منتدى بمراكش لترسيخ قيم المواطنة في المدرسة
عبد اللطيف المودني: السلوك المدني في صلب ماهية الإنسان وأبعاده العقلية والثقافية والاجتماعية
أكد المركز المغربي للتربية المدنية عزمه على أجرأة المخططات الرامية إلى تعزيز الأدوار التربوية والتعليمية والاجتماعية للمدرسة باعتبارها رهانا للتنمية.
وقال رئيس المركز السيد العربي عماد في كلمة, يوم السبت الماضي بمراكش, خلال أشغال المنتدى الوطني للتربية المدنية المنظم على مدى يومين حول موضوع "استدامة تنمية السلوك المدني بمؤسسات التربية والتكوين" إن المركز ينخرط بشكل إيجابي ومسؤول في مؤازرة التوجهات الإصلاحية في مجالي التربية والتكوين, مستعرضا في هذا الصدد الأنشطة التي قام بها المركز سواء داخل المؤسسات التعليمية الوطنية أو بالمنتديات الدولية, وذلك من أجل النهوض بالتربية المدنية.
وأضاف أن المركز يعمل بتنسيق مع بعض الأكاديميات الجهوية للتربية ونيابات قطاع التعليم المدرسي, على تنظيم دورات تكوينية لفائدة أسرة التعليم تروم تقوية قدراتهم ودعم مكتسباتهم في مجال تنمية السلوك المدني وترسيخ قيم المواطنة في الفضاء المدرسي.
من جهته تساءل عبد اللطيف المودني، الأمين العام للمجلس الأعلى للتعليم، حول ما إذا كانت التربية على السلوك المدني، "ما تزال في حاجة إلى المزيد من إنتاج خطاب السلوك المدني أم في الانتقال بهذا الخطاب إلى الفعل والممارسة؟" وأستفهم المودني بالقول، "أليس الحافز المشجع بالأساس هو تلك المبادرات التي تقوم بها هذه المؤسسة التعليمية أو تلك، هؤلاء التلاميذ والمدرسون أو أولئك،هاته الجمعية أو تلك من هيئات جمعيات المجتمع المدني، من أجل تنمية السلوك المدني في الوعي والممارسة؟"
وفي اتجاه تلمس الإجابة عن هذه الأسئلة، اعتبر المودني، أن السلوك المدني، "يقع في صميم ماهية الإنسان وفي صلب أبعاده العقلية والثقافية والاجتماعية"، مؤكدا في السياق ذاته، على أن دلالات السلوك المدني "تحيل إلى ارتباط هذا المفهوم بشبكة من المفاهيم التي تؤسس للعيش المشترك ولحياة الفرد داخل الجماعة"، مضيفا أن الأمر "يتعلق بمنظومة مترابطة من القيم تحيل من الناحية العملية أساسا، إلى التشبع بمقومات الهوية الوطنية وبرموزها، والتحلي بقيم المواطنة والمسؤولية، والتضامن، واحترام الغير، والتسامح ونبذ العنف، واحترام الحقوق والعمل بالواجبات والالتزام بتطبيق القوانين، واحترام الملك العام، والعمل بمبادئ الديمقراطية والحرية والكرامة وتثمين العمل والاجتهاد، وذلك مقابل التصدي لمختلف السلوكات اللامدنية من قبيل الإخلال بالواجب، العنف، عدم احترام الغير، والإضراب بالملك العام وبالبيئة".
ويرى الأمين العام للمجلس الأعلى للتعليم، أن التربية على السلوك المدني، "تصطدم بالكثير من الصعوبات، وتواجهه العديد من التحديات، من قبيل تحدي تضخم الخطاب في مقابل فقر الممارسة، والتحمس لخطاب الفشل واللامبالاة مقابل عدم تثمين تجارب النجاح، وثنائية الثابت والمتحول في منظومة القيم، وصعوبة الموازنة بين وظيفتي التعليم والتربية، وهيمنة التقليد في مقابل ندرة الابتكار والتجديد، وموسمية أو ظرفية الإنجازية في مقابل إشكالية الاستدامة، وعمودية أو مركزية البرامج في مقابل ضعف المبادرة المحلية، وكذا التمركز حول الذات أو النزعة الفردية في مقابل هامشية المنفعة العامة أو المصلحة الجماعية، ونشوة التمتع بالحقوق في مقابل التقليل من أهمية الواجبات والتحلي بروح المسؤولية.
واعتبر المودني أن المدخل الأول لرفع هذه التحديات "يتمثل في ابتكار السبل الكفيلة بالتدبير المتوازن والأمثل للتقابلات التي تحملها، وبالانطلاق من الاقتناع الواثق والمتقاسم بحتمية ترسيخ قيم المواطنة وفضائل السلوك المدني في مجتمع يتوخى أن تسوده المواطنة والديمقراطية والحداثة"، مبرزا أن تنمية السلوك المدني، "تحتاج بالدرجة الأولى، إلى رأسمال قيمي وثقافي وإلى الاجتهاد العلمي، أكثر من ارتباطها بالرأسمال المادي".
أما المدخل الثاني، فيتمثل حسب الأمين العام للمجلس الأعلى للتعليم في "إرساء تعاقد مؤسساتي تشاركتي مستديم، يسهم في بلورة ويلتزم بمكوناته الجميع"، واختتم كلمته المستفيضة، بالقول بأن رهان إنجاح تجديد المدرسة المغربية اليوم، "يرتبط بالأساس بمدى التزام الفاعلين التربويين، وبإسهام هادف لشركائنا، بتمكين ملايين المتعلمين المتعاقبين علينا، وعلى نحو مستديم، من تعليم جيد ومؤهل، وبمدى قدرة المؤسسة التعليمية على أن تجعل من كل متعلم، مواطنا واعيا قادرا على الموازنة الذكية بين حقوقه وواجباته، ملتزما بمسؤوليته، ومنفتحا على الغير وعلى العصر".