قصبات مدينة مكناس من خلال إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس لابن زيدان
الحلقة الثانية :
القصبة الإسماعلية- قصبة هدراش- قصبة أهل تولال
وقد وصف هذه القصبة الإسماعيلية بعض من كان مستخدما في بنائها من أساري الأوروبيين وهو مويت الفرنسي في كتابيه اللذين وضعهما في وصف المملكتين الرشيدية والإسماعيلية وفتوحاتهما، وقضية أسره فيهما فقال: إنها في الجنوب الشرقي للمدينة، وأن ابتداء بنائها عام أربعة وسبعين وستمائة وألف مسيحي، وطولها أكثر من عرضها، كما أن عرضها من الجانب الجنوبي الغربي أقل من عرضها من الجانب الجنوبي الشرقي.
ولها ثلاثة أبواب أعظمها الذي بالجانب الجنوبي الشرقي ويسمي باب الخلاء أي المفضي لخارج المدينة، على جانبيه برجان عظيمان عاليان مربعان على كل واحد منهما ثلاث شرافات على هيئة نور السوسان بنتهما الأسارى عام سبعة وسبعين وستمائة وألف مسيحي، وهذا الباب يقابل المقبرة.
والباب الثاني يسمى باب الحجر لبنائه بالحجر المنحوت وهو المقابل لروى مزين.
والثالث يسمى باب المدينة وهو المقابل لها ثم هذه القصبة لها ثلاثة أسوار من جهة الشمال الشرقى عرض أولها ستة أشبار، وعلى طرفيه برجان مربعان ذوا شرافات، وعرض السور الثاني ثلاثون شبرا، وبين هذين السورين فسيح مربع يسمى روى مزين والثلاثون شبرا التي في عرض الحائط الثاني لم تستمر في عرض الحائط كله، بل أسقط البناءون منها حتى صار البارز منه عشرة أشبار بني على طرفيه جداران صغيران عرضهما ثلاثة أشبار وعلوهما قامة وبينهما داخل الجدار المذكور يطوف على القصبة العبيد الساكنون بالأبراج من غير أن ينظر إليهم أحد لا من داخل القصبة ولا من خارجها.
وأما السور الثالث وهو سور قصر الحريم وهو أعلى من الأولين وبه كوات وفرج وعليه يطوف عبيد الدار المخصيون وليس على القصبة من الجهة الأخرى إلا سور واحد عرضه عشرة أشبار، وله أبراج متينة شاهقة مربعة من جملتها معقلان: أحدهما في جانب القصبة الشرقي، والآخر في جانبها الغربي...[1].
قصبة هدراش
وأما القصبة الصغيرة التي قال الأسير إنها في الجانب الجنوبي الشرقي فهي قصبة هدراش، ونسبته إياها للأوداية لعل ذلك كان لسكنى الأوداية بها أول الأمر، والمقبرة الفاصلة بين القصبتين هي مقبرة الحصيني المتقدمة، وأما قوله: روى مزير، فهو عنده آخره راء، الشائع في ألسنة العامة آخره نون، والذي يكتبه الموثقون والمتفاصحون آخره لام، ويذكر أن مزيل المضاف إليه كان قيما على أروى خصوصية هناك، وهو من أرقاء السدة الملوكية، وبالأسف فقد أصبحت مشيدات هاتيك القصور بلاقع، ولم تلف لتلافي أشلائها من راقع، استعمرتها أنواع العصافير والحشرات ودرست معالم تلك الزينة الثمينة، وخربت تلك القبب بل انمحت آثارها وجعل عاليها سافلها وإلى الله عاقبة الأمور[2].
قصبة أهل تولال
ومن تأسيسات هذا السلطان قصبة أهل تولال -بضم التاء وسكون الواو وفتح اللام المشبعة- وتولال اسم لواد من أودية صحراء تافلالت كان نقلهم السلطان المقدس مولانا عبد الرحمن بن هشام بن بلادهم لتمردهم وأنزلهم بنواحى فاس قرب دار دبيبغ، وجعلهم تحت نظر باشا الوقت بباب الدار العالية بالله ثمة وهو القائد فرجى الشهير، ثم نقلهم نجله السلطان سيدى محمد من فاس إلى نواحى مكناس وذلك عام اثنين وثمانين ومائتين وألف، وأدرجهم في جملة الجيش البخارى، وكانت سكناهم إذ ذاك في الخيام.
ثم في دولة نجله السلطان مولاى الحسن أنشأ لهم القصبة المذكورة التي هي مستقرهم الآن، وموقع هذه القصبة غربا من المدينة، وقد أحدثت بها اليوم عدة دور ومسجد للصلاة[3].
[1] - إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص 139 الطبعة الأولى.
[2] - إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص 369 الطبعة الثانية 1990 م.
[3] - إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص 157 الطبعة الثانية 1990 م.