مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةأعلام

العلامة المحدث أبو عبد الله محمد بن خلف ابن لُب التّجيبي القرطبي (529هـ)

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

الحمْد لله ربِّ العَالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيِّد الأولين والآخِرين، وعلى آل بيْته الطَّيبين الطَّاهرين، وأَزْوَاجه أُمَّهات المؤْمِنين، وأَصْحَابه من الأنْصَار والمُهَاجِرين.

من أعلام قرطبة المبرزين في الحديث، والمعتنين برواية أصوله وأسانيده: شيخ الأندلس ومفتيها، قاضي الجماعة، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن خلف بن إبراهيم بن لب بن بيطير التجيبي، القرطبي، المالكي، ويعرف بابن الحاج  القرطبي الشهيد ، كان من جلة علماء الأندلس، معدودا في المحدثين، والأدباء، عارفا بالفتوى، وكانت الفتوى تدور عليه لمعرفته ودينه وثقته، وكان معتنيا بالآثار، جامعا لها، ضابطا لأسماء رجالها ورواتها، مقيدا لمعانيها وغريبها، ذاكرا للأنساب، واللغة والنحو، عالما بمعاني الأشعار والسير والأخبار، قيد العلم عمره كله، وعني به عناية كاملة.

ولد بقرطبة في صفر سنة ثمان وخمسين وأربع مائة (458هـ)، وأخذ الفقه عن أبي جعفر أحمد بن رزق الفقيه، وتأدب وقيد الغريب واللغة والأدب على أبي مروان عبد الملك ابن سراج ، وسمع الحديث عن عدة أعلام منهم: أبي علي الغساني وأكثر عنه، وأبي القاسم خلف بن مدير الخطيب، وخازم بن محمد، وأبي عبد الله محمد بن فرج الفقيه، وأبي الحسن العبسي، وأبي الحسن بن الخشاب البغدادي وغيرهم.

روى عنه: أبو جعفر أحمد بن عبد الملك بن عميرة، وأحمد بن يوسف بن رشد، وابن بشكوال، وولده أبو القاسم محمد بن الحاج، وعبد الله بن مغيث قاضي الجماعة، وعبد الله بن خلف الفهري، وأبو بكر بن طلحة المحاربي، وأبو الحسن بن النعمة.

وكان له مجلس بالمسجد الجامع بقرطبة يسمع الناس فيه، وتقلد القضاء بقرطبة مرتين، وكان في ذاته لينا، صابرا، طاهرا، حليما، متواضعا، لم يحفظ له جورٌ في قضية، ولا ميل بهوادة، ولا أصغى إلى عناية. وكان كثير الخشوع والذكر لله تعالى، ولم يزل آخر مدته يتولى القضاء بقرطبة إلى أن قتل ظلما بالمسجد الجامع بقرطبة يوم الجمعة وهو ساجد لأربع بقين من صفر سنة تسع وعشرين وخمس مائة (529هـ). ودفن عشية يوم السبت بمقبرة أم سلمة، وصلى عليه ابنه أبو القاسم وشهده جمع عظيم من الناس، وأتبعوه ثناء حسنا.

 رحمه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

مصادر ترجمته:

 الصلة لابن بشكوال (2 / 580 – 581)، وسير أعلام النبلاء (19/614).

*راجعت المقال الباحثة: خديجة ابوري

د. محمد بن علي اليــولو الجزولي

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق