وحدة المملكة المغربية علم وعمرانمعالم

سقايات مدينة تطوان

  تعرف محليا السقايات العمومية في مدينة تطوان باسم “الأقنية”، والتي تتصل  بالشبكة التقليدية لتوزيع الماء بالمدينة العتيقة، وقد شكلت هذه “الأقنية” مصدر مياه للإنسان وكذا الحيوان، حيث حرص سكان تطوان على تجهيزها بأحواض خاصة لشرب  الدواب وسائرالحيوانات، وكانت السقايات التطوانية تعتبر  من المآثر الجميلة للمدينة العتيقة، إلا أن أغلبها لحقها الخراب والإندثار، وأتلفت صهاريجها وصنابيرها النحاسية…

وتعد الأقنية بتطوان جزء من ذاكرة المدينة، وقد كانت تتمركز بالأحياء التجارية والحرفية، أو قرب الأبواب الرئيسية للمدينة، لتوفير الماء للمسافرين وعابري السبيل، كما أن منها ما كان من المآثر التي أراد بها بعض الحكام تخليد أسمائهم، أما معظمها فكان ملكا للأعيان ووجهاء المدينة لجعلها هبة[1].

وجاء عن وصف مدينة تطوان  في كتاب الاستبصار في عجائب الأمصار: “مدينة تيطوان وهى مدينة قديمة كثيرة العيون والفواكه والزرع، طيبة الهواء والماء”[2].

ولا زالت المدينة العتيقة في تطوان تحتفظ دائما بالملامح الرئيسية للمدينة التي أسسها سيدي المنظري الغرناطي، وما ينبغي معاينته على الأخص، هو ذلك التمازج بين الخصائص الهندسية العسكرية والحضارية، وتعكس هندسة المدينة إرادة خلق المدينة حياة حضرية جد متمدنة، والدفاع عن أصحابها بفعالية في نفس الوقت[3]..

وتحتوي مدينة تطوان على مجموعة من الأقنية التي تشكل جزء من التراث المعماري العريق، من حيث النقش والزخرفة، وتؤرخ لمراحل مختلفة من تاريخ المدينة، ومن بين هذه الأقنية، نجد القناة المتصل بجدار زاوية سيدي السعيدي، الذي يرجح بناؤها مع المسجد الذي به الضريح المذكور، ثم القناة المجاورة لزاوية سيدي السعيدي، وهي من الأقنية الجميلة، وتقع في السلوقية الحاملة لنفس الإسم، وهي قريبة من دار مدينة، وهذه القناة تحمل كتابة هذا نصها: ” الحمد لله، أمر بتجديد هذه الساقية المباركة المجاهد البركة… عبد الله،  الله عام أربعة وثلاثين وألف، وكان ذلك في عهد الباشا أحمد بن علي بن عبد الله الحمامي الريفي، الذي حكم تطوان ، والماء الذي يأتي من هذه القناة من فيض ماء بدار مدينة المعروفة، وقد وضع بجوارها حوض جعله خصيصا لتشرب منه القطط[4]..

ويقع على يمين الذاهب من ضريح سيدي السعيدي إلى ناحية باب العقلة، الأقنية الثلاثة المتواجدة في زنقة الشريشار وهي قليلة الماء، ولذلك سمي هذا الشارع باسم الشريشار، لأن الماء يشرشر كم أقنيته بقلة وبدون تتابع، كما أن ماء هذه الأقنية الثلاثة من فيض الماء الآتي من دور الأعيان المحاطة بالبساتين والرياض والمتصلة بالشرشار، وتعد قناة باب العقلة من أكبر وأهم الأقنية العمومية بتطوان، وقد بنيت في عهد القائد محمد بن عمر لوقش، وعليها نقشت أبيات شعرية منسوبة إلى الأديب التطواني عيسى الجزيري[5]..

وتقع قناة سوق الحوت القديم عند باب البرج المتصل يالسور القديم الذي يعتبر من آثار المنظري الأندلسي، وهذه القناة يأتيها الماء الماء من دار اللبادي بالصباغين، وقد حبسها الحاج عبد الكبير بن المهدي اللبادي عليه، وتعد قناة باب التوتة، قناة كبيرة، كقناة باب العقلة، وهي من آثار القائد لوقش، وعليها كتابة منقوشة للأديب عيسى الجزيزي أيضا، وفي ناحية النوادر، كما نجد أقنية أخرى في مدينة تطوان، مثل قناة سيدي ناجي بالقرب من ضريح هذا الولي، ثم قناة الخراز التي تقع في وسط حي العيون، والقناة الكبيرة التي تقع أمام الزاوية الفاسية، ثم المعدة الواقعة في آخر زنقة عزيمان من حومة الطرنكات[6]..

وفيما يلي عرض لأبرز السقايات التاريخية بتطوان:

قناة باب العقلة: يعود بنائها إلى القائد محمد بن عمر لوكاش خلال فترة حكمه بين 1751/1758م، كما تشير إلى ذلك كتابة منقوشة على إفريز من الزليج[7]..

قناة الحرار بتطوان: قناة العيون ظهرت مع التطور العمراني الذي ظهر بتطوان في القرن الثامن عشر و السابع عشر.

قناة  سيدي الناجي: ظهرت مع التطور العمراني الذي ظهر بتطوان في القرن الثامن عشر والتاسع عشر.

قناة الوسعة:  يعود بنائها إلى عبد الكريم ب راكود خلال حكمه مابين 1757/1766.

قناة السوق الفوقى: بنيت كجزء من جامع السوق الفوقى خلال القرن 16، وتم تجديدها 1857م.

قناة سيدي الحاج: على بركة بنيت هذه القناة كجزء من زاوية سيدي الصعيدي بداية القرن 18م.

قناة الشريشار: ارتبط تسمية هذه القناة بالكيفية المتطعة التي ينزل بها الماء.

ولقد اندثر العديد من هذه الأقنية في زماننا هذا، ولم يعد لها أثر، بالرغم من أنها  كانت تعتبر من المآثر التاريخية الجميلة التي تميزت بها مدينة تطوان،  وكان يجب المحافظة و العنابة بها…

[1] –  الفضائل النفسية والاجتماعية والقيمية لبناء الأسبلة المائية الوقفية الخيرية 120 الطبعة الثانية  1436هـ، دار الهدى للطباعة.

[2] –  الاستبصار في عجائب الأمصار ص 137طبع عام 1986م دار الشؤون الثقافية بغداد.

[3] –  تطوان الحاضرة الأندلسية المغربية ص 13 الطبعة الأولى 2002م منشورات جميعة تطوان.

[4] –  الفضائل النفسية والاجتماعية والقيمية لبناء الأسبلة المائية الوقفية الخيرية 120 الطبعة الثانية  1436هـ، دار الهدى للطباعة.

[5] –  الفضائل النفسية والاجتماعية والقيمية لبناء الأسبلة المائية الوقفية الخيرية 120 الطبعة الثانية  1436هـ، دار الهدى للطباعة.

[6] –  الفضائل النفسية والاجتماعية والقيمية لبناء الأسبلة المائية الوقفية الخيرية 120 الطبعة الثانية  1436هـ، دار الهدى للطباعة.

[7] –  الفضائل النفسية والاجتماعية والقيمية لبناء الأسبلة المائية الوقفية الخيرية 120 الطبعة الثانية  1436هـ، دار الهدى للطباعة.

ذة. رشيدة برياط

باحثة بمركز علم وعمران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق