مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينشذور

درر مختارة في فضائل أهل بيت النبي المختار(1)

قال صلى الله عليه وسلم: «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي»([1])

لقد اتفق العلماء على وجوب مودة آل البيت، والبذل والعطاء لهم، وإكرامهم، والدفاع عنهم، وذكر محاسنهم، وفضائلهم، ومُراعاتهم وموالاتهم، والاقتداء بهم، والسَّير على خُطاهم في الدين ما داموا مُتمسِّكين بالقرآن، والسنّة، وحُسن مداراتهم، وتقديم النصيحة لهم، والرحمة بهم، والشفقة عليهم.. باعتبار نسبتهم الطاهرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن سيدنا رسول الله، أنه قال: >كل سبب ونسب وصهر ينقطع يوم القيامة، إلا سببي ونسبي وصهري<([2]). لأنهم جزء منه، وللجزء من الحرمة ما للكل، باعتبارهم أشرف الخلق نسبا. قال عليه الصلاة والسلام: >إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه، وخلق الخلائق قبائل، فجعلني في خير قبيلة، وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا<([3])؛ ومودة أهل البيت في الحقيقة مودة للنبي صلى الله عليه وسلم  وقد قال صلى الله عليه وسلم: « أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي». وصح أنّه صلى الله عليه وسلم قال على المنبر: >ما بال أقوام يقولون: إنّ رحم رسول الله لا تنفع يوم القيامة، بلى إنّ رحمي موصولة في الدنيا والآخرة< ([4]).

ولا شك أن مراد المودة هنا قدرها زائد عن مودة غيرهم من المؤمنين-ولو كانوا من الأقربين- حتى قال أبو بكر رضي الله عنه: >صلة قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّ إلي من صلة قرابتي< ([5]).

قال ابن كثير – رحمه الله – في تفسير قوله تعالى{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}([6]) والحق تفسير الآية بِمَا فَسَّرَهَا بِهِ الْإِمَامُ حَبرُ الْأُمَّةِ، وَتُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ  وَلَا تُنْكَرُ الْوصَاةُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ، وَالْأَمْرُ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، وَاحْتِرَامِهِمْ وَإِكْرَامِهِمْ، فَإِنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةٍ طَاهِرَةٍ، مِنْ أَشْرَفِ بَيْتٍ وُجِدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَخْرًا وَحَسَبًا وَنَسَبًا، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانُوا مُتَّبِعِينَ لِلسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الصَّحِيحَةِ الْوَاضِحَةِ الْجَلِيَّةِ، كَمَا كَانَ عَلَيْهِ سَلَفُهُمْ، كَالْعَبَّاسِ وَبَنِيهِ، وَعَلِيٍّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، رَضِيَ الله عنهم أجمعين([7]).

فنَسَبُهُ صلى لله عليه وسلم ونسب آله أشرف النَّسَبِ وأعلاه في العرب والعجم.

وقد وردت العديد من الأحاديث التي تُبيّن فضل آل البيت، مما يدلّ على شرف نسبتهم، ومكانتهم، وحُبّ النبيّ لهم، ورحمته بهم، وشفقته عليهم، منها:

 الحديث المُسمّى بحديث الكِساء، فقد رُوِي عن عمر بن أبي سلمة أنّه قال: نزلَت هذِهِ الآيةُ على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}([8]) في بيتِ أمِّ سلَمةَ، فدعا النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فاطمَةَ وحَسنًا وحُسَيْنًا فجلَّلَهُم بِكِساءٍ وعليٌّ خَلفَ ظَهْرِهِ فجلَّلَهُ بِكِساءٍ ثمَّ قالَ: «اللَّهمَّ هؤلاءِ أَهْلُ بيتي فأذهِب عنهمُ الرِّجسَ وطَهِّرهم تطهيرًا قالَت أمُّ سلمةَ: وأَنا معَهُم يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: أنتِ على مَكانِكِ وأنتِ إلي خَيرٍ»([9])

ثم وصيّة رسول الله-صلّى الله عليه وسلّم- بآل بيته، فقد وردت بذلك في حديثٍ عن زيد بن أرقم قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا، بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَـرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ»  فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ، قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ قَالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. ([10])

وكذا ما ورد في صيغة الصلاة على النبيّ عليه الصلاة والسلام؛ إذ أرشد أصحابه -رضي الله عنهم- والمسلمين إلى صيغة الصلاة عليه، كما ثبت في الحديث الصحيح عن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَالَ: أَلاَ أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً؟ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: «فَقُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ » ([11]) فقُرِنت الصلاة على النبيّ بالصلاة على آله؛ لفَضلهم، ومكانتهم، وعظيم قَدْرهم.

وفي هذا الصدد قال النيسابوري في تفسيره عند قوله تعالى : {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}([12]) وكفى شرفا لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفخرا ختم التشهد بذكرهم والصلاة عليهم في كل صلاة([13]).

وفيما يلي درر مختارة فيما رُوِي في فضل فاطمة الزهراء-رضي الله عنها-:

عن أم المؤمنين عائشة، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال للزهراء: «أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هذِه الأُمَّةِ فَضَحِكْتُ لذلكَ» ([14]).

وفي رواية للبخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِـي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَرْحَبًا بِابْنَتِي» ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ، فَقُلْتُ لَهَا: لِمَ تَبْكِينَ؟ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ، فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ: فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُهَا، فَقَالَتْ: أَسَرَّ إِلَيَّ: «إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي القُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي العَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أُرَاهُ إِلَّا حَضـَرـَ أَجَلِي، وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لَحَاقًا بِي». فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: «أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ، أَوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ» فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ.([15])

عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي»([16])

وعنه أيضا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا»([17])

وعنه أيضا قَالَ: إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ  أَبِي جَهْلٍ فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ، فَاطِمَةُ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لاَ تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ، يَقُولُ: «أَمَّا بَعْدُ أَنْكَحْتُ أَبَا العَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ، فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا، وَاللَّهِ لاَ تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ، عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ» فَتَرَكَ عَلِيٌّ الخِطْبَةَ وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، عَنْ مِسْوَرٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ، إِيَّاهُ فَأَحْسَنَ، قَالَ: «حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي»([18])

عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّ عَلِيًّا خَطَبَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ، فَوَعَدَ بِالنِّكَاحِ. فَأَتَتْ فَاطِمَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ قَوْمَكَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَأَنَّ عَلِيًّا قَدْ خَطَبَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: «إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَفْتِنُوهَا ». وَذَكَرَ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ، فَأَكْثَرَ عَلَيْهِ الثَّنَاءَ، وَقَالَ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ ابْنَةِ نَبِيِّ اللهِ، وَبِنْتِ عَدُوِّ اللهِ »، فَرَفَضَ عَلِىٌّ ذَلِكَ([19])

عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ ابْنَةُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ»([20])

عن ابْنَ شِهَابٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ حَدَّثَهُ، أَنَّهُمْ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ مَقْتَلَ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ لَقِيَهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَقَالَ: هَلْ لَكَ إِلَيَّ مِنْ حَاجَةٍ تَأْمُرُنِي بِهَا؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: لَا، قَالَ لَهُ: هَلْ أَنْتَ مُعْطِيَّ سَيْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ، وَايْمُ اللهِ، لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ لَا يُخْلَصُ إِلَيْهِ أَبَدًا حَتَّى تَبْلُغَ نَفْسِي، إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ، فَقَالَ: «إِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا ». قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ، فَأَحْسَنَ قَالَ: «حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي، وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلَالًا، وَلَا أُحِلُّ حَرَامًا، وَلَكِنْ وَاللهِ لَا تَجْتَمِعُ ابْنَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْنَةُ عَدُوِّ اللهِ مَكَانًا وَاحِدًا أَبَدًا »([21])

عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا – وَقَالَ الْحَسَنُ: حَدِيثًا، وَكَلَامًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَسَنُ السَّمْتَ، وَالْهَدْيَ، وَالدَّلَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَاطِمَةَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهَا كَانَتْ «إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَبَّلَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ إِلَيْهِ، فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَقَبَّلَتْهُ، وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا».([22])

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا ذُكِرَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي وَلَدَهَا»([23])

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كَانَ أَحَبُّ النِّسَاءِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةُ، وَمَنِ الرِّجَالِ عَلِيٌّ»([24]).

عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا فَاطِمَةُ شُجْنَةٌ مِنِّي يَبْسُطُنِي مَا يَبْسُطَهَا، وَيَقْبِضُنِي مَا يَقْبِضُهَا»([25]).

عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَأَنَا مَعَهُ، وَقَدْ أَخَذَتْ مِنْ عُنُقِهَا سِلْسِلَةً مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَتْ: هَذِهِ أَهْدَاهَا إِلَيَّ أَبُو حَسَنٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « يَا فَاطِمَةُ أَيَسُرُّكِ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَفِي يَدِكِ سِلْسِلَةٌ مِنْ نَارٍ ” ثُمَّ خَرَجَ وَلَمْ يَقْعُدْ فَعَمَدَتْ فَاطِمَةُ إِلَى السِّلْسِلَةِ، فَاشْتَرَتْ غُلَامًا فَأَعْتَقَتْهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّى فَاطِمَةَ مِنَ النَّارِ»([26]).

عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَزَلَ مَلَكُ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَأْذَنَ اللَّهَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيَّ لَمْ يَنْزِلْ قَبْلَهَا، فَبَشَّرَنِي أَنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ»([27]).

——————————————————————————

([1])  أخرجه البخاري في الصحيح-كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- بَابُ مَنَاقِبِ قَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْقَبَةِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-5/21 رقم: 3714.

([2]) أخرجه أحمد في (الفضائل): 2/624، والطبراني في (الكبير): 3/36، وأورده الهيثمي في (المجمع): 9/275، عن ابن عباس، وقال: (رواه الطبراني ورجاله ثقات).

([3]) أخرجه الترمذي في (سننه)6/7  –كتاب المناقب- باب في فضل النبي صلى الله عليه وسلم -[رقم:3608[، عن المطلب ابن أبي وداعة بلفظ –فجعلني في خيرهم فرقة- قال: (هذا حديث حسن).

([4]) أخرجه الحاكم في (المستدرك): 4/169، عن أبي سعيد الخدري. بلفظ: (إن رحمي لا ينفع): قال في المستدرك: (حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه). والديلمي في (الفردوس): 4/399، عن أبي سعيد.

([5]) أخرجه البخاري في (الصحيح) ص: 3/21 -كتاب فضائل الصحابة- باب مناقب قرابة رسول الله-  ]رقم:3713[، عن عائشة إن فاطمة J أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراث أبيها فقال في حديث طويل: (والذي نفسي بيده، لقرابة رسول الله H أحب إلي أن أصل من قرابتي).

([6]) سورة الشورى، الآية: 21.

([7])  تفسير ابن كثير: 7/201.

([8]) سورة الأحزاب، الآية: 33.

([9]) أخرجه أحمد في (المسند): 44/327 ، بنحوه عن أم سلمة، وأخرجه الترمذي في (سننه):6/125-  كتاب المناقب- باب ما جاء في فضل فاطمة-]رقم:3787[، عن أم سلمة، وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه. وأخرجه الحاكم في (المستدرك): 3/172 –كتاب معرفة الصحابة- باب مناقب أهل البيت- ]رقم:4770[، عن عائشة J، قال: حديث صحيح على شرط الشيخين، وأورد الجزء الأول من الحديث، وأخرجه الخطيب في (تاريخ مدينة السلام): 11/569 عن أبي سعيد الخدري.

([10]) أخرجه مسلم في(الصحيح) 4/1873 –كتاب فضائل الصحابة- باب فضائل علي بن أبي طالب- [رقم:2408].

([11]) أخرجه البخاري في(الصحيح) 8/77 –كتاب الدعوات- باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- [رقم:6357].

([12]) سورة الشورى، الآية: 21.

([13]) غرائب القرآن ورغائب الفرقان للنيسابوري: 6/47.

([14]) أخرجه مسلم في(الصحيح) 4/1905 –كتاب فضائل الصحابة- باب فضائل بنت النبي عليها الصلاة والسلام- [رقم:2450]، عن عائشة.

([15]) أخرجه البخاري في الصحيح-كتاب المناقب-باب علامات النبوة في الإسلام-4/203 رقم: 3623.

([16]) أخرجه البخاري في الصحيح-كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- بَابُ مَنَاقِبِ قَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْقَبَةِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-5/21 رقم: 3714.

([17]) أخرجه مسلم في الصحيح-كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم- بَابُ فَضَائِلِ فَاطِمَةَ بِنْتِ النَّبِيِّ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -4/1903 رقم: 2449.

([18]) أخرجه البخاري في الصحيح- كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم– بَابُ ذِكْرِ أَصْهَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهُمْ أَبُو العَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ-5/22 رقم: 3729.

([19]) أخرجه أحمد في المسند: 31/226، وقال المحقق شعيب الأرناؤوط:(حديث صحيح).

([20]) أخرجه أحمد في المسند: 19/383، وقال المحقق شعيب الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط الشيخين).

([21]) أخرجه أحمد في المسند: 31/228-229، وقال المحقق شعيب الأرناؤوط:( إسناده صحيح على شرط الشيخين).

([22]) أخرجه أبو داود في السنن-أبواب النوم- بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِيَامِ-4/355، 5217، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود: 1/2.

([23])  أخرجه الحاكم في المستدرك: 3/168، وقال:  (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ) . تعليق الذهبي: صحيح.

([24]) أخرجه الحاكم في المستدرك: 3/175، وقال: (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ). تعليق الذهبي: على شرط مسلم.

([25]) أخرجه الحاكم في المستدرك: 3/168، (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ). تعليق الذهبي: صحيح.

([26]) أخرجه الحاكم في المستدرك: 3/165، وقال: (صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ). تعليق الذهبي: على شرط البخاري ومسلم.

([27]) أخرجه الحاكم في المستدرك: 3/164، وقال: (تَابَعَهُ أَبُو مَرْيَمٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ الْمِنْهَالِ). تعليق الذهبي: صحيح

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق