مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينشذور

درر مختارة في فضائل أهل بيت النبي المختار(5)

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: >فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ<([1]).

قال الآجري في (كتاب الشريعة): (وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ مَحَبَّةُ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَنُو هَاشِمٍ ،عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَوَلَدُهُ وَذُرِّيَّتُهُ ،وَفَاطِمَةُ وَوَلَدُهَا وَذُرِّيَّتُهَا ،وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَأَوْلَادُهُمَا وَذُرِّيَّتُهَا ،وَجَعْفَرٌ الطَّيَّارُ وَوَلَدُهُ وَذُرِّيَّتُهُ ،وَحَمْزَةُ وَوَلَدُهُ ،وَالْعَبَّاسُ وَوَلَدُهُ وَذُرِّيَّتُهُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ،هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،وَاجِبٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَحَبَّتُهُمْ وَإِكْرَامُهُمْ وَاحْتِمَالُهُمْ وَحُسْنُ مُدَارَاتِهِمْ ،وَالصَّبْرُ عَلَيْهِمْ ،وَالدُّعَاءُ لَهُمْ ،فَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ ،فَقَدْ تَخَلَّقَ بِأَخْلَاقِ سَلَفِهِ الْكِرَامِ الْأَخْيَارِ الْأَبْرَارِ ،وَمَنْ تَخَلَّقَ مِنْهُمْ بِمَا لَا يُحْسِنُ مِنَ الْأَخْلَاقِ ،دُعِيَ لَهُ بِالصَّلَاحِ وَالصِّيَانَةِ وَالسَّلَامَةِ ،وَعَاشَرَهُ أَهْلُ الْعَقْلِ وَالْأَدَبِ بِأَحْسَنِ الْمُعَاشَرَةِ وَقِيلَ لَهُ: نَحْنُ نُجِلُّكَ عَنْ أَنْ تَتَخَلَّقَ بِأَخْلَاقِ لَا تُشْبِهُ سَلَفَكَ الْكِرَامَ الْأَبْرَارَ ،وَنَغَارُ لِمِثْلِكَ أَنْ يَتَخَلَّقَ بِمَا تَعْلَمُ أَنَّ سَلَفَكَ الْكِرَامَ الْأَبْرَارَ لَا يَرْضَوْنَ بِذَلِكَ ،فَمِنْ مَحَبَّتِنَا لَكَ أَنْ نُحِبَّ لَكَ أَنْ تَتَخَلَّقَ بِمَا هُوَ أَشْبَهُ بِكَ ،وَهِيَ الْأَخْلَاقُ الشَّرِيفَةُ الْكَرِيمَةُ)([2]).

أما مناقب آل البيت وفضائلهم الخاصة فقد ثبت لكثير منهم مناقب كثيرة، حفظتها السنة، مثل فضائل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وهي أشهر من أن تذكر، وحمزة سيد الشهداء يوم القيامة، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وخديجة خير النساء، وفضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة.

قال ابن قدامة المقدسي في (لمعة الاعتقاد): (ومن السنة الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين المطهرات المبرءات من كل سوء، أفضلهم خديجة بنت خويلد وعائشة الصديقة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه، زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فمن قذفها بما برأها الله منه فهو كافر بالله العظيم)([3]).

وقال -رحمه الله-: (ولا ريب أن لآل محمد صلى الله عليه وسلم حقاً على الأمة لا يشركهم فيه غيرهم، ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر بطون قريش، كما أن قريشاً يستحقون من المحبة والموالاة ما لا يستحقه غير قريش من القبائل، كما أن جنس العرب يستحق من المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر أجناس بني آدم. ([4])

وفيما يلي درر مختارة ممّا رُوِي في فضل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

روى البخاري في الصحيح ، عن أبي موسى الأشعري قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ»([5]).

وروى البخاري في الصحيح عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ»([6])

وروى البخاري في الصحيح عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: >أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، وَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَكَشَفَ عَنْهَا، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ»([7]).

وروى البخاري في الصحيح عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: >يَا عَائِشَةُ هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ<، فَقَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لاَ أَرَى، تُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ([8])

وفي صحيح البخاري من طريق ابن عون عن القاسم بن محمد أن عائشة اشتكت، فجاء ابن عباس فقال: «يا أم المؤمنين، تَقْدَمِينَ عَلى فَرَطِ صِدْقٍ، على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبي بكر»([9]).

 ورى البخاري في الصحيح َلمَّا بَعَثَ عَلِيٌّ، عَمَّارًا، وَالحَسَنَ إِلَى الكُوفَةِ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ خَطَبَ عَمَّارٌ فَقَالَ: «إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ ابْتَلاَكُمْ لِتَتَّبِعُوهُ أَوْ إِيَّاهَا»([10]).

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلاَدَةً فَهَلَكَتْ «فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاَةُ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فَقَالَ: أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً» ([11]).

وروى البخاري في الصحيح أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا كَانَ فِي مَرَضِهِ، جَعَلَ يَدُورُ فِي نِسَائِهِ، وَيَقُولُ: «أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا؟» حِرْصًا عَلَى بَيْتِ عَائِشَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ: «فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي سَكَنَ»([12]).

وروى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، يَقُولُ: >أَيْنَ أَنَا غَدًا، أَيْنَ أَنَا غَدًا< يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَاتَ فِي اليَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ، فِي بَيْتِي، فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي، ثُمَّ قَالَتْ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْطَانِيهِ، فَقَضِمْتُهُ، ثُمَّ مَضَغْتُهُ، فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَنَّ بِهِ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِي([13]).

وروى البخاري في الصحيح من طريق حماد، عن هشام بن عروة، عن أبيه: كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَاجْتَمَعَ صَوَاحِبِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، وَاللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَإِنَّا نُرِيدُ الخَيْرَ كَمَا تُرِيدُهُ عَائِشَةُ، فَمُرِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ أَنْ يُهْدُوا إِلَيْهِ حَيْثُ مَا كَانَ، أَوْ حَيْثُ مَا دَارَ، قَالَتْ: فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَلَمَّا عَادَ إِلَيَّ ذَكَرْتُ لَهُ ذَاكَ فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ ذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ لاَ تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا»([14]).

وروى مسلم في الصحيح عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: >إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى< قَالَتْ فَقُلْتُ: وَمِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ قَالَ: >أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى، قُلْتِ: لَا، وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ< قَالَتْ قُلْتُ: أَجَلْ، وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ([15]).

وروى مسلم في الصحيح أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ مَعِي فِي مِرْطِي، فَأَذِنَ لَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ، وَأَنَا سَاكِتَةٌ، قَالَتْ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ >أَيْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟< فَقَالَتْ: بَلَى، قَالَ >فَأَحِبِّي هَذِهِ< قَالَتْ: فَقَامَتْ فَاطِمَةُ حِينَ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَجَعَتْ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَتْهُنَّ بِالَّذِي قَالَتْ، وَبِالَّذِي قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَ لَهَا: مَا نُرَاكِ أَغْنَيْتِ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ، فَارْجِعِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُولِي لَهُ: إِنَّ أَزْوَاجَكَ يَنْشُدْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَاللهِ لَا أُكَلِّمُهُ فِيهَا أَبَدًا، قَالَتْ عَائِشَةُ، فَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْهُنَّ فِي الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ مِنْ زَيْنَبَ. وَأَتْقَى لِلَّهِ وَأَصْدَقَ حَدِيثًا، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ، وَأَعْظَمَ صَدَقَةً، وَأَشَدَّ ابْتِذَالًا لِنَفْسِهَا فِي الْعَمَلِ الَّذِي تَصَدَّقُ بِهِ، وَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ كَانَتْ فِيهَا، تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ، قَالَتْ: فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَائِشَةَ فِي مِرْطِهَا، عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا وَهُوَ بِهَا، فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ، قَالَتْ: ثُمَّ وَقَعَتْ بِي، فَاسْتَطَالَتْ عَلَيَّ، وَأَنَا أَرْقُبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَرْقُبُ طَرْفَهُ، هَلْ يَأْذَنُ لِي فِيهَا، قَالَتْ: فَلَمْ تَبْرَحْ زَيْنَبُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكْرَهُ أَنْ أَنْتَصِرَ، قَالَتْ: فَلَمَّا وَقَعْتُ بِهَا لَمْ أَنْشَبْهَا حَتَّى أَنْحَيْتُ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبَسَّمَ: إِنَّهَا >ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ<([16]).

وروى مسلم في الصحيح عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَطَارَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ فَخَرَجَتَا مَعَهُ جَمِيعًا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ، سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتَحَدَّثُ مَعَهَا، فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: أَلَا تَرْكَبِينَ اللَّيْلَةَ بَعِيرِي وَأَرْكَبُ بَعِيرَكِ، فَتَنْظُرِينَ وَأَنْظُرُ؟ قَالَتْ: بَلَى، فَرَكِبَتْ عَائِشَةُ عَلَى بَعِيرِ حَفْصَةَ، وَرَكِبَتْ حَفْصَةُ عَلَى بَعِيرِ عَائِشَةَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ، فَسَلَّمَ ثُمَّ سَارَ مَعَهَا، حَتَّى نَزَلُوا، فَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ فَغَارَتْ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ تَجْعَلُ رِجْلَهَا بَيْنَ الْإِذْخِرِ وَتَقُولُ يَا رَبِّ سَلِّطْ عَلَيَّ عَقْرَبًا أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِي رَسُولُكَ وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ لَهُ شَيْئًا([17]).

