وحدة الإحياءقراءة في كتاب

الوثائق المجموعة لابن فتوح تصدر منسوبة لعبد الواحد المراكشي باسم مستعار

صدر كتاب “وثائق المرابطين والموحدين الاقتصادية والاجتماعية” منسوبا إلى المؤرخ عبد الواحد المراكشي من تحقيق وتقديم فضيلة الدكتور حسين مؤنس ط 1 عام 1997، الناشر مكتبة الثقافة الدينية بمصر.

والكتاب خرج في طبعة لا بأس بها شكلا عدد صفحاته 653 صفحة من الحجم المتوسط، وقد قسم إلى قسمين: قسم تقديم [من ص5 إلى ص236] وقسم التحقيق.

إلا أنه جاء يحوي عيوبا فادحة، يتعين التنبيه إليها قياما بواجب النظر ومسؤولية البحث.

 وقبل الكشف عن أهم هذه الأخطاء العلمية الخطيرة أود التذكير بأن النقد إنما هو إجراء منهجي موضوعي تمليه ضرورة التقدم بالبحث وتحسين شروط الإنتاج الثقافي والعلمي.

ولهذا لا يفهمن أن هذه القصاصة موجهة ضد شخص المحقق المعروف بخدماته للتراث التاريخي خصوصا منه المغربي والأندلسي.

على أن هذا لا يعفي د. حسين مؤنس من التبعية لأنه وقع في الأخطاء التي سنذكر بعضها هنا بسبب اقتحامه ميدانا لا يدخل ضمن اختصاصه.

وهذا السلوك تنكره قوانين البحث وتقاليد النظر العلمي وأعرافه، فإن التخصص هو الشرط الأول للإفادة في أي مجال تصنيفا وتحقيقا.

وقد حذر العلماء قديما من افتقاد هذا الشرط تحذيرا شديدا، حيث قال النووي (ت 676ﻫ): “وليحذر كل الحذر أن يشرع في التصنيف من لم يتأهل له، فإن ذلك يضره في دينه وعلمه وعرضه” (المجموع 1/30). وقال في إرشاد طلاب الحقائق: “ثم ليحذر أن يخرج للناس تصنيفه إلا بعد تحريره وتهذيبه وإعادة النظر فيه وتكريره” ص:175.

ولقد كان القدماء صارمين، علميا، في معيار الانتماء العلمي لإحدى التخصصات، وفي هذا الإطار اشترط الإمام الذهبي (ت 748ﻫ) على من أراد أن يصير عالما في علوم الحديث شروطا علمية وخلقية” إدمان الطلب والفحص عن هذا الشأن وكثرة المذاكرة والسهر والتقيظ والفهم مع التقوى والدين المتين والإنصاف والتردد إلى مجالس العلماء والتحري والإتقان وإلا تفعل:

فدع عنك الكتابة لست منها           ولو سودت وجهك بالمداد

(تذكرة الحفاظ ¼).

قدمت هذه النصوص لأعبر بأسف عن أحوال التسيب التي مست حرمة البحث الفقهي المعاصر، والتي جعلت عددا من الباحثين في حقول أخرى من العلوم الإنسانية كالاجتماعيات والفلسفة وغيرهما يخوضون غمار البحث الفقهي ويرسلون الأحكام حول الفقه الإسلامي أو المالكي وحول أعلامه وظواهره المختلفة دون حسيب ولا رقيب.

قراءة وصفية للكتاب

أشير هنا إلى أني سأقتصر في الملاحظة على نقط رئيسية أمهات، جمعتها بعجالة وتركيز بمعية الزميل إدريس السفياني الذي يهتم بنفس الموضوع، وذلك تبعا للمقصود هنا وهو التنبيه الواجب أن يصحب الكتاب بعد صدوره:

  1. شرع المحقق في حديثه عن الموضع بقوله: “قبل الحديث عن وثائق المرابطين والموحدين الاقتصادية والاجتماعية للمؤرخ عبد الواحد المراكشي، نلقي الضوء على هاتين الدولتين بشيء من التعمق والفحص” ص: 5.
  2. وثم تعرض لدراسة العصر: من ص 5 إلى ص 235.
  3. ثم تحدث عن المخطوط في الصفحتين 235 – 2356.
  4. فقرر أن نسبة الكتاب إلى عبد الواحد المراكشي فقال: “والوثائق التي بين أيدينا اختلف في مؤلفها هل هو عبد المالك المراكشي أم عبد الواحد المراكشي” ولم يبين من اختلف في هذا ولا أين ولا أي تفصيل آخر.
  5. إلا أن المحقق عقب بحل سهل للمشكلة، لم يكلفه أي عناء فقال: “وبالبحث عن هذه المشكلة وجدنا أن أسلوب الوثائق ينطبق كل الانطباق على المؤرخ عبد الواحد المراكشي صاحب كتاب المعجب في تلخيص أخبار المغرب” ص: 235، وهكذا حل المحقق مشكلة نسبة المؤلف على صاحبه الحقيقي.
  6. بعد هذا قام المحقق بالترجمة المقتضبة لعبد الواحد المراكشي (في تسعة أسطر).
  7. ثم أكد المحقق بعد هذا أن أحدا لم يذكر هذه الوثائق لعبد الواحد المراكشي، فقال: “وتعد هذه الوثائق من الأشياء المفقودة للمؤلف حيث لم يذكرها المؤلفون والمؤرخون وكتاب السير” ص236.
  8. قال المحقق: “وقد قمت بتصويرها من معهد الدراسات الإسلامية بمدريد (إسبانيا)” ص236.

هذه باختصار الخطوات التي قام بها د. حسين مؤنس للتعريف بالكتاب من الناحية العلمية وتحقيقه والتعريف بصاحبه، ولنا على هذا بعض الملاحظات أجملها فيما يلي:

  1. أنه افتات على الكتاب وصاحبه، فسمى الكتاب تسمية أقرب ما تكون إلى الإثارة الدعائية “وثائق المرابطين والموحدين الاقتصادية والاجتماعية” ولا يوجد في التراث الفقهي الإسلامي كتاب بهذا العنوان لأي فقيه ولا مؤرخ. وكانت الأمانة العلمية تستوجب على المحقق القول، ولو في المقدمة، إن هذا العنوان من وضعه واقتراحه رفعا للإيهام والتلبيس الذي يوقعه مثل هذا الإرسال.
  2. وقع د حسين مؤنس في وهم علمي حيث تعامل مع الوثائق كتراث تاريخي أو أدبي، فقام بتحقيق هذا المخطوط مستعينا ببعض المصادر والأدوات التاريخية والأدبية، وهكذا فقد اعتمد حسب تصريحه في ص635 على 87 مرجعا ومصدرا من المخطوطات والمطبوعات ليس بها من المصادر والمراجع الفقهية إلا كتاب المحلى لابن حزم وهو في الفقه الظاهري كما لا يخفى، لقد غاب عنه أن الوثائق والشروط أو السجلات أو محاضر الأحكام هي تخصيص دقيق من فروع الفقه الإسلامي وفنونه، وله شروط وأدوات وموارد غاية في الدقة والفنية، ولذلك فإن الدارسين يتهيبون من تحقيق تراث الشروط؛ رغم وفرة مصنفاته مخطوطة في الخزانات العامة والخاصة.

لا حظنا أن د.حسين مؤنس لم يستعن بأي مصنف فقهي في الأحكام أو الفتاوى أو النوازل أو الوثائق أو أي متن فقهي مالكي لتحقيق مخطوطه وتصويب تصحيفات النساخ وتحريفاتهم وفك إشكالات الغموض والبتر فيه، مستعيضا عن كل ذلك بالنسخ المجرد للنص والتعليق عليه في الهامش أحيانا بأن عبارات ساقطة أو مطموسة أو غير واضحة؛ مما يعد أقرب إلى عمل النساخ والكتبيين منه إلى عمل المحقق الجاد.

  1. أما أخطر ملاحظة على د. حسين مؤنس فهي أنه لم يحفل بتاتا بالظلام الحالك المحيط بالعلاقة بين المصنف وصاحبه الذي نسبه إليه، فالكتاب كما يقول هو نفسه “اختلف في مؤلفه هل هو عبد الملك المراكشي أم عبد الواحد المراكشي” ولا نعلم من هذا الذي اختلف ولا أين؟ كما أن أحدا لم ينسبه إليه من القدماء إذ “تعد هذه الوثائق، كما يقول المحقق، من الأشياء المفقودة، حيث لم يذكرها المؤلفون والمؤرخون وكتاب السير”.

إن هذه الإشكالات المنهجية الصعبة لم تساو شيئا عند صاحبنا، فقد تجنب ما تفرضه وتتطلبه من عناء في البحث والتحقيق والتمحيص المبني على قواعد صارمة معروفة عند أهل الجهة فاكتفى بالقول: “وبالبحث عن هذه المشكلة وجدنا أن أسلوب هذه الوثائق ينطبق كل الانطباق على عبد الواحد المراكشي” ص235، وهكذا حلت المشكلة، ولا أدري من أفتى المحقق بهذا الحل السحري: ضبط نسبة الكتاب إلى المؤلف بتخامين وأحداس وتذوقات في الأساليب والعبارات اللغوية، لو ارتكب هذا بعض الطلبة لقيل له إن التحقيق العلمي تضبط النسبة فيه بين المؤلف والكتاب أولا وأساسا بالنقل والوثائق التاريخية والشاهد الخبري مع المقابلة والملاحظة والمقابلة وسائر الوسائل المنهجية، وربما دخلت الخطوط والرموز والقرائن التي يرشح بها النص كمساعدات ومرجحات مكملة، أما الفصل الأول فهو النقل والدليل المادي على ذلك، ولم يقل أحد من الدارسين والمهتمين بالتحقيق العلمي نظرا وتطبيقا إن وسيلة الأسلوب تقوم مقام الدليل المادي والمقارنة بين النصوص التاريخية التي تعرضت للمؤلف والمؤلف.

والطامة الكبرى وقاصمة الظهر هو أن عبد الواحد المراكشي المؤرخ توفي سنة 647ﻫ، فمن المفروض أن يكون الكتاب نسخ وتداولته الطبقات ومجالس الدرس بعده أو في عصره على الأقل أي خلال القرن السابع أو الثامن الهجريين.

بيد أن هذا الكتاب الذي حققه د. حسين مؤنس جاء في خاتمته ذكر لوقت نسخه من طرف النساخ “وذلك يوم الاثنين من شهر رمضان المعظم من سنة أربع وثلاثين وخمسمائة” انظر ص: 634، أي قبل مولد عبد الواحد المراكشي ب 50 عاما، فكيف يمر د. مؤنس بهذه الجملة من الكتاب دون أن يهتز حسه النقدي لدلالتها الصارخة وتصريحها البين أن الكتاب ليس لعبد الواحد المراكشي كما وهم.

تصحيح نسبة الكتاب إلى صاحبه

والكتاب المذكور الذي حققه حسين مؤنس تحت عنوان وثائق المرابطين والموحدين منسوبا لعبد الواحد المراكشي؛ تبين بعد أن قابلناه بكتب الوثائق المخطوطة أنه جزء مبتور من كتاب الوثائق المجموعة لابن فتوح أبي محمد عبد الله بن فتوح بن موسى البنتى (ت 460).

والقرينة التي دلتنا على الكتاب هي قرينة فقهية: إذ قد ورد في آخر الكتاب قول المصنف: “… محمد بن أحمد بن العطار وأحمد بن سعيد بن الهندي وموسى بن أحمد الوتد بتمام السفر…” ص: 634. ووجه هذه القرينة أن هؤلاء: ابن العطار (ت 399) وابن الهندي (ت 399) وموسى الوتد (ت 377) ومعهم ابن أبي زمنين (ت 399) صنفوا أمهات كتب الوثائق بالأندلس خلال القرن الرابع، فجاء بعدهم محمد بن عبد الله بن فتوح فجمع هذه الكتب في مؤلف سماه الوثائق المجموعة، قال القاضي عياض (ت 544ﻫ) معرفا به: “وهو تأليف مشهور مفيد جمع فيه أمهات كتب الوقائع وفقهها” ترتيب المدارك 8/166.

إذن الكتاب المحقق هنا تحت عنوان وثائق المرابطين والموحدين “منسوبا لعبد الواحد المراكشي”، هو طرف من الجزء الأول من الوثائق المجموعة لابن فتوح مبتورا منه القسم المتعلق بالأنكحة وبعض مسائل المعاملات المالية (حوالي 38 صفحة من مخطوط الكتاب الموجود بالخزانة العامة بالرباط.

  1. وقد انبنى على هذا وقوع أخطاء فادحة وكثيرة جدا في النص المحقق سببها عدم المقابلة بنسخ أخرى للمخطوط، وكذا عدم المعرفة ببعض المصطلحات الفنية لعلم الوثائق والشروط والأحكام، ولن نتعرض لتفاصيلها حيث إن إسناد الكتاب إلى صاحبه غير صحيح من الأساس، فإذا سقط الأصل سقط الفرع توابعه.

الأخطاء في التراجم والأعلام

فقد وقع المحقق في أخطاء قبيحة جدا نجمت عن عدم معرفته بالمذهب المالكي وأعلامه المشارقة والمغاربة، وهكذا:

  1. فقد ورد في ص: 255 من النص المحقق: “وهذا القول أقيس بالقول الأول العمل قاله أحمد بن سعيد “فقام المحقق بالترجمة لأحمد بن سعيد بن حزم الصدفي (ت 350ﻫ) وهذا ليس صحيحا إنما الصواب أنه أحمد بن سعيد بن إبراهيم الهمذاني المعروف بابن الهندي (ت 399ﻫ) الذي وصفه أبو مروان بن حيان بأنه “كان واحدا في علم الشروط ولا نظير له… وله فيها كتاب جامع… عليه اعتماد الحكام والمفتين وأهل الشروط بالأندلس والمغرب” ترتيب المدارك 7/147.
  2. وورد في ص 244: “وروى مطرف وغيره عن مالك…” فقام المحقق بالتعريف والترجمة لمطرف بن عيسى الألبيري المؤرخ (ت 356ﻫ)، وهذا خطأ بل المقصود لدى المؤلف هو مطرف بن عبد الله الهلالي من الطبقة الوسطى من تلامذة مالك (ت 220ﻫ) المشهور في رواة الفقه عن مالك وحملة علمه. ترجمته في ترتيب المدارك 3/133.
  3. وورد في ص: 271: ” قال محمد بن عبد الله: المرأة الغائبة…” فقام المحقق بالترجمة لأبي بكر بن العربي المعافري صاحب أحكام القرآن والعواصم والأحوذي وغيرها (ت 543ﻫ) وليس به إنما المقصود محمد بن عبد الله بن أبي زمنين المري صاحب المنتخب والمغرب والوثائق وغيرها (ت 399ﻫ) ترجمته في ترتيب المدارك 7/187.
  4. وورد في ص: 274: “قال محمد بن أحمد: وعلى قول مالك…”فترجم لمحمد بن أحمد بن مطرف الكناني المقرئ (ت 454ﻫ) وهو خطأ وصوابه محمد بن أحمد بن عبيد الله المعروف بابن العطار (ت 399هت) الذي كان فقيها موثقا… حاذقا بالشروط وأملى فيها كتابا عليه معول أهل زماننا اليوم” كما يقول عياض في ترتيب المدارك 7/148.
  5. وورد في ص:280: ” وكذلك رواه ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون” فترجم المحقق لعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون (ت 164ﻫ) وليس به، إنما الصواب هو عبد الملك بن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون (ت 212) الذي كان من تلامذة الإمام مالك وممن تكون على يديه كبار شيوخ المذهب المالكي العراقيين وكان في فقهه بحرا لا تكدره الدلاء كما يقول يحيى بن أكتم ترجمته في ترتيب المدارك 3/136.
  6. وورد في ص: 348: ” وقع في كتاب السلطان من المستخرجة لأشهب وابن نافع…” فقام د. حسين مؤنس بالترجمة لنافع المدني شيخ مالك وهو خطأ بل هو عبد الله بن نافع المشهور بالصائغ وبابن نافع الكبير (ت 186ﻫ) الذي كان “صاحب رأي مالك ومفتي أهل المدنية برأي مالك ” كما يقول عياض في ترتيب المدارك 3/128.
  7. وفي ص: 345 ورد: “وروى علي بن زياد فعرف به تعريفا مبهما فقال: “من علماء المالكية تخرج على يده كبار العلماء والفقهاء” وعلي بن زياد هذا هو العبسي التونسي تلميذ مالك والشيخ الأول لسحنون (ت 186ﻫ) ترجمته في ترتيب المدارك 3/80.
  8. وورد في ص: 290: “قال محمد بن عمر..” فعرف المحقق بمحمد بن عمر بن عبد العزيز الأندلسي الشهير بابن القوطية الأديب (ت 367ﻫ) وليس به إنما الصواب أنه محمد بن عمر بن الفخار الشهير بالحافظ (ت 419ﻫ) صاحب التبصرة في الوثائق وغيرها حيث كان “من المشاورين في الأحكام” ترجمته في ترتيب المدارك 8/286.
  9. والغريب جدا أن هذا الاسم ورد مبينا في سياق آخر فظنه المحقق شخصا آخر، ففي ص: 349 ورد: ” وقال محمد بن عمر بن الفخر…” فقال د. حسين مؤنس معلقا: ” المقصود به الفخر الرازي صاحب مفاتيح الغيب (ت 606ﻫ) مع أن الرازي شافعي المذهب والسياق كله لتقرير أقوال المالكية وأحكام مذهبهم في الأندلس والمغرب.

هذه جملة الملاحظات العلمية على تحقيق د. حسين مؤنس لكتاب وثائق المرابطين والموحدين المنسوب لعبد الواحد المراكشي والذي هو في حقيقته كتاب الوثائق المجموعة لابن فتوح أملنا بها إحاطة الكتاب بما يكشف عن بعض أخطائه، القصد من ذلك تنبيه ونداء لإعادة الحرمة إلى البحث الفقهي واستيفاء الاشتغال فيه حتى تكون رسالته التي يحملها ذات مصداقية لدى العالمين، لأن الناس لا تؤمن بتراث ولا تقتنع به حتى ينتفع به حاملوه ويستحضروا الجودة في أدائهم العلمي من قوله ص: “إن الله كتب الإحسان في كل شيء والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

انظر العدد 12 من مجلة الإحياء

الوثائق المجموعة لابن فتوح تصدر منسوبة لعبد الواحد المراكشي باسم مستعار

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق