لَاتَ حِينَ الوَصْلِ يا رَبْعًا عَفَا /// لَمْ تَزَلْ فيهِ تُرَاقُ الأَدْمُعُ
يا خَليليَّ على الرَّبْعِ قِفَا /// فَاسْأَلَاهُ هَلْ بِوَصْلٍ يَرْجِعُ
لم أَزْلَ مُسْتَذْكِرًا فيمَا مَضَى /// عَهْدَنَا فِيهِ وَلَا يُخْشَى غَدُ
عَهْدَ لَيْلَى إِذْ لَنَا الدَّهْرُ قَضَى /// بِافْتِرَاقٍ مَا لَنَا فِيهِ يَدُ
عَهْدَ وَصْلٍ بَيْنَ سُخْطٍ وَرِضَى /// وَعُدُولُ الدَّمْعِ فيهِ تَشْهَدُ
هيَ دَائِي في الهَوَى وَهْيَ الشِّفَا /// لستُ أدرِي مَعَهَا مَا أَصْنَعُ
فَهَوَاهَا في فُؤادي مَا انْطَفَا /// لَيْتَهَا تَدْرِي بِهِ مَا تُودِعُ
وفُؤادي عَنْ هَوَاهَا مَا لَهَا /// مُنْذُ كُنَّا في الزّمانِ الأَوَّلِ
وَكَذَا عَهْدِي بِهِ مَا مَلَّهَا /// إِنْ يَمَلَّ القَلْبُ مِنْهَا كَيْفَ لِي؟
ما رأيتُ الدَّهْرَ مِنْ مِثْلٍ لَهَا /// تُنْزِلُ العُصْمَ بِقَوْلٍ مِنْ عَلِ
وخُرُوقُ القلبِ مِمَّا شَنَّفَا /// قَوْلُهَا مِنْ مَسْمَعِي لا تُرْقَعُ
قد سَقَتْنِي مِنْ يَدَيْهَا قَرْقَفَا /// لا أُبَالِي مَعَهُ إِنْ يَدَّعُوا
مَنْطِقٌ فَصْلٌ وَحُسْنٌ قُرْطُبِي /// مَا لَهُ مِنِّي قَدْ جَرَى مَجْرَى النَّفَسْ!
وَمَتَى تَذْكُرْ كَلَامًا تُغْرِبِ /// إِنْ يَكُنْ سِحْرًا وَإِلَّا فَهْوَ مَسّْ
أنا مِنْ سُكْرٍ بهِ في المَغْرِبِ /// وَهْيَ مِنْ سِحْرٍ لَها في الأَنْدَلُسْ
آهِ لَوْ أَنَّ وُشَاتِي قَدْ غَفَا /// جَفْنُهُمْ عَنِّي فَمَا بِي مَفْزَعُ
لَا أُبَالِي وَالهَوَى قَدْ أَسْرَفَا /// هَلْ وَعَوْا قَوْلِي لَهَا أَمْ لَمْ يَعُوا
كُلَّمَا وَفَّيْتُ عَهْدِي نَكَثَتْ /// ثُمَّ أَرْجَتْهُ لِعَامٍ قَابِلِ
سِحْرُهَا فِي عُقَدٍ قَدْ وَرِثَتْ ///قَبْلَ دَهْرٍ عِلْمَهُ عَنْ بَابِلِ
فَوَّقَتْ سَهْمًا بِمَا قَدْ نَفَثَتْ /// لَهْفَ نَفْسِي يَا لَذَاكَ النَّابِلِ
أَرْسَلَتْ طَيْفًا لَهَا مَا أَنْصَفَا /// لِي إِلَيْهِ عَنْ سِوَاهُ مَنْزَعُ
فَلَقَدْ كَلَّفَنِي مَا كَلَّفَا /// يَا لَنَفْسِي غُلَّةً لَا تُنْقَعُ
لَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ أَطْوِي بُعْدَهَا /// شَجِيَتْ نَفْسِي وَقَدْ عَزَّ اللِّقَا
جَسَدِي عِنْدِي وَرُوحِي عِنْدَهَا ///نَزَلَا قُرْطَبَةً فَاعْتَنَقَا
عُلِّقَ القَلْبُ هَوَاهَا بَعْدَهَا /// مَا لَهُ يَشْقَى بِمَا قَدْ عُلِّقَا!
إِنْ تَرَيْ قَوْمِي يَقُولُونَ كَفَى /// وَالْهُ عَنْهَا لَيْسَ فِيهَا مَطْمَعُ
حُقَّ مُذْ ضَاعَتْ لَنَا أَنْ نَأْسَفَا /// لَمْ يَعُدْ لِلْعُرْبِ فِيهَا مَوْضِعُ
وَأُهَيْلُ الحَيِّ فِيهِ مَا بِهِمْ /// غَيْرُ شَوْقٍ لِلزَّمَانِ الغَابِرِ
قَدْ نَفَوْا مَا حُمِّلُوا مِنْ عَابِهِمْ /// ثُمَّ سَادُوا كَابِرًا عَنْ كَابِرِ
أَوْرَثُوا الأَمْجَادَ فِي أَعْقَابِهِمْ /// وَأَقَالُوا عَثْرَةً لِلْعَاثِرِ
مِنْ سَرَاةِ القَوْمِ مِمَّنْ قَدْ كَفَى /// عَنْ جُمُوعٍ فِي الوَغَى إِنْ يَدْفَعُوا
لَمْ أَزَلْ أَرْعَى لَهُمْ حَقَّ الوَفَا /// حَفِظُوا عَهْدِي لَهُمْ أَمْ ضَيَّعُوا
سَاعِيًا مَا بَيْنَهُمْ عَلِّي أَرَى /// مُمْسِكًا مِنْهُمْ بِوُثْقَى العُرْوَةِ
ذَاكِرًا فِيمَا تَوَلَّى هَاجَرَا /// سَعْيَهَا بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ
وَاقْتَدَيْتُ الدَّهْرَ فِيهِمْ سَادِرَا /// فِي المُنَى بِابْنِ الزُّبَيْرِ عُرْوَةِ
أَطْلُبُ عِلْمَ عِيَاضٍ فِي الشِّفَا /// سِيرَةَ الهَادِي الَّذِي يُسْتَشْفَعُ
عَلَّنِي أُعْزَى غَدًا لِلْمُصْطَفَى /// وَبِهِ فِي مُسْتَقَرٍّ أُجْمَعُ
للتحميل