وأخرج الترمذي، من طريق الثوري، عن أبي إسحاق، عن عمرو ابن غالب أن رجلاً نال من عائشة، عند عمار بن ياسر، فقال: اغْرُبْ مَقْبُوحاً مَنْبوحاً، أتؤذي حبيبة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟؟([18]).

وأخرجه ابن سعدٍ، من وجه آخر: نحوه، وزاد: إنها لزوجته في الجنة. ومن طريق أبي محمد مولى الغفاريين: أن عائشة قالت: يا رسول الله، من أزواجك في الجنة؟ قال: «أنت منهن»([19]). ومن طريق أبي إسحاق، عن مصعب ابن سعدٍ، قال: فرض عمر لأمهات المؤمنين عـشرة آلاف. وزاد عائشة: أَلْفَيْن، وقال: «إنها حبيبة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »([20]).

وروى ابن سعدٍ، من طريق عبدالملك بن عُمَيْر عن عائشة، قالت: أُعْطِيتُ خِلالاً ما أُعطيتها امرأةٌ: ملكني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأنا بنت سبع سنين، وأتاه المَلَكُ بصورتي في كَفِّه لينظر إليها، وبنى بي لتسع سنين، ورأيت جبريل، ولم تره امرأة غيري، وكنت أحب النساء إليه، وكان أبي أحب أصحابه إليه، ومَرِضَ رسول الله في بيتي فمَرّضْتُهُ فَقُبِض، ولم يَشْهَدْهُ غيري والملائكة([21]).

وأخرج أيضا، من طريق أم دُرَّة([22]) قالت: بعث ابن الزُّبَيْر إلى عائشة بمال في غَرَارَتَيْن يكون مائة ألف، فدعت بِطَبَق، وهي يومئذ صائمة، فجعلت تقسم في الناس. قال: فلما أمست قالت: يا جارية هاتي فطري. فقالت أم درة: يا أم المؤمنين، أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحما تفطرين عليه؟ فقالت: لا تُعَنِّفِيني، لو كنت أذكرتني لفعلت([23]).

———————————————————————

([1]) رواه البخاري في الصحيح-كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم-باب فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا -5/29 رقم:3770، ومسلم في الصحيح-كتاب فضائل الصحابة -باب في فضل عائشة رضي الله عنها – 4/1895، رقم 2446.

([2]) الشريعة: 5/2276.

([3]) لمعة الاعتقاد لابن قدامة المقدسي: 1/31.

([4]) لمعة الاعتقاد: 4/599.

 ([5]) رواه البخاري في الصحيح-كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم-باب فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا -5/29 رقم:3770

 ([6]) رواه البخاري في الصحيح-أَحَادِيثِ الأَنْبِيَاءِ-باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ} -4/158 رقم:3411.

 ([7])  رواه البخاري في الصحيح-كتاب مناقب الأنصار-باب تزويج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ، وَقُدُومِهَا المَدِينَةَ، وَبِنَائِهِ بِهَا -5/56 رقم:3895.

 ([8])  رواه البخاري في الصحيح-كتاب بدء الخلق-باب ذكر الملائكة -4/112 رقم:3217.

 ([9]) رواه البخاري في الصحيح ـ  كتاب فضائل الصحابة. باب فضل عائشة.5/29 رقم: 3771.

 ([10]) رواه البخاري في الصحيح ـ  كتاب فضائل الصحابة. باب فضل عائشة.5/29 رقم: 3772.

 ([11]) رواه البخاري في الصحيح ـ  كتاب فضائل الصحابة. باب فضل عائشة.5/29 رقم: 3773.

 ([12]) رواه البخاري في الصحيح ـ  كتاب فضائل الصحابة. باب فضل عائشة.5/30 رقم: 3774.

 ([13]) رواه البخاري في الصحيح ـ  كتاب المغازي. مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَفَاتِهِ.6/13 رقم: 4450.

 ([14]) رواه البخاري في الصحيح ـ  كتاب فضائل الصحابة. باب فضل عائشة.5/30 رقم: 3775.

 ([15]) رواه مسلم في الصحيح ـ  كتاب فضائل الصحابة. باب فِي فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا.4/1890 رقم: 2439.

 ([16]) رواه مسلم في الصحيح ـ  كتاب فضائل الصحابة. باب فِي فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا.4/1891 رقم: 2442.

 ([17]) رواه مسلم في الصحيح ـ  كتاب فضائل الصحابة. باب فِي فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا.4/1894 رقم: 2445.

 ([18]) جامع الترمذي- أبواب المناقب. باب من فضل عائشة. 6/185. رقم: 3888. وقال الترمذي: حسن صحيح.

 ([19]) الطبقات الكبرى 8/65.

 ([20]) الطبقات الكبرى 8/67.

 ([21]) الطبقات الكبرى 8/65.

 ([22]) أم درة مدنية تابعية ثقة. ينظر الثقات للعجلي 2/461.

 ([23]) الطبقات الكبرى 8/67.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق