مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةدراسات عامة

رابطة أبي الغار، ويوسف بن علي الصنهاجي

تقع خارج باب أغمات شرقي مراكش، وهي عبارة عن غار كان يعيش فيه يوسف بن علي بعد إصابته بالجذام، ودفن فيه بعد وفاته سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، إلى جانب شيخه أبي عصفور، وأصبح المكان حارة خاصة بالجذامى إلى دولة الأشراف حيث تم نقلها خارج باب دكالة[1].

وارتبط اسم الرابطة باسم دفينها أبي يعقوب وهو –بالرغم شهرته باعتباره أحد سبعة رجال مراكش- لا نعرف الكثير عن حياته ويمكن تلخيص ما نعرفه عنه فيما يلي:

-أصله الصنهاجي اليمني.

-مولده بمراكش (تاريخ مجهول) وقضاؤه أغلب حياته بها.

-أخذه عن أبي عصفور يعلى بن وين الذي قال عنه ابن الزيات (من أجل مشايخ مراكش وسادات العارفين في وقته …أخذ عن الشيخ أبي يعزى رضي الله عنه وعلى يديه تربى وتهذب، وتخلق وتأدب، وأخذ عنه خلق كثير منهم الولي الصالح المتقدم يوسف بن علي)[2]، وكانت وفاته بمراكش سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ودفن إلى جانب الغار، وضجيعهما هو أبو عمران الهسكوري الأسود المتوفى حوالي سنة تسعين وخمسمائة.[3]

-ونجهل كل شيء عن دراسة يوسف ونشاطه العلمي والتربوي، وطبيعة ما يعلم وما يدرس بالرباط، ونوعية نشاطه، فقد كان اهتمام المصادر خاصة باصابته بالجذام وصبره عليه حتى لقب بالمبتلى، فقال ابن الزيات (وكان صابرا راضيا) سقط بعض جسده في بعض الأوقات فصنع طعاما كثيرا للفقراء، شكرا لله تعالى على ذلك).[4]

وفي درر الحجال (أنه كان يخرج من الغار إذا طلعت الشمس ويعرض رجليه لاشعتها، فيجتمع عليه ذباب كثير).[5]

وينتقد اليفرني قول ابن الزيات (وكان صابرا راضيا) قائلا: بأن أشياخ الطريقة يفرقون –كما قالا اليافعي- بين الصبر والرضى بوجهين: أحدهما: الصابر يتألم بالبلاء ويصبر غير فرح به، والراضي يتألم عليه مع الفرح به.

ثانيهما: إن الصابر وإن صبر على البلاء فإنه يحب زواله، والراضي لا يحب زواله. ومقتضى هذا أن الصبر والرضى متغايران تغاير الضدين، ومما يدل على تغايرهما ما ورد في الخبر: إذا أحب الله عبدا ابتلاه، فإن صبر اجتباه، وإن رضي اصطفاه، ذكره ابن عباد في شرح الحكم. وحال أبي يعقوب ظاهر في أنه كان راضيا لا صابرا…وفرحه وسروره لمصيبته دليل على علو طبقته.[6]

ويعتبر الصوفية التلذذ بالبلوى أعلى مقامات الصبر، فعند ابن العريف أن الصبر ثلاثة مقامات:

الأول: التصبر، وهو تحمل مشقة وتجرع غصة في التثبت على ما يجري من الحكم. وهذا هو الصبر لله وهو صبر العوام.

الثاني: الصبر، سهولة تخفف على المبتلي بعض الثقل، وهذا هو الصبر بالله وهو صبر المريدين.

الثالث: الاصطبار، وهو التلذذ بالبلوىوالاستبشار باختيار المولى، وهذا هو صبر العارفين.[7]

ويضرب المثل في الصبر بنبي الله أيوب، وموقف يوسف بن علي من مصابه رفع قدره عند العامة والخاصة فاعتبر (من أركان الطريقة واحد أوتاد المغرب في وقته على حالة تامة من الورع والزهد، كبير الشأن)[8].

وتنتهي طريقته عند أبي يعزى:

-فقد أخذ عن شيخه أبي عصفور يعلى.

-وأخذ هذا الأخير عن أبي يعزى.

وطريقة أبي يعزى جنيدية. كان بتاغيا واشتهر بكلامه باللسان الامازيغي، وبكرامته، وتخوف السلطة من شعبيته لهذا تحدثت المصادر عن زيارة عبد المومن له في زاويته ووقوفه على كرامته، ثم استدعاؤه إلى مراكش حوالي سنة واحد وأربعين وخمسمائة[9]، وقد جمع هذه الكرامات كل من العزفي في (دعامة اليقين وزعامة المتقين)[10]، والصومعي في (المعزى في مناقب أبي يعزى)[11].

[1] درر الحجال مخطوطة خاصة ص 59.

[2] التشوف، ص 115.

[3] التشوف، ص 344. السعادة الأبدية، 1/38. تم بناء الضريح على عهد العلويين من طرف والي المدينة وبإشارة من اليفرني، درر الحجال، ص 56.

[4] التشوف، ص 24-25.

[5] التشوف، ص 63.

[6] درر الحجال، ص 59.

[7] محاسن المجالس.

[8] درر الحجال، ص 59.

[9] التشوف، ص 195-205.

[10] مخطوط الخزانة الحسنية، 9447.

[11] توجد منه عدة نسخ، خزانة عامة بالرباط 625 د.

Science

د. طارق العلمي

  • أستاذ باحث في الرابطة المحمدية للعلماء، متخصص في المجال الصوفي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق