مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةدراسات عامة

تعريف علم الكلام ومباحثه ما بين السنوسي واليوسي

4- موضوعه:

 أما موضوعه فهو عند الإمام السنوسي «ماهيات الممكنات من حيث دلالتها على وجوب وجود موجدها وصفاته وأفعاله» [19].

أما اليوسي فذهب إلى القول: (فاعلم أنه قد وقع النزاع في موضوع هذا العلم؛ فذهب القدماء إلى أن موضوعه الوجود، على ما مر من أن المتكلم ينظر في أعم الأشياء وهو الوجود فيقسمه إلى قديم وحادث. وذهب قوم إلى أن موضوعه المعلوم من حيث يتعلق به إثبات العقائد الدينية..) [20] إلى غير ذلك من التعاريف التي ذكرها هنا.

وإذا كان السنوسي قد أتبع الكلام هنا بعرض مجموعة من المصطلحات والألفاظ المحتاج إليها في هذا العلم من قبيل لفظ: العالَم والأزل والقديم والحادث والجوهر والمتحيز والعرَض..وغيرها، ثم انطلق بعد ذلك لعرض مباحث علم الكلام وفق رؤيته؛ وقوفا عند أضرب الاستدلال الأربع، ومرورا بباب: (أن النظر في النفس يدل على وجود الله)، ومناقشة الفخر الرازي في مسألة: (أن كل حادث فله موجد وأنها قضية ضرورية)، ومسألة: (الاستدلال بالإمكان على وجود الصانع)، ثم الوقوف عند مسألة: (حدوث العالم ودليله)، وبعدها: (القول في الصفات)؛ وكونه تعالى قادرا مريدا عالما حيا سميعا بصيرا متكلما مدركا، ثم عقد فصلا في صفات المعاني، والقول في قدم الصفات، وفصلا آخر في: (الوحدانية)، وبعده: (القول في القدرة الحادثة)، ومبحث: (الكسب عند أهل السنة)، و: (القول في التولد)، ثم: (ما يجوز في حقه تعالى من الرؤية وما لا يجب على الله تعالى)، و: (القول في الحسن والقبح والحكم الشرعي فيهما)، وبعد ذلك انتقل إلى مبحث: (النبوات)؛ وما يستتبعه من القول في المعجزة وعصمة الأنبياء وإثبات رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ليصل أخيرا إلى باب: (السمعيات)، ثم يختم بمبحث أخير في: (أصول الأحكام الشرعية)؛ المتلقاة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة وقياس الأئمة، وما يستنبط منها من خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين من الإيجاب والتحريم والندب والكراهة والإباحة..

فإن اليوسي قد ذهب إلى التفصيل في ذلك تماشيا مع طريقته في مزيد توضيح لمباحث هذا العلم وخصوصياته وعلاقته بالعلوم الأخرى فذكر ما يلي:

استمدادات علم الكلام، وقال فيها: (وأما استمدادات هذا الفن وتسمى مبادؤه أيضا؛ أي ما يتوقف الشروع عليه في مسائله فهي الأحكام الثلاثة: الوجوب والاستحالة والجواز..)،

مسائل علم الكلام، وقال: (وأما مسائل هذا العلم فاعلم أن مسائل العلم هي القضايا التي تثبت فيه بطريق القصد، وهي هنا القضايا المثبتة فيه إما بالبراهين العقلية كثبوت الصانع وما له من الصفات المصححة للفعل، وإما بالدلائل النقلية كالحشر والنشر، وقد تكون هذه المسائل مبادئ لمسائل أخرى كمباحث النظر ومباحث المعدوم والحال مثلا..)،

نسبة علم الكلام من باقي العلوم، وقال: (وأما نسبة هذا العلم من العلوم أعني الدينية كالتفسير والحديث والأصول والفقه، فهو كلي لها وهي له جزئيات…)،

فائدة علم الكلام، حيث قال: (وأما فائدة هذا العلم فلا يخفى أن له فوائد أخروية كالسلامة من العذاب المرتب على الكفر وسيء الاعتقاد ودنيوية كرفع القتل وانتظام المعاش بالعدل ورفع الجور والتظالم) [21].

وقد كان غرضه في ذلك حصر المهام والغايات التي من أجلها حرص العلماء المسلمون الدفاع عن علم الكلام أمام من حظره من معارضيه، ولا يشك الباحث أن الأمر كان ضروريا وفق ما ذهب إليه ابن خلدون حين قال: (وكان ذلك سببا لانتهاض أهل السنة بالأدلة العقلية على هذه العقائد دفعا في صدور هذه البدع..) [22]، فكانت غاياته ومقاصده بادية للعيان حفظا للديانة وصونا لها من عبث المبطلين.

الهوامش:

[1] الإشارة إلى مقال: شرح المقدمات لأبي عبد الله السنوسي

[2] الإشارة إلى مقال: شرح السنوسية الكبرى المسمى “عمدة أهل التوفيق والتسديد”للإمام أبي عبد الله السنوسي(ت895هـ)

[3] معلمة المغرب-  الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر-مطابع سلا/2005-ج/22-ص:7692

 [4] الإشارة إلى مقال: ترجمة أبي المواهب الحسن اليوسي

[5] مقدمة ابن خلدون- ص: 448 (ب.ت).

[6] حواشي اليوسي على شرح كبرى السنوسي المسماة: “عمدة أهل التوفيق والتسديد في شرح عقيدة أهل التوحيد” لليوسي -تقديم وتحقيق وفهرسة: الدكتور حميد حماني اليوسي – مطبعة دار الفرقان للنشر الحديث/الدار البيضاء- الطبعة الأولى/2008-ص: 114.

[7] نفسه- من المقدمة- ص: 85.

[8] شرح السنوسية الكبرى لأبي عبد الله السنوسي- الدكتور عبد الفتاح عبد الله بركة- دار القلم/الكويت-الطبعة الأولى/1982-ص: 37-38.

[9] حواشي اليوسي- ص: 276.

[10] شرح السنوسية الكبرى- ص: 50-51.

[11] حواشي اليوسي- ص: 316-317.

[12] نفسه ص: 271.

 [13] شرح السنوسية الكبرى – ص: 67.

[14] نفسه -306.

[15] نفسه -306.

[16] كتاب القانون-180 – انظر: المشرب – ج/1-ص 136-137.

[17] المشرب/137.

[18] حواشي اليوسي- 314.

[19] شرح السنوسية الكبرى – ص: 68.

[20] حواشي اليوسي-316.

[21] نفسه- ص: 306 وما بعدها.

[22] المقدمة.

الصفحة السابقة 1 2 3
Science

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق