مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات وأبحاث

منظومة في فضائل رمضان للعلامة الفقيه علي الأجهوري (ت 1066هـ)-تقديم وضبط

بسم الله الرحمن الرحيم

 بقلم الباحث: عبد الفتاح مغفور

الجزء الأول من المقال

هذا الجزء سأتناول فيه قسم التقديم، مع النصف الأول من المنظومة المضبوطة.

الحمد لله الذي شرع لعباده شهر رمضان للصيام والقيام مرة واحدة من كل عام، وجعله أحد أركان الإسلام، وأسسه العظام، ومطهرا للنفوس من الذنوب والآثام، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وعلى آله وصحبه الكرام.

فقد فرض الله شهر رمضان على الأمة المحمدية في السنة الثانية من الهجرة، وجعله ركنا من أركان الإسلام، وميزه على باقي الشهور بميزات وخصائص لا تعد ولا تحصى، واختص صيامه بفضائل متعددة، وفوائد نافعة، مما جعل علماء الإسلام يؤلفون التواليف الكثيرة حول فضائل هذا الشهر المبارك، وهي متنوعة بين منثور ومنظوم، ومن بينهم العلامة،الفقيه، شيخ المالكية في عصره علي الأجهوري رحمه الله، الذي نظم هذه المنظومة الرائعة في فضائل بعض الأقوال والأفعال المطلوب فعلها في رمضان.

ولأجل تحقيق هذا الغرض قسمت العمل عليها إلى قسمين: خصصت الأول منهما للتقديم، وتناولت فيه التعريف بالمؤلف والمنظومة. وأما القسم الثاني: فخصصته لضبط المنظومة. 

القسم الأول: التقديم

التعريف بالمؤلِّف[1]:

هو: علي بن زين العابدين أبو الإرشاد نور الدين الأُجْهُوري. بضَم الْهمزَة وَسُكُون الْجِيم وَضم الْهَاء نِسْبَة إلى أجهور الْورْد قَرْيَة بريف مصـر.أخذ عن البنوفري، وبدر الدين القرافي. وأخذ عنه أبوسالم العياشي، والشبرخيتي، والخرشي، والزرقاني. وكان شيخا المالكية في عصره بالقاهرة ومصر،برع في الفنون كلها،وكانت الرحلة إليه من الآفاق. قال عنه محمد الحموي في خلاصة الأثر: ” شيخ المالكية في عصره بالقاهرة، وإمام الأئمة وعلم الإرشاد، وعلامة العصر، وبركة الزمان كان محدثا فقيها “[2].قال الحجوي الثعالبي في الفكر السامي: “أحد شيوخ الفقه والتصوف، والعلوم العربية شيخ المالكية في الدنيا بوقته”[3]

من تآليفه: ثلاثة شروح على مختصر خليل،وشرح الدرر السنية في نظم السيرة النبويّة، والنور الوهاج في الكلام على الإسراء والمعراج، والأجوبة المحررة لأسئلة البررة، والمغارسة وأحكامها، وشرح رسالة أبي زيد، والزهرات الوردية مجموعة فتاويه جمعها أحد تلاميذه، وفضائل رمضان، وشرح مختصر ابن أَبي جمرة،وحاشية على النخبة، ومقدمة في يوم عاشوراء.توفي سنة (1066ﻫ)

التعريف:بمنظومة في فضائل رمضان 

هي: منظومة في فضائل رمضان،تناول فيها الكثير من فضائل الشهر المعظم، منها: أن صيام رمضان يعتق الصائم من النار، وتغفر ذنوبه سبعون من الملائكة، وتصلي عليه من الغداة إلى العشي في كل يوم، وهي خصيصة خص الله بها الأمة المحمدية دون غيرها من الأمم الأخرى، ثم ذكر أجر الصلاة وقراءة القرآن في رمضان، وأن الصدقة فيه تزيد في رزق المؤمن وتعتقه من نار الجحيم المهكلة.

وأن فيه يستجيب الله الدعاء؛ لأن أبواب السماء تكون مفتوحة، كما تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب الجحيم.

ودعا في قصيدته إلى كثرة الاستغفار في هذا الشهر المعظم؛ لأن فيه يغفر الله ما تقدم من ذنوب العبد، إذا صامه إيمانا واحتسابا.

ثم عدد أجر من فطر صائما، وأن له مثل أجر هذا الصائم، كما بين فضل تأخير السحور، وذكر الفترة التي ينبغي تركها بين السحور ودخول وقت الصيام، وقدّرها بقراءة خمسين آية من الكتاب العزيز.

ثم أشار إلى فوائد طبية كثيرة، نافعة للجسد والنفس، منها الدعوة إلى التقليل من الأكل والشرب؛ لأن ضرهما كثير وزائد الطغيان. وكذلك إلى التقليل من النوم؛ لأنه يؤدي إلى الصفرة في اللون، وموت القلب، وثقل الجسم، ونقص العمر، وورم العينين…وإلى التقليل من الكلام؛ لأنه يورث نقص الدماغ، والقسوة في القلب، والوهن، وعسر أسباب الرزق. ثم ذكر فضل ليلة القدر على الأمة الإسلامية. وغيرها من الفضائل والفوائد والمزايا في صيام هذا الشهر الكريم على الأمة المحمدية.

واعتمدت في ضبط هذه المنظومة على النسخة المحفوظة بالمكتبة الوطنية تحت رقم: 288د، وهي ضمن مجموع من الورقة 1 إلى الورقة 7. مكتوبة بخط مغربي، عليها تصحيحات، وطرر وشروح كثيرة. ناسخها هو محمد بن عبد القادر بن أحمد بن محمد بن زاكور المغربي بالقاهرة يوم الخميس لسبع خلت من شوال سنة ثمان وستين ومائة وألف.

المنظومة:

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد.

قال الإمام، العالم، العلامة، الفهامة، المحقق أبو الحسن علي الأجهوري رحمه الله

بر مضان كل ليلة يُعْتَق

ستون ألفا جا بذا المصَدّقُ/1أ/
ومثلُ كل ذي بيومِِ الفطر ثلاثُ عشرات بغير نُكْـــــــرِ
وجاء أن العتق ست مئين من الأُلوف كل يوم يا فَطِين
ويعتِق الله بليلة الختام بقدر ما مضـى حقِيقًا يا إمام
وجاء أيضًا عِتق ألف ألف في كُلِّ يوم مع ليلها عرف
فِيما عدا أولى لياليه الكِرام فيعتق اللهُ بها كل الأنام
ثم بليل التسع والعـشرين كعِتق ما في الشهر أجمعين
وألف ألف كُلَّ يوم ذا ورد ثم بيوم الختم قَدْرُ ذا العدد
وجاء عند كل فطر وسحور سبعةُ آلاَف عتيق للغَفُور
وجاء عند كل فطر وسحور سبعة آلاف عتيق للغفور
وصائمُ الأول منه تغفر ذنوبه لمثلِه فاستبشروا
سبعون ألف مَلَك تصلي على الذي يصُوم ُفاحفظ نقلي
من الغداة للعشي كُل يوم وجاء هذا غير مخصوص بقوم
ثم له بكُل سَجْدَة بليْل ألفٌ وسبعُمائة بغير ميل
من حسناتٍ وله ربّ السّماء يبني بدار الخُلد بيتا فاعْلَما
وجا أيضا بكل سَجْدةِ من غير تقييد لها بليلةِ
واحدةٌ من شجر الجِنان يسير راكبٌ بلا توان/1ب/
في ظِلِّها خمس مئين من سنين أو مائة روايتان يا فطين
ومن قرأ أولى لياليه الكرام في نفلِه سورة فتح يا إمام
يحفظه الله بذاك العَام قد جاء هذا في حديث سَامِ
ومن يؤدي فيه قُربة كمَن ْ أدَّى بما سواه فرضا فاعلمن
والفرضُ فيه عدل سبعين من ال فرُوض في سواه من غير خَلَل
وهو شهر الصبر واللَّذ  يصبر جزاؤه الجنة ُفيها يُحْبرُ
ومن يخفف فيه عنْ ما ملَكَه يُعْتَقُ من نار الجحيم المُهْلِكه
ثم به يَزداد رزق المؤمن وإن به صيامُه لم يكن
وفيه ليلةٌ من ألف شهْرِ خير وهي يا صح ليلُ القدر
وفيه أبْوابُ السماء تُفْتح ويُقبل الدعاء به وينجح
كفتحها في غيرها عند الزوال إلى صلاة الظهر من غير احتمال
وفي لياليه ينادي ملَكُ هل من كذا فيستجيبَ الملِك
ثم إذا شهر الصيام يَدْخُل تُفتح أبواب الجنان يَا فلُ[4]
وتُغلق الأبوابُ من جَهَنَّم قد جاء هذا في حديث مُحْكَم
واستكثروا فيه من الشهادة وسُؤِْلِ أن تكفوا عذاب النار
وسؤله إبعادكم عن الجحيم كسؤله إدخالكم دار النعيم
والأولان بهما يرضى الكريم ولا غنى عن باق هذا يا فهيم
ومن يَصُمْه أو يقمه إيمانا محتسبا يُعطى بذا غُفْرَانا
للذي من ذنوبه تقدَّما كَاللَّذ يقومُ ليلةَ القدر اعلَما/2أ/
وجاء في رواية ٍيُغفر له بكلّ فرد منه ما قد عمِله
من ذنبه مقدما أو أخرا لكن بتأويل لهم في ذا جرا
كصوم يوم موقف وقد ورَد تكفيرُ ذا عامين فهو منتَقَدْ
 كقارئ تِلْوَ صلاةِ الجُمُعة فاتحة سبعا بغير مرْيَة
كذا قواقل وذا قبيل ما يثني رجليه حقيقا فاعلما
وحفظ من يقرأ عقِيب الجُمعة قواقلا سبعا لمثلها أثبت
ويَشْفَعُ الصيامُ كالقرآن في من صام والقارئ حقيقا اعرف
ثم القُرآن ألفُ ألفِ حرفِ وسبعة أيضا وعشرون تَفِي
ألفا من الحروفِ والقارئ لَه أي صابرًا محتسبا ينالُهُ
بكل حرف زوجةً حوراءَ طاهرة نقيةً حسْنَاء
والنصفُ من حروفه هو النون في في نكرا من الكهف وهذا ما اصطفي
وقيل كافة وقيل الفاء في وليَتلَطَّف ذي ثلاثٌ فاعرف
ونصف آياته يأفكونا في الشعراء فاستمع التبيينا
ونصف عدد السور له الحديد والباقي عشْر أحْزابه بلا مزيد
وآية من الأُلُوف ستة مع خمسة من المئين تثبتُ
وقيل بل مع مائتين ويضاف لتين نيِّف فقد جاء الخلاف
ودرجُ الجنةِ عدها كَعَدْ آي كتاب الله هكذا وَرَدْ
ويقرأ الرسول في شَهْر الصِّيام على الأمين ذكر ربي في كلِّ عَام
ثم الذي قرأ عليه المُصطفى يُعيدُهُ على إمام الحُنفا/2ب/
وقيل كان العرض في العام الأ خير على الأمين مرتين يا خَبِير
وهل لا ملاَك ثواب في القُرب أم لا وعِزُّ الدين للثاني ذهب
ومن يفطِّر صائما ولو بما يُعطى نظير أجره مُتَمما
وجاء مع ذا عتقه مِنَ الجحيم وغفر ذنبه وذا فضل عظيم
ومن يفطر صائما فيما سواه يُعطى نظير أجره بلا اشتِبَاه
وجاء في طعامه وسقيه من فطره من حلال سَعْيه
صلاة الأملاك عليه في جميع ساعات شهر الصوم حقا يا سميع
كذا له جبريلُ ليل القدر مُصَافِحٌ فيا لَهُ من فخْرِ
فتحصُل الرِقَّة في فُؤَادِهِ وتَكثُرُ الدُّمُوعُ مِنْ وِدَادِه
ثُمّ ثوابُ مَن بِهِ تصدَّقا كأَجْر مَن قد صَامَه فحَقِّقَا
إذْ هُو مُعين صائما على الصيام كَمَن يُعِين قائما على القيام
وَمَن يعينُ فاعلا للقُربة يُعْطَى نظِير أجرِه فاستَثبِت
كمُخلف مُغازيا في أهلِه فذا له نظيرُ أجرِ فعلِه
كذاك من جهز غَازيا كما جاء به الحديث حقّا فاعلما
وقد أتى الأمر ببسط النّفَقه فيه كذا فاجزِم به وحقِّقَه
وأجرُ ما يُنفَق فيه مثل ما يُنفق في سبيل الله خالق السَّما
ومُشبِع الصائم فيه يَشرَبُ من حوض أحمدَ فلا يُعذَّب
بظمإ إلى دُخول الجنة مع كونه كمعتق للرقبه
وتُفتح أبواب الجِنان فيه أوّل يوم منه خذ تنبيهي/3أ/
والثَّانِ فيه تُغْلَق أبواب الجَحِيم نَعُوذ منها بإلهنا العظيم
وثالثٌ منه تغل المَرَدْه فيه وتُلقى في البحار مُصْفَدَه
ممَّن يغل فيه إبليسُ الرجيم نعوذ من كُل بمولانا الرحيم
ثم الغلُول فعلُ جبريلَ الرسول بأمره ينزل الأرضَ للغلول
وذكر ابن ماجة والترمذي وغير ذينِ أنَّ فعل كل ذي
يكون في أول ليلة كما بها يكون فتح أبواب السماء
كذا حضوره لكل مؤمن يموت جا ذا في حديث بيّن
لدفعه لفتنة الفتّان عنه بفضل الخالق المنان
وهل لمن مات على طهارة أو مطلقا وجاء في روايةِ
وكلّ ذا ردٌّ لقول من يقول بُعَيد طَهَ ما لجبريل نزُول
وتحضُر الأملاك حربَ الأمة أعداهمُ خُصوا بذي المَزيَّة
من هذِهِ بابٌ إلى الرّيَان أضِيف ذا للصائم الديّان
أي من يصوم فرضه والثاني مُكْثِر نقل قاله الكرماني
لا يدخلن منه سوى من يصم كما أتى ذا عن شفيع الأمم
ثم على مُسْتعمل السحور صلاة الأمْلاَك مع الغفور
والأفضل التأخير فيه قدر ما يقرأ خمسون من الآي اعلما
من فعلِه إلى طلوع الفجر جاء في البخاري حقيقا فادري
وفي التريد بارك الله الشكور كذاك في جماعة وفي السحور
وإن حلالا يأكل الصائم أو مرابطٌ أو في سحور قد رووا/3ب/
ليس عليهم فيه شيءٌ من حساب قلت كذاك فضل الضيف بارتياب

يتبع..

هوامش المقال:

*******

[1] مصادر ترجمته: شجرة النور (1 /439)، خلاصة الأثر (3 /157)، ديوان الإسلام (1 /89). الفكر السامي(2 /331)، الأعلام (5 /13)

[2] خلاصة الأثر (3 /157)

[3] الفكر السامي(2 /331)

[4] الأصل يا فلان حذف منه الألف والنون. انظر الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (6 /2178)

* راجع المقال البحث: محمد إليولو

Science

عبد الفتاح مغفور

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق