مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويأعلام

سيدي مَحمد بن مبارك الأقاوي

الدكتور مصطفى مختار

باحث بمركز علم وعمران

شكلت واحة أقا مجال صلاح تاريخي خلال القرن العاشر الهجري وما بعده[1]. حيث مثل سيدي مَحمد بن مبارك الأقاوي المنتسب إلى البيت النبوي الشريف[2] أحد رموز الصلاح المذكور.

      ويبدو أن المترجم أخذ عن سيدي مَحمد بن سليمان الجزولي بالرغم من أن أهله لا يعرفون ذلك. أما عدا ذلك، فقد سكتت المصادر والمراجع التي بين أيدينا عن مشيخة المترجم وأسماء تلامذته الكثر[3].

      وكان الشيخ المترجم يقطن قرية (القصبة) التي كانت تسمى "أكَادير أَمْغَارْ"، بمعنى حصن الشيخ. وهي موطن أجداده[4]. ثم انتقل منها إلى موضع الزاوية الآن بعد تكاثر طلبته، فبنى لهم في محل الزاوية المذكورة[5]، بسفح الجبل، بفم أقا[6].

      وبذلك، أسهم المترجم في تنامي العمران الواحي. حيث يبدو أن قرية القصبة المشار إليها، والتي هي المسكن الأول للمترجم ومقر رباطه، كانت من أقدم قرى أقا[7]، بوصف روضة القصبة هي مدفن جده سيدي مَحمد بن يحيا أول قادم من تومبكتو إلى واحة أقا[8].

      وبنى المترجم زاويته، فشكلت نواة قرية سميت باسمها (قرية الزاوية)[9]. مثل ما بنى ابنه سيدي عبد الله بن مَحمد زاوية، فتحولت إلى قرية حصن الحجر[10]. ولعلها تنامت بفضل عين الماء التي استنبطها[11].

      وانطلاقا مما سبق نؤكد فرضية بحثية صغرى رابطة بين الصلحاء وعمران الواحات والقرى، ذات علاقة بفرضية بحثية كبرى رابطة بين الصلحاء والعمران، بشكل عام[12].

      وفي علاقة بالصلاح والعمران يبدو، انطلاقا من مناقب سيدي مَحمد بن مبارك[13]، أنه أسهم في الأمن المجالي. حيث شجع الناس على مبايعة رجل منتسب إلى الشرف النبوي، بواحة تاكمادارت من درعة، لمحاربة الغزو البرتغالي[14].

      وأصلح بين القبائل المتصارعة. وجعل لها في كل شهر ثلاثة أيام شبه حرم لا قتال فيها ولا مشاجرة[15]. ولعله كان يقسم بين قرى أقا نوبات المياه اليومية[16]. وكان صاحب مائدة لإطعام الطعام. ولعله ورث ذلك عن مدرسة شيخه سيدي مَحمد بن سليمان الجزولي. حيث كان بزاويته كوانين. ولها خدام[17].

      وحين توفي سيدي مَحمد بن مبارك الأقاوي نحو عام 915 هـ أو ما بعده، دفن بزاويته الشهيرة[18]. حيث وسم قبره بشيء من الجص علامة عليه[19].

والله الموفق للصواب والمعين عليه.

الإحالات:

[1] انظر: المعسول، ج18، محمد المختار السوسي، المحمدية، مطبعة فضالة، 1960 م، ص166- 191.

[2] نفسه، ص166، وص167.

[3] نفسه، ص171.

[4] نفسه، ج18، ص170.

[5] نفسه، ص170.

[6] راجع: مادة أقا، محمد حبيب نوحي؛ ومادة أقّا (مدرسة)، محمد البايك، في: معلمة المغرب، ج2، مطابع سلا، 1989 م، ص579، وص580.

[7] انظر: خلال جزولة، ج3، محمد المختار السوسي، تطوان- المغرب، د. ت، ص55، وص84.

[8] انظر: المعسول، ج18، ص166، وص167، وص169، وص170.

[9] الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين، ج2، محمد حجي، المحمدية، مطبعة فضالة، 1978 م، ص614.

[10] خلال جزولة، ج3، ص75.

[11] المعسول، ج18، ص171.

[12] العمران الصوفي بين الأسطورة والتاريخ، جمال بامي، في: مجلة أمل، العدد 41، 2013 م، ص16- 28.

[13] طبقات الحضيكي، ج1، محمد الحضيكي، تقديم وتحقيق: أحمد بومزكو، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 2006 م، ص251- 252.

[14] نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي، محمد الصغير الإفراني، تقديم وتحقيق: عبد اللطيف الشاذلي، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 1998 م، ص41- 42، وص43- 44، وص50.

[15] طبقات الحضيكي، ج1، ص251، وص252.

[16] استأنس بـ: مادة أقا، في: معلمة المغرب، ج2، ص579.

[17] مناقب البعقيلي، محمد البعقيلي السوسي، حققه وهيأه للطبع: محمد المختار السوسي، الرباط، مطبعة الساحل، 1987 م، ص27.

[18] رجالات العلم العربي في سوس، محمد المختار السوسي، طنجة، مؤسسة التغليف والطباعة والنشر والتوزيع للشمال، 1989 م، ص25.

[19] خلال جزولة، ج3، ص54.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق