مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكمفاهيم

تقريب مفهوم تحقيق المناط عند فقهاء المدرسة الفاسية مـن خلال فـقـه النـوازل العلامة سيدي محمد المهدي الوزاني نموذجا

 

          من المعلوم أن الفقهاء المغاربة قد نبغوا في فقه النوازل، ولعل ما خلفوه من مؤلفات ومصنفات وموسوعات في هذا الفن، ظل وسيظل شاهدا على ما بذلوه من جهد في إيجاد أحكام لوقائعهم ونوازلهم، ولا غرابة في ذلك “فالمغاربة أهل فقه، وأمة علم نظرا وعملا، وأنهم لم يبدعوا في أمر كما أبدعوا في هذا الشأن، إذ دواوين الفقه والفتاوى والنوازل أكثر من دواوين الأدب والشعر وغيرهما من الفنون.”[1]، يقول العلامة علال الفاسي رحمه الله: “إننا لسنا أمة بدون قانون، ولكننا أمة غنية بشريعة هائلة أعجزت الإنس والجن عن أن يأتوا بمثلها (…) ولم تظهر عبقريتنا في شيء كما ظهرت في الدراسات الفقهية، والتطبيقات المحكمة على النوازل، والقضايا الطارئة”[2].

         وقد أسهمت كثرة التآليف في فقه النوازل في خلق نهضة اجتهادية، خاصة بعد أن أولاها العلماء والفقهاء قسطا كبيرا، وحظا وافرا من العناية والتمحيص، والدراسة و التحقيق، فعملوا على إمعان النظر فيها، وبذلوا مجهودا في استجلاء حكم ما يرد عليهم ويعرض لهم من النوازل والقضايا المستجدة مع توالي الأيام.

          ومن ثم كتب في فقه النوازل علماء كثيرون، وفقهاء جهابذة عديدون، “ألفوا فيه مؤلفات جليلة، وتركوها تراثا علميا ضخما، وعطاءً فقهيا هاما ممنهجا، يتضمن ذكر النازلة الاجتماعية وعرضها وبسطها في بابها، بعد استقصاء البحث عن الحكم الشرعي فيها، من خلال رجوعهم إلى أصول التشريع الإسلامي ومصادره المتعددة، وإلى كتب الفقه ومدوناته الكثيرة، وما احتوته واشتملت عليه من أقوال الأئمة ونصوص الفقهاء المتمكنين، والعلماء المتضلعين في الفقه الإسلامي وأصوله، وفروعه وجزئياته، حرصا منهم على توخي الحق والحقيقة، والوصول إلى الصواب في النازلة فيما يذكرونه ويحررونه من فقه النازلة والفتوى فيها”[3].

          “لقد التزم المغاربة منذ القرن الثاني والثالث للهجرة بتطبيق مذهب الإمام مالك، فهم إذن مالكيون منطلقا، وبذلك اختصوا أيضا بالتزام وترجيح عمل أهل المدينة منذ البداية، فجعلهم هذا الاتجاه يتفقون مع أهل المدينة مبدئيا، وقد يختلفون معه أحيانا أخرى لتنوع واختلاف أحوال المجتمع في بلاد المغرب والأندلس عما كان موجودا في بلاد الحجاز والجهات التي التزمت بالمذهب المالكي(…)، فاختلاف البيئة والمكان وتنوع المجتمعات يؤدي إلى اختلافات بيئية ومحلية وبالتالي حدوث أقضية متباينة، ولكن القياس على مثيلاتها وشبيهاتها يعطي توافقا في قابلية تطبيق الأحكام والآراء السائدة فيها.

          والمهم في كل ذلك هو تحقيق المناط الشرعي وتوافقه مع مقاصد الشريعة الإسلامية التي التزمت كل أصول الفقه المالكي وطرق استدلالاته واستنباطاته ومن بينها، العمل بعمل أهل المدينة وجلب المنفعة ودرء المفسدة، ولا ضرر ولا ضرار، والتزام تطبيق المصالح المرسلة وغير ذلك”.[4]    

          فلا شك إذن أن فقه النوازل هو تجـسيد فعـلي لتحـقـيق المناط عند فـقهاء المدرسة الفاسيـة، وقبل الحديث عن كيفية معالجة الفقهاء المغاربة لقضاياهم  وإيجاد الأحكام المناسبة لكل نازلة بكل الظروف والأحوال الخاصة بها لابد من التعرف عن معنى المناط، وعن معنى تخريجه وتنقيحه و تحقيقه.

          الـمنـاط بـيـن الـتـخريـج والـتـنـقـيح والـتحـقـيـق:

          المناط لغة: من (نوط) و”ناطه نوطا…علـّقه، واسم موضع التعليق (مناط)”[5]. قال بن الأثير: “والقياس النوط، لأنه من ناط ينوط إذا علق، غير أن الواو تعقب الياء في حروف كثيرة…”[6]، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كان الإيمان منوطا بالثريا لناله رجال من فارس)[7]، وإطلاق المناط على العلة من باب المجاز، لأن الحكم لما علق بها كان كالشيء المحسوس الذي تعلق بغيره فيؤخذ من ذلك أن المناط بحسب الأصل اسم مكان تعليق شيء محسوس بغيره، لذلك لا يطلق على المعقول[8].

          وأما اصطلاحا: فقد استعمل علماء الأصول هذا المصطلح للتعبير عن العلة التي رتب الشارع الأحكام الشرعية عليها، جاء في نشر البنود”العلة التي نيط الحكم بها، أي عُلِـّق”[9].

          تخريج المناط لغة: معنى كلمة تخريج، يقال:”عامٌ فيه تخريج، أي خصب و جدب، وعامٌ أخرج: فيه جدب و خصب، وكذلك أرض خرجاء وفيها تخريج، وعام فيه تخريج إذا أنبت بعض المواضع ولم ينبت بعض، و أخرج: مر به عام نصفه خصب ونصفه جذب. وخرج فلان عمله: إذا جعله ضروبا يخالف بعضه بعضا.[10]

         “فيكون المعنى اللغوي للمركب تخريج المناط، إبراز وإظهار ارتباط معين أو رابط معين بين شيئين”[11].

          تخريج المناط اصطلاحا: هو راجع إلى أن النص الدال على الحكم لم يتعرض للمناط، فكأنه أخرج بالبحث، وهو الاجتهاد القياسي”[12].

          تنقيح المناط لغة: التنقيح لغة من نقح العود نقحا… نقيته من عقده و نقحت الشيء خلصت جيده من رديئه…. ونقحت بالتشديد مبالغة وتكثير، وتنقيح الكلام من ذلك.”[13]

          جاء في معجم العين: “النقح: تشذيبك عن العصا أبنها وكل شيء نحيته عن شيء فقد نقحته من أذى، والمنقح للكلام الذي يفتشه ويحسن النظر فيه، وقد نقحت الكلام”[14]، وفي معجم مقاييس اللغة: “النون والقاف والحاء أصل صحيح يدل على تنحيتك شيئا عن شيء، ونقحت العصا: شذبت عنها أُبنها، ومنه شعر منقح، أي: مفتش ملقى عنه ما لا يصلح فيه…”[15]

          وبعبارة أخرى: التنقيح “اختصار اللفظ مع وضوح المعنى، وقيل تخليص جيد الكلام من رديئه وهو التهذيب والتمييز، وكلام منقح أي لا حشو فيه”[16].

          فيستفاد من هذه المعاني اللغوية أن “التنقيح هو: تهذيب الشيء وإزالة ما لا حاجة لنا به”[17].

          تنقيح المناط اصطلاحا: وهو “أن يكون الوصف المعتبر في الحكم مذكورا مع غيره في النص، فينقح بالاجتهاد حتى يميز ما هو معتبر مما هو ملغى”[18].

          تحقيق المناط لغة: التحقيق من (حقق)…”وحققت الأمر أحقه إذا تيقنته أو جعلته ثابتا لازما…”[19]، جاء في لسان العرب:”حققت الأمر وأحققته إذا كنت على يقين منه”[20].

          وجاء في”مختار الصحاح”: “حاقه: خاصمه، وادعى كل واحد منهما الحق….وأحقه، أي: تحقق منه على يقين”[21].

          فتحقيق المناط إذن في اللغة “هو التيقن من كون صورته – أي المناط – مطابقة لما هو عليه في الواقع وتعيينه حتى يطابق صورته”[22].

          وهو”وجود رابط قوي بين شيئين حقيقة لوجود علاقة بينهما.”[23]

          تحقيق المناط اصطلاحا: ومعناه “أن يثبت الحكم بمدركه الشرعي لكن يبقى النظر في تعيين محله”[24]، وقد جعله الإمام الشاطبي رحمه الله ضربين: عام وخاص: فالأول: “نظر في تعيين المناط من حيث هو لمكلف ما، فإذا نظر المجتهد في العدالة مثلا، ووجد هذا الشخص متصفا لها على حسب ما ظهر له، أوقع عليه ما يقتضيه النص من التكاليف المنوطة بالعدول، من شهادات الانتصاب للولايات العامة أو الخاصة…”[25]، أما الثاني وهو تحقيق المناط الخاص فأعلى من هذا وأدق، “وهو نظر في كل مكلف بالنسبة إلى ما وقع عليه من الدلائل التكليفية، بحيث يتعرف منه مداخل الشيطان ومداخل الهوى والحظوظ العاجلة، حتى يلقيها هذا المجتهد على ذلك المكلف مقيدة بقيود التحرز من تلك المداخل… وهو النظر فيما يصلح بكل مكلف في نفسه، بحسب وقت دون وقت وحال دون حال، وشخص دون شخص، إذ النفوس ليست في قبول الأعمال الخاصة على وزان واحد، كما أنها في العلوم والصنائع كذلك فرب عمل صالح يدخل بسببه على رجل ضرر أو فترة، ولا يكون كذلك بالنسبة إلى آخر. ورب عمل يكون حظ النفس والشيطان فيه بالنسبة إلى العامل أقوى منه في عمل آخر، ويكون بريئا من ذلك في بعض الأعمال دون بعض.

          فصاحب هذا التحقيق الخاص هو الذي رزق نورا يعرف به النفوس ومراميها، وتفاوت إدراكها، وقوة تحملها للتكاليف، وصبرها على حمل أعبائها أو ضعفها، ويعرف التفاتها، فهو يحمل على كل نفس من أحكام النصوص ما يليق بها، بناء على أن ذلك هو المقصود الشرعي في تلقي التكاليف، فكأنه يخص عموم المكلفين والتكاليف بهذا التحقيق، لكن مما ثبت عمومه في التحقيق الأول العام، ويقيد به ما ثبت إطلاقه في الأول، أو يضم قيدا أو قيودا لما ثبت له في الأول بعض القيود”.[26]

         أهمية المعرفة بالواقع في عملية تحقيق المناط ودوره في توخي التسديد في تنزيل الأحكام على محالـّها.

          كثيرا ما نقرأ للعديد من العلماء – على اختلاف مذاهبهم – ممن لهم باع طويل وزاد وفير في علم الأصول والفقه آراء حول أهمية المعرفة بالواقع وضرورته، وأنه لا مناص للحاكم أو المفتي من الإحاطة به، ولعل أول ما يتبادر إلى الذهن في هذا المقام الإمام الشاطبي قال رحمه الله(790هـ): “لا يصح للعالم إذا سئل عن أمر كيف يحصل في الواقع إلا أن يجيب بحسب الواقع”[27].

          ويقرر الإمام ابن القيم الجوزية(751هـ)رحمه الله أن العالم هو”من يتوصل بمعرفة الواقع والتفقه فيه إلى معرفة حكم الله ورسوله”، وأكد رحمه الله أن المفتي أو الحاكم لا يتمكن من الإفتاء”إلا بنوعين من الفهم: أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه، واستنباط علم حقيقة ما وقع، بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط بها علما، والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله في هذا الواقع ثم يطبق أحدهما على الآخر، فمن بذل جهده و استفرغ وسعه في ذلك لم يعدم أجرين أو أجرا، فالعالم من يتوصل بمعرفة الواقع والتفقه فيه إلى معرفة حكم الله ورسوله” [28] ، ويؤكد أهمية المعرفة بالواقع ما نقله ابن القيم عن الإمام أحمد أنه قال:”لا ينبغي للرجل أن ينصب نفسه للفتيا حتى يكون فيه خمس خصال، أولها: أن تكون له نية فإن لم يكن له نية لم يكن عليه نور ولا على كلامه نور، والثانية: أن يكون له علم وحلم ووقار وسكينة، والثالثة: أن يكون قويا على ما هو فيه وعلى معرفته، والرابعة: الكفاية وإلا مضغه الناس، الخامسة: معرفة الناس”[29].

          ولمّا كان الواقع هو مجمل “حركات الناس وتصرفاتهم وتعاقداتهم وإقبالهم  على فعل الخير والشر بحسب ما يتهيأ لهم من معين على ذلك”[30]، وكان الاجتهاد الفقهي هو التأطير للواقع واقع الأفراد والجماعات والدول والمؤسسات، كان كل ما ينتجه الفقه والفقهاء يسير متفاعلا متلائما مع ما ينتجه الواقع من نوازل وتطورات. فمثل الفقه والواقع كمثل الحبل المضفور تكونه خصلتان تلتف إحداهما على الأخرى من أوله إلى آخره، فإذا التف الفقه باجتهاداته و فتاويه وتوجيهاته كانت الحياة تسير سيرا مفتولا يعطيها متانة وقوة وتماسكا، وإذا سار الواقع بعيدا عن الفقه، وسار الفقه بعيدا عن الواقع فقدت الضفيرة صفتها وفقدت بالتالي قوتها ومتانتها”.[31]

         “فالفقيه الذي يعلم الواقع على حقيقته هو الذي يخوض غماره بروحه وجسده وفقهه، فيكون عالما بالواقع على الحقيقة لا التوهم، ولا يحتاج إلى الشرح والبيان”[32].

تحقيق المناط عند فقهاء المدرسة الفاسية

العلامة سيدي محمد المهدي الوزاني الفاسي[33]  نموذجا         

          تخرّج من أروقة جامع القرويين بفاس العامرة الكثير من العلماء الأجلاء الذين برزوا وتفننوا في فقه النوازل والفتاوى، وبرعوا في الإجابة على كل الوقائع المستجدة، مبرهنين على قدرتهم الفائقة على الاجتهاد، وإيجاد الإجابات، وتحقيق المناطات في كل الظروف والمناسبات، وحسب كل الأشخاص والحالات.

          فكانت أجوبة الفقهاء على أسئلة المستفتين متعلقة بالأحداث النازلة والأمور الطارئة “تبتعد في الغالب عن الجانب النظري المحض من الفقه، وتصور ألوانا من حياة المستفتين ومعاملاتهم وعاداتهم وظروف عيشهم….”[34].

          ذلك أن الفقيه لم يكن بعيدا عن واقعه ولا منعزلا عن مجتمعه مكتفيا بإصدار فتاوى نظرية، وإيجاد حلول لوقائع فرَضية، بل إن الفقيه كان ابن بيئته يعيش مع الناس وبين الناس، يشهد من الحوادث ما يشهدونه، ويقف أمام ما يحمله العصر من مستجدات وتطورات، فكان من السهل عليه التعامل مع النوازل المعروضة عليه لمعايشته “للنوازل اليومية والحوادث الطارئة، والقضايا الصادرة من صميم الواقع الفردي والجماعي، والمتفرعة عن شبكة العلاقات والمعاملات الإنسانية في شتى نواحي حياتهم (…) بكثير من الملابسات والقرائن التي لا تفهم حقيقتها ولا يتوصل إلى أحكامها إلا من قبل من خبر هموم الناس، وأحوال الواقع وأسرار الشرع.”[35].

          وقد أبانت المؤلفات النوازلية العديدة وموسوعات الفتاوى الكثيرة  لفقهاء المدرسة الفاسية عن نبوغ علمي غير مسبوق بفضل حذاقة علمائها الأكياس، ونجابة فقهائها في حل ألغاز القضايا الطارئة ومبهم النوازل العالقة.

          العلامة الفقيه سيدي محمد المهدي الوزاني:

          والعلامة سيدي محمد المهدي الوزاني(1342هـ/1924م)الفقيه الفهامة، المطلع، المقتدر، المحرر، النحرير، مفتي فاس، وشيخ علمائها الأكياس، الوزاني أصلا، الفاسي دارا، ومنشأ وقرارا، اشتهر بحسن الأخلاق، وجميل المعاشرة، والتواضع، “كان يورد في مجالسه حكايات يتسلى بها المحزون، ويداعب الطلبة كثيرا، لكنه حافظ مع ذلك لمروءته غاية المحافظة، ولا يتجاوز القدر اللائق في ذلك، وكان الطلبة يحبونه غاية المحبة، ويزاحمون على مجالسه ما لا يزاحمونه على غيرها من المجالس، فكان يجتمع عليه الجم الغفير من المئين من الطلبة، ونفع الله به غاية النفع”[36].

          يعد الفقيه المهدي الوزاني مثالا للفقهاء النوازليين الذين اشتهرت تآليفهم في هذا الفن الذي برز فيه المغاربة، وأبدعوا فيه وخلفوا لنا تراثا هائلا في الميدان الفقهي، وقد عاصر رحمه الله، مرحلة ما قبل الحماية إلى أواسط عهد السلطان مولاي يوسف رحمه الله، حيث اعتبرت هذه المرحلة حاسمة من تاريخ التدريس في القرويين[37]، وقد برهن أمثال هؤلاء الفقهاء على أن “الفقه الإسلامي ثابت وراسخ بأصوله وقواعده، متحرك ومتجدد باستخراجاته، واستنباطاته، وقياساته، يلبي حاجيات الناس ويستجيب لتطلعاتهم، ويحقق طموحهم ومتطلباتهم في الحاضر والمستقبل، ورغباتهم في المعاش والمعاد”[38].

          درس بمدينة فاس، وبقي بها عالما مدرسا، و نوازليا محررا ومؤلفا كبيرا، فأغنى بذلك المكتبة الفقهية المغربية حتى اشتهرت النوازل باسمه، كان رحمه الله مفتي فاس ترد عليه الأسئلة من سائر أقطار المغرب، “وفقيهها الفهامة، أستاذ الأساتذة، وخاتمة العلماء المحققين الجهابذة، صاحب التآليف المفيدة، والرسائل العديدة، العمدة الفاضل العارف بمدارك الأحكام والنوازل ومسائل المذهب، والمنقول والمعقول،… مفتيا مقصودا في المهمات من سائر الجهات”[39]، مشاركـًا في كثير من العلوم، في مواد الفقه عارفًا بالنوازل وأحكام المعاملات، له إطلاع واسع ومعرفة دقيقة بالمسائل الفرعية مصادر الفقه المالكي، على وجه الخصوص.

         وتعتبر مؤلفاته، من كنوز وعيون التراث الفقهي المغربي، جامعة ونافعة، رزقت القبول والعمل بما جاء فيها، وتنافس الناس في اقتنائها والاستفادة منها: “النوازل الصغرى المسماة بالمنح السامية”، “وتحفة الحذاق بنشر ما تضمنته لامية الزقاق”، “وبغية الطالب الراغب القاصد إباحة صلاة العيدين في المساجد”، و”أجوبة عن عدة أسئلة فقهية”، و”الثريا في الرد على من منع بإطلاق بيع الثـُّنْيَا”، وحاشية على شرح المرشد، حاشية على شرح العمل الفاسي كبرى وصغرى، وغيرها كثير.

          أما فيما يتعلق بمصنف”النوازل الجديدة الكبرى في أجوبة أهل فاس، وغيرهم من البدو والقرى”، أو”المعيار الجديد الجامع المعرب عن فتاوى المتأخرين من أهل المغرب”، الذي ألفه بعد مضي عقدين من السنين على تأليف النوازل الصغرى، وقد تجمع لديه خلال هذه المدة عدد أكثر من فتاويه، ومن مختارات فتاوى غيره من أهل فاس، وغيرهم من المتأخرين، فقد أشار رحمه الله إلى ذلك بقوله: “ثم بعد سنين اجتمعت لدي نوازل أخرى ضمنتها هذا الكتاب المسمى بالمعيار الجديد الجامع المعرب عن فتاوى المتأخرين من علماء المغرب”[40]، لكنه أضاف إلى ذلك فتاوى بعض المتقدمين الأندلسيين والقيروانيين والبجائيين والتلمسانيين وغيرهم، ولا يكرر فيها شيئاً من النوازل الصغرى إلا نادراً.

          ولعل المقصود بالمتأخرين هنا، هم الفقهاء والعلماء الذين صدرت عنهم أجوبة أو فتاوى في مسائل شرعية ممن عاشوا بعد عصر الونشريسي مؤلف المعيار(ت914هـ) وإلى زمن المؤلف، وإن كان الغالب فيها من عاصر المؤلف أو سبق عصره بقليل، هذا ولم يكن المؤلف جامعًا للغث والسمين، الشيء الذي يدل على استقرائه لما وجد من أجوبة وفتاوى، فاقتصر على أقوال الفقهاء المتمكنين، والعلماء البارعين في مجال الإفتاء، وقد أشار المؤلف رحمه الله إلى أن الفتاوى والأقوال التي ضمنها كتابه الأول النوازل الصغرى لم يدرجها في النوازل الكبرى إلا على سبيل الاستشهاد، وبذلك يقع تصحيح الوهم الذي قد يقع فيه البعض من اعتبار النوازل الصغرى اختصارًا للنوازل الكبرى التي طبعت سنة 1329هـ/ 1911م، أي بعد أحد عشر عامًا من طباعة النوازل الصغرى.

ويلاحظ أن كتاب المعيار الجديد حمل إسمين:

         الأول: “النوازل الجديدة الكبرى فيما لأهل فاس وغيرهم من البدو والقرى”.

         الثانى: “المعيار الجديد الجامع المُعرب عن فتاوى المتأخرين من علماء المغرب”، والتسمية الثانية هي التي اختارها المؤلف لكتابه، أما التسمية الأولى، فيبدو أنها من وضع الذي قام بالطبعة الحجرية للكتاب، أو الذي أشرف على تصحيحها والعناية بها، وهذه التسمية صحيحة في جزئها الأول: النوازل الجديدة الكبرى، وذلك تمييزًا لها عن المنح السامية في النوازل الفقهية “النوازل الصغرى”، أما في شقها الثاني (فيما لأهل فاس وغيرهم من البدو والقرى) فهي تسمية غير دقيقة، ولعلّ كلمة “البدو” محرفة عن كلمة “المدن”، فتكون “وغيرهم من المدن والقرى”، إذ يفهم من التسمية الحالية أن المؤلف اقتصر على رجال الإفتاء من فاس وما حولها من البدو والقرى، فلا تشير إلى حواضر المغرب الأقصى الكثيرة، مراكش، مكناس، الرباط، طنجة، وهذا غير صحيح، فالمؤلف جمع فتاوى المتأخرين من مختلف حواضر المغرب الأقصى والغرب الإسلامي بكامله، ولذلك أطلق على كتابه “المعيار الجديد الجامع المعرب عن فتاوى المتأخرين من علماء المغرب”، وهي التي تتفق مع واقع الكتاب ومسائله التي جمعها من فقهاء المغرب والحواضر الإسلامية في شمال أفريقيا، فهو فعلاً معيارٌ جديد، تمييزًا له عن معيار الونشريسى، وجامعٌ للكثير من النوازل، والمسائل التي قال بها المتأخرون من علماء المغرب، وكلمة “المغرب” هنا يجب أن تفهم بمعناها الجغرافي الواسع الذي يشمل   المنطقة الممتدة من إقليم برقة شرقًا إلى نهاية إقليم سوس غربًا، وليس أدل على ذلك من قيام المؤلف بذكر فتاوى علماء المغرب بكل حواضره وأقاليمه الصحراوية، وشنقيط وحواضر الجزائر وتونس وطرابلس الغرب (ليبيا حاليًا).

          من الواضح أن الفقيه الوزاني قد سار على درب الونشريسى في معياره، واقتفى أثره من حيث جمع الفتاوى والآراء الفقهية التي قال بها علماء وفقهاء المذهب المالكي في المسائل والنوازل التي عرضت عليهم، يضاف إلى ذلك ما كتبه المؤلف نفسه من فتاوى ومباحث فقهية، وكذا بعض التعليقات والتصويبات على المسائل التي نقلها عن غيره، كما ضم إلى ذلك عددًا من مباحث بعض العلماء، وقام بتقسيم النوازل وفقًا للترتيب الذي اتبعه الشيخ خليل في المختصر، وقد أشار المؤلف إلى ذلك في مقدمته بقوله: “سالكًا فيه أحسن الترتيب تبعًا لصاحب المختصر في نسقه العجيب”[41]، لذلك بدأ في الجزء الأول بنوازل الطهارة، ثم نوازل المياه، ثم نوازل الوضوء والغسل.. والتيمم، ثم الآذان فالصلاة الخ…، وبذلك يختلف عن معيار الونشريسى الذي بدأ الجزء الأول من معياره بنوازل الطهارة، ثم نوازل الصلاة ثم نوازل الجنائز، فنوازل الزكاة والصيام والاعتكاف والحج، فكان المعيار الجديد أكثر تفريعًا وتفصيلاً[42].

         إن هذه الموسوعة العلمية في فقه النوازل التي قال عنها الدكتور عمر الجيدي عند مقارنتها بمعيار الونشريسي: “وإن كانت من حيث القيمة أجود، وتمتاز عن سابقتها بنقلها فتاوي المتأخرين”[43]، تبين بجلاء مدى مواكبة الفقه الإسلامي للتطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في منطقة الغرب الإسلامي، وقدرة علماء الإسلام على معالجة القضايا التي تحدث في المجتمعات الإسلامية، والمستجدات التي تنشأ في ربوعها، بما يبعد إمكانية سد باب الاجتهاد، فشريعة الإسلام صالحة لكل عصر ومصر، والعلماء قادرون على معالجة القضايا في كل وقت وحين، بما يتلاءم مع الواقع المعاش، وبما لا يصادم الأحكام العامة والقواعد الأصولية في الشريعة الغراء، وسوف يشكل هذا الكتاب مع غيره من كتب النوازل الأخرى مادة علمية خصبة، وذخيرة فقهية جيدة تساهم في العديد من الدراسات القانونية والفقهية والاجتماعية.

تحقيق المناط عند الفقيه الوزاني  مـن خـلال نـازلة مائية[44]

          أخذت المسائل المائية حيزا هاما في كتب النوازل إذ شكلت مادة فقهية غنية تعطي نموذجا لنوع المنازعات التي كان المجتمع يعيشها، لذلك نجد الفقهاء يعقدون أبوابا وفصولا مهمة في مؤلفاتهم خاصة بالسقي والنوبة ومد السواقي، وشق الترع، و الأرحية، والنزاعات بين أصحاب العرصات وبين الأعالي و الأسافل[45]، وغيرها كثير.

          و تعتبر المنازعات بين الأعالي و الأسافل من أبرز القضايا التي استأثرت باهتمام الفقهاء، والتي كانت تحتاج إلى حل كباقي القضايا المستجدة.

           صـورة الـنازلـة: النازلة هي عبارة عن سؤال وُجّه  للشيخ أبي العباس الهلالي[46] مفاده أن قبيلة سكنت بلدا بالبادية كان قد انجلى عنه أهله ورفضوه، وكان سكنى القبيلة كلها له في تاريخ واحد، وكان بالبلد نهر يجري فيه أوديات من بلد بعيدة، ثم إن القبيلة اقتسمت البلد، أخذ بعضها أعلاه، وبعضها أسفله، وكان الماء كثيرا يفضل منه عن سقي الأعلى ما يكفي الأسفل وزيادة، ثم استمروا على ذلك مُددا مديدة و أعصارا متطاولة، ثم إنه قلّ ماء النهر بهذه السنة والتي قبلها فلم يكن يفضل عن سقي العليا ما يكفي السفلى، بل لا يفضل لها في بعض الأحيان فيضيع زرعها، فتنازع أصحابها وأصحاب العليا في القدر الموجود في النهر من الماء.

          فقال ذوو العليا: نحن أحق بقدر كفايتنا منكم، وليس لكم إلا ما يفضل عنا كما كنا عليه في جميع الآماد المتقدمة[47].

          وقالت الفرقة الأخرى: بل نحن وأنتم في ذلك سواء، لأنا وإياكم نزلنا البلد في وقت واحد، فما وجه اختصاصكم عنا بالماء مع اتحاد الوجه الذي كنا به نتصرف في الماء نحن وأنتم؟، فلنقتسم الماء كما اقتسمنا الأرض، ويأخذ كل فريق ما ينوبه[48]، فهل يختص الأعلون بما يكفيهم أو يقسم ما وجد من الماء وإن قل؟.

          محل النزاع هو الانتفاع بالماء هل يجوز قسمته بين الأعالي و الأسافل باعتبار أنهم سكنوا في البلد في وقت واحد واقتسموا البلد بينهم، أم يستأثر به الأعلون؟.

          أما أطراف النزاع فهم سكان عالية، و سكان سافلة.

           ولبيان حل النازلة والحكم المناسب لها أورد الفقيه سيدي المهدي الوزاني كلام الفقيه أبي العباس الهلالي أثناء كلامه على جواز بيع الماء حيث قال: إن الماء المذكور لا يقسم بين الفريقين، بل يختص الأعلون بقدر كفايتهم فيسقون أرضهم إلى الكعب، ويرسلون ما فضل لمن بعدهم.

          أما الإمام أبو الوليد ابن رشد رحمه الله فقال- بعدما تكلم على الواديين المعروفين بالمدينة وقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسك الأعلى إلى الكعبين، ثم يرسل إلى الأسفل- : وهكذا الحكم في كل ماء غير متملك يجري على قوم إلى قوم دونهم، أن من دخل الماء أرضه أولا أحق بالسقي حتى يبلغ الماء في أرضه إلى الكعبين بمعنى أن الأعالي هم من لهم حق أولا في السقاية، فمجرد الانتفاع بالماء لا يوجب تملكه ولو طال.

         وقد عضد هذا الرأي آراء فقهاء آخرين حيث قال الفقيه العلامة محمد بن علي الحفار[49] أثناء كلامه على جواز بيع الماء: “لكن لا يكون هذا البيع إلا لمن يتملك أصل الماء، مثل أن يكون له عليه ماء نبعت في أرضه، أو يشتري الماء ممن تملكه على الوجه المذكور، وأما من لا يتملكه كمن له شرب من ساقية أو واد فليس له بيعه، بل يسقي به، فإن استغنى عنه تركه”[50].

          أما الإمام النظار أبو إسحاق الشاطبي[51]، فيقول من جملة جواب له: “مجرد الانتفاع بالماء غير المملوك الأصل مدة الحيازة أو أقل أو أكثر لا يكون سببا في التملك”[52].

وقال أيضا: “إن بطون الأودية إذا جرى الماء فهو كالماء الجاري في الفلوات، فالأصل أن لا حق فيه لأحد دون أحد، إلا أن يثبت لأحد فيه ملك بابتياع أو ميراث أو غير ذلك مما تثبت به الأملاك، فإذا حازه أحد بأن يعتمر عليه من غير أن يملكه فهو أحق بما يحتاج إليه منه، فإن اعتمر عليه جماعة و تشاحوا في الماء سقى الأعلى على ما جرت به السنة، هذا إن سكنت القبيلة البلد على وجه مأذون فيه شرعا، وأما إن كانوا غاصبين للبلد فالواجب عليهم تركه لأربابه”[53].

          فيكون حكم النازلة أنه لا وجه لقسمة الماء وأن الانتفاع به من حق الأعالي قدر كفايتهم ويرسلون ما فضل للأسافل.

          إن كل نازلة تعرض على الفقيه المجتهد تحتاج في كل مرة إلى نظر جديد في حيثياتها وتفاصيلها قبل تنزيل الحكم عليها وهو ما ذكره الإمام الشاطبي حين قال: “كل مسألة تفتقر إلى نظرين: نظر في دليل الحكم، ونظر في مناطه”. كما قرر أن الاجتهاد في تحقيق المناط لا ينقطع إلى يوم القيامة لأنه يرتبط بالمستجدات والحوادث الطارئة التي تظهر في بادئ الأمر أنها شبيهة بسابقتها لكن وبعد إجالة النظر فيها وفي ملابساتها يتضح أنها مختلفة في بعض جوانبها مما يتطلب إيجاد حكم خاص بها.

          لقد تجمع للعلامة المهدي الوزاني مجموعة من العناصر استثمرها في تنزيل الحكم على هذه النازلة، فلديه قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في نازلة في الواديين المعروفين بالمدينة وقضاؤه فيها بأن يمسك الأعلى إلى الكعبين، ثم يرسل إلى الأسفل، ثم هناك كلام مجموعة من الفقهاء في سياقات مماثلة مما عضد عمله ونظره في هذه النازلة المائية.

          لقد تم النظر في ماء الوادي هل هو متملك لهما بشراء أو إرث، فيقسم بينهما بالتساوي، أو أن الماء في هذه النازلة منتفع به فقط باعتبار أن كلا الطرفين قد استغل ماء الوادي لمدة طويلة من الزمن منذ حلولهما بالبلد وأنهم اقتسموا الانتفاع بالماء كقسمتهم البلد، فيسقي أصحاب العليا قدر كفايتهم، ويرسل ما فضل لأصحاب السفلى، والحكم يبقى كذلك رغم تدخل بعض العوامل التي قد يظن أنها سبب في تغيير الحكم: كاتحاد وقت النزول في البلد، واقتسام البلد بينهم، وتدخل عوامل طبيعية أثرت في تناقص ماء النهر وقلـته.

          لقد كان الفقيه محمد المهدي الوزاني مدركا لعلل الأحكام ومقاصد الشريعة، مراعيا لها في مثل هذه النوازل والقضايا، إذ استعان بالواقع وحيثياته في إعطاء الحل والحكم المناسب لهذه المنازعة، معضدا رأيه ونظره بكلام أعلام وفقهاء في ذلك.

          فأبان تبعا لذلك عن نبوغ علمي غير مسبوق، كما هو الشأن بالنسبة  لسائر المؤلفات النوازلية وموسوعات الفتاوى الكثيرة لفقهاء المدرسة الفاسية بفضل حذاقة علمائها الأكياس، ونجابة فقهائها، يُعلم ذلك من رغبة الفقهاء في استيعاب كل المستجدات التي تطرأ على حياة المجتمع في جوانبها المختلفة، وأدق تفاصيلها، حتى إنك تجد أجوبة لفتاوى تعالج حيثيات وتفاصيل نابعة من صميم الواقع، فكان الاتجاه النوازلي ممتزجا بأصول الاجتهاد والاستنباط.

(أصل هذه الدراسة مقال منشور بمجلة الغنية العدد المزدوج 3/2)

الهوامش:


[1] – أصول الفتوى والقضاء في المذهب المالكي، د محمد رياض،ط/ 3 ،1423- 2002، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء: ص 159.

[2]– دفاعا عن الشريعة للعلامة علال الفاسي، مطبعة الرسالة، ص 220.

[3]– انظر مقدمة “النوازل الصغرى” المسماة بالمنح السامية في النوازل الفقهية، لسيدي محمد المهدي الوزاني، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ص:3.

[4]– تحفة أكياس الناس بشرح عمليات فاس، لسيدي محمد المهدي الوزاني الفاسي، تقديم ذ.هاشم العلوي القاسمي، 1422هـ/2001 انظر مقدمة الكتاب ص  11 و ما بعدها .

[5]– المصباح المنير، مادة (نوط)، لأحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي المقري(467- 770هـ)، 2003، دار الحديث القاهرة.

[6]– لسان العرب: مادة (نوط)، للإمام العلامة أبي الفضل جمال الدين بن مكرم بن منظور الإفريقي المنصور، دار صادر، بيروت.

[7]-.أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل فارس، حديث رقم 2546، وقد ورد بلفظ ( لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء). صحيح مسلم بشرح الإمام زكرياء يحيى بن شرف النووي الدمشقي (ت 676هـ) 1415هـ – 1995، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع لبنان.

[8]– نبراس العقول في تحقيق القياس عند علماء الأصول، لعيسى منون، ط1/1345هـ، إدارة الطباعة المنيرية، ص 382.

[9]– نشر البنود على مراقي السعود، لعبد الله بن إبراهيم الشنقيطي، صندوق إحياء التراث الإسلامي المغرب، 2/171.

[10]– لسان العرب مادة (خرج).

[11]– الاجتهاد بتحقيق المناط وسلطانه في الفقه الإسلامي، “دراسة أصولية فقهية مقارنة تبحث في كيفية تنزيل الأحكام الشرعية على الواقع”، لعبد الرحمن زايدي، 1426هـ – 2005 م، مركز التراث الثقافي المغربي- الدار البيضاء، ص 174.

[12] – الموافقات  لأبي إسحاق الشاطبي(ت 790هـ)، دار الكتب العلمية لبنان، 2/29.

[13]– المصباح المنير مادة (نقح).

[14]– معجم العين للفراهيدي (170هـ)، تحقيق وترتيب عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلمية لبنان، الطبعة الأولى(1424هـ – 2003م):4/254.

[15]– معجم مقاييس اللغة: مادة (نقح)، لأحمد بن فارس بن زكرياء (395هـ)، (1429هـ – 2008م)، دار الحديث القاهرة.

[16] – نبراس العقول: 382.

[17] – الاجتهاد بتحقيق المناط وسلطانه، في الفقه الإسلامي: 176.

[18] – الموافقات 2/68.

[19] – المصباح المنير مادة ( حقق).

[20] – لسان العرب مادة(حقق).

[21] – مختار الصحاح، مادة (حقق).

[22] – المصطلح الأصولي عند الشاطبي للدكتور فريد الأنصاري: 395.

[23] – الاجتهاد بتحقيق المناط وسلطانه في الفقه الإسلامي:178.

[24] – الموافقات 2/64.

[25] – الموافقات 2/70.

[26] – الموافقات 2/71.

[27] – الموافقات 2/75.

[28] – إعلام الموقعين 1/87.

[29] – نفسه .

[30] – الاجتهاد بتحقيق المناط وسلطانه، 70.

[31] – الاجتهاد ( النص الواقع المصلحة)، د. أحمد الريسوني، و د.الباروت: 59- 60.

[32] – الاجتهاد بتحقيق المناط وسلطانه في الفقه الإسلامي: 72.

[33]– أنظر سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر بمدينة فاس للشريف أبي عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني، تحقيق عبد الله الكامل، وحمزة بن محمد الطيب الكتاني، ومحمد بن حمزة بن علي الكتاني، دار الثقافة، مؤسسة للنشر والتوزيع، 3/47.  شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد مخلوف، دار الكتب العلمية لبنان، ط/1، 2000م – 1464هـ، 1/473 رقم1298، والأعلام لخير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، لبنان، ط17-2007،7/112، وسل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال فهرس الشيوخ لعبد الإسلام بن عبد القادر بن سودة ، تنسيق وتحقيق محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، ص 29 و ما بعدها.

[34]– فتاوي الإمام أبي إسحاق الشاطبي (ت 790هـ)، تحقيق محمد أبو الأجفان، الطبعة الثانية، ص85.

[35]– المقاصد في المذهب المالكي خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين، لنور الدين الخادمي، الطبعة الثانية: 1424هـ – 2003م، مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، ص 197.

[36]– سلوة الأنفاس 3/47.

[37]– انظر تحفة أكياس الناس بشرح عمليات فاس للعلامة سيدي المهدي الوزاني(ت 1342هـ- 2001م)، تقديم وإعداد: ذ. هاشم العلوي القاسمي، من منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ،المقدمة ص7.

[38]– المرجع السابق ص:5

[39]– شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، لمحمد بن محمد بن عمر بن قاسم مخلوف، (ت 1360هـ)،  1/618 رقم، دار الكتب العلمية لبنان، مكة المكرمة، الطبعة الأولى، 1424هـ – 2003م، 1717.

[40] – المعيار الجديد، مقدمة المؤلف مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الجزء الأول ص14.

[41] – المعيار الجديد الجزء الأول، مقدمة المؤلف ص 14.

[42] – المعيار الجديد المقدمة ص 14 و ما بعدها.

[43] – محاضرات في تاريخ المذهب المالكي في الغرب الإسلامي، للدكتور عمر الجيدي، ص 10.

[44] – المعيار الجديد للعلامة المهدي الوزاني 8/240.

[45] – المقصود بالأعالي و الأسافل الحيز الذي تحتله عالية النهر و سافلته. أنظر “التاريخ وأدب النوازل.. قضايا المياه بالمغرب الوسيط من خلال أدب النوازل”، لعمر بنميرة – كلية الآداب الرباط- هامش الصفحة 77، فعالية النهر أو الوادي الحيز الأقرب بالنسبة لمنبع النهر، في حين سافلة الوادي الحيز الأبعد الذي يصل إليه ماء النهر

[46]أحمد بن عبد العزيز بن الرشيد السجلماسي، الهلالي، أبو العباس، سليل أسرة ماجدة عريقة، توارثت العلم والصلاح قرونا ثلاثة على الأقل. ولد عام ثلات عشرة ومائة وألف، بسلجماسة، تلقى علومه الأولى على يد شيوخ بلده قبل أن يستفزه الطموح إلى الحواضر العلمية المشهورة. تخرج على يديه عدد من الطلبة كان لهم في سماء العلم طالع مبين شخصية موسوعية، وخلف وراءه تراثا علميا معتبرا في العقيدة والفقه وعلوم القرآن واللغة والتراجم والأدب والتصوف والأخلاق، وقد حظي من تلامذته ومعاصريه بتقدير خاص حتى قال في حقه تلميذه الأحظى محمد بن محمد بن صالح الصحراوي السجلماسي الروداني المتوفى سنة أربعة عشر ومائتين وألف: “إن الشيخ – رضي الله عنه – في هذه الديار المغربية قطب رحاها ، بل شمس ضحاها، عليه تدور مشكلات مسائلها و فتاويها، توفي ـ رحمة الله عليه ـ بزاويته الزينية ليلة الثلاثاء21 ربيع الأول، وضريحه بسجلماسة مشهور قرب ضريح جده من جهة والدته، الولي الصالح أبو الحسن سيدي الحاج علي بن زينة. شجرة النور الزكية، محمد بن محمد بن مخلوف، دار الكتب العلمية- بيروت، الطبعة الأولى: 2003م – 1424هـ،1/511 رقم 1432، الأعـلام لخير الدين الزركلي، دار العلم للملايين –  بيروت- ط 5 / 1980، 1/511 رقم 1432، 1/151.

[47]– المعيار الجديد 8/240.

 [48]- المعيار الجديد 8/240.

[49]محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن سعد الأنصاري الحفار الغرناطي، الإمام والمحدث والمفتي الشيخ المعمَّر، مُلحقُ الأحفاد بالأجداد، الفقيه العلامة القدوة الصالح الفهّامة، قال ابن الخطيب: خيّرٌ مشهور حسن الخلق والعشرة كثير الصمت، أخذ عن ابن لب به كَثُرَ انتفاعه وعن محمد بن علي بن أحمد الخولاني وأخذ عن أبي عبد الله بن عبد الولي، له فتاوى نقلَ بعضها في المعيار، توفي عن سن عالية سنة إحدى عشر وثمان مائة.

انظر شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد بن محمد مخلوف1/355 رقم 917، والدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، للإمام الحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد ابن حجر العسقلاني (856 هـ)، دار الكتب العلمية بيروت 2/ 43.

[50]– المعيار الجديد 8/241.

[51] الإمام إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي الغرناطي، أبو إسحاق، المحقق القدوة الحافظ الجليل المجتهد، كان رحمه الله أصوليا محدثا لغويا بيانيا نظارا ثبتا ورعا صالحا زاهدا سنيا، له استنباطات جليلة ودقائق منيفة، حريصا على اتباع السنة، مجانبا للبدع والشبهة، أخذ عن جماعة من العلماء منهم ابن الفخار البيري، والعلامة أبو عبد الله المقري، والإمام الشهير أبو سعيد ابن لب، والعلاّمة المحقّق الأصولي أبو علي منصور بن محمد الزاوي، والعالم الحافظ الفقيه أبو العباس القباب، والمفتي المحدّث أبو عبد الله الحفار، وغيرهم”،وأخذ عنه: أبو يحيى بن عاصم، وأخوه القاضي المؤلف أبو بكر بن عاصم، والشيخ أبو عبد الله البياني، أبو عبد الله محمد بن محمد المجاري الأندلسي، وأبو جعفر أحمد القصار الأندلسي الغرناطي، وغيرهم كثير،له تآليف حسان أولاها الموافقات في أصول الفقه، وكتاب الاعتصام، والإفادات و الإشادات، وكتاب أصول النحو، وغيرها.

أنظر نيل الابتهاج بتطريز الديباج لأحمد بابا التنبكتي، تحقيق الدكتور علي عمر، مكتبة الثقافة الدينية، الطبعة الأولى 1423هـ – 2004م، 1/33،  شجرة النور الزكية 1/332 رقم 856.

[52] – المعيار الجديد 8/240.

[53] – المعيار الجديد 8/240.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق