشرا لأرسطو وهو ما كان يعتقد من قبل، بل هو قارئ مطور للفكر الأندلسي السابق عليه. حيث أن القرن 11م هو قرن الرياضيات والمنطق وبداية الاهتمام بالعلم الطبيعي، أما القرن 12م فهو تتويج لهذا الاتجاه، الذي وجد نهايته في إنجاز أبي الوليد للشرح الكبير على ما بعد الطبيعة لأرسطو، في العقد ما قبل الأخير من القرن 12 م.

أما أهم ما وقفت عليه في هذا القسم فضلا عن التذكير بالدراسات المتعلقة بالمؤتمن بن هود، فهو الوقوف عند موقع الرياضيات في الكتابات الفلسفية لابن باجة، خصوصا فيما يتعلق بالعلاقة عنده بين الفيزياء والرياضيات، وكذلك موقعها في المتن الفلسفي لابن رشد، معتمدا بالنسبة لهذا الأخير على أحد آخر الأبحاث التي أنجزها الأستاذ جمال الدين العلوي، والذي أبرز فيه الخسة الأنطولوجية والرفعة الإبستمولوجية للأشياء الرياضية عند ابن رشد. ذلك أن هذا البحث مكنني من المقارنة بين هذا الأخير وابن ميمون القرطبي الذي تحتل الرياضيات في نسقه مكانة هامة، وختمت هذا القسم من الأطروحة بالتذكير بالموقع الأنطولوجي المتميز للرياضيات عند العلماء المغاربة في القرنين 13م و14م، وهو ما جعلهم يصلون بها إلى درجة التشريف الديني. أما القسم الرابع من الأطروحة فهو تركيب للنتائج المتوصل إليها في الأقسام السابقة، لذلك سأقدم بعض خطوطه العامة بتركيز شديد، فأقول:

لقد فتح تحطيم النسق الرشدي مباشرة بعد وفاة ابن رشد، الإمكانية للتطوير السريع للفكر المغربي لو سمحت الظروف التاريخية، وبما أنه لا يمكنني التوسع في الحديث عن كل مظاهر التطوير التي كانت ممكنة، فإنني سأكتفي بالقول بأن النصوص الفكرية التي أنجزت بعد وفاة ابن رشد، والتي لا تزال في معظمها مخطوطة، قد وصلت إلى مستوى عال من صقل للمفاهيم الفلسفية والتدقيق فيها، كمفاهيم: الوهم والعلامة، والذات والماهية، والعقل والحقيقة. وسيعوض مفهوم الاستكمال مفهوم الكمال الإنساني الأرسطي، مما جعل كل العلوم وعلى رأسها الرياضيات تأخذ المكانة اللائقة التي يجب أن تكون لها في المعرفة الإنسانية. وبذلك فبدل الطريقة الوحيدة للوصول للعقلانية كما هو الأمر عند أرسطو (الحس، الخيال، العقل) أخذت بعين الاعتبار كل المعارف الإنسانية سواء منها الفلسفية أو العلمية أو الدينية، فالعقل الإنساني جائز لا ضروري، أي أنه إمكانية ضمن إمكانية أخرى.

وبذلك فسمات الفكر في مغرب القرنين 13م و14م، هي سمات المراحل الانتقالية في تاريخ العلوم، لم يكتب لها أن تصل إلى كمالها الأخير في ظل الحضارة العربية الإسلامية نفسها، ذلك أن إعادة بناء الفكر كما نعرف، تتطلب بناء أنساق فكرية كبرى، لذلك كان لليبنز حضور في هذا العمل، حيث بدل التناول الجزئي لهذه المسألة أو تلك المبثوثة في هذه الأطروحة في الفصول المتعلقة بالعلاقة بين التحليل التوافقي واللغة والميتافيزيقا، سنجد مع ليبنز نسقا تاما متكاملا يتم فيه دمج كل مجالات الرياضيات في بناء النسق الفلسفي، أو كما يقول هو نفسه:

Ma métaphysique est mathématique, elle tend à le devenir

أما الخط الآخر الذي أريد أن أشير إليه هنا أيضا، فهو المنطلق من تصنيف العلوم عند ابن رشد، ذلك أنه إذا كان هذا الأخير يعتبرها أجناسا متباينة لا أنواعا متعددة مندرجة ضمن جنس واحد، فإن الفكر المغربي للقرنين 13م و14م، سيقطع مع هذا التصور الأرسطي، وذلك بإعادة الاعتبار لكل العلوم، وإعطاءها نفس القيمة المعرفية سواء أكانت نظرية أو علمية، وهو ما مهد لإعادة الاعتبار للجدل، وكذلك وهذا هو المهم هنا القول بالنسبة والتناسب بين الأشياء، حيث أن التجانس بين الأشياء لتحقيق التناسب بينها لن يصبح ضروريا.

لذلك سميت هذا القسم من نظرية الأعداد إلى نسبة التناسب في مغرب القرنين 13م و 14م، ذلك أنه إذا كان الفكر المغربي قد قطع مع القول بالضرورة العقلية للوجود، وقطع أيضا مع فكر التقليد والتسليم القائم على المشيئة الإلهية الخارقة في تسيير الوجود، متبنيا القول بأن الله خلق العالم على نسب معلومة أو خفية في الوجود، فإنه على المستوى الرياضي ستحضى الأبواب الرياضية القائمة على النسبة بالأولوية عند الرياضيين المغاربة، وهو ما يتضح جليا في كتاب رفع الحجاب عن وجوه أعمال الحساب لابن البنا، وهو ما سمح بأن يكون العقل الإنساني لا ضرورة طبيعية بل ميزانا للحكم على الأشياء. ويمكن وبدون مبالغة القول بأن هذا ما سمح لابن خلدون بكتابة مقدمته الشهيرة، التي أخذت فيها كل العلوم والمهن الاجتماعية مكانتها؛ لأنه سقط القول بضرورة التجانس لتحقيق التناسب. وكانت بذلك الرياضيات هي السند النظري للتوجه العملي لابن خلدون.

غير أن القول بإمكانية التناسب بين الأشياء غير المتجانسة، لن يؤتي أكله كاملا إلا عندما تمت قراءة علوم الكيف الطبيعية بعلوم الكم الرياضية، في فضاء ثقافي آخر هو الفضاء الأوروبي الحديث، فمن الربط بين الميتافيزيقا والرياضيات إلى الربط بين الفيزياء والرياضيات إلى وضع علم الاجتماع على رأس كل العلوم الأخرى، تحقيقا لكرامة الإنسان وإنسانيته، قطعت الإنسانية أشواطا في التقدم هائلة، كانت الممارسة العلمية العربية سواء في المشرق أو المغرب في العصر الوسيط، أحد المرتكزات الأساسية التي قامت عليه.

Science

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق