مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

الانتصار للشعر والشعراء في نَضْرة الإغْرِيض في نُصْرة القَرِيض للمظفر بن الفضل العلوي المتوفى سنة (656 هـــ) (الحلقة الخامسة)

في كشف ما مُدِح بالشعر وذُمَّ بسببه، وهَلْ تَعاطيه أصلحُ:

يوشكُ هذا المحورُ أن يكونَ امتدادا لما ذكرناه سالفا في الحلقة السابقة؛ وفي هذا الصدد يذكرُ المظفر كل ما جاء عن الشعر والشعراء في القرآن الكريم، وما روي من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك وما نُقل عن أصحابه، ويتخذُ المظفر موقعَ المدافع تجاه الذين يذمّون الشعرَ والشعراءَ، وينصحُهم أن ينظروا في الآثار الواردة في ذلك حتى تستقيمَ نظرتهم، وألا يميلوا مع أهواء أنفسهم، ومَن نازَعَ في أمور ولم ينافرْ إلى حاكم غير نفسه، لم يظفر بمحجة حججه.

أما مدحُ الشعر على لسان النبي صلى الله عليه وسلم وألسُن الصحابة رضوانُ الله عليهم فكثيرٌ غزير، لا ينكرُ ذلك إلا غَمرٌ من الأدب فقيرٌ، وفي الاقتداء بهم  والاقتفاء لمنهجم رشادٌ لا يضلُّ سالكُه، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إنّ من الشعر لحكمةً»، وهو صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، بعد أن قال الله تعالى في شأن داودَ عليه السلام:« وَآتَيْنَاهُ الحِكْمَةَ وَفَصْلَ الخِطَاب»، فجعلَ صلى الله عليه وسلم بعضَ الشعر جزءاً من الحكمة التي خَصَّ الله تعالى بها أنبياءَه ووصفَ بها أصفياءَه، وامتنَّ عليهم بذلك إذ جعلهم مخصوصين بها من قبله، ناهيكَ بذلك فضيلةً للشعر والشعراء ومزيةً عَظُمَ بها  قَدْرُ الأدَب والأدباء، وقد كانَ لسانُ حسانَ بنِ ثابتٍ كالحُسام، ولولا الشعرُ لما جُعِلَ لسانُه حساما على المجاز لمضائه في القول، في الرّدِّ عن الرسول صلى الله عليه وسلَّم،وهجائه للمُشركين الذين يُؤذونَ الله ورَسولَه.

وقالت عائشةُ رضي الله عنها: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسانَ مِنْبراً في المسجد ينافح عنه بالشعر.

ولما هَجَت قريشٌ الأنصارَ أتوا رسولَ الله واستأذنوه في هجائهم فأذِنَ لهم، فأتوا كعبَ بنَ مالك وكان وَصّافا للحرب، فعَمِل شعرا فقال لهم رسول الله: ما صَنَعَ شيئا، فأتوا عبدَ الله بنَ رواحةَ وكان وَصّافاً للجَنّة، فقال شعرا، وأتوا به النبي فقال: ما صَنَعَ شيئا، فأتوا حسانَ بنَ ثابت فقال: ما كنتُ لأفعلَ حتى يأمُرَني رسولُ الله، وكان حسانُ أعرفَ الناس بهجاء قريشٍ في الجاهلية، فقال له رسول الله: يا حسانُ إن أبا سفيانَ قد هَجاني وقرابَتُه مِني قد عُرِفَت، فكيفَ تصنع؟ فقال: يا رسول الله لأسُلَّنَّكَ منه كَما تُسَلُّ الشَّعرةُ من العَجين، فقال له: هل عندكَ مِن شِعْرٍ يا حسانُ؟ فأخرج لسانَه فإذا هو مثل ذنب الحية، فقال له: اذهب فإن جبريل معك،[1] فكان مما هجا حسان به أبا سفيان قوله:[2].

وَأَنْتَ مَنُوطٌ نِيطَ في آلِ هَاشِمٍ/// كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ الفَدَحُ الفَرْدُ

قال عبدُ الله بنُ عباس: تعلَّموا الشعرَ فإنه أول علم العرب وهو ديوان الأدب، وعليكم بشعر أهل الحجاز، فإنه شعر الجاهلية وقد عُفي عنه. وقالَ عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه: تحفظوا الأشعار وطالعوا الأخبارَ، فإن الشعرَ يدعو إلى مكارم الأخلاق ويعلم محاسنَ الأعمال، ويبعثُ على جميل الأفعال، ويفتقُ الفطنَةَ، ويشحذُ القريحةَ، ويحدو على ابتناء المناقب وادخار المكارم، ويَنهَى عن الأخلاق الدَّنيئة، ويزجرُ عن مُواقَعة الريب، ويحضُّ على معاني الرتب.[3]

وقال معاوية: علموا أولادَكُم الشعرَ فإني أدركتُ الخلافةَ ونلتُ الرئاسةَ ووصلتُ إلى هذه المنزلةَ بأبيات ابن الإطنابة، فإنني يوم الهرير كُلَّما عزمتُ على الفرار أنشدتُ قوله:[4]

أَبَتْ لي عِفَّتِي وَأَبَى بَلَائِي  ///  وَأَخْذِي الحَمْدَ بالثَّمَنِ الرَّبِيحِ

وَقَوْلِي كُلَّمَا جَشَأَتْ وَجَاشَتْ  ///    مَكَانَكِ تُحْمَدِي أَوْ تَسْتَرِيحِي

ومن فضيلة الشعر أن العلماءَ بالأدب لا يستطيعونَ نَظمَ البيتِ الفذ منه، مع عدم الطبيعة في نظمه والمنحة من الله تعالى في تأليفه لقوله تعالى: «ومَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ»، فعزى تعليمه إليه سبحانه وجعله من جملة هباته للمخلوق وزينته التي يكسوها من يشاء، كما قال تعالى:«يَزيدُ في الخَلْقِ مَا يَشَاء»

ومن فضيلة الشعر أن الكلام المنثور وإن راقت ديباجته ورقت بهجته، وحسنت ألفاظه، إذا أنشده الحادي وأورده الشادي، لا يحرك رزينا ولا يسلي حزينا، فكم من نفس استعادت به نفسها، وكم من مهجة ذهب بها واختلسها، وكم من كريم أحياه ومن لئيم أرداه، والشعر معدن تفضيل وإعجاز يشجع الجبان.[5]

وأما من ذهب إلى ذمه وتنقصه لسوء فهمه، فإنما هو متمسك بشبه لم يعرف تأويلها، مستند إلى حجج لم يعلم تعليلها، والذي  تمسك به الذام قوله عليه السلام: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرا.

وتمسك الذام للشعر والشعراء بقول من قال: الشعر أخبث طعمة تؤكل، وأفحش صناعة تعمل، وأرجس قدح يلمس، وأبخس ثوب يلبس، لأن قول شاعره زور وثناءه غرور، ولفظه فجور، وهو مستثقل مهجور، إن بعد خيف شذاه وإن قرب لم يؤمن أذاه، ثم إن الشاعر إذا نظم قطعة، واختطف معنى استصغر الشعراء الصدر الأول، واستحقر من العلماء الخليل والمفضل، وليس عنده سوى لمع قد أخذها من بطون الكتب وصحفها من متون الصحف. وكم من شاعر قد ابتلي  به من أنعم عليه وأحسن إليه، فقابل الإحسان  بالإساءة، والإنعام بالإنتقام، وحسن الصنيع بقبح التضييع، حتى أذاقه بعد حلاوة مدائحه مرارة هجائه.[6]

ويذكر المظفر أنه كم من كريم جعله الشعر بخيلا، وصريح في قومه تركه دخيلا، وشجاع صيره جبانا، وأمين غادره خوانا، فنجد أبا نواس وإحسان بني برمك إليه، وإقباله بالمدائح عليهم، وإقبالهم بالصلات  عليه، فمن جملة قوله فيهم:[7]

سَلامٌ عَلَى الدُّنْيَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهَا  ///  بَنُو بَرْمَكٍ مِنْ رَائِحِينَ وَغَادِ

وقد عرف الناس كافة اشتهار بني برمك بالجود واختصاصهم ببذل الموجود، فلم يستحي أبو نواس من إحسانهم إليه وتكذيب الناس له حتى وسمهم بالبخل ودعاهم بالشح، حتى قال من جملة هجائه فيهم:[8]

بَنِي بَرْمَكٍ باللُّؤْمِ والبُخْلِ أَنْتُمُ    ///   حَقِيقُونَ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ مُحَالُ

وقال يهجو جعفرا:[9]

وَلَوْ جَاءَ غَيْرُ البُخْلِ منْ عِنْدِ جَعْفَرٍ  ///   لَما أَنْزلُوهُ مِنْهُ إِلَّا عَلَى حُمْقِ

أَرَى جَعْفَرا يَزْدَادُ  لُؤْما وَدِقَّة   ///    إذَا زَادَهُ الرَّحْمَنُ في سَعَةِ الرِّزْقِ

وكذلك صنع أبو نواس مع الخصيب فإنه بعد قوله فيه:[10]

إذا لمْ تَزُرْ أرضَ الـخَصيبِ ركابُنَا  ///  فَأَيُّ فتى بَعْدَ الخـَصِيبِ تَزُورُ

يقول:[11]

خُبْزُ الخَصِيبِ مُعَلَّقٌ بِالكَوْكَبِ  ///   يُحْمَى بِكُلِّ مُثَقَّفٍ وَمُشَطَّبِ

وللذين يذمون الشعر يقول المظفر: واعلم أيها الذام أن الشعر صناعة عزيزة شريفة يخلد ذكرها خلود الدهر، ويبقى فخرها بقاء الأبد، ومن لم يجر في ميدان النظم ولم يبرز في رهان الحذق والفهم، ولم ترض قريحته رياضة القريض، ولم يدعك خاطره تنافر القوافي دعك الأديم، وتأبى عليه المعاني إباء الصعب الجموح، وتعتاص عليه الألفاظ العذبة الحلوة اعتياص البطيء الطليح، ويصعب عليه رد الشوارد من مقاصده، ويمتنع عليه الخروج من النمط الموضوع والحد  المحدود إلى غيره من التفنن في الصفات والتشبيهات، لم يعلم بحقائق الشعر ودقائق المعاني، ولم يعرف هل يستحق قائله المدح أو الذم.[12]

 وأما صفة العرب للديار والآثار، ووقوفهم على الرسوم والأطلال فقد قال فيهم المظفر أنهم في ذلك معذورين غير ملومين، لأنهم جروا فيه على سنن السلف ورسم من تقدم منهم، ولم يصفوا وينعتوا ويشبهوا ويمدحوا ويذموا إلا ما هو تجاه أعينهم لا يعاينون غيره، ولا يعانون سواه، ولكل قوم سنة بها يستنون، ووتيرة عليها يحومون وإليه يرمون، فمن اضاع ذلك منهم كان خارجا عن مذهبه، مخالفا لطبيعته، ساقطا من وراء حده.

هل تعاطي الشعرِ أصلحُ، أو رَفضُه أوفرُ وأرجحُ ؟:

أجاب المظفر عن ذلكَ بقوله: كيف يكون ترك الفضائل خيراً من تعاطيها، واجتناب المناقب أصلح من مواصلة معاليها. وما علمنا أن أحدا من البشر استطاع نظم الشعر وكان فيه مجيدا، وترك ذلك ولم يكن يشتهر به وينتسب إليه، إلا أن يكون فيه مقصرا، فيجوز أن يتركه لعجزه عنه ونفوذ جيده منه، كما نقل عن المأمون لما قيل له: هلا نظمت شعرا، فقال: يأباني جيده وآبى رديئه.[13]

 وقد روي عن جماعة من الصحابة أشعار كثيرة حتى دونوا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ديوانا، ورووا فيه أشعارا حِسانا، فأما النبي فقد قال الله تعالى فيه:«ومَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ»، ليكونَ ذلكَ أبلغَ في الحجة على من زعمَ أنه كاهنٌ أو ساحر أو «شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنُونِ»، وقالوا «أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ»، فمنعه الله تعالى من الشعر تكرمة له لما كان الشعر ديدن أهل عصره الذي بعث فيه، وحظر عليه دلالة على صدقه وشهادة على بطلان قول المبطلين في حقه، وأنزل عليه القرآن المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فأقبل يتحداهم فريقا فريقا بأن يأتوا بمثله فلا يقدرون، وما كان منعه صلى الله عليه وسلم إلا فضيلة ومصلحة وإكراما وتطهيرا.[14]

وقد جعل الله أهل بيت رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإخوانه كتابا وحسابا، كما جعل منهم شعراء ورجازا وكان من أزواجه من يكتب ويقرأ وهم حفصة بنت عمر، وعائشة بنت أبي بكر وأم سلمة، ورووا عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يوم الأحزاب ينقل التراب ويقول:[15]

اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا    ///   وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنا

ورووا عنه عليه السلام أنه كان يوم حنين على بغلته البيضاء وهو يقول:[16]

أنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ   ///    أَنَا ابْنُ عَبْدِ الـمُطَّلِبْ

ورووا أنه صلى الله عليه وسلم أصاب إصبعَه الشريفةَ حجرٌ فدميت فقال:[17]

هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ   ///    وَفِي سَبِيلِ الله مَا لَقِيتِ

ويقول المظفر إن هذه الأخبار إذا صحت فإنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثل بها ولا يقيم وزنها تصديقا وتسليما لما أخبر به وهو أصدق قيلا.

فقد ظهر مدح الشعر في مطاوي هذا الذم، ومثل ذلك ما حكاه الأصمعي أن أعرابيا أتى ابنَ عم له، فسأله في مهر لزمه فلم يعطه شيئا ورده خائبا، فأتى رجلا من المجوس وشكا إليه ما كان من ابن عمه، لإعطاه المجوسي ما التمسه، وأطلق له ما كان ابن عمه عنه حبسه، فأنشأ قائلا:[18]

كَفَانِي المجُوسِيُّ مَهْرَ الرَّبَابِ    ///   فِدى للمَجُوسِيِّ خَالٌ وَعَمّْ

شُهِدْتُ عَلَيْكَ بِطِيبِ الـمُشَاشِ   ///    وَأَنَّكَ أَنْتَ الجوَادُ الخِضَمّْ

وَأَنَّكَ سَيِّدُ أَهْلِ الجَحِيمِ   ///     إِذَا مَا تَرَدَّيْتَ فِيمَنْ ظَلَمْ

تُجَاورُ فِرْعَوْنَ في قَعْرِهَا    ///    وَهَامَانَ والمكتَني بالحَكَمْ

ولما سمع حسان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق امرئ القيس قال:« ودِدتُ أنّه قال ذلك فيَّ وأنا الـمُدَهْدَهُ في النار»، حرصا على بلوغ الغاية القصوى التي أوجبت تفضيل امرئ القيس على سائر نظرائه، وتقديمه على جميع أكفائه، وسأل بعض الناس عن قول الرضي الموسوي:[19]

مَا لَكَ تَرْضَى أَنْ يُقَالَ شَاعِرٌ    ///     بُعْدا لها مِنْ عَدَدِ الفَضَائِلِ

قال المظفر:  كان الرضي طالبَ منزلة عظيمة، ومحدثا نفسه بأمور جسيمة:[20]

مُنى إِنْ تَكُنْ حَقّا تَكُنْ أَحْسَنَ الـمُنَى   ///    وَإِلَّا فَقَدْ قَضَى بها زَمَنا رَغْدَا

فكل فضيلة نبيلة ومنقبة جليلة عند بغيته مستصغرة، وكل درجة رفيعة وحوزة منيعة عند طلبته نازلة سهلة، فمراده أن يقول: كيف ترضى لنفسك أن يقال عنك: هذا شاعر مقتصرا على هذه السمة، ومقتنعا بهذه المنزلة، وتترك الجد والاجتهاد في إدراك الرتبة التي أنت مؤملها، وتحصيل الأمنية التي أنت طالبها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

[1]نضرة الإغريض، ص:  354-355

[2]ديوان حسان بن ثابت، ص: 100، والرواية فيه: وأنت زنيم

[3]نضرة الإغريض، ص: 356

[4]البيتان والقصة في العمدة، 29:1

[5]نضرة الإغريض، ص: 359

[6]نفسه، ص: 365-366

[7]ديوان أبي نواس، ص:  473

[8] نضرة الإغريض، ص: 368

[9]ديوان أبي نواس، ص: 444، وفي الديوان: أرى جعفرا يزداد بخلا

[10]نفسه، ص: 287، وفي الديوان: بعد الخصيب نزور

[11]نفسه، ص: 392

[12] نضرة الإغريض، ص: 373-374

[13]نفسه، ص: 376-377

[14]نفسه، ص: 377-378

[15]صحيح البخاري، 9: 84، وروايتها: لولا أنت ما اهتدينا نحن

[16]صحيح البخاري، 4: 32

[17]صحيح البخاري، 4: 18

[18]نضرة الإغريض، ص: 383

[19]ديوان الشريف الرضي، 2: 151

[20]نضرة الإغريض، ص: 384

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق