الرابطة المحمدية للعلماء

مخطوطة “تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام” تروي ملحمة مكة المكرمة

مخطوطة تقي
الدين الفاسي دليل على تعلق المغاربة عبر التاريخ بمكة المكرمة

تعد مخطوطة” تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام”
أو “شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام” من أهم المخطوطات التي اعتنت
عناية خاصة بتاريخ مكة المكرمة، وأبرزت معالم جغرافيتها واحتفت بمكانتها وخصوصيتها.
ومؤلفها هو تقي الدين محمد بن أحمد الفاسي (1373 – 1429م) وهو مؤرخ عالم بالأصول،
حافظ للحديث الشريف، يعود أصله إلى فاس، إلا أن مولده ووفاته كانا في مكة المكرمة،
وهو أول من ولي قضاء المالكية، في مكة مستقلاً، وله العديد من المؤلفات، وقد وصفه
المقريزي، بأنه: كان بحر علم، لم يخلف بالحجاز بعده مثله، وكان أعشى يُملي تصانيفه
على مَن يكتب له، عمي عام 828 هـ.

يقول في بيان مؤلفاته المتعلقة بمكة المكرمة: “ومنها: تواريخ لمكة المشرفة
بعضها على نمط تاريخ الأزرقي، جمع فيها ما ذكره الأزرقي من أخبار عمارة الكعبة
المعظمة وخبر حليتها، ومعاليقها وكسوتها وخبر الحجر الأسود، وأضاف إلى ذلك أحاديث
وآثاراً في فضائل الكعبة والأعمال المتعلقة بها..”، ثم يضيف: “وهذه التآلف
خمسة، أكبرها “شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام”، في مجلدين، في نحو نصف
أصله..” ، ثم مختصره:”تحصيل المرام من تاريخ البلد الحرام”،
ومختصره: “هادي ذوي الأفهام إلى تاريخ البلد الحرام”، ثم مختصره: “الزهور
المقتطفة من تاريخ مكة المشرفة”. ويستهل الكتاب على النحو التالي: «… الحمد
لله الذي خص مكة المشرفة بوافر الكرامة، وأجزل المقربين فيها أنعامه…أما بعد،
فإني ألّفتُ تاريخاً لمكة المشرفة على نمط تاريخها الذي ألفه الإمام العالم
العلامة، أبو الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي، سميته “شفاء الغرام بأخبار
البلد الحرام”.
وقد ذكر ويذهب بعض الدارسين إلى أن الفاسي لم يقتصر على ما ذكره الأزرقي، وإنما
أضاف إليه ما استجد بعده من عمارة المسجد الحرام، وما استحدث من المدارس والأوقاف
والربط، وما كان في مكة من الأمطار والسيول وغير ذلك، ويدخل جانب كبير من الكتاب
المخطوط في مجال خطط البلدان، كما يدخل في نطاق الفضائل.
ومن الأبواب ذات العلاقة بالدراسات الجغرافية، الباب الثالث: في ذكر حرم مكة وسبب
تحريمه وعلاماته وحدوده، والباب الحادي والعشرون: في ذكر الأماكن المباركة في مكة
وحرمها، والباب الثالث والعشرون: في ما في مكة من المدارس والربط والسقايات
والتبرك المُسبَّلة والآبار والعيون والمطاهر. والباب التاسع والثلاثون: في ذكر
شيء من أمطار مكة وسيولها في الجاهلية والإسلام، وشيء من خبر الصواعق في مكة، وذكر
شيء من أخبار الغلاء والرخص والوباء.

وتجدر الإشارة إلى أن نسخة هذا المخطوط تقع في (398) صفحة من القطع الكبير،
كتبت بخط نسخ جميل، وتضمنت جملة من التعليقات المفيدة. كما أن هناك عدة نسخ مخطوطة
من هذا الكتاب، منها نسخة محفوظة في المكتبة الآصفية، بحيدر آباد في الهند، رقم
(2511)، وقد كتبت هذه النسخة في حياة المؤلف، وهي مُرتبة على (24) باباً. ونسخة
محفوظة أخرى في مكتبة رضا رامبوريا في الهند، رقم (3611) نُسخت بخط علي الشهير
بالرملي عام 883 هـ، وهي ناقصة قليلاً من المقدمة. وهناك نسخة محفوظة في دار الكتب
المصرية رقم (1986 طلعت) نسخها عبدالوهاب بن حسن بن أحمد الدمياطي الشافعي، فرغ
منها العام 838 هـ، وعليها تملك يعود إلى العام 899 هـ.( عن جريدة
“الحياة” اللندنية بتصرف عدد:6-9-08 ).

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق