عرض لأربعة شروح لعلماء المغرب الأقصى على حديث واحد في عهد الدولة العلوية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد وآله وصحبه أجمعين.
وبعد؛
يعد شرح الحديث فرعا من فروع علم الحديث النبوي الشريف، وهو علم يبحث فيه عن مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحاديثه الشريفة بحسب القواعد العربية، والأصول الشرعية بقدر الطاقة البشرية كما ذكر ذلك صديق بن حسن خان في "أبجد العلوم"([1])، ومن العلماء من أفرد هذا النوع بتأليف مستقل؛ بمعنى أن يكون المصنَّف من أوله إلى آخره يدور حول حديث واحد؛ إما لبيان معناه، وبعض فوائده الفقهية الواردة فيه، أو لبيان مشكله وإعرابه، وبعض مسائله النحوية، أو لبيان درجته، والترجمة لرجال إسناده... إلى غير ذلك ، وكان لعلماء المغرب الأقصى النصيب الأوفى من هذه المصنفات، وقصدي في هذا المقال ذكر أربعة شروح لعلماء المغرب الأقصى لحديث واحد في عهد الدولة العلوية ، من خلال التعريف الموجز بها، مرتبة لها بحسب وفيات مؤلفيها، وهذا أوان الشروع في المقصود فأقول وبالله التوفيق والسداد:
أولا: تقييد حديث القراريط للسلطان العلوي المولى سليمان (1238هـ)
وموضوعه هو الكلام على حديث القراريط:-"إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين العصر إلى غروب الشمس" الحديث-، وذلك من حيث بيان مشكله، وتوجيه أقوال العلماء في معناه، والجمع بين روايتين في نفس الموضوع، يظهر بينهما نوع تعارض، الأولى: من رواية ابن عمر رضي الله عنه، والثانية: من رواية أبي موسى رضي الله عنه([2])
ثانيا: فوائد حديث الإفك للعربي الأدوزي (1323هـ)
جمع فيه مؤلفه رحمه الله 137 فائدة التي استنبطها من هذا الحديث قال العلامة محمد المختار السوسي في خلال جزولة : "فوائد حديث الإفك للجد ابن العربي في صفحات بخطه المدمج، ذكر في أوله أن النووي ذكر في شرحه على مسلم أنه استنبط من الحديث 54 فائدة ، ثم زاد هو عليها حتى وصلت 137، فيتتبعها تبيينا، والنسخة هي المبيضة، ولم يتم فيها العدد المذكور، ولعله أتمها في نسخة أخرى " ([3])
إلى أن قال: "وهذا الاهتمام بمثل هذا الاستنباط من الحديث، يقل عند المتأخرين، الذين لا يعتنون بالحديث، فكان مزية عظيمة لهذا العلامة الأدوزي الجزولي المتربع بين شعاب قمم هذه الجبال، ..." ([4])
ثالثا: شرح ختم الموطأ لمحمد بن جعفر الكتاني (1345هـ)
وموضوعه شرح آخر حديث الموطأ برواية الليثي وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "لي لي خمسة أسماء: أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب " ، حيث افتتحه بالحديث عن أسماء النبي صلى الله عليه وسلم التي تزيد على الأسماء التي وردت في حديث الترجمة، ثم انتقل إلى التعريف برجال سند الحديث مع شرح متنه مستدلا كلامه بآيات من القرآن الكريم، وبنصوص صحيحة من الحديث النبوي الشريف، وأقوال العلماء، ثم ختمه بذكر بعض فوائد ذكر وعد أسمائه صلى الله عليه وسلم، مع إيراد جملة من الأحاديث النبوية في ختم المجالس على عادة السلف الصالح([5]).
رابعا: نهاية الآمال في صحة وشرح حديث عرض الأعمال لعبد الله بن محمد بن الصديق الغماري (1413هـ)
وهو جزء جمعه مؤلفه في بيان صحة حديث عرض الأعمال، لما رأى من كثرة النزاع الواقع فيه بين الناس، مبينا خطأ ما ادعاه هؤلاء من عدم صحته محتكما إلى قواعد أهل الحديث والأصول ومستندا إلى ما رجحه جمهور أهل المنقول والمعقول ثم ختمه بشرح ألفاظ هذا الحديث مع بيان معناه.
وهو جزء مطبوع طبعته مكتبة القاهرة في طبعته الرابعة عام 1434هـ- 2013م.
فذلكة القول أن علماء المغرب الأقصى في عهد الدولة العلوية لهم عناية خاصة بشرح حديث واحد في تأليف مستقل ، وقد اكتفيت بالتمثيل لأربعة كتب منها مع إعطاء لمحة وجيزة عن موضوعها باختصار،وأرجو أن أكون قد وفقت في ذلك والحمد لله رب العالمين.
*****************
هوامش المقال:
([2]) تقييد حديث القراريط بتحقيق: د عبد الفتاح مغفور نشر في مجلة الشفا (ع 1/ 268).
([5]) وقد قمت بتحقيق هذه الرسالة ضمن أعمال مركز ابن القطان.
*************
لائحة المصادر والمراجع المعتمدة:
أبجد العلوم. لصديق بن حسن خان القنوجي البخاري (الجزء الثاني منه المسمى ب: السحاب المركوم الممطر بأنواع الفنون وأصناف العلوم). وضع حواشيه وفهارسه: أحمد شمس الدين. طبعة جديدة محققة. دار الكتب العلمية بيروت (د.ت).
تقييد حديث القراريط. تحقيق: د عبد الفتاح مغفور منشور في مجلة الشفا. العدد الأول ربيع الأول 1440هـ- نونبر 2018م.
خلال جزولة . لمحمد المختار السوسي . دار الكتب العلمية بيروت (د.ت).
شرح ختم الموطأ. لمحمد بن جعفر الكتاني. مخطوط المكتبة الوطنية بالرباط رقم: 178 جك.
نهاية الآمال في صحة وشرح حديث عرض الأعمال. لعبد الله بن محمد بن الصديق الغماري. مكتبة القاهرة مصر. ط4/ 1434هـ-2013م.
*راجع المقال بالباحث: عبد الفتاح مغفور