مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

رقية بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم

هي: رُقيَّة بنت سَيِّدِ البَشَر، صَلَّى الله عليه وسلم؛ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمية، وزوج عثمان بن عفان، وَأُمُّ  ابنه عبد الله، رضي الله عنهم([1])، وأمُّها هي: خَديجة بنت خُوَيْلِد بن أَسَد بن عَبْد العُزَّى بن قُصَيّ ([2]).

قال أبو عمر: لا أعلم خلافًا أَنَّ زينب أَكْبَرُ بناته، صَلَّى الله عليه وسلم، واختلف فيمَنْ بعدها منهن([3]).

وعن أبي العبَّاس محمد بن إسحاق، يقول: سمعت عبد الله بن محمد بن سليمان بن جعفر بن سليمان الهاشمي، يقول: “وُلدت رُقَيَّةُ بنت رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، سنة ثلاث وثلاثين من مولد النَّبي، صَلَّى الله عليه وسلم”([4]).

وزعم الزُّبير وعمه مصعب أنها كانت أصْغَر بناتِ رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، وإياه صحّح الجرجاني النسَّابة. وقال غيرهم: أكبر بناته زينب ثم رقية([5]).

قال أَبُو عُمَرَ: لا أعرف خلافًا أنَّ زينب أكبر بنات النبي، صَلَّى الله عليه وسلم. واختلف في رقية وفاطمة وأم كلثوم، والأكثر أنهنَّ على هذا الترتيب. ونقل أبو عمر عن الجرجاني أنه صح أن رُقية أصغرهن، وقيل: كانت فاطمة أصغرهن([6]).

أسلمت حين أسلمت أمُّها خديجة بنت خُوَيلد، وبايعت رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، هي وأخواتها حين بايعه النساء([7]).

روى الزبير بن بكار، عن عمه مصعب بن عبد الله: أن خديجة ولدت لرسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، فاطمة، وزينب، ورقية، وأم كلثوم. وروى أيضًا عن ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود: أن خديجة ولدت للنبي، صَلَّى الله عليه وسلم، زينب ورقية، وفاطمة، وأم كلثوم. وروى محمد بن فضالة قال: سمعت أن خديجة ولدت للنبي، صَلَّى الله عليه وسلم، زينب، وأم كلثوم، وفاطمة، ورقية، وقيل: إن فاطمة أصغرهن عليهن السلام([8]).

وتزوَّج عثمان بن عفَّان رقية، وهاجرت معه إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعًا. قال رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم: “إنَّهما لأوَّل من هاجر إلى الله تبارك وتعالى بعد لوط”([9]). وكانت في الهجرة الأولى قد أسقطت من عثمان سقطًا، ثُمَّ ولدت له بعد ذلك ابنًا فسمَّاه عبد الله. وكان عثمان يكنى به في الإسلام وبلغ سنُّه سنتين، فنقره ديك في وجهه فطم وجهه فمات، ولم تلد له بعد ذلك شيئًا، وهاجرت إلى المدينة بعد زوجها عثمان حين هاجر رسول الله([10]).

قال مصعب وغيره من أهل النَّسب: كانت رُقَيَّة تحت عُتْبَة بن أبي لَهَب، وكانت أُختها أمّ كلثوم تحت عُتَيْبَة بن أبي لهب، فلما نزلت: ‏(تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ)([11]) قال لهما أبوهما أبو لهب وأُمهما حَمَّالة الحطب: فَارِقَا ابنتي محمد. وقال أبو لهب: رأسي مِنْ رأسيكما حرام إنْ لم تفارِقَا ابنتي محمد. ففارَقاهُما([12]).

وقال ابن شهاب: فتزوَّجَ عثمان بن عفان رُقَيَّة بمكَّة، وهاجرت معه إلى أَرْض الحبشة، وولدت له هناك ابْنًا، فسماه عبد الله، فكان يُكْنَى به([13]).

وقال مُصعب: كان عثمان يُكْنَى في الجاهليَّة أبا عبد الله، فلما كان الإسلام ووُلد له من رُقَيَّة بنت رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، غلامٌ سَمَّاه عبد الله، واكتنى به، فبلغ الغلام سِتَّ سنين، فنقر عينه ديك فتوَرَّم وَجْهُه ومرض ومات. وقال غيره: تُوفِّي عبد الله بن عثمان من رُقَيَّة بنت رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، في جمادى الأولى سنة أربع من الهجرة، وهو ابْنُ ستِّ سنين، وصلَّى عليه رسولُ الله، صَلَّى الله عليه وسلم، ونزل في حُفْرَته أبوه عثمان، رضي الله عنهما([14]).

وقال قتادة: تزوَّجَ عثمان رُقَيَّة بنت رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، فَتُوفِّيت عنده ولم تَلِدْ منه. وهذا غَلَطٌ من قتادة، ولَم يَقُلْه غيره، وأَظنُّه أراد أُمَّ كلثوم بنت رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، فإنَّ عثمان تزوَّجَها بعد رقَيَّة فَتُوُفِّيَتْ عنده، ولم تَلِدْ منه. هذا قولُ ابْنِ شهاب وجمهور أهل هذا الشَّأن؛ ولم يختلفوا أَنَّ عثمان إنما تزوّج أم كلثوم بعد رقيّة، وهذا يشهد لصحَّةِ قول مَنْ قال: إنَّ رُقَيَّة أكبرُ من أم كُلْثُوم([15]).

وعن سعيد بن المسيب، قال: أُيِّمَتْ حَفْصَةُ بنتُ عُمر بن الخطَّاب مِنْ زوجها وعثمانُ مِنْ رُقَيَّة، فَمَرَّ عُمر بعثمان، فقال: هل لك في حفصة؟ فَأَعْرَضَ عَنِّي وَلَمْ يُحِرْ إِلَيَّ شيئًا([16])، فأتى عُمر النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، فَشَكَاهُ، فقال النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: “فَخَيْرٌ مِنْ ذلك، أَتَزَوَّجُ أنا حفصةَ، وَأُزَوِّجُ عثمانَ أُمَّ كُلْثُومٍ”، فَتَزَوَّجَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، حفصة، وَزَوَّجَ عثمانَ أُمَّ كُلْثُومٍ بنتَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم”([17]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: دَخَلْتُ على رقية بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، امْرَأَةِ عثمان، رضي الله عنه، وفي يدها مُشْطٌ؛ فقالت: خرج من عندي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، آنفا رَجَّلْتُ رأسه؛ فقال: “كيف تجدين أبا عبد الله؟” قلتُ: بخير، قال: “أكرميه فإنه من أشبهِ أصحابي بي خُلُقاً”([18]).

وعن شقيق بن سلمة، قال: لقي عبد الرحمن بن عوف الوليد بن عقبة فقال: ما لي أراك قد جفوت أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه؟ فقال عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه: أبلغه أني لم أتخلف عن بدر، فخبر بذلك عثمان رضي الله عنه، فقال: “أما قوله إني لم أتخلف عن بدر، فإني كنت أُمَرِّضُ رقية بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى ماتت”، ولقد ضرب لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بسهم، ومن ضرب له رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بسهم فقد شهد”([19]).

وعن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: خرج عثمان، رضي الله عنه، مهاجرا إلى أرض الحبشة ومعه رقية بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فاحتبس على النبي، صلى الله عليه وسلم، خبرهم، وكان يخرج يَتَوَكَّفُ عنهم الخبر([20])، فجاءته امرأة فأخبرته، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: “إن عثمان أول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوط”([21]).

وأما وفاة رُقَيَّة فالصَّحيحُ في ذلك أنَّ عثمان تخلَّفَ عليها بأَمْر رسولِ الله، صَلَّى الله عليه وسلم، وهي مريضةٌ في حين خروج رسولِ الله، صَلَّى الله عليه وسلم، إلى بدْر([22]).

وقال قتادة: حدثني النضر بن أنس، عن أبيه أنس قال: خرج عثمان مهاجرًا إلى أرض الحبشة، ومعه زوجه رُقَيَّة بنت رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، فاحتبس خَبَرُهم عن النبي، صَلَّى الله عليه وسلم، فكان يخرج فيسأل عن أخبارهما، فجاءته امرأة فأخبرته أنها رأتهما، فقال النبي، صَلَّى الله عليه وسلم: “صَحِبَهُمَا الله، إِنَّ عُثْمَانَ أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ بِأَهْلِهِ بَعْدَ لُوطٍ عَلَيْهِ الْسَّلَام”([23]).
مرضت رُقية ورسول الله يتجهَّز إلى بدر فخلَّف عليها رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، عثمان بن عفَّان فتوفِّيت ورسول الله ببدر في شهر رمضان على رأس سبعة عشر شهرًا من مهاجر رسول الله([24]).

وَكان قد قَدِمَ زيد بن حارثة من بدر بشيرًا، فدخل المدينة حين سُوِّيَ التراب على رقيَّة بنت رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم([25]).

عن ابن عبَّاس، رضي الله عنه، قال: لما ماتت رقيَّة بنت النبي، صلَّى الله عليه وسلم، قال النبي، صَلَّى الله عليه وسلم:”الحقي بسَلَفِنا عثمان بن مَظْعُون”([26]). فبكَت النساء على رقيَّة فجاء عمر بن الخطَّاب فجعل يضربهنَّ بسوطه، فأخذ النبي، صَلَّى الله عليه وسلم، بيده ثمَّ قال:”دعهنَّ يا عمر يَبْكِينَ”. ثمَّ قال: “ابكين وإيّاكُنَّ ونَعِيقَ الشيطان، فإنَّه مهما يكن من القلب والعين فمن الله والرحمة، ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان”، فقعدت فاطمةُ على شَفِير القبر إلى جنب النبي، صَلَّى الله عليه وسلم، فجعلت تبكي فجعل رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، يَمْسَحُ الدَّمْعَ عن عَينها بطرف ثوبه([27]).

قال محمد بن سعد: فذكرت هذا الحديث لمحمد بن عمر، فقال: الثَّبْتُ عندنا من جميع الرواية أنَّ رُقَيَّة تُوُفِّيتْ ورسول الله ببدر ولم يشهد دفنها، ولعلَّ هذا الحديث في غيرها من بنات النبيِّ، صَلَّى الله عليه وسلم، اللاتي شهد دفنهنَّ، فإن كان في رقيَّة وكان ثبتًا فلعلَّه أتى قبرها بعد قدومه المدينة، وبكاء النساء عليها بعد ذلك([28]).

وعن أنس، رضي الله عنه، قال: لما ماتت رقيةُ بنت رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، قال النبي، صَلَّى الله عليه وسلم: ‏”‏لَا يَدْخُلِ الْقَبْرَ رَجُلٌ قَارَفَ أَهْلَهُ‏ اللَّيْلة”‏‏، فلم يدخل عثمان القبر([29]).

وهذا الحديث خطأ من حماد بن سلمة، لأنَّ رسولَ الله، صَلَّى الله عليه وسلم، لم يشهد دَفْنَ رقية ابنته، ولا كان ذلك القول منه في رقية؛ وإنَّما كان ذلك القول منه في أم كلثوم([30]).

وذكر البخاري، قال: حدَّثنا محمد بن سِنَان، حدَّثنا فُلَيْح بن عثمان، حدَّثنا هلال بن عليٍّ، عن أنَس، رضي الله عنه، قال: شهدنا دَفْنَ بنت رسول، الله صَلَّى الله عليه وسلم، ورسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم جالسٌ على القبر، فرأيت عينيه تدمعان، فقال: ‏”‏هَلْ فِيكُم مِنْ أَحَدٍ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ‏”؟‏ فقال أبو طلحة: أنا، قال: ‏”فَانْزِلْ فِي قَبْرِهَا”‏، فنزل في قبرها فَقَبَرَهَا”([31])، وهذا هو الصَّحيح من حديث أَنَس، لا قول مَنْ ذكر فيه رقية. ولَفْظُ حديث حماد بن سلمة أيضًا في ذلك مُنْكَرٌ مع ما فيه من الوهم في ذكر رُقَيَّة([32]).

وعن ابن شهاب، قال: وبلغنا والله أعلم أن رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، قَسَمَ يوم بَدْرٍ لعثمان سَهْمَهُ، وكان قد تخلَّف على امرأته رقيَّة بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصابتها حَصْبَةٌ([33])، فجاء زيد بن حارثة بَشِيرًا بالفتح ومعه بَدَنَةٌ، وعثمانُ، رضي الله عنه، على قبر رقية، رضي الله عنها، يَدْفِنُهَا([34]).

وعن هشام بن عُروة، عن أبيه، قال: تخلَّفَ عثمان وأُسامة بن زيد عن بَدْرٍ، وكان تخلَّف عثمان على امرأته رقيَّة بنت رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، فبينا هم يَدْفنونها سمع عثمان تكبيرًا، فقال: يا أُسامةُ، ما هذا التكبيرُ؟ فنظروا فإذا زيد بن حارثة على ناقةِ رسولِ الله، صَلَّى الله عليه وسلم، الجَدْعَاء بشيرًا بِقَتْل أهل بَدْر من المشركين([35]).

قال أبو عمر: لا خلافَ بين أهل السِّيَر أنَّ عثمان بن عفان إنما تخلَّف عن بَدْرٍ على امرأته رُقيَّة بنت رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، بأمْرِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأنه ضربَ له بسهمه وأجرِه. وكانت بَدْر في رمضان من السَّنة الثانية من الهجرة([36]).

وقد روى موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، قال: “تُوفيت رقية بنت رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، يوم قدوم أهلِ بَدْر المدينة. فلم يُقِم موسى المعنى، وجاء فيه بالمقاربة. وليس موسى بن عقبة في ابن شهاب حجة إذا خالفه غيره. والصَّحيحُ ما رواه يونس عن ابن شهاب على ما قدمناه وبالله توفيقنا([37]).

وعن ابن عبَّاسِ قال: لما عُزِّي رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، بابنته رقية قال: ‏”‏الْحَمْدُ لِلَّهِ، دَفْنُ الْبَنَاتِ مِنَ الْمَكْرُمَاتِ‏”([38]).

وأخرج ابْنُ مَنْدَه بسند واهٍ عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر؛ قالت: “كنت أحمل الطعام إلى أبي وهو مع رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم، بالغار، فاستأذنه عثمان في الهجرة، فأذن له في الهجرة إلى الحبشة، فحملتُ الطعام، فقال لي:”مَا فَعَلَ عُثْمَانُ وَ رُقَيَّةُ؟” قلت: قد سارا. فالتفت إلى أبي بكر، فقال: “وَالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهُ أوَّلُ مَنْ هَاجَرَ بَعْدَ إبراهِيمَ وَلُوطٍ”. قلت: وفي هذا السياق من النكارة أن هجرة عثمان إلى الحبشة كانت حين هجرة النبي، صَلَّى الله عليه وسلم؛ وهذا باطل، إلا إن كان المراد بالغار غير الذي كانا فيه لما هاجرا إلى المدينة، والذي عليه أهلُ السِّيَرِ أنَّ عثمان رجع إلى مكة من الحبشة مع من رجع ، ثم هاجر بأهله إلى المدينة، ومرضَتْ رقية بالمدينة لما خرج النبي، صَلَّى الله عليه وسلم إلى بدر، فتخلف من أجلها عثمان عن بدر، فماتت يوم وصول زيد بن حارثة مُبَشِّرًا بوقعة بدر. وقيل: وصل لما دُفنت. وروى حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس؛ قال: لما ماتت رُقية قال رسول الله، صَلَّى الله عليه وسلم: “لاَ يَدْخُلِ القَبْرَ رَجُلٌ قَارِفٌ”، فلم يدخل عثمان. قال أَبُو عُمَرَ: هذا خطأ من حَمَّاد، إنما كان ذلك في أُمِّ كلثوم([39]).

وقد روى ابْنُ المُبَارَكِ، عن يونس، عن الزهري؛ قال: تخلف عثمان عن بدر على امرأته رُقية، وكانت قد أصابها الحصبة، فماتت، وجاء زَيْدٌ بشيرًا بوقعة بدر؛ قال: وعثمان على قبر رقية([40]).

ولما توفيت رُقَيَّة بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خلف عثمان بن عفان على أم كلثوم بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكانت بكراً، وذلك في شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة([41]).

عن يحيى بن سعيد، قال: “ماتت رُقَيَّةُ بنتُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وَتَزَوَّجَ عثمانُ أُمَّ كُلْثُومٍ بنتَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم”([42]).

وعن أبي هريرة أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لقي عثمان عند باب المسجد؛ فقال: “يا عثمان هذا جبريل يخبرني أن الله، عز وجل، قد زَوَّجَكَ أم كلثوم بِمِثْلِ صَدَاق رُقَيَّة، وعلى مِثْلِ صُحْبَتِهَا”([43]). رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين.

الدروس والعبر المستخلصة من القصة:

  • اهتمام العرب في الجاهلية، والإسلام، دون غيرهم من الأمم بالمحافظة على الأنساب، وذِكْر سلسلة الآباء والأجداد، كما اهتموا أيضا بالمحافظة على أنساب بعض الحيوانات كالخيل- مثلا- الذي أُلِّفَتْ فيه مؤلفاتٌ كثيرةٌ.
  • بيعة النساء للنبي، صلى الله عليه وسلم، تُظْهِرُ مكانة المرأة في الإسلام، وأن المرأة رُكْنٌ أساسي في تربية الأجيال، وبناء الحضارات.
  • وَهَبَ الله لسيِّدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، الذكور والإناث، ومنهن فاطمة الزَّهراء، رضي الله عنها، بَضْعَتُه الطَّاهرة، وجَدَّةُ الأشراف.. ووهب الله لنبيِّه (لوط) عليه السلام، الإناث فقط، ووهب لإبراهيم عليه السلام، الذكور فقط، ولم يكن ليحيى عليه السلام، لا ذكور ولا إناث.
  • الرسول، صلى الله عليه وسلم، يُوصي ابنته رقية، رضي الله عنها، بإكرام زوجها عثمان، رضي الله عنه، وفي ذلك رسالة إلى الأصهار، والزَّوجات..
  • الأعذار الصحيحة المقبولة، تَسْقُطُ معها الأحكام الشرعية: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)([44]).
  • تفقُّدُ أحوال الأسرة، في حضورها، وغيابها واجبٌ شرعي يقتضيه حُسن الرعاية.
  • البُكاء على الميِّت نوعان: منه المقبول، ومنه المُحَرَّمُ المردود؛ إن يكن من القلب، والعين، فمن الله والرَّحمة، وإن يكن من اليد واللِّسان، فمن الشيطان ونَعِيقِه!.
  • العناية بالمريض، وعلاجه، والوقوف بجانبه من أوجب الواجبات، وأوْلَى الأولويات.
  • لُقِّبَ عثمان، رضي الله عنه، بذي النُّورين؛ لأنه تزوَّج بنتيْن من بنات الرَّسول، صلى الله عليه وسلم: رُقَيَّة، ثُمَّ أمّ كلثوم، رضي الله عنهما.

 والحمد لله رب العالمين

————————————————————————————

([1]) الإصابة في تمييز الصحابة؛ لابن حجر: 8/ 138.

([2]) الطبقات الكبرى؛ لابن سعد: 8/ 36، أسد الغابة؛ لابن الأثير: 6/ 113.

([3]) الاستيعاب في معرفة الأصحاب؛ لابن عبد البر: 4/ 1839.

([4]) رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، ذكر رقية بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رقم: (6848) 4/ 50.

([5]) الاستيعاب؛ لابن عبد البر: 4/ 1839.

([6])الاستيعاب؛ لابن عبد البر: 4/ 1839، الإصابة في تمييز الصحابة؛ لابن حجر: 8/ 138.

([7]) الطبقات الكبرى؛ لابن سعد: 8/ 36.

([8]) أسد الغابة؛ لابن الأثير: 6/ 113.

([9]) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى، ذكر إسلام عثمان بن عفان، رضي الله عنه: 3/ 55، 8/ 36، وابن شبَّة في تاريخ المدينة: 3/ 954، وذكره أبو بكر الدِّيْنَوَرِي في المجالسة وجواهر العلم: 2/ 105، ومحمد بن يحيى المالقي الأندلسي في التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان، ص: 22.

([10]) تاريخ دمشق؛ لابن عساكر: 3/ 151.

([11]) سورة: المسد، آية: 1.

([12]) الاستيعاب؛ لابن عبد البر: 4/ 1839، 1840. وفي أسد الغابة؛ لابن الأثير: “ففارقاهما قبل الدخول بهما”: 6/ 114، 6/ 384، وكذا في الإصابة؛ لابن حجر أيضا: 8/ 461.

([13]) المعجم الكبير؛ للطبراني: 22/ 434، الاستيعاب؛ لابن عبد البر: 4/ 1840.

([14]) الاستيعاب؛ لابن عبد البر: 4/ 1840، أسد الغابة؛ لابن الأثير: 1/ 1352.

([15]) الاستيعاب؛ لابن عبد البر: 4/ 1840.

([16]) وَلَمْ يُحِرْ إِلَيَّ شيئًا: أي لم يَرْجِع، ولم يَرُدَّ جواباً. لسان العرب؛ لابن منظور، تاج العروس؛ للزَّبِيدي، مادة: (حور).

([17]) رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، ذِكْرُ أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب، رضي الله عنها، رقم: (6751) 4/ 16. وذكر نحوه ابن عبد البر في الاستيعاب، وقال عنه حديث صحيح: 4/ 1840، 1841.

([18]) المعجم الكبير؛ للطبراني: 1/ 76. الإبانة؛ لابن بطة: 8/ 66. رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، ذكر رقية بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رقم: (6854) 4/ 52. وقال عنه: “صحيح منكر المتن”، ورواه أيضا أبو نعيم في معرفة الصحابة، رقم: (230) 1/ 60، ورقم: (4333) 3/ 1716، ورقم: (7353) 6/ 3198.

([19]) رواه أحمد في مسنده، مسند عثمان بن عفان، رضي الله عنه، رقم: (490)، ص: 525، والطبراني في المعجم الكبير، سن عثمان ووفاته، رضي الله عنه، رقم: (135): 1/ 88، وابن عساكر في تاريخ دمشق: 39/ 258. وقال الأرناؤوط: إسناده حسن.

([20]) يَتَوَكَّفُ الخبر: أي يتوقَّعه. لسان العرب؛ لابن منظور، القاموس المحيط؛ للفيروزآبادي، مادة: (وكف).

([21]) رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني، ومن ذكر رقية بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رقم: (2978) 5/ 376، وابن أبي عاصم في السنة، باب في فضل عثمان، رضي الله عنه، رقم: (1311) 2/ 596، والطبراني في المعجم الكبير، رقم: (143): 1/ 90.

([22]) الاستيعاب؛ لابن عبد البر: 4/ 1841.

([23]) تاريخ المدينة؛ لابن شبة، ص: 954، أسد الغابة؛ لابن الأثير: 6/ 114، 115.

([24]) تاريخ المدينة؛ لابن شبة، ص: 102.

([25]) تاريخ دمشق؛ لابن عساكر: 3/ 151.

([26]) رواه الروياني في مسنده، مسند أنس بن مالك، رقم: (1368) 2/ 385، والطبراني في المعجم الكبير، نسبة عثمان بن مظعون، رقم: (8317): 9/ 37. وأبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: 1/ 105.

([27]) تاريخ المدينة؛ لابن شبة، ص: 102.

([28]) الطبقات الكبرى؛ لابن سعد: 8/ 37.

([29]) رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، ذكر رقية بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رقم: (6852) 4/ 51. وقال عنه: “هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه”.

([30]) الاستيعاب؛ لابن عبد البر: 4/ 1841.

([31]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الجنائز، باب من يدخل قبر المرأة، رقم: (1342) 2/ 91.

([32]) الاستيعاب؛ لابن عبد البر: 4/ 1841، 1842.

([33]) الحَصْبَةُ: مرضٌ؛ وهو عبارة عن بثْر يَخْرُج بالجسد، ويظهر في الجلد. لسان العرب؛ لابن منظور، القاموس المحيط؛ للفيروزآبادي، مادة: (حصب).

([34]) رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، ذكر رقية بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رقم: (6856) 4/ 53، والبيهقي في السنن الكبرى، باب المدد يلحق بالمسلمين قبل أن ينقطع الحرب، أو لم يأتوا حتى ينقطع الحرب، وما روي في الغنيمة أنَّها لمن شهد الوقعة، رقم: (12925) 6/ 544.

([35]) الاستيعاب؛ لابن عبد البر: 4/ 1842.

([36]) الاستيعاب؛ لابن عبد البر: 4/ 1842.

([37]) الاستيعاب؛ لابن عبد البر: 4/ 1842.

([38]) رواه الطبراني في المعجم الكبير، رقم: (12035) 11/ 366، وفي مسند الشاميين، رقم: (2408) 3/ 324، والقُضاعي في مسند الشِّهاب، رقم: (250) 1/ 172، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، رقم: (1721) 6/ 227، وابن عساكر في تاريخ دمشق، رقم: (592) 3/ 151، وذكره أيضا ابن عبد البر في الاستيعاب: 4/ 1843. والحديث ضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة، رقم: (185) 1/ 337.

([39]) الاستيعاب؛ لابن عبد البر: 4/ 1841، تاريخ دمشق؛ لابن عساكر: 3/ 150، الإصابة في تمييز الصحابة؛ لابن حجر: 8/ 139.

([40]) الاستيعاب في معرفة الأصحاب؛ لابن عبد البر: 4/ 1842، الإصابة في تمييز الصحابة؛ لابن حجر: 8/ 139.

([41]) تاريخ دمشق؛ لابن عساكر: 3/ 154.

([42]) رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، ذكر رقية بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رقم: (6858) 4/ 53. وقال عنه: “هذا حديث صحيح على شرط الشَّيْخين ولم يخرجاه”.

([43]) رواه أحمد في فضائل الصحابة، ومن فضائل عثمان من حديث أبي بكر بن مالك عن شيوخه سوى عبد الله بن أحمد، رقم: (844) 1/ 515، وابن ماجه في سننه، فضل عثمان، رضي الله عنه، رقم: (110) 1/ 40، وذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق: 39/ 40. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير وزيادته، رقم: (6398)، ص: 928.

([44]) سورة: الحج، من آية: 78.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق