مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكأعلام

الإمام العلامة أحمـــــــــد بن أحمد الشقانصي وجهوده في علوم القرآن من خلال مؤلفاته(ت 1228-1235هـ)

 

تقديم:

الحــمد لله ذي العرش المجيد، الفعال لما يريد، أرشدنا لطريق العلم ووفقنا للخير الرشيد، أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا، وجعل لنا السمع والأبصار والأفئدة لنستعملها في تحصيل العلم وطلب الأسانيد، وسدد خطواتنا خير تسديد، فاللهم صل على سيدنا محمد الذي بعثته مُعلما ليهدي الناس إلى الحق العتيد، وعلى آله وأصحابه الذين نصروه خير تأييد.

أما بعد؛

فإنَّ أفضل ما اشتغل به المشتغلون من العلوم، وأُفْنِـيت فيه الأعمار، وأُعملت فيه القرائح، كتابُ الله عزَّ وجل والتعلُّق به، إذْ فيه العلم الذي تُعقد عليه الخناصر، وتفنى في تدوينه الأقلام والمحابر، فلا تمل من ترداده الحناجر، ولا يفتر عن التفكر فيه الأكابر.

ولما كان شرف العلم بشرف المعلوم، كانت خدمة كتاب الله تعالى المنهل العذب الذي يرتوي منه كل باحث يصبو إلى بلوغ الغاية في علوم الشريعة، فالاشتغال بكتاب الله تعالى مدارسة لآياته، ومكاشفة لدرره واستنباطا لأحكامه، أشرف العلوم وأجلها، ولذلك عكف علماء الأمة على إعراب القرآن الكريم، وبيان معانيه، وضبط غريبه، وحصر مجازه، وتذوق إعجازه، والاشتغال بناسخه ومنسوخه، ومكيه ومدنيه، وغيرها من مختلف العلوم الخادمة لكتاب الله رسما وضبطا وتلاوة وفهما واستنباطا[1]، مما يدخل تحت شعبة علوم القرآن الكريم.

ولقد برز الاعتناء بهذه العلوم منذ الجيل الأول لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يتسع المقال لذكر أهم المراحل التي تدرج منها هذا الفن، إلا أنه لا يمكن لعين الباحث أن تخطئ بوادره وفواصله الأولى من خلال الجمع البكري والجمع العثماني للقرآن الكريم، ثم توالت عناية التابعين بالعلوم الخادمة لكتاب الله تعالى، وظهرت عنايتهم كثيرا من خلال كتب التفسير؛ مثل تفسير مجاهد، وتفسير مقاتل، وتفاسير؛ شعبة بن الحجاج، وسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح،وغيرهم كثير. ثم تلاهم الإمام الطبري رحمه الله تعالى (224 هـ – 310 هـ) الذي بدأ تفسيره بجملة مقدمات أبان فيها عن دقة ونفس طويل في باب علوم القرآن الكريم.

 ثم توالت رسائل العلماء ومؤلفاتهم في هذا الفن، وإن كان الجزم بأول من ابتدأ التدوين في هذا الفن على وجه الاستقلال صعبا، فإن تدوين علوم القرآن عرف نهضة علمية مبكرة، مع تباين المناهج واختلافها في القلة والكثرة، مثل: ابن الجوزي في كتابه “فنون الأفنان”، والزركشي في “البرهان في علوم القرآن”، والسيوطي في “الإتقان في علوم القرآن”، هذا الكتاب الأخير الذي يعدُّ مسك الختام لسلسلة ما كتب في علوم القرآن عبر تاريخها الطويل، لتدخل الكتابة في علوم القرآن مرحلة من الفتور، سواء في المشرق أو في المغرب، حيث لم يظهر إلا قلّة قليلة من المؤلفات اعتمدت بشكل كبير على ما سبقها من التصانيف في علوم القرآن، فلم يكن لها من نصيب إلا الجمع والترتيب.

والإمام أحمد بن أحمد الشقانصي رحمه الله (ت1228-1235هـ) من الأئمة القلائل الذين ظهروا خلال هذه المرحلة، فأغنوا الخزانة العلمية في علوم القرآن، وإن كانت تآليفه تعتمد بشكل كبير على ما سبق تأليفه في هذا الباب، خصوصا كثرة نقوله من كتاب “الإتقان” للإمام السيوطي رحمه الله، وهي سمة بارزة في مؤلفاته، إلا أن اهتمامه بعلوم القرآن جعله يبرز فيه بشكل كبير، حيث تصدّى للردِّ على من تجرأ على كتاب الله تعالى، كصنيعه في كتابه “الشهب الثواقب” و”الأجوبة المدققة على الأسئلة المحققة”و”الحجّة الباهرة”، والتي يمكن القول أنها شكّلت بداية لانطلاق الدراسات القرآنية من جديد.

ورغم تخصّص الإمام الشقانصي في علوم القرآن، إذ لم يكتب في غيرها، إلا أنه ظل مغمورا لم تشتهر كتبه ومؤلفاته، بل ولم يعرف من ترجمته إلا النزر اليسير، وهذا دأب أهل المغرب من الخمول والفتور في ذكر أعلام أئمتهم، إذ يزهدون في ذلك غاية الزهد.

ولهذا ارتأيت أن أكتب ترجمة مقتضبة أعرف فيها بسيرة هذا الإمام العلم، وأبين من خلالها جهوده في خدمة القرآن الكريم.

وسأعمل على تقسيم هذا البحث الموجز إلى مقدمة وثلاثة مطالب وخاتمة.

المطلب الأول: اسمه ونسبه وولادته ووفاته:

أولا: اسمه ونسبه

ثانيا: ولادته

ثالثا: وفاته

المطلب الثاني: شيوخه وتلامذته وأسرته:

أولا: شيوخه

ثانيا: تلامذته

ثالثا: أسرته

المطلب الثالث: مؤلفاته ومكانته العلمية وجهوده في خدمة علوم القرآن الكريم:

أولا: مؤلفاته

ثانيا: مكانته العلمية

ثالثا: جهوده في خدمة علوم القرآن الكريم

خاتمة

 

 

المطلب الأول

اسمه ونسبه وولادته ووفاته[2].:

أولا: اسمه ونسبه:

هو أبو العباس، أحمد بن أحمد بن محمّد بن أبي بكر بن محمد بن علي بن أبي بكر، الشقانصي، القرشي نسبا[3]، القيرواني بلدا، المالكي مذهبا.

ثانيا: ولادته:

لا تسعفنا المصادر بتاريخ ولادته؛ لا على وجه التحقيق، ولا على وجه التقريب، وقد قدّر الأستاذ عبد الرزاق بسرور ولادته بمدينة القيروان سنة (1152هـ) على وجه التقريب[4].

ثالثا: وفاته:

اختلفت المصادر في تاريخ وفاة الإمام أحمد الشقانصي، وقد ذكر عبد الرزاق بسرور في عمدة القارئين والمقرئين اختلاف المصادر على سبعة أقوال ما بين 1228هـ و1235هـ[5].

1 2 3الصفحة التالية

ذ.عبد الرحيم ناشط

باحث مختص في الدراسات القرآنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق