الحلة السيراء فيمن حل بمراكش من القراء (من كتاب الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشي ت703ه) -37- محمدُ بن عبد العزيز بن خَلَف بن عبد العزيز المَعافِريُّ، أبو بكر السّلاقيُّ (1)
محمدُ بن عبد العزيز بن خَلَف بن عبد العزيز المَعافِريُّ، لَبْليٌّ سلاقيُّ الأصل قديمًا ثم رَجَانيٌّ، سَكَنَ إشبيلِيَةَ ثم مَرّاكش، أبو بكر السّلاقيُّ وابن الرّجانيِّ، وبعضُهم يَكتُبُه: الرَّجِينيَّ باعتبارِ إفراطِ الإمالة المُستحكِمة في لسانِ أهل الأندَلُس.
رَوى عن أبي إسحاقَ بن مُلْكونَ، وآباءِ بكر: ابن الجَدّ وابن خَيْر وابن رَيْدان، وآباءِ الحَسَن: خَليل والزُّهْريّ وعبد الرّحمن بن مَسْلَمةَ، وأبي الحَكَم عَمْرِو بن أحمدَ بن حَجّاج، وأبوَيْ عبد الله: ابن المُجاهد الفاضل وابن مَيْمون بن ياسين، وأبوَي العبّاس: ابن خَليل وابن سَيّد، وأبوَي القاسم: ابن الإِمام وابن بَشْكُوال، وأبي محمد بن مَوْجُوال، وأبي مَرْوانَ بن مسَرّةَ.
رَوى عنه أبوا عبد الصَّمد: صِهرُه محمدُ بن عبد الله بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ اليابنيُّ، وأبو إسحاقَ بن يوسُفَ بن جعفر، وأبو الحَسَن بنُ أبي عليّ الحَسَن بن حَجّاج بن يوسُف، وأبو الخَطّاب بن خَليل، وأبو العبّاس بن عُمرَ، وأبو محمدٍ عبدُ العزيز بن أبي محمد عبد الوهّاب بن غازٍ؛ وحدَّثنا عنه شيخُنا أبو عليّ الماقَريُّ.
وكان محدِّثًا راوِيةً عَدْلًا مُكثِرًا صحيحَ السَّماع ثقةً، فقيهًا ذاكرًا أقوالَ أئمّة الفقه، نَظّارًا فيه، مُستبحِرًا في حِفظِ اللُّغاتِ والتواريخ والأشعارِ قديمِها وحديثها، متقدِّمًا في النَّحو، متحقِّقًا بذلك كلّه، حَسَنَ المشارَكة في غيرِه من فنونِ العلم، حَسَنَ النَّظْم والنّثر، جيّد الخَطّ رائقَه، لزِمَ شيخَه أَبا الحَسَنَ خليلًا أزيَدَ من سَبعْ وعشرينَ سنةً، وتصَدَّر بعدَ وفاتِه للإقراءِ بإشبيلِيَةَ وقُرطُبةَ أعوامًا قليلة، ثم نَقَلَه المنصُورُ من بني عبد المُؤْمن إلى حضرتِه مَرّاكُشَ، فأنزَلَهُ في جامعِه الأعظم لتدريس ما كان عندَه من المعارف، وحَظِيَ عندَه وعندَ ذوي الأمرِ من آلِ بيتهِ وشِيعتِهم حُظوةً كبيرة، خَلَا أنه كانت فيه دُعابة أخَلَّت به لدَيْهم، فلم يترَقَّ إلى أعلى من رُتبةِ التدريس، ولم يكن ممّن يُستحضَرُ بمجلسِ المنصُور معَ من كان يَحضُرُه من أهل العلم؛ على أنهُ كان يشتملُ على كثيرٍ ممّن يَقصُرُ على إدراكِ أبي بكرٍ هذا، فكان من الناس من يوَجِّهُ ذلك باغتنام نَصْبِه للتدريس وشَغْلِه به وتفريغِه له، ومنهم من يَرى أنّ ذلك من أجلِ الدُّعابة التي ذكرَ إخلالها به عندَهم، ومعَ ذلك فكان من مفاخِر وقتهِ، وله في أخبارِ خَليلٍ وسَلَفِه وبيتهِ ومنَاقبِهم مجموعٌ حسَنٌ مُمتِع، كان المنصورُ يعجَبُ به ويقول: ما ينبغي لأحدٍ أن يخلوَ عنه، وأمَرَ بنَسْخِه لِخزانةِ كُتُبِه، وعُني النَّاسُ في مَرّاكُشَ بنَسْخِه واستنساخِه وإذاعتِه، وقد تقَدَّم ذكْرُ ذلك في رَسْم خليلٍ من هذا الكتاب.
مَوْلدُه سنةَ إحدى وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بمَرّاكُشَ يومَ الأربعاءِ لثلاث خَلَوْنَ من صَفَرِ إحدى وست مئة.
- الذيل والتكملة 4/ 416-417.