انتهاء البعثة الإنسانية للمستشفى الطبي الميداني المغربي إلى قطاع غزة
وصلت البعثة الطبية التي أرسلها المغرب إلى الأراضي الفلسطينية٬ أول أمس الاثنين٬ إلى مدينة العريش المصرية٬ في ختام مهمتها الإنسانية إلى قطاع غزة.
التي استمرت لأزيد من شهرين قدمت خلالها خدمات طبية وإنسانية متنوعة لأهالي القطاع جراء العدوان الإسرائيلي، الذي تعرض له في شهر نونبر المنصرم.
وجاءت إقامة المستشفى الطبي والجراحي الميداني المغربي بقطاع غزة لتقديم الدعم لفائدة الأطقم والمؤسسات الطبية والصحية في قطاع غزة٬ التي تعاني خصاصا كبيرا بسبب الحصار والعدوان بشكل لم تستطع معه التعامل مع العدد الكبير من الجرحى الذين سقطوا خلال هذا العدوان٬ إذ نالت هذه الالتفاتة الإنسانية من المملكة المغربية تقديرا واستحسانا كبيرين من لدن السلطات الفلسطينية ومن السكان.
وفي هذا الصدد٬ قال مدير المستشفى الطبي والجراحي الميداني المغربي٬ الكولونيل ماجور حسن إسماعيلي٬ في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ إن هذه الوحدة الصحية المتكاملة٬ التي أقامتها القوات المسلحة الملكية بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ وفرت٬ خلال مدة اشتغالها٬ 33 ألف خدمة صحية متنوعة لفائدة الفلسطينيين.
وأوضح البروفيسور إسماعيلي أن المستشفى الميداني المغربي قدم أزيد من 33 ألف خدمة صحية٬ تنوعت ما بين الفحوصات الطبية٬ والفحوصات بالأشعة٬ والإشراف على عمليات الولادة٬ والترويض الطبي٬ بالإضافة إلى الإشراف على ما لا يقل عن 150 من العمليات الجراحية في مختلف التخصصات.
وأضاف أن ما لا يقل عن 24 ألف مريض استفادوا من العلاج خلال هذه الفترة٬ معظمهم من النساء والأطفال٬ كما جرى تحرير أزيد من 20 ألف وصفة طبية وحصل أصحابها على الأدوية اللازمة بالمجان.
وأبرز المسؤول ذاته الإقبال الكبير الذي شهده المستشفى خلال الشهرين المنصرمين٬ بالنظر إلى جودة الخدمات، التي يقدمها الطاقم الطبي والموازي٬ مؤكدا أن كل الساهرين على تأمين الخدمات الصحية أبدوا روحا عالية من التفاني في العمل٬ والرغبة العفوية في المساهمة في تخفيف معاناة سكان القطاع.
وأضاف٬ في هذا الصدد٬ أن أعضاء الوفد الطبي المغربي نجحوا٬ إلى جانب التأمين الكامل للخدمات الصحية اللازمة٬ في نسج علاقات طيبة ليس فقط مع المرضى٬ لكن، أيضا، مع سكان القطاع الذين ثمنوا عاليا هذه الالتفاتة النبيلة والمعهودة من المملكة المغربية.
وأشار البروفيسور حسن إسماعيلي٬ من جهة أخرى٬ إلى أن وفودا عربية وفلسطينية وأجنبية رسمية ومدنية زارت المستشفى الميداني المغربي٬ واطلعت على الخدمات التي يقدمها٬ وعبرت عن تقديرها وإعجابها بهذه التجربة الفريدة التي كان لها بالغ الأثر في نفوس الفلسطينيين٬ بالنظر إلى الحاجة الملحة لمثل هذه الخدمات٬ بعد توقف العمليات العسكرية الإسرائيلية على القطاع٬ وعجز المؤسسات الاستشفائية المحلية على استيعاب الكم الهائل من الجرحى٬ بالنظر لما لحقها هي، أيضا، من دمار وعدوان.
وقال إن المسؤولين الفلسطينيين كشفوا٬ خلال زياراتهم للمستشفى٬ الحاجة الملحة لمثل هذا النوع من الدعم٬ وهو ما يعكسه الإقبال المكثف واليومي على مختلف مصالح المستشفى من لدن المرضى طيلة فترة اشتغاله.
وفي سياق ردود الفعل المسجلة عن هذه المبادرة المغربية٬ قال وزير الصحة في حكومة حماس (المقالة)٬ مفيد محمد المخللاتي٬ إن المستشفى يشكل دعما إيجابيا للقطاع الصحي في غزة٬ الذي يعرف نقصا وعجزا في الخدمات الصحية حتى قبل العدوان٬ معبرا عن تقديره لهذه الخطوة التي أعلن عنها حتى قبل انتهاء العدوان الغاشم، الذي خلف استشهاد 147 شخصا وجرح أزيد من 1200 آخرين.
وأشار المسؤول ذاته إلى أن هذا الوضع حتم وجود عرض كبير في الخدمات الاستشفائية لتفادي ما هو أسوأ٬ مذكرا أن هذه الالتفاتة تمت بتوجيه مباشر من صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ واستقبلها أهالي القطاع بامتنان وترحيب كبيرين.
أما اللواء سليم البرديني٬ أمين سر اللجنة المركزية للجبهة العربية الفلسطينية٬ أحد فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وعضو المجلس المركزي للمنظمة٬ فقال٬ من جهته٬ إن هذه المبادرة كانت مألوفة من بلد مثل المغرب الذي كان السباق لنصرة القضية الفلسطينية منذ عقود خلت.
وعبر البرديني عن شكره لجلالة الملك محمد السادس وللشعب المغربي٬ موضحا أنه في كل المناسبات منذ 1948 لم يدخر المغرب جهدا في الدفاع عن فلسطين "التي ارتوت أرضها بدماء طاهرة لجنود مغاربة وامتزجت بالدم الفلسطيني من أجل الدفاع عن القدس وهو ما كان أيضا في الجولان".
من جانبه، عبر فيصل أبو شالة٬ عضو المجلس التشريعي الفلسطيني وعضو المجلس الثوري لحركة (فتح)٬ عن سعادته لهذه المساعدات التي خففت من معاناة الشعب الفلسطيني جراء الحصار والقصف٬ مؤكدا أن مثل هذه المبادرات أضحت مألوفة من المملكة المغربية التي دأبت على الوقوف إلى جانب الفلسطينيين في ظروفهم الصعبة.
وذكر أن لجنة القدس عملت منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني٬ وحتى اليوم على نصرة المسجد الأقصى٬ والتصدي لمحاولات تهويده وطمس معالمه٬ فضلا عن انخراط بيت مال القدس في مشاريع تنموية وإنسانية في كل فلسطين.
وبالنسبة إلى محمد هاشم أبو العينين٬ المستشار لدى جمعية الهلال الفلسطيني٬ فعبر عن ارتياح الأطباء وسكان القطاع لهذه المبادرة٬ مذكرا بأن الوفد الطبي المغربي الذي زار غزة سنة 2009، ترك صدى طيبا وواسعا لدى السكان٬ وساهم بشكل كبير في التخفيف من معاناتهم.
كما أعرب عن تقديره لهذه الوقفة العربية الأصيلة والمتأصلة في المغرب من أجل مناصرة غزة٬ مبرزا القيمة المعنوية والمادية الكبيرة للمساعدات الإنسانية التي أوفدها المغرب للقطاع.
يذكر أن رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إسرائيل والأراضي العربية المحتلة، جون بيير شيرر، أشاد٬ خلال زيارته للمستشفى٬ بـ"الدعم الكبير" الذي يقدمه المغرب لفائدة الفلسطينيين، والذي تجسد في إرسال مستشفى طبي جراحي ميداني مجهز بأحدث المعدات إلى قطاع غزة.
وقال جون بيير شيرر إن هذا الدعم لا ينحصر فقط في المجال الصحي، ولكن أيضا في مجال التأهيل النفسي والمعنوي، مبرزا أنه لامس عن قرب هذا الدعم والمساعدة من لدن المملكة المغربية.
وسجل رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إسرائيل والأراضي العربية المحتلة، الإقبال المكثف الذي يسجله المستشفى الميداني المغربي، الذي أقيم بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، للتخفيف من معاناة الفلسطينيين، موضحا أن المئات من الفلسطينيين تمكنوا، بفضل هذه الوحدة، من تلقي العلاجات اللازمة في مختلف التخصصات، سواء تعلق الأمر بالمرضى أو الجرحى، وأضاف أنه من المهم بالنسبة للفلسطينيين، الذين اجتازوا مرحلة غاية في الصعوبة خلال الأيام الأخيرة، أن يكون بإمكانهم تلقي علاجات سريعة وذات جودة عالية وبالمجان.
يذكر أن المستشفى الطبي والجراحي الميداني المغربي بغزة قدم خدمات طبية لفائدة المرضى في مختلف التخصصات الجراحية٬ خاصة جراحة الدماغ والأعصاب والجراحة الباطنية وجراحة العظام والمفاصل وجراحة الأطفال والجراحة الصدرية٬ بالإضافة إلى وجود أخصائي في الحروق وتخصصات طبية في مجالات الطب الباطني وطب القلب والشرايين والمستعجلات وطب الأنف والأذن والحنجرة وطب العيون.
كما تتوفر هذه الوحدة الصحية والاستشفائية على قسم للنساء والتوليد وآخر للإنعاش وقاعة للعمليات والتخدير ومختبر ومرافق للعلاجات الأولية وقاعات للمستعجلات٬ علاوة على أحدث التجهيزات اللازمة لإجراء الفحوص الطبية والأشعة.
وأشرف على تأمين الخدمات بالمستشفى طاقم طبي وشبه طبي مكون من 92 شخصا٬ من بينهم 26 طبيبا عسكريا من مختلف التخصصات وممرضون وأطر تقنية وموازية وطبيبتان للنساء والتوليد ومساعدتان في التوليد.
(و.م.ع)