وحدة الإحياءدراسات عامة

في حاجة العلوم الاجتماعية إلى علم المقاصد: من أجل السعادة والاستقرار الاجتماعي

يمكن القول بأن مقاصد الشريعة ومصالحها الكبرى التي تدور حولها معظم أحكامها أو كلها تجتمع في مصالح خمس سموها الضروريات أو الأصول أو الكليات الخمس، وقد حددها الإمام الغزالي في قوله: “ومقصود الشرع من الخلق هو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة، ودفعه مصلحة[1]“، ويمكن القول، كذلك، بأن مختلف الشرائع السماوية ومختلف الملل تتفق على حفظ وصيانة هذه الضروريات الخمس، وفي هذا الصدد يقول الإمام الشاطبي رحمه الله: “فقد اتفقت الأمة، بل سائر الملل على أن الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس وهي الدين والنفس والنسل والمال والعقل[2].”

فأحكام الشريعة تدور على هذه الضروريات من وجهة نظر العلماء، أو على الأقل ولو بصورة جزئية تدور عليها أو تدعو إلى خدمتها. كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (الممتحنة: 12).

فأول الأشياء التي تتطلب الحفظ والصيانة هي الدين وذلك من خلال توحيد الله وعدم الإشراك به على اعتبار أن التوحيد هو أصل ومنطلق جميع أشكال الحفظ، ثم بعد ذلك تمت الإشارة في الآية إلى حفظ المال من خلال عدم التبذير أو الإسراف فيه فيما لا يرضي الله أو في طرق الحصول عليه من غير حق، ضمن الأشياء المتعارضة مع هذه الضرورة هو الكسب الحرام كالسرقة أو الاعتداء أو القمار أو صرفه بغير حق كالغصب والاحتيال والغش…

ومن الإشارات كذلك في الآية هي الحفاظ على النسل، وذلك من خلال احترام المعايير الأخلاقية في إشباع الرغبة الجنسية؛ لأن غير ذلك يؤدي إلى ضياع الأنساب وانتشار الأمراض والأولاد غير الشرعيين (من الناحية الشرعية). وبعد ذلك حفظ النفس بعد وجودها. ونظرا لمكانة العقل باعتباره أحد الشروط اللازمة لحفظ هذه الضروريات ولأن التكليف يتوقف عليه، بل هو شرطه الأساسي فإن غيابه يسقط التكليف وينفي بالتالي الضروريات الخمس.

إن قراءة الآية ووقت نزولها تفيد بأنها مكية؛ أي أنها تصادف مرحلة التأسيس ووضع القواعد الكبرى مما يجعل المصالح المشار إليها فيها على قدر كبير من الأهمية، وهو ما يجعلها ترتفع إلى مستوى أن تعد أصولا وضروريات نظرا لارتباط قبول البيعة بها. والشاهد على ذلك قول الرسول، صلى الله عليه وسلم، فيما رواه البخاري: “تعالوا بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف. فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فأمره إلى الله. إن شاء الله عاقبه وإن شاء عفا عنه”. قال فبايعناه على ذلك.

ومن أجل حفظ هذه الضروريات في الشريعة، فقد رتبت أشد العقوبات على كل منتهكيها وسميت هذه العقوبات بالحدود من قبيل حد الردة وحد السرقة وحد الزنا، وحد السكر، ثم القصاص في القتل، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تدعو إلى حفظ هذه الضروريات سواء من جانب الوجود؛ أي ما يدعو لها مباشرة ويحافظ عليها أو من جانب العدم؛ أي بالتحفظ من كل ما يسمها أو يعتدي عليها. وبما أن القوانين لا تحفظ المجتمع كيف نحفظ هذه؟

ففي حفظ الدين ألا تشركوا به شيئا وفي حفظ النفس ولا تقتلوا أولادكم من إملاق…ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن لحفظ النسل، أما حفظ العقل فقد أشير إليه في قوله تعالى تعقلون، وهو على كل حال متضمن في حفظ النفس.

وقد اعتبرت السنة النبوية هذه المصالح في أعلى المراتب حين اعتبرت الدفاع عنها حتى الموت شهادة في سبيل الله. فقد روى أصحاب السنن والترمذي أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: “ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد”.

ويمكن القول أمام كل هذا؛ بأن الجرائم والعنف والانحرافات بكل أنواعها، والعقوبات المخصصة لها يمكن إدراجها في دائرة حفظ ضروريات الشريعة ومقاصدها من جانب العدم؛ أي بالتحفظ من كل ما يمسها أو يعتدي عليها، وبالتالي فقطع الطريق أمام المجرم أو المنحرف أو الحيلولة دون الوقوع في الفعل المنحرف أو الخارق للقاعدة الأخلاقية يندرج ضمن حفظ الضروريات الخمس.

يمكن القول، إلى جانب ذلك، بأن ظواهر العنف والانحراف والجريمة تظهر مسألة السلوك الإنساني في أعلى درجات تعقيده؛ بحيث نجد أنفسنا أمام فيض من الدراسات والنظريات التفسيرية التي تتشعب وتتعارض كما تتلاقى أحيانا أخرى. فالسلوك المنحرف أو العنف ظاهرة تقع على مفترق طرق مختلف العلوم الإنسانية والشرعية تهم عالم الاجتماع وعالم القانون والنفساني والمقاصدي والفقيه والطبيب والأسرة… ومثل هذا الاهتمام أفرز نظريات تفسيرية متعددة المنطلقات والأهداف (منطلق اجتماعي وآخر نفسي، ومنطلق فقهي وآخر مقاصدي وغيرها…).

 فالعنف والسلوك المنحرف هو سلوك مضاد للمجتمع، لخرق القانون والدين والعرف، فيعاقب الفاعل لغايتين: تتمثل الأولى في ردع المخالف وحماية الآخرين من المتضررين، والثانية تحقيق السعادة للإنسان الذي يعتبر في نظر بعض المذاهب الإسلامية كمقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية (وهو ما بينه الإمام الشاطبي في الموافقات حين الحديث عن جلب المصالح ودرء المفاسد، وهو ما بينه كذلك الراغب الأصفهاني في تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين وغيرهم كابن القيم وعلال الفاسي وابن عاشور).

فإذا كانت الشريعة تنطلق من البراديغم المؤسس الذي مفاده أن المقصد الأسمى للتشريع هو جلب السعادة للإنسان وتحصيلها له، وإذا كانت العلوم الاجتماعية تهتم بالسلوكات المنحرفة والعنف والخروقات المهددة للكليات الخمس بصفة عامة بغية دراسة مختلف مسبباتها وكذلك تأثيراتها الاجتماعية، وغير ذلك من مظاهر الانحراف والسلوكات المحيدة عن المعايير الاجتماعية والقيم الأخلاقية، فمن المهم الإشارة إلى أن العنف والانحراف برزا في شكل معضلة صعبة تواجه المجتمع والأفراد، مما يدل على مدى صعوبة توافق الفرد مع بيئته الاجتماعية إلى فهم شخصيته ومعرفة مجموع العوامل المؤدية إلى الانحراف بغية الإصلاح، وتدارك الأخطاء، والحيلولة دون السلوك المخل والخارق للقواعد والمعايير الاجتماعية.

 وكذلك صيانة الضروريات الخمس: الدين والنفس والنسل والعقل والمال، فكيف يمكن، إذن، معانقة الشريعة والكليات وكيف يمكن توظيف مفردات الشريعة بطريقة تخضع لهذه المسألة؟ كيف يمكن أن تستفيد العلوم الاجتماعية من المقاصد لإحلال الأمن والاستقرار وفهم المجتمع لتحقيق السعادة الاجتماعية باعتبارها مقصدا شرعيا؟ كيف يمكن أن تشكل مقاصد الشريعة إطارا للبحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية والقانونية؟

يمكن القول بأن العلوم الإنسانية قامت على أسس منهجية لها سياقها التاريخي، وظروفها الإيديولوجية المرتبطة بها، وأن طرائقها وتفسيراتها انطلقت من بيئة وثقافة لا أعتقد بأنها ملزمة لكل الثقافات وكل المجتمعات. فهل من الضروري أن تجعل العلوم الاجتماعية من العلوم الطبيعية مرجعية؟ وهل مصداقية العلوم الاجتماعية مرتبطة بالابتعاد عن كل ما هو ديني؟

نعتقد أن هناك فروقات بين الظواهر الطبيعية والظواهر الإنسانية تستدعي استفراد كل واحدة منها بمنهج متفرد وخاص بها.

فإذا كانت العلاقات بين الظواهر الطبيعية سببية وآلية، فإن الظواهر الإنسانية قيمية وترتبط بالهدف والغاية، فإن الظواهر الإنسانية لا تسعى إلى صياغة قوانين كما هو الشأن في الطبيعية، بل إلى وضع تصنيفات تنميطية للشخصية والثقافة تكون بمثابة إطار لفهم أنشطة وأهداف الإنسان في ظروف تاريخية مختلفة[3] بالإضافة إلى أن الطبيعة تدرك باعتبارها أشياء وبذلك تتيح للباحث إمكانية البحث والدراسة والتجريب على عكس الظواهر الإنسانية فهي ليست ميتة، بل تتفاعل تتحرك وتشعر وتتمتع ببناء داخلي وبذلك فهي معقدة[4]، وهو الأمر الذي دفع علماء الاجتماع إلى تجاوز الأدوات الطبيعية من قبيل الملاحظة الخارجية إلى الملاحظة الداخلية، وهو ما يسميه “لويس ويرث” بالاستبصار، ويعتبره نواة منهج المعرفة الاجتماعية[5] ويسميه “ماكس فيبر” بالفهم؛ أي فهم المعاني التي تعبر عنها تصرفاته؛ لأنها نابعة من شعور الإنسان وإحساسه الداخلي، والسلوك هو تعبير عن الإحساسات الداخلية بالإضافة إلى أن المنهج الطبيعي القائم على الملاحظة لا يوصلنا إلى عمق الإنسان.

ويمكن القول من خلال الواقع، بأن العلاقة بين العلوم الإنسانية والدين علاقة متوترة؛ إذ حاولت الأولى استئصال جذور الروحانية وطرحت مبدأ القطيعة مع الدين؟ فقد تصور كونت المجتمع الإنساني وقد قطع في مسيرته التطورية ثلاث مراحل؛ المرحلة الثيولوجية أو اللاهوتية ثم المرحلة الميثافيزيقية ثم المرحلة الوضعية التي يسود فيها المنهج العلمي، وهناك ثلاث مراحل كبرى تقابل التطور الفكري للمجتمع وهي مرحلة الغزو، ثم مرحلة الدفاع وأخيرا مرحلة الصناعة، وهذا التصور على المستوى الاجتماعي هو الذي يقدم تفسيرا كاملا للتاريخ الإنساني[6] فهل هذه الإشكالية طبيعية أم مفتعلة تستخدم في الصراع ضد الدين منت طرف إيديولوجيا ما؟

لقد وضعت السوسيولوجيا نفسها مكان الدين في تنظير قضايا الإنسان؛ إذ ظلت توجهه وترسم أهدافه وتقوم انحرافاته على أساس عقلي صرف بعيدا عن الدين، غير أن النتائج بينت على أن العقل الإنساني عجز لوحده عن تناول وحل كل القضايا المرتبطة بالإنسان والتي ستظل تتجاوز إمكانياته وطاقاته، بقدر ما ستظل الموضوعية بعيدة المنال؛ لأن النظريات العقلية ستكون مطبوعة بالذاتية والشخصية وهو ما سيعوق تحقيق الموضوعية.

لقد انفتحت العلوم الاجتماعية على كثير من نتائج العلوم الإنسانية الأخرى؛ كالتاريخ والأنثربولوجيا والإثنوغرافيا بالرغم من المعلومات المستمدة منها تبقى نسبية، غير أن المعلومات التي يقدمها الوحي غزيرة ويقينية وقطعية يمكن أن تكون مادة دسمة ينطلق منها الباحث الاجتماعي لفهم العديد من الظواهر.

وعلى العموم، يمكن القول بأن المصادر المعتمدة من طرف عالم الاجتماع (التاريخ والإثنوغرافيا) ليست يقينية، ولا يمكن أن تقدم مصادر يقينية ولا تجيب بدقة على أسئلة عالم الاجتماع. ومن هنا تأتي أهمية الوحي وضرورته لكل معرفة اجتماعية حقيقية وصادقة[7]. يقدم الوحي من جهة بيانات تغطي مجموع التاريخ البشري في سيره العام، ومن جهة أخرى تعتبر البيانات التي يقدمها الوحي بيانات صادقة غير قابلة ولا محتملة للخطأ. وهذا هو الفارق الأساسي بينه وبين بقية المصادر المعرفية التي تتميز بأنها ظنية واحتمالية إلى حد كبير.

والشاهد على ذلك قوله تعالى: ﴿فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ﴾ (الأعراف: 6)، ﴿قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى. قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى﴾ (طه: 50-51).

إن القرآن هو الوثيقة الوحيدة التي تستطيع الذهاب إلى أول مراحل حياة الإنسان، وهو الأمر الذي تعجز عنه كل العلوم الأخرى؛ كما أن القرآن لا يحدثنا عن الماضي فحسب، بل أيضا حول المستقبل ومآل الإنسانية إن هي توجهت توجها ما. وهو ما فشلت العلوم الإنسانية فيه؛ لأن حديث القرآن عن الوقائع التاريخية للمجتمعات الغابرة ليس وصفيا، بل تقويميا يتجاوز الرواية والوصف إلى التفسير القائم على الترابط المنطقي[8].

فالقرآن يوفر معلومات صادقة عن الشعوب والمجتمعات فيكشف عن نظمها وتقاليدها وأخلاقها وشعائرها، وعن أنواع العقائد السائدة وعن بعض العادات السيئة التي عالجها كالقربان والمعاملات السائدة… بالإضافة إلى الحديث المفصل عن العادات الاجتماعية السائدة أثناء نزول الوحي (الإسلام).

وعلى العموم، فالوحي يستوعب الكشف عن الجوانب الاجتماعية ويتناول مجموعة من الظواهر المخلة بالأمن والاستقرار الاجتماعيين والتي تعتبر تهديدا حقيقيا للكليات الخمس؛ كالقتل والظلم والاستبداد والإجرام والغش وعبادة الأوثان، واحتقار المرأة وتطفيف الكيل والميزان، والاستغلال الذي يمارسه المرابون وظهور الطبقية[9].

فالوحي يعتبر مصدرا معرفيا يعتبر أساس كل معرفة اجتماعية صحيحة لوثوقيتها وأصالتها لإبرازه كيفية تكون شبكة العلاقات الاجتماعية وكيف تنكشف العقليات الثقافية. “ومثل هذا التكوين والاكتشاف إنما يكمن في المشاركة الحقيقية للأفراد في صنع هذه العلاقات والثقافات. وهذه العلاقات تنطوي على معاني ومثاليات اهتم القرآن اهتماما بالغا بتحليلها وتوضيح المعاني الاجتماعية.

وسواء كانت علاقات أسرية، أو سياسية، أو دينية، أو اقتصادية، أو اتخذت صورة عمليات مثل التفاعل والمنافسة والطاعة والولاء… فالدراسة الطبيعية لنوعية العلاقات الاجتماعية هي الوسيلة الوحيدة للكشف عن مغزاها ومعانيها[10].

الوحي وتنفيذ ميثافيزيقا علم الاجتماع

توجد في الحقل السوسيولوجي عدة نظريات تعج بالأفكار، غير أنها تعج أيضا بالتناقضات الكامنة في مضامينها من جهة، وبينها وبين الإسلام من جهة ثانية. يفيدنا الوحي في هذه الحالة في الكشف عن الأخطاء التي وقعت فيها هذه النظريات على مستويات عدة.

حاولت الكثير من النظريات تفسير نشأة الإنسان، ونشأة النظم والمؤسسات الاجتماعية، وحاولت كذلك إعطاء وجهات نظر حول بعض العادات البدائية، وحول عقلية الإنسان البدائي وطرق تفكيره ونظامه العقلاني والاجتماعي والأسري والقرابي واللغوي… واعتبرت الكثير من النظريات هذه التغييرات بداية أو نقطة الانطلاق الأساسية في التحليل الاجتماعي الممتدة إلى واقعنا الحالي؛ غير أن ما بني على باطل فهو باطل. حينما فسرت البدايات بالتلقائية مستبعدة المتغير الديني الذي يؤكد الأصل الديني لتلك النظم.

 أعتقد أن اعتبار الوحي كمصدر معرفي يلزمنا أن نأخذ بعين الاعتبار المفاهيم العقدية خصوصا حينما يتعلق الأمر بقضايا ذات الصلة بالدين.

الوحي وصياغة القوانين الاجتماعية

لقد سارت العلوم الاجتماعية، على غرار العلوم الطبيعية، في البحث عن علل الظواهر وأسبابها لاكتشافها القوانين المتحكمة في الظواهر الاجتماعية بغية التحكم في الإنسان وتوجيهه. غير أن وجود علم الاجتماع العلمي لا يستند إلى أحداث اجتماعية متكررة فحسب، بل يرتكز أيضا على الاعتقاد في أنها منتظمة أو خاضعة لقوانين ثابتة، وهي المشكلة الأساسية في النظرية الاجتماعية التي عجز علماء الاجتماع عن التوصل إليها والتي كانت مثار جدل لحد الآن[11].

يشير العديد من الباحثين إلى صعوبة صياغة قوانين اجتماعية ثابتة لارتباطها بحرية الإنسان وإمكانياته في تحديد سلوكاته بمحض إرادته. وهي عوامل يصعب ضبطها أو التحكم فيها نظرا لنسبيتها التاريخية؛ أي كونها تظهر وتختفي تبعا لتغيرات المجتمع، ولأنها فردية ومتفردة والعلم يقوم على الأحداث المتكررة. وقد كان أيضا بريتشارد ينكر بشدة أن يوجد من بين الأنثروبولوجية من يستطيع أن يؤكد لنا أننا توصلنا بالفعل إلى اكتشاف قوانين اجتماعية.

ولم يظهر لحد الآن أي شيء، ولو من بعيد يماثل قوانين العلوم الطبيعية، كل ما أمكن التوصل لا يعدو بعض التعميمات التي أطلقها بعض العلماء بشكل غامض وفضفاض، وهذه التعميمات ليست سوى مجرد تكرار للمعاني الجزئية وإبراز الأشياء العادية المألوفة في صورة أخرى على مستوى استدلالي ساذج وبسيط[12].

إن الوحي يغنينا عن مجموعة من البحوث ومجموعة من التجارب لمعرفة سلبيات أو إيجابيات المشروع الذي نريد تجربته؛ لأن الوحي يكون حاسما فيها ويغني عنها، فالقرآن يربط بين ظاهرتين تقترن إحداهما بالأخرى اقترانا تلازميا مطردا، وهي قوانين تنصب مباشرة على الحياة الاجتماعية. وتقدم تفسيرا حاسما مثل القانون الذي يربط بين الطاعة والانتصار، والعصيان والهزيمة، أو بين الفساد الأخلاقي وانهيار المجتمعات، أو بين الهلاك والظلم وبين شيوع المنكر وهلاك الأمم.

في حاجة المقاصد إلى علم الاجتماع

تعتبر الأسرة أول مؤسسة اجتماعية عرفها الإنسان في حياته. فقد انبثقت أول أسرة عن آدم وحواء ثم تطورت عبر الزمان إلى تنظيمات اجتماعية عديدة ومتنوعة؛ شملت الأسر الإبيسية والإميسية، الكبيرة والصغيرة والممتدة والنووية… ويمكن القول بأن أشكال الأسرة، وأدوارها، ووظائفها، وعلاقاتها وسلطاتها تنوعت وتغيرت عبر التاريخ ومن مجتمع إلى آخر. غير أن الثابت في كل هذه الأشكال والأنواع هو أن الأسرة في تقدير مختلف العلماء لها أهمية بالغة في حياة الإنسان لكونها أول مؤسسة يحتك بها الفرد في حياته الأولى، وتعتبر الوسيط الضروري بينه وبين المجتمع؛ إذ تستدمج في شخصيته من خلال عملتي الاستحسان والاستهجان ثقافة المجتمع، فقد نالت على مر العصور اهتمام الأنبياء والرسل والعلماء.

 والمهتمين بشؤون الأسر اعتبروا استقرار المجتمع في استقرار الأسرة والعكس صحيح. لقد اتخذ بعض الفلاسفة والمفكرين من العلاقات الأسرية نموذجا للعلاقات التي يجب أن تسود في مؤسسات المجتمع بأكمله[13]. إن الاهتمام بالأسرة وبالدراسات العلمية حولها يفيدنا في تنزيل المقاصد من جانبي الوجود والعدم في واقعنا المعاصر؛ ذلك أن نضج الأسرة يتوقف على وعيها الفكري والشرعي لما ينبغي لها القيام به من أجل مجتمع سليم ومستقر، ومن أجل إعداد الفرد وتثبيت الكليات على وجه يضمن حضورها من جانب الوجود، أكثر من استهدافها نطاق الحرص على طلب حمايتها وصيانتها من التعرض للاختلال م جانب العدم[14].

 وعلى هذا الأساس، فالأسرة ومعها المجتمع من خلال وسائط التنشئة الاجتماعية يتوجب عليها النظر في اتجاه ما يضمن قيام الكليات الخمس الشرعية التي تقوم عليها الشريعة من جانب قيامها وثباتها، بناءً وتأهيلا وتربية عليها، حتى تتحقق استقامة الحياة العملية أكثر من توجيه نظره صوب جانب اختلالها؛ لأن البناء يسبق الإصلاح والتغيير. وذلك باب العدل مع النفس الذي تحدث عنه الماوردي في أدبه قائلا: “فأما عدله في نفسه فيكون بحملها على المصالح، وكفها عن القبائح، ثم الوقوف في أحوالها على أعدل الأمرين من تجاوز أو تقصير. فإن التجاوز فيها جور والتقصير فيها ظلم ومن ظلم نفسه فهو لغيره أظلم ومن جار عليهما فهو على غيره أجور[15]“.

 ومن أدوار الأسرة كذلك؛ المساعدة على تزكية النفس، وتعويد الأفراد على الاحترام والسلوك القويم وما ينبغي لها القيام به من جانب الوجود، ومن جانب العدم على مستوى الفرد. غير أن واجباتها تجاه حفظ المقاصد الشرعية باعتبارها مؤسسة ليست كباقي المؤسسات، تتحمل المسؤولية الكاملة في تنشئة الأفراد لكونها تمتلك السلطة التقديرية في السنوات الأولى للطفل خصوصا؛ حيث تكون معنية بالتوجيه والتنبيه والتقويم والعقاب إن اقتضى الأمر ذلك.

 يمكن القول اليوم والواقع الحالي شاهد على ذلك بأن الأسرة عرفت تغيرات كبيرة جدا حيث نتجه اتجاها قطبيا نحو الأسرة النووية التي اضطر فيها الآباء إلى الاشتغال طيلة اليوم وطيلة السنة؛ وبالتالي التواجد خارج البيت لمدة طويلة تاركين مسؤولية تربية الأبناء لأناس ليسوا أهلا لذلك، أو بالأحرى هم في حاجة إلى الرعاية وأخص بالذكر المساعدات الأسريات اللواتي لم يتلقين أي تكوين في الرعاية ولا الحضانة ويتحملن هذه المسؤولية.

 وإلى جانب ذلك، دخلت مؤسسات أخرى وفرتها التكنولوجيا الحديثة: من إعلام وإنترنت وشارع ومدرسة ومجتمع يعج بالأفكار المتناقضة والمتضاربة التي يتلقاها الإفراد دون أي حس نقدي آو توجيهي. هذه الأمور مجتمعة وغيرها ولدت وراكمت العديد من المشكلات الاجتماعية والنفسية والتربوية ترتب عنها انهيار الوحدة الأسرية، وفقدان الود والأمان الأبوي، وفشل المجتمع في إيجاد بديل أفضل لها.

واليوم مع ازدياد معدلات الطلاق، والتفكك الأسري، وانتشار الجنس خارج مؤسسة الزواج، وازدياد عدد الأسر أحادية الأبوين والأمهات العازبات، كما يسمونهن في المغرب، وسوء معاملة الأطفال، وتعرضهم من حين لآخر للاغتصاب، وارتفاع نسبة التعاطي للمخدرات والشذوذ الجنسي، فإن أدوار الأسرة لم يعد لها مكان اليوم.. فالأسرة المسلمة مطالبة، اليوم، بامتلاك فقه حضاري يمكنها من استيعاب تطورات العالم والعصر، ومن فهم الإكراهات والتحديات المطروحة أمامها، لتبني عليها استراتيجية وقائية ودفاعية، وبالتالي مشروعها التثبيتي والقيامي لمقاصد الشريعة وكلياتها، في مواقع الوجود الإنساني، فقها وتنزيلا، إضافة إلى معرفة المداخل التوجيهية في الحفاظ على تلك الكليات من جانب اختلالها، حتى لا يصل الأثر إلى عدمها.

 ولعل التربية تعتبر على قدر كبير من الأهمية في تلك المداخل خصوصا حينما يتعلق الأمر بالتوجيه والتنبيه، بل الترغيب والترهيب والعقاب إذا اقتضى الأمر ذلك، لكي لا نخل بمقاصد الشريعة الإسلامية ويغطي عمل الآباء كافة المقاصد والكليات: بتلقينهم الشهادتين تفهيما وتعليما، وتربيتهم على إقامة الصلاة، وتدريبهم على الصوم حتى يتم تأهيلهم لصيام رمضان، وغير ذلك من الشعائر الحافظة لقيام التدين والتعبد في نفوسهم وحياتهم[16].

 قال الزمخشري: “وينهى الصبيان عن المحرمات حتى لا يتعودوا عليها، كما يؤخذون بالصلاة ليمرنوا عليها[17]” فقد روى داوود واحمد في المسند أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، قال: “مروا الصبي بالصلاة في سبع سنين، وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها.” والنفس بتربيتهم على حرمة النفس الإنسانية، وبالتالي ينبغي تربيتهم على احترامها وعلى تنفيرهم من الاعتداء عليها أيا كانت جنسية الفرد، أو لونه، أو أصله، وتربيتهم على الوقاية وحفظ النفس، وعلى عدم إلقاء أنفسهم إلى التهلكة، أو تعريض أنفسهم أو غيرهم إلى الخطر، وعلى مد يد المساعدة لكل شخص في حالة الخطر، وأن عدم القيام بالمساعدة اللازمة يعتبر جريمة إنسانية. كما يجب تربية الأبناء على عدم إشباع رغباتهم الجنسية خارج إطار المؤسسة الزوجية وتنبيههم إلى الأخطار الكامنة في الزنا من أمراض فتاكة، ومن ضياع للأنساب والأصول. وينبغي كذلك تجنيبهم من كل أشكال الفساد من إخلال إبراز مخاطره وبتأهيلهم للزواج عندما يستطيعون الباءة. وحفظ العقل، وذلك من خلال العلم والثقافة بما ينفعهم في دنياهم وأخراهم، في حاضرهم ومستقبلهم وخلق ذوق جمالي يصونهم من الثقافات المهدمة. وحفظ المال من خلال تربيتهم والتشديد على عدم الحصول عليه إلا بالطرق الشرعية والمشروعة، والحفاظ علية من خلال إنفاقه فيما يرضي الله وفي إطار ما هو مقبول دون إسراف أو تبذير، وبما يعود عليهم بالنفع في دينهم ودنياهم.

وبهذه الأمور تكون الأسرة أمام مسؤولية عظمى لحفظ الكليات والضروريات؛ لأن كل تقصير في مسؤولية التربية في سن مبكر يصعب الأمور عند الكبر.

لقد عرف المجتمع المغربي تغيرات مست جميع جوانب حياته، وخلخلت بنياته الاقتصادية والسياسية والقيمية والاجتماعية كما عمل الاستعمار، بشكل مباشر أو غير مباشر، على تفكيك البنيات السوسيواقتصادية والسياسية والثقافية[18]، ثم التحولات السريعة التي عرفها المجتمع. ومن أبرز هذه التغيرات التحضر السريع، والزيادة السكانية والهجرة الداخلية التي خلقت أحياءً ومدنا شبه حضرية وأخرى هامشية أو الهجرة إلى الخارج والتقلبات في الدخل الفردي، وتكاليف المعيشة والارتباط بالسوق العالمية وما صاحب ذلك من تغيرات في القيم والمفاهيم الاجتماعية التقليدية والقروية، واكتساب أنماط عيش حضرية، وتراجع نسبي في القيم الروحية والقيمية، وانتشار القيم المادية التي أعلت من المادة على حساب القيم المعنوية والأخلاقية[19]، ومن قيم الكسب والثراء السريع، وضعف روح التضامن والتعاون والاجتماعي، والتركيز على الحاجات الاستهلاكية وانتشار الاستهلاك التفاخري والترفي، وقد صاحب كل ذلك ارتفاع في حجم الجريمة والسلوك الانحرافي..

 إن التنمية في بلادنا لم تسلك المسار الذي ينطلق من الإنسان ويعود إلى الإنسان مما نتج عنه مجموعة من الاختلالات، مست البناء الاجتماعي والنسق الاقتصادي. فمشروع التنمية والتحديث لم يعمل على استيعاب متغيراته، ولم يستطع إدماج الشباب في البناء الاقتصادي. بالإضافة إلى أن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها التعليم والشغل والأسرة والإعلام والاقتصاد وغيره قللت من النظر إلى هذه القضايا في قالب الحركة الكلية للمجتمع، وأدى هذا التعامل والإهمال وقصور النظر إلى الاختلال في الهيكل الاقتصادي مما نتج عنه اختلال المجتمع ككل بحيث مس جميع قطاعاته.

فالهجرة من القرية إلى المدينة أدت إلى تكديس السكان بالمدن وهي لم تكن جاهزة لاستقبال ذلك الكم الهائل من القرويين مما أدى إلى خلق أحياء ومهن هامشية غير مهيكلة شوهت صورة المدينة عمرانيا وأخلاقيا واجتماعيا، وهذه الأحياء تجمع بين جدرانها وأزقتها محددات التخلف والجريمة، وتشكل عبئا اقتصاديا واجتماعيا على المدينة.

إن انعدام التكامل بين مكونات البناء الاجتماعي والاقتصادي أدى إلى التبعية المفرطة وتحجيم استيعاب وامتصاص قوة العمل. واستغلال الحركات الإجرامية لسذاجة وحاجة الفئات الفقيرة لارتكاب الجريمة سواء في السطو على الأبناك، أو التهريب بكل أنواعه، ونشر ثقافة الانحراف والإجرام؟

فالاختلال بين المدن والقرى، والتفاوت على جميع المستويات الصحية والتعليمية والاقتصادية ساهم إلى حد كبير في تسريع وثيرة الهجرة من القرية إلى المدينة للبحث عن العمل، إلا أن هذه الهجرات كانت تجاوزت القدرة الاستيعابية للمدينة وبالتالي لم تلب كل الطلبات، وقد ظل الحال هكذا مدة طويلة من الزمن ساهمت فيها الظروف الطبيعية المتمثلة في مواسم الجفاف المتوالي..

على سبيل الختم

يمكن القول بأن انعدام إطار معرفي يقيني ومطلق يشكل أساسا ومنطلقا يمكن الاعتماد عليه يؤدي إلى كثير من التناقضات، وهو ما يفسر التضارب بين النظريات الاجتماعية الوضعية، وهو ما يتطلب إيجاد بديل يردم هذه الهوة، ويتجاوز هذه التناقضات التي تعبر عن وجهات نظر إنسانية ذات مصالح وأهداف متعارضة، وبالتالي يبقى علم الاجتماع يخدم الأهداف والقضايا القومية.

إن شرط الخروج من التناقض، على الأقل في البلاد الإسلامية والعربية، يقتضي من ضمن ما يقتضي، ضرورة ربط علم الاجتماع بالوعاء الحضاري، واستحضار المرجعية الثقافية التي ينتمي إليها؛ لأنها وحدها الكفيلة والقادرة على إخراجه من فلك النظريات الغربية، وبالتالي تحرير علم الاجتماع من القيود الأجنبية ومن هنا فعلى علم الاجتماع الالتزام بمجموعة من الضوابط؛ أولها الوحي لتجاوز السلبيات والتحرر من المفاهيم التي صاغها الغرب من قبيل مفهوم العلمية والتحرر من النزعات الفردية والذاتية والالتزام بالمضمون الإسلامي؛ لأنه وحده الكفيل بإخراجنا من الذاتوية الضيقة. وأخيرا التزام التفسير الشامل بدل التفسير الخطي في دراسة الظواهر الاجتماعية.

الهوامش

[1]. أبو حامد الغزالي، المستصفى، بيروت: دار الفكر، (1/287).

[2]. أبو إسحاق الشاطبي، الموافقات، تحقيق: عبد الله دراز، بيروت: دار المعرفة، (1/38).

[3]. ألكس أنجلز، مقدمة على الاجتماع، ترجمة وتقديم محمد الجوهري وآخرون، ط4، القاهرة: دار المعارف، 1980م، ص68.

Méthodes des sciences sociales Madeline Gravitz, p. 421-423.

[4]. مقدمة الترجمة الإنجليزية لكتاب كار مانهايم، الأيديولوجيا والطوبائية مقدمة في علم الاجتماع، المعرفة، ص43.

[5]. معقدة على مستوى الفرد أو الشخصية الإنسانية في تكوينها الداخلي، أو على مستوى تفاعل الأفراد فيما بينهم، وفي طبيعة العلاقات والروابط الاجتماعية. وفي طبيعة الظواهر التي تتغير وتتحرك باستمرار. ولكل هذه الأمور تعيق تطبيق النموذج الطبقي.

[6]. بوتومور، تمهيد في علم الاجتماع، ترجمة وتقديم: محمد الجوهري وآخرون، سلسلة علة الاجتماع، الكتاب الرابع، ص343.

[7]. محمد أمزيان، منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية، بيت الحكمة للترجمة والنشر، وحدة المغرب، ط3، 1996، ص179.

[8]. نبيل السمالوطي، المنهج الإسلامي في دراسة علم الاجتماع الإسلامي، العلوم الطبيعية من وجهة النظر الإسلامية، ص48.

[9]. محمد أمزيان، م، س، ص181.

[10]. نقلا عن: محمد محمد أمزيان، منهج البحث الاجتماعي، م، س، ص190.

[11]. محمد أمزيان، م، س، ص186.

[12]. إيفانز بريتشارد، الأنثربولوجية الاجتماعية، ترجمة أحمد أبو زيد، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط6، 1980م، ص91-161.

[13]. أحمد سالم الأحمر، علم اجتماع الأسرة بين التنظير والواقع المتغير، بنغازي: دار الكتاب الجديد المتحدة/ليبيا 2004.

[14]. الحسان شهيد، نظرية التجديد الأصولي من الإشكال إلى التحرير، الرياض: مركز نماء للبحث والدراسات سلسلة دراسات شرعية1،2012، ص230.

[15]. الماوردي، أدب الدنيا والدين، ص139-140.

[16]. الحسان شهيد م، س، ص232.

[17]. الزمخشري أبو القاسم، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، الدار العلمية للطباعة والنشر 1/453.

[18]. حليم عبد الجليل، الثقافة والتحولات الاجتماعية بالمغرب: طروحات ومقاربات، الرباط: المعهد الجامعي للبحث العلمي، 1998.

[19]. بوشنفاتي بوزيان، في التحضر والثقافة الحضرية بالمغرب، الرباط: منشورات البحث الأكاديمي بالمغرب، 1987-1988، ص63.

Science
الوسوم

د. إبراهيم حمداوي

كلية الآداب والعلوم الإنسانية

جامعة عبد المالك السعدي/تطوان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق