مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصةدراسات عامة

ذَرْوٌ من اختلاف الأنظار عند أهل القراءات النُّظّار

مسألة في الإمالة

اختُلف في الوقف على ﴿ضُحيٗ﴾ من قوله تعالى: ﴿أَوَ اَمِنَ أَهْلُ اُ۬لْقُر۪يٰٓ أَنْ يَّاتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحيٗ وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ [الأعراف: 97] بين الإمالة والفتح.

فممن منع الإمالة فيه ابن أبي السداد، قال رحمه الله: «…فأما قوله تعالى: ﴿ضُحيٗ وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ في الأعراف، فلا أذكر فيه شيئا، والسابق إلى فهمي أنه في الوقف مفتوح للجميع، والله سبحانه أعلم». وقال: « فأما ﴿ضُحيٗ﴾ في الأعراف؛ وهو قوله عز وجل: ﴿ضُحيٗ وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾، فقياسه في الوقف الفتح؛ لأنه ثلاثي من ذوات الواو، وخارج عن رؤوس الآي في تلك السور». الدر النثير: 2/448.

وممن منعها فيه أيضا أبو عبد الله المنتوري قال رحمه الله في شرحه على الدرر: «وأما غير هذه الموضع مما رسم من ذوات الواو بالياء، وذلك أربعة ألفاظ…، ولفظ خامس ليس برأس آية؛ وهو ﴿ضُحيٗ﴾ في الأعراف إذا وُقف عليه، فالذي يقتضيه كلام الناظم هنا أن ورشا يفتح، وهو تقييد لما يفهم من إطلاق قوله قبل هذا:

وَفِي الَّذِي رُسِمَ بِالْيَاءِ

قال شيخنا القيجاطي رضي الله عنه: ولا خلاف عن ورش في فتح الألفاظ الخمسة المذكورة». المنتوري على الدرر: 1/473.

وممن منعها أيضا أبو عبد الله ابن المجراد قال رحمه الله: «ولا أعلم خلافا في ترك إمالتها إذا لم تقع رأس آية مثل قوله تعالى: ﴿ضُحيٗ وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾». إيضاح الأسرار والبدائع: (لوحة:113/ب).

وممن منعها أبو عبد الله الخراز في القصد النافع: (لوحة: 108/ب)، وابن عبد الكريم الأغصاوي في الفصول: (لوحة:113/أ)، والوارثني في جمع المعاني الدرية: (لوحة:62/ب).

وممن جوز الإمالة فيها أبو عبد الله المجاصي، قال رحمه الله: «إذا كانت ذوات الواو في الثلاثي رأس كل آية… قرأها بالإمالة…، منها… ﴿ضُحيٗ﴾ في الأعراف بالحمل على الذي في طه لأنه ليس برأس آية». شرح المجاصي على الدرر: 2/381.

وقَصْدُهُ أنه ممال في الوقف حملا له على رأس الآية مثله في اللفظ بطه: ﴿وَأَنْ يُّحْشَرَ اَ۬لنَّاسُ ضُحيٗ﴾ [الآية:58].

وممن أجاز إمالتها أبو عبد الله القيسي قال: [الطويل]

وَأَمَّا ضُحًى فِي وَقْفِهِمْ فَالْقِيَاسُ يَقْـ   ***   ‍تَضِي الْفَتْحَ فِي الْأَعْرَافِ، فَاعْلَمْ لِتَذْكُرَا

لِوَرْشٍ مِنَ اَجْلِ الْوَاوِ فِي غَيْرِ ءَايَةٍ   ***   وَمَا بَيْنَ بَيْنَ يُــوجِـبُ الرَّسْـمُ فَانْـصُـرَا

الفجر الساطع: 3/326-327.

وابن القاضي، قال: «…فظاهرُ كلامِ الناظم هنا الفتحُ، وفي قوله:

وَجَاءَ   ***   إِمَالَةُ الْكُلِّ لَهُ أَدَاءَ

الإمالةُ، وبالإمالة أَخْذُنَا…، وإليه أَشَرْنَا: [الرجز]

ضُحىً فِي الاَعْرَافِ عَلَى الـمعْروفِ   ***   لِوَرْشِـهِمْ يُمَالُ في الْـوُقُـوفِ»

الفجر الساطع: 3/246.

وقال: «الأخذ عندنا لورش في الوقف بالصغرى». بيان الخلاف والتشهير: 229.

وقد انتصر جموع -رحمه الله- للإمالة ورد كلام ابن المجراد السابق، قال: «وقول المجراد: “ولا أعلم خلافا في ترك إمالتها إذا لم تكن رأس آية” إلخ… ليس كذلك، بل الخلاف موجود… وهو وداخل في قول الناظم:

وَفِي الَّذِي رُسِمَ بِالْيَاءِ

إذ لم يستثنه كما استثنى ﴿حَتَّيٰ﴾ و﴿زَكَيٰ﴾ وما بعدهما». الجامع في شرح الدرر اللوامع: (لوحة:113/أ).

وممن نص على الإمالة دون خلاف الصفاقسي في غيث النفع: 227، وهي ظاهر جامع البيان: 2/755 والموضح: 284-285 والتيسير: 53 والكافي: 34.

ومنشأ الخلاف فيه كونه واويا مرسوما بالياء، فمن فتحه نظر إلى جِذمِه الواوي، ومن أمال فهو داخل عنده في ذوات الياء يجوز إمالته وفتحه، والرسمُ بعد ذلك ظهير…

 د. محمد صالح المتنوسي

  • باحث بمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق