مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةدراسات عامة

تعريف علم الكلام ومباحثه ما بين السنوسي واليوسي

يعتبر الإمام السنوسي (832هـ/895هـ) إماما عالما عَلَمًا من أئمة أهل السنة والجماعة، كما أشرنا إلى ذلك عند التعريف ببعض مؤلفاته العقدية الكبرى ككتاب “شرح المقدمات” في مقال سابق[1] والذي يعتبر من أجلّ الكتب في علم التوحيد، وإن كانت كل مؤلفاته لها طابع خاص، وكتابه “شرح السنوسية الكبرى” الذي سبق عرضه كذلك[2]، باعتباره أحد الآثار العقدية الشاهدة لأبي عبد الله السنوسي بإمامته في علم الكلام، والدالّة على امتلاكه آليات النهوض بعلم الكلام الأشعري.

أما العلامة المغربي اليوسي(ت.1102هـ) فيمثل نابغة وقته، جاء في “معلمة المغرب”: «اتفقت المصادر التي ترجمته على علو كعبه العلمي وصلاحه الصوفي»[3]، وتبقى كتبه المعروفة والمتداولة شاهدة على هذا النبوغ العلمي؛ ومنها كتاب “مشرب العام والخاص من كلمة الإخلاص”، “حواشي اليوسي على شرح كبرى السنوسي المسماة عمدة أهل التوفيق والتسديد في شرح عقيدة أهل التوحيد”، “المحاضرات في الأدب واللغة” وغيرها، هذا بالإضافة إلى مجموعة من الرسائل العلمية فقهية وعقدية، ومنظومات شعرية، كما تم التعريف بها في مقالات سابقة كذلك[4].

وما سينفرد به هذا المقال هو الوقوف على بعض نصوص الإمام أبي عبد الله السنوسي في تعريفه لعلم الكلام بصفة عامة وأقسامه ومباحثه وغير ذلك، وما قام به الحسن بن مسعود اليوسي في كتابه “حواشي اليوسي على شرح كبرى السنوسي” من شرح وتعليق أو إضافة عليها، غرضنا في ذلك أن نتتبع تطور علم الكلام ومباحثه بمنطقة الغرب الإسلامي بعد التعريف الذي وضعه ابن خلدون من قبل في مقدمته بأنه: (علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية والرد على المبتدعة المنحرفين في الاعتقاد عن مذهب السلف وعقائد أهل السنة) [5].

وذلك دون أن أقف على منهج اليوسي العام في عرض الكتاب ونقده وفق ما ذكره في مقدمة حواشيه قائلا: (هذا وإنه لما امتن الله تعالى علينا بقراءة “عقيدة أهل التوحيد” وشرحها “عمدة أهل التوفيق والتسديد” مررت فيها بمواضع متعاصية على بعض الأذهان متواصية ألا تدخل جنتها إلا بشفاعة الذكاء أو البيان، فعزمت على أن أنبه عليها وأقطع إن شاء الله إضافة الإبهام إليها)[6].

وكذلك دون أن أتتبع منهج اليوسي في هذا الشرح والذي يمكن الوقوف عليه فيما قام به محققه د.حميد حماني – لتواجد الكتاب وسهولة الاطلاع عليه- والذي ذكر من جملة ما قام به قائلا: (ولم يقتصر اليوسي على ما أوردناه من هذه النماذج التي تجعلك ترى رأي العين منهجه المتبع في الشرح والبيان، بل كثيرا ما قرر الكلام المنقول من قبل السنوسي عن الأئمة المتقدمين كابن التلمساني شارح المعالم في أصول الدين للإمام الرازي، أو ابن دهاق شارح الإرشاد لإمام الحرمين، كما عمل على تمييز كلام السنوسي عن كلام غيره حين يورده هذا الأخير بين ثنايا كلامه على سبيل الاستشهاد كما هو الحال في نقله لكلام ابن التلمساني المذكور أو كلام البيضاوي صاحب الطوالع، وفيه إنصاف للسابق من العلماء من حيثية سبق التفطن للفكرة، أو ما يمكن تسميته الاهتداء إلى جذور الأفكار وأصولها…) [7].

 وتنبغي الإشارة هنا إلى أن الإمام السنوسي لم يضع – في كتابه المذكور-  عناوين متتالية للتعريف بعلم الكلام، ولا اليوسي كذلك، وإنما سأتتبع في هذا المقال العناوين التي تقرِّب القارئ لاستنباط رأيهما في الموضوع من خلالها.

وأول ما يطالعنا به من نصوص في كتاب “شرح السنوسية الكبرى” وكتاب “حاشية على شرح الكبرى” البحث في دور علماء الكلام في حرص الدين والدفاع والمحاججة عنه.

1 2 3الصفحة التالية
Science

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق