مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكشذور

مفهوم أهل السنة والجماعة

يقول العلامة أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل قاسم البكي في كتابه “تحرير المطالب لما تضمنته عقيدة ابن الحاجب”:

قد خرج الترمذي وأبو داود عن معاوية بن أبي سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة، وهي الجماعة. إنه سيخرج من أمتي أقوام تجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله”

وفي بعضها: ” كلها في النار إلا أمة واحدة، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي”

ومن المعلوم أن الذي عليه رسول الله عليه صلى الله عليه وسلم وأصحابه هو ما عليه أهل السنة والجماعة، بدليل ما هم عليه من حُسن المتابعة الجاري على مقتضى العبودية، وما أكرمهم الله به من المعارف الإلهية والخوارق العاديّة التي هي الوراثة المحمدية أو مستلزمة لها.

واعلم أن أهل السنة والجماعة كلهم قد اتفقوا على معتقَدٍ واحد فيما يجب ويجوز ويستحيل، وإن اختلفوا في الطرق والمبادئ الموصلة إلى ذلك، أو في لِمِّيَّة المسالك.

وبالجملة، فهم بالاستقراء ثلاث طوائف:

الأولى: أهل الحديث:

ومُعتمَد مبادئهم: الأدلة السمعية، أعني الكتاب والسنة والإجماع.

الثانية: أهل النظر العقلي والصناعة الفكرية:

وهم الأشعرية والحنفية، وشيخ الأشعرية أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه، وشيخ الحنفية أبو منصور الماتريدي رحمه الله، وهم متفقون في المبادئ العقلية في كل مطلب يتوقف السمع عليه، وفي المبادئ السمعية فيما يُدرِك العقل جوازَه فقط، والعقليةِ والسمعيةِ في غيرهما. واتفقوا في جميع المطالب الاعتقادية، إلا في مسألة التكوين ومسألة التقليد، وستأتيان.

الثالثة: أهل الوجدان والكشف:

وهم الصوفية، ومبادئهم مبادئ أهل النظر والحديث في البداية، والكشف والإلهام في النهاية.

واعلم أن الكتب الموضوعة في فن العقائد على قسمين:

منهم من يُخليها عن ذكر الأدلة بالكلية، كما فعل النسفي والمؤلف رحمهما الله تعالى.

ومنهم من يقتطف الأدلة اقتطافا، كما فعل إمام الحرمين في “اللُّمع” وغيره.

فالأولون ذكروا المعتقدات وأهملوها من الأدلة، ونبَّهوا على أنه لا بد من تحصيلها بالقواطع، وتركوها قابلةً للجميع حتى يمكن تبيينها بأي طريق من الطرق الثلاث.

“تحرير المطالب لما تضمنته عقيدة ابن الحاجب”، للإمام البكي، ص: 39 وما يليها، تحقيق: نزار حمادي، مؤسسة المعارف للطباعة والنشر، بيروت-لبنان.

د. إدريس غازي

• خريج دار الحديث الحسنية ـ الرباط.
• دكتوراه في الدراسات الإسلامية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ـ فاس، في موضوع: "أصل ما جرى به العمل ونماذجه من فقه الأموال عند علماء المغرب".
• دبلوم الدراسات العليا من دار الحديث الحسنية، الرباط، في موضوع: "المنهجية الأصولية والاستدلال الحجاجي في المذهب المالكي".
من أعماله:
ـ الشاطبي بين الوعي بضيق البرهان واستشراف آفاق الحجاج.
ـ في الحاجة إلى تجديد المعرفة الأصولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق