
قال الإمام القرافي في كتابه الفروق:
"وَأَمَّا الْجَهْلُ بِاللَّهِ تَعَالَى عَشَرَةُ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: مَا لَمْ نُؤْمَرْ بِإِزَالَتِهِ أَصْلًا، وَلَمْ نُؤَاخَذْ بِبَقَائِهِ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَنَا لَا يُمْكِنُ الِانْفِكَاكُ عَنْهُ، وَهُوَ جَلَالُ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتُهُ الَّتِي لَمْ تَدُلَّ عَلَيْهَا الصَّنْعَةُ، وَلَمْ يَقْدِرْ الْعَبْدُ عَلَى تَحْصِيلِهِ بِالنَّظَرِ فَعَفَا عَنْهُ لِعَجْزِنَا عَنْهُ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِك» وَقَوْلِ الصِّدِّيقِ: الْعَجْزُ عَنْ دَرْكِ الْإِدْرَاكِ إدْرَاكٌ.
وقِسْمٌ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ كُفْرٌ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي كِتَابِ الشِّفَاءِ: انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ جَحَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ أَوْ مُتَكَلِّمٌ أَوْ غَيْر ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ، فَإِنْ جَهِلَ الصِّفَةَ وَلَمْ يَنْفِهَا كَفَّرَهُ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وقيل لَا يكفر، وَإِلَيْهِ رَجَعَ الْأَشْعَرِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَمِّمْ عَلَى اعْتِقَادِ ذَلِكَ، وَيَعْضُدُهُ حَدِيثُ الْقَائِلِ: لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ لَيُعَذِّبَنِّي الْحَدِيثَ. وَحَدِيثُ «السَّوْدَاءِ لَمَّا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ»، قَالَ: وَلَوْ كُوشِفَ أَكْثَرُ النَّاسِ عَلَى الصِّفَاتِ لَمْ يَعْلَمْهَا.
قُلْتُ: فَنَفْيُ الصِّفَاتِ وَالْجَزْمُ بِنَفْيِهَا هُوَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ نَفْيَ الْعِلْمِ أَوْ الْكَلَامِ أَوْ الْإِرَادَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، بَلْ الْعَالِمُ وَالْمُتَكَلِّمُ وَالْمُرِيدُ فَمَنْ نَفَى أَصْلَ الْمَعْنَى وَحُكْمَهُ هُوَ الْمُجْمَعُ عَلَى كُفْرِهِ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ وَالدَّهْرِيَّةِ دُونَ أَرْبَابِ الشَّرَائِعِ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا اخْتُلِفَ فِي التَّكْفِيرِ بِهِ، وَهُوَ مَنْ أَثْبَتَ الْأَحْكَامَ دُونَ الصِّفَاتِ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَمُتَكَلِّمٌ بِغَيْرِ كَلَامٍ وَمُرِيدٌ بِغَيْرِ إرَادَةٍ وَحَيٌّ بِغَيْرِ حَيَاةٍ وَكَذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الصِّفَاتِ، فَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَلِلْأَشْعَرِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالْبَاقِلَّانِيّ فِي تَكْفِيرِهِمْ قَوْلَانِ.
الْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْحَقِّ فِيهِ هَلْ هُوَ جَهْلٌ تَجِبُ إزَالَتُهُ أَمْ هُوَ حَقٌّ لَا تَجِبُ إزَالَتُهُ؟ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ هُوَ مَعْصِيَةٌ، وَمَا رَأَيْتُ مَنْ يُكَفِّرُ بِهِ، وَذَلِكَ كَالْقِدَمِ وَالْبَقَاءِ، فَهَلْ يَجِبُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَاقٍ بِبَقَاءٍ قَدِيمٍ وَيَعْصِي مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ، أَوْ يَجِبُ أَنْ لَا يَعْتَقِدَ ذَلِكَ، بَلْ اللَّهُ تَعَالَى بَاقٍ بِغَيْرِ بَقَاءٍ وَقَدِيمٌ بِغَيْرِ قِدَمٍ، وَاعْتِقَادُ خِلَافِ ذَلِكَ جَهْلٌ حَرَامٌ عَكْسُ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَقَاءِ وَالْقِدَمِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الصِّفَاتِ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ أُصُولِ الدِّينِ، وَالصَّحِيحُ هُنَالِكَ أَنَّ الْبَقَاءَ وَالْقِدَمَ لَا وُجُودَ لَهُمَا فِي الْخَارِجِ بِخِلَافِ الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الصِّفَاتِ السَّبْعَةِ الَّتِي هِيَ الْحَيَاةُ وَالْعِلْمُ وَالْإِرَادَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالْكَلَامُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ.
الْقِسْمُ الْخَامِسُ: جَهْلٌ يَتَعَلَّقُ بِالصِّفَاتِ لَا بِالذَّاتِ نَحْوَ تَعَلُّقِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ، أَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِأَفْعَالِ الْحَيَوَانَاتِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَكَتَعَلُّقِ إرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِتَخْصِيصِ جَمِيعِ الْكَائِنَاتِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ، أَوْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِأَفْعَالِ الْحَيَوَانَاتِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَفِي تَكْفِيرِهِمْ بِذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ قَوْلَانِ، وَالصَّحِيحُ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ.
الْقِسْمُ السَّادِسُ: جَهْلٌ يَتَعَلَّقُ بِالذَّاتِ لَا بِصِفَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِوُجُودِهَا كَالْجَهْلِ بِسَلْبِ الْجِسْمِيَّةِ وَالْجِهَةِ وَالْمَكَانِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَشَوِيَّةِ، وَمَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ اسْتِحَالَةُ جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي تَكْفِيرِ الْحَشَوِيَّةِ بِذَلِكَ قَوْلَانِ وَالصَّحِيحُ عَدَمُ التَّكْفِيرِ.
وَأَمَّا سَلْبُ الْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ وَالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُسْتَحِيلٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ يُجَوِّزُ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ تَجْوِيزِ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْتَحِيلَاتِ كَالْجِهَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ أَنَّ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ الْجِسْمِيَّةُ وَنَحْوُهَا فِيهِ عُذْرٌ عَادِيٌّ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَنْشَأُ عُمُرَهُ كُلَّهُ وَهُوَ لَا يُدْرِكُ مَوْجُودًا إلَّا فِي جِهَةٍ وَهُوَ جِسْمٌ أَوْ قَائِمٌ بِجِسْمٍ، فَكَانَ هَذَا عُذْرًا عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَلَمْ يُضْطَرَّ الْإِنْسَانُ فِي مَجَارِي الْعَادَاتِ إلَى الْبُنُوَّةِ وَالْأُبُوَّةِ وَالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ وَنَحْوِهَا، فَكَمْ مِنْ مَوْجُودٍ فِي الْعَالَمِ لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ كَالْأَمْلَاكِ وَالْأَفْلَاكِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ وَالْبِحَارِ، فَلَمَّا انْتَفَتْ الشُّبْهَةُ الْمُوجِبَةُ لِلضَّلَالِ انْتَفَى الْعُذْرُ فَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى التَّكْفِيرِ فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ، وَعَلَيْهِ تَدُورُ الْفَتَاوَى فَمَنْ جَوَّزَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا هُوَ مُسْتَحِيلٌ عَلَيْهِ يَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ.
الْقِسْمُ السَّابِعُ: الْجَهْلُ بِقِدَمِ الصِّفَاتِ لَا بِوُجُودِهَا وَتَعَلُّقِهَا كَقَوْلِ الْكَرَّامِيَّةِ بِحُدُوثِ الْإِرَادَةِ وَنَحْوِهَا، وَفِي التَّكْفِيرِ بِذَلِكَ أَيْضًا قَوْلَانِ الصَّحِيحُ عَدَمُ التَّكْفِيرِ.
الْقِسْمُ الثَّامِنُ: الْجَهْلُ بِمَا وَقَعَ أَوْ يَقَعُ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ الصِّفَاتِ، وَهُوَ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا كُفْرٌ إجْمَاعًا وَهُوَ الْمُرَادُ هَاهُنَا كَالْجَهْلِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ بعْثَةَ الرُّسُلِ، وَأَرْسَلَهُمْ لِخَلْقِهِ بِالرَّسَائِلِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَكَالْجَهْلِ بِبعْثَةِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِحْيَائِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ وَجَزَائِهِمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْوَارِدِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَالْجَهْلُ بِهَذَا كُفْرٌ إجْمَاعًا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْفَلَاسِفَةِ، وَمَنْ تَابَعَهُمْ.
الْقِسْمُ التَّاسِعُ: الْجَهْلُ بِمَا وَقَعَ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ الصِّفَاتِ، وَهُوَ تَعَلُّقُهَا بِإِيجَادِ مَا لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْخَلْقِ هَلْ يَجُوزُ هَذَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَمْ لَا؟ فَأَهْلُ الْحَقِّ يُجَوِّزُونَهُ، وَأَنْ يَفْعَلَ لِعِبَادِهِ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ لَهُمْ وَأَنْ لَا يَفْعَلَهُ، كُلُّ ذَلِكَ لَهُ تَعَالَى، فَكُلُّ نِعْمَةٍ مِنْهُ فَضْلٌ وَكُلُّ نِقْمَةٍ مِنْهُ عَدْلٌ، وَالْخَلَائِقُ دَائِرُونَ بَيْنَ فَضْلِهِ وَعَدْلِهِ؛ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ، وَفِي تَكْفِيرِ الْمُعْتَزِلَةِ بِذَلِكَ قَوْلَانِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالصَّحِيحُ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ.
الْقِسْمُ الْعَاشِرُ: مَا وَقَعَ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ الصِّفَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ أَوْ يَقَعُ مِمَّا لَمْ يُكَلَّفْ بِهِ كَخَلْقِ حَيَوَانٍ فِي الْعَالَمِ أَوْ إجْرَاءِ نَهْرٍ أَوْ إمَاتَةِ حَيَوَانٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذَا الْقِسْمُ لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَهُوَ جَهْلٌ، بَلْ قَدْ يُكَلَّفُ بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الشَّرَائِعِ لِأَمْرٍ يَخُصُّ تِلْكَ الصُّورَةَ لَا لِأَنَّ الْجَهْلَ بِهِ فِي حَقِّ اللَّهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ أَحَدُ الْقِسْمَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْقِسْمِ الثَّامِنِ.
فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَقْسَامٍ فِي الْجَهْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِذَاتِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ الْعُلَى، وَمُتَعَلَّقَاتِ الصِّفَاتِ وَبَيَانِ الْكُفْرِ فِيهَا مِنْ غَيْرِهِ وَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ مِنْهَا مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ مُفَصَّلًا، وَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ مَا هُوَ كُفْرٌ مِنْهَا مِمَّا لَيْسَ بِكُفْرٍ، هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَهْلِ.
وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَرَاءَةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ الْمَجَالُ الصَّعْبُ فِي التَّحْرِيرِ، وَذَلِكَ أَنَّ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ وَجَمِيعَ الْمَعَاصِي كُلَّهَا جُرْأَةٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ أَمْرِ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ جَرَاءَةٌ عَلَيْهِ كَيْفَ كَانَ، فَتَمْيِيزُ مَا هُوَ كُفْرٌ مِنْهَا مُبِيحٌ لِلدَّمِ مُوجِبٌ لِلْخُلُودِ هَذَا هُوَ الْمَكَانُ الْحَرِجُ فِي التَّحْرِيرِ وَالْفَتْوَى، وَالتَّعَرُّضُ إلَى الْحَدِّ الَّذِي يَمْتَازُ بِهِ أَعْلَى رُتَبِ الْكَبَائِرِ مِنْ أَدْنَى رُتَبِ الْكُفْرِ عَسِيرٌ جِدًّا، بَلْ الطَّرِيقُ الْمُحَصِّلُ لِذَلِكَ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ حِفْظِ فَتَاوَى الْمُتَقَدِّمِينَ الْمُقْتَدَى بِهِمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَيَنْظُرَ مَا وَقَعَ لَهُ هَلْ هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا أَفْتَوْا فِيهِ بِالْكُفْرِ أَوْ مِنْ جِنْسِ مَا أَفْتَوْا فِيهِ بِعَدَمِ الْكُفْرِ فَيُلْحِقَهُ بَعْدَ إمْعَانِ النَّظَرِ وَجَوْدَةِ الْفِكْرِ بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ، فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ أَوْ وَقَعَتْ الْمُشَابَهَةُ بَيْنَ أَصْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ لِقُصُورِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ [التوقف عليه]، وَلَا يُفْتِي بِشَيْءٍ، فَهَذَا هُوَ الضَّابِطُ لِهَذَا الْبَابِ. أَمَّا عِبَارَةٌ مَانِعَةٌ جَامِعَةٌ لِهَذَا الْمَعْنَى فَهِيَ مِنْ الْمُتَعَذِّرَاتِ عِنْدَ مَنْ عَرَفَ غَوْرَ هَذَا الْمَوْضِعِ".