مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

قصة جعفر بن أبي طالب، رضي الله عنه.

كان في بني عبد مناف([1]) خمسة رجال يُشْبِهُونَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَشَدَّ الشَّبَهِ حتى إن ضعاف البصر كثيرا ما كانوا يَخْلِطُون بين النبي وبينهم.

ولا ريْبَ في أنَّك تَوَدُّ أن تَعْرِفَ هؤلاء الخمسة الذين يُشبهون نبيَّكَ عليه أفضل الصلاة وأزكى السَّلام.

فتعال نتعرَّف عليهم.

إنَّهم: أبو سفيان بن الحارث بن عبد المُطلِّب، وهو ابن عَمِّ الرَّسول، صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرَّضاع، وَقُثَمُ بن العبَّاس بن عبد المطَّلب؛ وهو ابن عمِّ النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، أيضا، والسَّائبُ بنُ عُبيد بن عبد يَزِيد بن هاشم جَدُّ الإمام الشَّافعي، رضي الله عنه، والحسنُ بنُ عليٍّ سِبْطُ([2]) رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكان أَشَدَّ الخمسة شَبَهاً بالنَّبِيِّ، صلوات الله عليه، وجعفرُ بنُ أبي طالب، وهو أخو أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب.

فتعال نَقُصَّ عليه صُوراً من حياة جعفر، رضي الله عنه وأرضاه.

كان أبو طالب- على الرَّغم من سُمُوِّ شَرَفِهِ في قريش، وَعُلُوِّ منزلته في قومه- رَقِيقَ الحال كثير العِيَال.

وقد ازدادت حاله سوءاً على سوءٍ بسبب تلك السَّنة المُجْدِبَة([3]) التي نَزَلَتْ بِقُرَيْشٍ فأهلكت الزَّرْعَ والضَّرْعَ([4])، وَحَمَلَتِ النَّاس على أن يأكلوا العِظَامَ البالية.

ولم يَكُنْ في بَنِي “هاشم” –يومئذ- أَيْسَرُ([5]) من مُحَمَّد بن عبد الله، وَمِنْ عَمِّهِ العبَّاس.

فقال محمَّدٌ، صلى الله عليه وسلم، لِلْعَبَّاسِ: يا عمُّ، إنَّ أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد أصاب الناسَ ما ترى من شِدَّةِ القَحْطِ([6]) وَمَضَضِ الجوع([7])، فانْطَلِقْ بنا إليه حتَّى نَحْمِلَ عنه بعض عِيَالِه؛ فآخُذَ أنا فَتًى من بَنيه، وتأخذَ أنت فَتًى آخر فَنَكْفِيَهُمَا عنه.

فقال العبَّاس: لقد دَعَوْتَ إلى خَيْرٍ، وَحَضَضْتَ على بِرٍّ.

ثُمَّ انْطَلَقَا حتَّى أَتَيَا أبا طالبٍ، فقالا له: إنا نُريد أن نُخَفِّفَ عنك بعض ما تَحْمِلُهُ مِنْ عِبْءِ عِيَالِكَ حتَّى يَنْكَشِفَ هذا الضُّرُّ الَّذِي مَسَّ النَّاسَ.

فقال لَهُمَا: إذا تَرَكْتُمَا لِي “عَقِيلاً”([8]) فَاصْنَعَا ما شِئْتُمَا…

فأخذَ محمَّدٌ، صلى الله عليه وسلم، عليّاً وَضَمَّهُ إليه، وأخذ العبَّاسُ جعفراً وجعَله في عِياله.

فَلَمْ يزل عليٌّ مع محمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم، حتَّى بعثه الله بِدِينِ الهُدَى والحقِّ، فكان أَوَّلَ مَنْ آمن مِنَ الفِتْيَان.

وَظَلَّ جعفرٌ مع عمِّه العبَّاسِ حتَّى شَبَّ وأسلم واسْتغنى عنه.

انضمَّ جَعْفَرُ بن أبي طالبٍ إلى رَكْبِ النُّور هو وزوجُهُ أسماء بنتُ عُمَيْسٍ منذ أوَّل الطَّريق.

فقد أسلما على يَدَيِ الصِّدِّيق، رضي الله عنه، قَبْلَ أن يَدخُل الرَّسول، صلى الله عليه وسلم، دار الأرْقَم([9]).

ولقيَ الفتى “الهاشميُّ” وَزَوْجُهُ الشَّابَّةُ من أذى قريش وَنَكَالَهَا ما لَقِيَهُ المسلمون الأوَّلون، فَصَبَرَا على الأذى لأنَّهُما كانا يَعْلَمَانِ أنَّ طريق الجنَّة مَفْرُوشٌ بالأشْواك محفُوفٌ بالمكاره([10])، ولكنَّ الذي كان يُنَغِّصُهُمَا([11]) وَيُنَغِّصُ إِخْوَتَهُمَا في الله أنَّ قريشاً كانت تَحُولُ دونهم ودون أداء شعائر الإسلام، وَتَحْرِمُهُمْ من أنْ يَتَذَوَّقُوا لذَّة العبادة؛ فقد كانت تَقِفُ لهم في كُلِّ مَرْصَدٍ([12])، وَتُحْصِي عليهم الأنفاسَ.

عند ذلك استأذن جعفر بن أبي طالبٍ رسول الله، صلوات الله عليه، بأنْ يهاجر مع زَوْجِهِ وَنَفَرٍ من الصَّحابة إلى “الحبشة”، فأذِنَ لهم وهو أَسْوَانُ([13]) حَزِينٌ.

فقد كان يَعِزُّ عليه أن يُرْغِمَ هؤلاء الأطهار الأبرار على مفارقة دِيارهم، وَمُبَارَحَةِ([14]) مَرَاتِعِ([15]) طُفولتهم ومَغَانِي([16]) شَبابهم دُون ذَنْبٍ جَنَوْهُ إلاَّ أنَّهُم قالوا: رَبُّنَا الله.

ولكنَّه لَمْ يملك من القوَّة والحَوْلِ ما يَدْفَعُ به عنهم أذَى قُريشٍ.

مضى رَكْبُ المهاجرين الأوَّلين إلى أرضِ “الحبشة”، وعلى رأسهم جعفر بن أبي طالب، رضي الله عنه، واستقرُّوا في كَنَفِ “النَّجاشي”([17]) مَلِكِهَا العادل الصَّالح.

فَتذَوَّقوا لأوَّل مرَّة– منذ أسلموا- طَعْمَ الأمن، واستمتعوا بحلاوة العبادة دون أن يُعَكِّر مُتعة عبادتهم مُعَكِّرٌ، أو يُكَدِّرَ صَفْوَ سعادتهم مُكَدِّرٌ.

لكنَّ قريشاً ما كادت تَعْلَمُ برحيل هذا النَّفر من المسلمين إلى أرض “الحبشة”، وتقف على ما نالوه في حِمَى مَلِكها من الطُّمأْنينة على دِينِهِم، والأمْنِ على عقيدتهم، حتى هَبَّتْ تَأْتَمِرُ([18]) بهم لتقتُلهم، أو تسترجعهُم إلى السِّجْن الكبير.

فلنترك الحديث لأمِّ سَلَمة، رضي الله عنها، لِتَرْوِيَ لنا الخَبَرَ كما رَأَتْهُ عيناها وَسَمِعَتْهُ أُذُناها.

قالت أم سَلَمَة: لمَّا نزلنا أرض “الحبشة” لَقِينَا فيها خير جوار، فأمِنَّا على دِينِنَا، وعبَدْنا الله تعالى ربَّنا مِنْ غَيْرِ أن نُؤْذَى أو نسمَع شيئاً نَكْرَهُه، فلمَّا بلغ ذلك قُريشاً ائْتَمَرتْ بنا فَأَرْسَلَتْ إلى النَّجاشي رجُليْن جَلْدَيْنِ([19]) من رِجَالِهَا، هما: عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي ربيعة، وبَعَثَتْ معهما بهدايا كثيرة للنَّجاشي وَلِبَطَارِقَتِه([20]) مِمَّا كانوا يَسْتَطْرِفُونه([21]) مِنْ أرض الحِجَاز. ثُمَّ أَوْصَتْهُمَا بأن يَدْفعا إلى كُلِّ بِطْرِيقٍ هديَّته قَبْلَ أن يُكلِّما مَلِكَ “الحبشة” في أَمْرِنَا.

فلما قَدِمَا “الحَبَشَةَ” لَقِيَا بَطَارِقَةَ النَّجاشيِّ، وَدَفَعَا إلى كل بِطريق هديَّته؛ فَلَمْ يبْق أحدٌ منهم إلا أَهْدَيَا إليه وقالا له:

إنه قد حلَّ في أرض المَلِكِ غِلْمَانٌ من سُفهائنا، صَبَأُوا([22]) عَنْ دِينِ آبائِهم وأجدادهم، وفرَّقُوا كلمة قومهم؛ فإذا كلَّمْنَا الملِك في أمْرِهم فأشيروا عليه بأن يُسَلِّمهم إلينا دون أن يسألهم عن دينهم؛ فإنَّ أشراف قومهم أَبْصَرُ بهم، وأعلم بما يَعْتَقِدون. فقال البطارقة: نَعَم…

قالت أمُّ سلمة: وَلَمْ يكن هناك شيءٌ أكره لِعَمْرو وصاحبه مِنْ أن يستدعيَ “النجاشي” أحداً منا ويَسْمع كلامه.

ثم أتيا “النَّجاشي” وقدَّما إليه الهدايا، فَاسْتَطْرَفَهَا وأُعْجِبَ بها، ثُمَّ كلَّماه فقالا: أيُّها الملِك إنه قد أَوَى إلى مملكَتِك طائفة من أشرار غِلْماننا، قد جاؤوا بِدِينٍ لا نَعْرِفُهُ نحن ولا أنتم؛ ففارقوا دِيننا ولم يَدْخُلُوا في دِينِكم…

وقد بَعَثَنَا إليك أشراف قومهم مِنْ آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لِتَرُدَّهُم إليهم، وهم أعلمُ الناس بما أحدثوه مِنْ فِتْنَةٍ.

فنظَرَ “النَّجاشيُّ” إلى بَطارقته، فقال البطارقة: صَدَقَا- أَيُّهَا المَلِكُ-…فإنَّ قومهم أَبْصَرُ بهم وأعلم بما صنعوا، فَرُدَّهُمْ إليهم لِيَرَوا رَأْيَهُمْ فيهم. فغضب الملِك غضباً شديداً من كلام بطارقته، وقال:

لا والله، لا أُسْلِمُهُم لأحد حتَّى أَدْعُوَهُم، وأسألهم عمَّا نُسِبَ إليهم، فإن كانوا كما يقول هذان الرَّجُلان أَسْلَمْتُهُم لهما، وإن كانوا على غير ذلك حَمَيْتُهُمْ وأحْسَنْتُ جِوارهم ما جاوَرُوني([23]).

قالت أمُّ سَلَمَة: ثُمَّ أَرْسَل “النَّجاشيُّ” يَدْعُونا لِلِقائه.

فاجتمعنا قَبْلَ الذَّهاب إليه، وقال بعضُنا لبعض: إنَّ الملِك سَيَسْألُكُمْ عن دِينكم فَاصْدَعُوا([24]) بما تُؤْمِنُون به، وَلْيَتَكَلَّمْ عنكم جعفر بنُ أبي طالبٍ، ولا يَتَكَلَّمْ أحدٌ غيرُهُ.

قالت أمُّ سَلَمَةَ: ثم ذَهَبْنَا إلى “النَّجَاشِي” فَوَجَدْنَاهُ قَدْ دَعَا بَطَارِقَتَهُ، فَجَلَسُوا عَنْ يَمينه، وعن شِمَالِه، وقد لَبِسُوا طَيَالِسَتَهُمْ([25])، واعْتَمُّوا قَلاَنِسَهُمْ([26])، ونَشَرُوا كُتُبَهُمْ بينَ أَيْدِيهِمْ…

وَوَجَدْنَا عنده عَمْراً بن العاص، وعبد الله بنَ أبي ربيعة.

فلمَّا اسْتَقَرَّ بنا المجلس الْتَفَتَ إلينا “النَّجاشي” وقال: ما هذا الدِّينُ الَّذي اسْتَحْدَثْتُمُوهُ لأنفسكم وفارقتم بسببه دِين قوْمكم، ولم تَدْخُلُوا في دِيني، ولا في دِينِ أَيٍّ مِنْ هذه المِلَلِ؟…

فتقدَّم منه جعفر بن أبي طالبٍ، وقال: أيُّها المَلِكُ، كُنَّا قوماً أهلَ جاهليَّةٍ، نَعْبُدُ الأصنام، ونأكلُ الميْتة، ونأتي الفواحشَ، ونَقْطَعُ الأرحام، ونُسِيءُ الجِوار، ويأكل القويُّ منَّا الضَّعيفَ، وَبَقِينَا على ذلك حتَّى بَعَثَ الله إلينا رسولاً منَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ، وصِدْقه وأمانته وعَفَافَهُ…

فَدَعَانَا إلى الله؛ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَه وَنَخْلَعَ ما كُنَّا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان…

وقد أمرَنا بصدقِ الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرَّحِم، وحُسْن الجوار، والكَفِّ عن المَحَارِم، وَحَقْنِ الدِّماء([27])، ونهانا عن الفواحش، وقول الزُّور، وأكل مال اليتيم، وقذْف المُحصنات([28]).

وَأَمَرَنَا أن نعبد الله وحده ولا نُشْرِكَ به شيئا، وأن نُقيم الصَّلاة، ونؤتِي الزَّكاة، ونصوم رمضان…فصدَّقناه، وآمنا به، واتَّبعناه على ما جاء به من عند الله، فَحَلَّلْنَا ما أحلَّ لنا، وَحَرَّمْنَا ما حرَّمَ علينا.

فما كان من قَوْمِنَا أيُّها الملِك إلاَّ أن عَدَواْ علينا؛ فعذَّبونا أشدَّ العذاب لِيَفْتِنُونا عن ديننا([29]) ويردُّونا إلى عبادة الأوثان…

فلمَّا ظلمونا وقهرونا، وضيَّقُوا علينا، وحالوا بيننا وبين دِيننا خرجنا إلى بِلاَدِك، واخْتَرْنَاكَ على مَنْ سِوَاك، ورغِبْنَا في جِوَا رِك، وَرَجَوْنَا ألاَّ نُظْلَمَ عندك.

قالت أم سلمة: فالتفت النَّجاشي إلى جعفر بن أبي طالب، وقال: هل معك شيءٌ مِمَّا جاء به نبيُّكم عن الله؟ قال: نَعَمْ، قال: فاقْرَأْهُ عَليَّ؛ فقرأ عليه: (كَهيعص ذِكْرُ رَحْمَةِ ربِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيا إِذْ نَادَى ربَّهُ نِدَاءً خفيّاً قَالَ ربِّ إنِّي وَهَنَ العَظْمُ منِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً)([30]). حتى أَتَمَّ صَدْراً من السورة.

قالت أمُّ سَلَمَةَ: فَبَكَى “النَّجاشيُّ” حتَّى اخْضَلَّتْ([31]) لِحْيَتُهُ بالدُّموع، وبكى أَسَاقِفَتُهُ حتَّى بَلَّلُوا كُتُبَهُم؛ لِمَا سمِعُوه من كلام الله…

وهنا قال لنا النَّجاشيُّ: إنَّ هذا الذي جاء به نبيُّكُم والذي جاء به عيسى لَيَخْرُجُ من مشكاةٍ([32]) واحدة… ثم التفتَ إلى عَمْرو وصاحبه، وقال لهما: انْطلِقا، فلا والله لا أُسَلِّمُهُمْ إليكما أبداً.

قالت أم سَلَمَة: فلمَّا خَرَجْنَا مِنْ عند “النَّجاشي” توعَّدَنَا([33]) عمرو بن العاص، وقال لصاحبه: والله لَآتِيَنَّ المَلِكَ غداً، وَلَأَذْكُرَنَّ له من أَمْرِهِمْ ما يملاُ صدرهُ غَيْظاً منهم وَيَشْحَنُ فُؤَادَهُ([34]) كُرْهاً لهم، ولأَحْمِلنَّهُ على أنْ يستأْصلهم من جُذُورِهِمْ([35]).

فقال له عبد الله بنُ أبي ربيعة: لا تَفْعَلْ يا عمرو، فَإِنَّهُمْ مِنْ ذَوي قُرْبَانَا، وإن كانوا قد خَالَفُونَا.

فقال له عَمْرو: دَعْ عنك هذا… واللهِ لأُخْبِرَنَّهُ بما يُزَلْزِلُ أقدامهم…والله لَأَقُولَنَّ له: إنهم يَزْعُمُون أنَّ عيسى بن مريم عَبْدٌ…

فلما كان الغد دخل عَمْرٌو على “النَّجاشي”، وقال له: أيُّها المَلِكُ، إن هؤلاء الذين آوَيتَهُمْ وَحَمَيْتَهُمْ، يقولون في عيسى بن مريم قولاً عظيماً…فأرسِلْ إليهم، وَسَلْهُمْ عَمَّا يقولونه فيه.

قالت أم سَلَمَة: فلمَّا عرفنا ذلك، نزل بنا مِنَ الهَمِّ والغَمِّ ما لم نَتَعَرَّضْ لِمِثْلِهِ قَطُّ…وقال بعضنا لبعض: ماذا تقولون في عيسى بن مريم إذا سألكم عنه المَلِك؟.

فقلنا: والله لا نقول فيه إلاَّ ما قال الله، ولا نَخْرُجُ- في أمْره قيد أُنْمُلَةٍ-([36]) عمَّا جاءنا به نبيُّنا، وَلْيَكُنْ بِسَبَبِ ذلك ما يكون.

ثُمَّ اتَّفَقْنَا على أن يتولَّى الكلامَ عنَّا جعفرُ بن أبي طالبٍ أيضاً.

فلمَّا دعانا “النَّجاشيُّ” دَخَلْنَا عليه فَوَجَدْنَا عنده بَطَارِقَتَهُ على الهيئة التي رأَيْنَاهُمْ عليها مِنْ قَبْلُ.

وَوَجَدْنَا عنده عَمْراً بنَ العاصِ وصاحِبَهُ.

فلمَّا صِرْنَا بين يَدَيْهِ بَادَرَنَا بقوله: ماذا تقولون في عيسى بن مريم؟.

فقال له جعفرُ بنُ أبي طالب: إنما نقول فيه ما جاء به نبيُّنا، صلى الله عليه وسلم.

فقال “النَّجاشي”: وما الذي يقوله فيه؟.

فأجاب جعفرٌ: يقول عنه: إنه عبدُ الله ورسوله، وروحُه، وكلمتُه التي ألقاها إلى مريم العذراءِ البتولِ.

فما إن سَمِعَ “النَّجاشيُّ” قول جعفر حتى ضَرَبَ بِيَدِهِ الأرض، وقال: والله، ما خرج عيسى بن مريم عَمَّا جاء به نبِيُّكُمْ مِقْدَارَ شَعْرَةٍ…فَتَنَاخَرَتِ البطارقةُ([37]) مِنْ حَوْلِ “النَّجاشي” اسْتِنْكاراً لِمَا سَمِعُوا منه…فقال: وإنْ نَخَرْتُمْ…ثمَّ التفَتَ، وقال: اذْهَبُوا فَأَنتم آمِنُون…مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، ومن تَعَرَّضَ لكم عُوقِبَ…ووالله ما أُحِبُّ أن يكون لي جَبَلٌ مِنْ ذهبٍ، وأن يُصابَ أحدٌ منكم بسوءٍ…ثُمَّ نَظَرَ إلى عمرو وصاحبه، وقال: رُدُّوا على هذين الرَّجُلَيْنِ هَدَايَاهُمَا؛ فلا حاجة لي بها.

قالت أمُّ سَلَمَة: فخرج عمرٌو وصاحبُه مَكْسُورَيْنِ مَقْهُورَيْنِ يَجُرَّانِ أذيال الخيبة…

أمَّا نحن فَقَدْ أَقَمْنَا عند النَّجاشي بخيرِ دارٍ مع أَكْرَمِ جَارٍ.

قَضَى جعفرُ بن أبي طالبٍ هو وزوجته في رحاب “النَّجاشي” عَشْرَ سنوات آمنين مُطْمَئِنَّيْنِ.

وفي السنة السَّابعة للهجرة غادَرَا بلاد “الحبشة”، مع نَفَرٍ من المُسْلمين مُتَّجِهِين إلى “يثْرب”، فلمَّا بَلَغُوهَا كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عائداً لِتَوِّهِ مِنْ “خيبر”([38])، بعد أن فَتَحَهَا الله له.

فَفَرِحَ بلقاء جعفر فرحاً شديداً حتى قال: (ما أدري بأيِّهما أنا أشدُّ فرحاً !!…أَبِفَتْحِ خيبر، أم بقدوم جعفر؟).

ولم تكن فرحة المسلمين عامَّةً والفقراء منهم خاصة بِعَوْدَةِ جعفرٍ بأقلَّ من فرحة الرَّسُول، صلوات الله وسلامه عليه.

فقد كان جعفرٌ شديد الحَدَبِ([39]) على الضُّعفاء كثير البِرِّ بهم، حتَّى إنه كان يُلَقَّبُ “بأبي المساكين”.

أخبر عنه أبو هريرة، فقال: كان خير الناس لنا– معشر المساكين- جعفر بن أبي طالب، فقد كان يمضي بنا إلى بيته فَيُطْعِمُنَا ما يكون عنده، حتى إذا نَفِدَ طعامه أَخْرَجَ لنا العُكَّةَ([40]) التي يُوضع فيها السَّمْنُ وليس فيها شيءٌ، فَنَشُقُّهَا وَنَلْعَقُ ما عَلِقَ بداخلها…

لم يَطُلْ مُكْثُ([41]) جعفر بن أبي طالب في المدينة.

ففي أوائل السَّنة الثَّامنة للهجرة جَهَّزَ الرَّسول، صلوات الله وسلامه عليه جيشاً لمنازلة الرُّوم في بلاد الشَّام، وأمَّرَ على الجيش زيد بن حارثة، وقال: (إن قُتِلَ زيدٌ، أو أُصيب فالأمير جعفر بن أبي طالب، فإن قُتِلَ جعفرٌ، أو أُصيب فالأمير عبد الله بن رواحة، فإن قُتِلَ عبد الله بن رواحة، أو أصيب فَلْيَخْتَرِ المسلمون لأنفسهم أميراً منهم).

فلما وَصَلَ المسلمون إلى “مؤتة”؛ وهي قريةٌ واقعة على مشارف الشَّام في “الأردن”؛ وجدوا أنَّ الرُّوم قد أعدُّوا لهم مائة ألفٍ تُظاهرهُم([42]) مائةُ ألف أُخْرى من نصارى العرب من قبائل “لَخْمٍ، وجُذَامٍ، وَقُضَاعَةَ”، وَغَيْرِهَا.

أمَّا جيشُ المسلمين فكان ثلاثة آلاف…

وما إن التقى الجَمْعان ودارت رحَى المعركة حتَّى خَرَّ زَيْدُ بن حارثةَ صَرِيعاً مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ.

فما أَسْرَعَ أن وَثَبَ جعفرُ بن أبي طالب عن ظَهْرِ فَرَسٍ كانت له شَقْرَاءَ، ثُمَّ عَقَرَهَا([43]) بسيفه حتى لا يَنتفع بها الأعداء من بعده.

وَحَمَلَ الرَّاية وَأَوْغَلَ([44]) في صفوف الرُّوم وهو يُنشد:

يَا حَبَّذَا الجَنَّةُ وَاقْتِرَابُهَا  **  طَيِّبَةٌ وَبَارِدٌ شَرَابُهَا

وَالرُّومُ رُومٌ قَدْ دَنَا عَذَابُهَا  **  كَافِرَةٌ بَعِيدَةٌ أَنْسَابُهَا

عَلَيَّ إِذْ لاَقَيْتُهَا ضَرَّابُهَا([45])

وظلَّ يَجُولُ في صفوف الأعداء بسيفه وَيَصُولُ حتَّى أصابته ضربةٌ قَطَعَتْ يمينه، فأخذ الرَّاية بشماله، فما لَبِثَ أن أَصَابَتْهُ أُخرى قَطَعَتْ شِمَالَه، فأخذ الرَّاية بصدره وعَضُدَيْهِ، فما لَبِثَ أن أصابته ثالثةٌ شَطَرَتْهُ شَطْرَيْنِ([46])، فأخذ الرَّايةَ منه عبد الله بن رواحةَ، فما زال يُقَاتِلُ حتَّى لَحِقَ بِصَاحِبَيْهِ.

بَلَغَ الرَّسُولَ، صلوات الله عليه، مَصْرَعُ قُوَّادِهِ الثَّلاثة فَحَزِنَ عليهم أَشَدَّ الحُزْنِ وَأَمَضَّهُ([47])، وانطَلَق إلى بيت ابن عمِّه جعفرِ بن أبي طالب، فَأَلْفَى([48]) زوجَتَه أسماءَ بنتَ عُمَيْسٍ تتأهَّبُ لاستقبال زَوْجِهَا الغائب.

فهي قد عَجَنَتْ عَجِينَهَا، وَغَسَلَتْ بَنِيهَا وَدَهَنَتْهُمْ وَأَلْبَسَتْهُمْ…

قالت أسماء: فلمَّا أقبل علينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رأيْتُ غِلالةً([49]) من الحُزْنِ تُوَشِّحُ([50]) وجهه الكريمَ، فَسَرَتِ المخاوفُ في نفسي، غير أَنِّي لَمْ أَشَأْ أَنْ أَسْأَلَهُ عن جعفرٍ مخافة أن أَسْمَعَ منه ما أَكْرَهُ.

فَحَيَّا وقال: (ائْتِينِي بأولاد جَعْفَرٍ)…فَدَعَوْتُهُمْ له.

فَهَبُّوا نحوَه فرحين مُزَغْرِدِينَ، وأخذوا يتزَاحمُون عليه؛ كُلٌّ يُريد أن يَسْتَأْثِرَ به.

فَأَكَبَّ عليهم ، وجَعَل يَتَشَمَّمُهُمْ، وعيناه تَذْرِفَانِ من الدَّمْعِ.

فقُلت: يا رسول الله- بأبي أنت وأمِّي- ما يُبْكِيكَ؟!…أَبَلَغَكَ عن جعفرٍ وصاحبَيْه شيءٌ؟!…

قال: (نعم…لقد اسْتُشْهِدُوا هذا اليوم)…

عند ذلك غَاضَتِ البَسْمَةُ من وجُوه الصِّغار لمَّا سَمِعُوا أُمَّهُمْ تبكي وَتَنْشُجُ([51])، وَجَمَدُوا في أماكِنِهم كأنَّ على رؤوسهم الطَّيْرُ([52]).

أمَّا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فمضى وهو يُكَفْكِفُ عَبَرَاتِهِ([53]) ويقول: “اللَّهم اخْلُف جعفراً في وَلَدِه”([54])…”اللَّهم اخْلُفْ جعفراً في أهله…”([55]).

ثم قال: (لقد رأيتُه في الجنَّة، وجناحيه مُضَرَّجَيْنِ بالدِّماء، مَصْبُوغ القَوَادِمِ- يعني جعفرا-)([56]).

الدروس والعبر المستخلصة من قصة جعفر بن أبي طالب، رضي الله عنه:

  • مسألة الشَّبَهِ تكون أسمى شرفٍ للمُشبَّه، عندما يرتكز على أمريْن في المشبَّه به، وهُما:
  • الشَّبَه الخِلْقِي الظاهر في الجسم.
  • الشَّبه الخُلُقِي المتجلي في الأقوال، والأفعال، والأحوال.
  • المساعَدات الاجتماعية يكون لها وَقْعٌ عظيم، وتأثير كبير في الشَّدائد والمجاعات، والكوارث التي تُسَمَّى عَقَبَات، وقد أثنى الله، عز وجل، على من اجتازها، فقال: (فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا العَقَبَة فكُّ رَقبةٍ أَوِ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ)([57]).
  • صَدَقَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حيث قال: “من دَلَّ على خير فله مِثْلُ أَجْرِ فاعله “([58])؛ لأن الدال على الخَيْر يُنْهِضُ الهِمم، ويقوي العزائم.
  • الصَّبْرُ على الأذى والمكاره، تكون عاقبته خيراً؛ لأن “الصَّبْر مِفْتَاحُ الفَرَجِ”([59])، وقد أوْصَى الله- عز وجل- به أنبياءهُ ورُسلهُ وعبادَه الصالحين في آيات كثيرة. وَمِنْ أَحْسَنِ ما قيل في الصَّبْرِ من الشعر:

الصَّبْرُ كَالصِّبْرِ مُرٌّ فِي مَذَاقَتِهِ  **  لَكِنْ عَوَاقِبُهُ أَحْلَى مِنَ العَسَل([60]).

  • فِرَاقُ الأهل، والأحبة، والأوطان أشد على المرء مِنْ وَقْعِ اللِّسان، ولا سيما مَنْ أُكْرِهَ على الخروج.
  • الحبشة كانت أول مَهْجَر للمسلمين؛ لأنَّ مَلِكها النَّجاشي عُرِفَ بالعدل والرَّحمة، ورجاحة العقل، والإنصاف، وهي أُمور هَدَتْهُ بتوفيق من الله تعالى لاعتناق الدين الإسلامي الحنيف، وشهِد له النبي، صلى الله عليه وسلم، بذلك، وصلى عليه صلاة الغائب.
  • بطلت مكيدة (قريش) في تشويشها على المسلمين بالحبشة، ورجعوا “بِخُفَّيْ حُنَيْن”([61])، ورُدَّتْ عليهم هدايا شهادة الزُّور (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوِاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمٌّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُون)([62]).
  • شهادة أمِّ سَلَمَة، رضي الله عنها، تشرح ذاك المخطَّط القُرَشِي الخاسر الذي يُشْبِه الزَّبَد الذي قال تعالى في شأنه: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الاَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الاَمْثَال)([63]).
  • وصْف حالتي العرب: في الجاهلية، وفي الإسلام، وذكْر محاسن هذا الدِّين الحنيف..
  • النَّجَاشِي يطلب سماع نماذج مما جاء به القرآن الكريم بصفة عامة، وبما ذكر فيه خاصة من قصة مريم وابنها المسيح، عليهما السلام..
  • النجاشي يبكي هو وأساقفته عندما سمعوا القرآن الكريم، وقالوا: إن كتابهم، والقرآن يخرُجان من مشكاة واحدة، أي: أنهما وحيٌ يخرجان من نور واحد، وقد قال تعالى في بعض مُؤْمِنِي أهل الكتاب: (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)([64]).
  • اجتماع فرحتين للنبي، صلى الله عليه وسلم، ولأصحابه بعودة المسلمين من الحبشة برئاسة جعفر، رضي الله عنه، وبفتح خيبر.
  • جعفر بن أبي طالب، رضي الله عنه، كان من أرحم الناس بالضعفاء والمحتاجين حتى لُقِّب بأبي المساكين.
  • جعفر أحد القادة الثلاثة الذين استشهدوا في غزوة “مؤتة” بالشام، وهم: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، قُطعت يدا جعفر، وأبدله الله بهما جناحيْن يطير بهما في الجنة، رضي الله عنهم أجمعين”([65]).

والحمد لله رب العالمين

——————————————————————————-

([1]) عبد مناف: من أجداد الرسول، صلى الله عليه وسلم، وبنوه هم العشيرة الأقربون للنبي الكريم.

([2]) سِبْطُ الرَّجُل: ابن بنته…وحفيده: ابن ابنه.

([3]) السَّنة المُجْدِبَة: التي انقطع مطرها.

([4]) الضَّرع: كناية عن الماشية.

([5]) أيسر: أغنى.

([6]) القحط: الجدب واحتباس المطر.

([7]) مَضَض الجوع: ألمه.

([8]) عقيل: هو عقيل بن أبي طالب أخو علي وهو أكبر منه.

([9]) دار الأرقم: دار بمكة تسمَّى “دار الإسلام” كانت للأرقم بن عبد مناف المخزومي، وفيها كان الرسول، صلى الله عليه وسلم، يَدْعو الناس إلى الإسلام.

([10]) محفوف بالمكاره: محاطٌ بالمصاعب والآلام.

([11]) ينغصهما: يكدرهما ويعكر صفوهما.

([12]) تقف لهم في كل مَرْصَد: تترصًّدُهُم في كل جهة.

([13]) أَسْوَان: محزون. المحكم والمحيط الأعظم؛ لابن سيده: 8/ 635. القاموس المحيط؛ للفيروزآبادي، تاج العروس؛ للزَّبيدي، مادة: (أسو).

([14]) مُبارحة: ترك.

([15]) مراتع طفولتهم: ديارهم التي رَتَعُوا فيها ولعبوا وهم صغار.

([16]) مغاني شبابهم: ديارُهم التي قضوا فيها عهد الشَّباب.

([17]) كنف النَّجاشي: حِماه ورعايته.

([18]) تأتمر بهم: يأمُر بعضها بعضاً بقتلهم.

([19]) جَلْدَيْن: قويَّيْن.

([20]) البطارقة: جمع بطريق: وهو رَجُل الدِّين عند النَّصارى.

([21]) يستطرفونه: يستحسنونه، ويُعْجَبُون به.

([22]) صَبَأُوا عن دينهم: ارتدُّوا عنه.

([23]) ما جاوروني: ما داموا يرغبون في حمايتي.

([24]) فاصْدعوا: فاجْهَرُوا.

([25]) طَيَالِسَتَهُمْ: الطَّيالسة جمع طيلسان؛ وهو كساءٌ أخضرُ يلبسه الأشراف ورجال الدِّين.

([26]) اعْتَمُّوا قَلاَنِسَهُمْ: وضعوها على رؤُوسهم.

([27]) حقن الدِّماء: حِفظها وعدم إِراقتها.

([28]) قذْف المُحصنات: اتِّهام النِّساء الطَّاهرات العفيفات.

([29]) لِيَفْتِنُونا عن ديننا: لِيُرجعونا عنه.

([30]) سورة: مريم، من الآية: 1- 4.

([31]) اخْضَلَّتْ: تبلَّلت.

([32]) المِشْكاة: ما يوضع عليه المصباح، والمراد: يخرجان من نور واحد.

([33]) توعَّدَنَا: هدَّدنا.

([34]) يَشْحَنُ فؤاده: يملؤُه.

([35]) يستأْصلهم من جذُورهم: يقطعهُم من أصولهم، وهو كناية عن شدَّة الفتك.

([36]) قَيْدَ أُنْمُلة: مقدار أُنْمُلة، وهي رأس الأصبع.

([37]) تَنَاخَرَتِ البطارقةُ: أخرجوا أصواتاً من أُنوفهم.

([38]) خيبر: حُصُونٌ لليهود فتحها الرَّسول، صلى الله عليه وسلم، سنة سبع للهجرة، وغَنِمَ منها مغانم كثيرة.

([39]) شديد الحَدَبِ: شديد العطف والرِّعاية.

([40]) العُكَّة: قِرْبَةٌ صغيرة يُوضع فيها السَّمْن.

([41]) المُكْثُ: الإقامة.

([42]) تُظاهرهُم: تُساندهم وتَدعمهم.

([43]) عَقَرَهَا: ضَرَبَ قوائمها بسيفه.

([44]) أَوْغَلَ: دخل بعيداً.

([45]) الأبيات من البحر: الرَّجَز.

([46]) شَطَرَتْهُ شَطْرَيْنِ: قَسَمْته نصفين.

([47]) أَمَضَّهُ: أوجعه.

([48]) أَلْفَى: وجد.

([49]) الغِلالة: بكسر الغين، وهي: الثَّوْبُ الذي يُلْبَسُ تَحْتَ الثِّيَابِ أو تَحْتَ دِرْع الحديد. لسان العرب؛ لابن منظور، تاج العروس؛ للزَّبِيدِي، القاموس المحيط؛ للفيروزآبادي، مادة: (غلل).

([50]) تُوَشِّحُ: تُغَطِّي.

([51]) تَنْشُجُ: نَشَجَ الباكي يَنْشُجُ نَشِيجاً: غُصَّ بالبكاء في حَلْقِه من غير انتحاب. المختار من صحاح اللغة؛ لمحمد محيي الدين عبد الحميد، ومحمد عبد اللطيف السبكي، مادة: (نشج).

([52]) كأنَّ على رؤوسهم الطَّيْرُ: مَثَلٌ يُضرب لِشِدَّةِ السُّكون.

([53]) يُكَفْكِفُ عَبَرَاتِهِ: يَمْسَحُ دُمُوعه.

([54]) رواه أحمد في مسنده، حديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، رضي الله عنه، رقم: (1760) 3/ 284، والنسائي في السنن الكبرى، ما يقول للخائف، رقم: (10838) 9/ 391، والطبراني في المعجم الكبير، عكرمة عن ابن عباس، رقم: (12020) 11/ 362. والبيهقي في الدَّعوات الكبير، باب ما يقول إذا مسح رأس يتيم، رقم: (645) 2/ 306. وذكره الألباني في: أحكام الجنائز، رقم: (116)، ص: 168، وقال فيه: “إسناده حسن، وقال الحاكم: صحيح، ووافقه الذهبي”.

([55]) رواه أحمد في مسنده، حديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، رضي الله عنه، رقم: (1750) 3/ 278، والنسائي في السنن الكبرى، فضائل جعفر بن أبي طالب، رضي الله عنه، رقم: (8014) 7/ 315، والطبراني في المعجم الكبير، جعفر بن أبي طالب الطيار في الجنة، رضي الله عنه، رقم: (1461) 2/ 105. وذكره الألباني في: أحكام الجنائز، رقم: (113)، ص: 166، وقال فيه: “قال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وللحديث شاهد ذكره في المسند: 3/ 476، وفيه ضعف”.

([56]) رواه أحمد في فضائل الصحابة، فضائل جعفر بن أبي طالب، رضي الله عنه، رقم: (1691) 2/ 890، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني، ومِن ذِكْرِ جعفر بن أبي طالب من مهاجِر الحبشة، رضوان الله عليه، رقم: (360) 1/ 276. وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، رقم: (1226) 3/ 228. والقصة من كتاب: صور من حياة الصحابة؛ لمؤلفه: الدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا، ص: 257- 270.

([57]) سورة: البلد، الآيات: 11- 16.

([58]) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره وخلافته في أهله بخير، رقم: (133) 3/ 1506.

([59]) الأمثال المولَّدة؛ لأبي بكر الخوارزمي، ص: 90، الفرج بعد الشِّدَّة؛ للتَّنُوخِي: 1/ 157، خاص الخاص؛ لأبي منصور الثعالبي، ص: 17، مجمع الأمثال؛ للمَيْدَاني: 1/ 417.

([60]) البيت لمحمود بن الحسين في ديوانه: كُشَاجِم، ص: 460. وهو من البحر البسيط.

([61]) الأمثال؛ لأبي عبيد القاسم بن سلاَّم، ص: 245، إصلاح المنطق؛ لابن السِّكِّيت، ص: 228، المعارف؛ لابن قُتَيْبَة الدِّيْنَوَرِي، ص: 613، أنساب الأشراف؛ للبَلاذُرِي: 4/ 413.

([62]) سورة: الصف، الآيتان: 8، 9.

([63]) سورة: الرَّعْد، من آية: 17.

([64]) سورة: المائدة، الآيتان: 82، 83.

([65]) ينظر حديث استشهاد هؤلاء القادة الثلاثة في صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة مؤتة من أرض الشام، رقم: (4263) 5/ 143.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق