مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات عامة

النعمة الكبرى على العالَم بمولد سيد ولد آدم لشهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي (ت974هـ) تعريف وتوصيف

الحمد الله رب العالين والصلاة والسلام على الهادي الأمين وعلى آله وصحابته الكرام البررة، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد؛

فالعلماء رضي الله عنهم ألفوا كتبا كثيرة تتعلق بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، تنوعت بين مطول ومختصر، عرضوا فيها الأحداث والوقائع التي تزامنت مع ولادته الشريفة عليه الصلاة والسلام، والمعجزات الباهرة التي ظهرت مقرونة بها.

 ومن الكتب المختصرة التي ألفت في مولد النبي صلى عليه وسلم: “كتاب النعمة  الكبرى  على العالَم  في مولد سيد ولد آدم لابن حجر الهيتمي. وقد ارتأيت التعريف بهذا الكتاب  وبصاحبه باختصار، ليقف القارئ على فضل النبي صلى الله عليه وسلم، فأقول وبالله التوفيق:

 أولا: التعريف بالمؤلف[1].

هو شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي،  وسمي ابن حجر؛ لأن جده كان ملازما للصمت. أخذ عن جمع كبير من علماء عصره  منهم: شيخ الإسلام  زكرياء الأنصاري، والإمام زين الدين عبد الحق  بن محمد السنباطي. أخذ عنه الفقيه عبد الرحمن بن عمر بن أحمد العمودي، وعبد القادر بن أحمد بن علي الفاكهي.

كان رحمه الله تعالى غزير التأليف، قال عنه تلميذه: السيفي بأن مؤلفاته وصلت 101 تأليفا في غالب الفنون[2].

 ثم قال: “ولم يفتني من مؤلفات شيخنا المؤلف رحمه الله إلا القليل المفقود” [3]

توفي رحمه الله  سنة(ت974هـ).

ثانيا: التعريف بكتاب النعمة  الكبرى  على العالَم  في مولد سيد ولد آدم.

هو كتاب في مولد النبي صلى الله عليه وسلم كتبه صاحبه بنفس صوفي عال، وقد عرف عن مؤلفه الرسوخ في المعارف الإيمانية، والمقامات الإحسانية.

وتناوله رحمه الله في فصلين:

الفصل الأول في بيان مولد النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد بين العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله  فضل مولد النبي صلى الله عليه وسلم  بمجموعة من النصوص منها:

“قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: من أنفق درهما على قراءة مولد النبي صلى الله عليه وسلم كان رفيقي في الجنة”[4].

“وقال عمر رضي الله عنه: من عظم مولد النبي صلى الله عليه وسلم فقد أحيا الإسلام “[5].

“وقال عثمان رضي الله عنه: من أنفق درهما على قراءة مولد النبي صلى الله فكأنما شهد غزة بدر وحنين”[6].

وقال علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه: من عظم مولد النبي صلى الله عليه وسلم وكان سببا لقراءته لا يخرج من الدنيا إلا بالإيمان ويدخل الجنة بغير حساب”[7].

وقال حسن البصري رضي الله عنه: وددت لو كان لي مثل جبل أُحد ذهبا فأنفقته على قراءة مولد النبي صلى الله عليه وسلم[8].

وقال الإمام الشافعي رحمه الله: من جمع لمولد النبي صلى الله عليه وسلم إخوانا وهيأ طعاما، وأخلى مكانا وعمل إحسانا وصار سببا لقراءتة  بعثه الله يوم القيامة مع الصديقين والشهداء والصالحين، ويكون في جنة النعيم”[9].

وقال جلال الدين السيوطي: ما من بيت أو مسجد أو محلة قرئ فيه مولد النبي صلى الله عليه وسلم إلا حفت الملائكة ذلك البيت أو المسجد أو الملحة وصلت الملائكة على أهل ذلك المكان، وعمهم الله تعالى بالرحمة والرضوان”[10].

أما الفصل الثاني تناوله في بيان معجزاته، ومما اختص به صلى الله عليه وسلم.

أظهر الله على يد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم معجزات باهرات وهي لا تكون إلا لنبي مرسل لكافة الناس أجمعين إلى يوم الدين.

قال ابن حجر الهيتمي: “ومعجزاته صلى عليه وسلم باقية مستمرة إلى يوم القيامة، ومعجزات سائر الأنبياء عليهم السلام انقرضت فلم يبق منها إلا خيرها[11].

وعدد رحمه الله مجموعة من معجزاته صلى الله عليه وسلم مستشهدا عليها بأحاديث نبوية وآثار، منها: تسبيح الطعام في كفه المبارك، وتسليم الحجر عليه، وكلام الشجر وسلامها عليها، وحنين الجذع شوقا إليه، ونبع الماء الطهور من بين أصابعه، وتفجير الماء ببركته، وتكثير الطعام القليل بدعائه.

وقال: إن معجزاته صلى الله عليه وسلم أربعمائة معجزة علم بها أكثير الناس، واثنتي عشرة معجزة ببيته[12].

ومما تطرق إليه دلالة أسمائه صلى الله عليه وسلم، فمحمد؛ لأنه محمود عند الله وملائكته،  ونذير لأنه ينذر من النار، وبشير لأنه يبشر بالجنة، وسراج لأنه سراج لأمته، واسمه المرتضى؛ لأن الله تعالى يرضيه يوم القيامة[13].

وأيضا تحدث عن زواج عبد الله بن عبد المطلب بالسيدة آمنة بنت وهب، ومقدار الصداق الذي أمهرها، وبعض الأحداث التي طرأت تزامنا مع حمل آمنة به عليه السلام، واليوم والشهر الذي ولد فيه عليه الصلاة والسلام.

ثم انتقل إلى الحديث عن فضل وثواب الصلاة على النبي صلى عليه وسلم  مستشهدا على ذلك بأحاديث نبوية وأقوال أهل العلم.

وأيضا على فضل قراءة المولد، ومما استشهد به على قراءته ما نصه: “قال بعض العلماء رضي الله عنه: من قرأ مولد النبي صلى الله عليه وسلم في منزل حفت الملائكة ذلك المنزل سنة كاملة إلى ذلك اليوم الذي قرئ فيه مولد النبي صلى الله عليه وسلم”[14].

ثم ختم رسالته  بالدعاء الذي يقال في يوم المولد الشريف[15].

وكتاب “النعمة الكبرى على العالم في مولد سيد ولد آدم” قد طبع عدة طبعات منها:  طبع بمكتبة الحقيقة بتركيا، سنة: 1432هـ 2011م.  وطبع  بمطبعة الاستقامة بالقاهرة، سنة: 1371هـ 1952م، وطبع بدار الكتب العلمية سنة 2001م.بعنوان:  “إتمام النعمة الكبرى على العالم بمولد سيد ولد آدم”.

تنبيه حول نسبة الكتاب لابن حجر الهيتمي: نبه غير واحد من الباحثين على نسبة كتاب النعمة الكبرى لا بن حجر الهيتمي، وما فيها من تضارب، قال محقق نفائس الدرر أمجد رشيد، ما نصه: “صدر قديما سنة 1952م عن مطبعة الاستقامة بالقاهرة كتاب في المولد النبوي، باسم” النعمة الكبرى على العالم بمولد سيد ولد آدم” منسوبا لابن حجر، يجزم الواقف عليه بزيف تلك النسبة، لضحالة مادته العلمية، وغرابته عن أسلوب ابن حجر، ولاسيما وفيه قصيدة : ومن أعجب الأمر هذا الخفا …” من نظم العلامة عبد الغني النابلسي الحنفي (تـ: 1143هـ) في ديوانه (362ـ 367). ثم وقفت على نسخة خطية من كتاب النعمة الكبرى الذي لابن حجر بمكتبة الأحقاف بتريم، إذ هو كتاب علم مما يكتب ابن حجر، وهو المطبوع بدرالكتب العلمية”[16].

وقال خالد السباعي محقق التآليف المولدية: “طبع على الحجر مولد منسوب لابن حجر ولا أظنه له، طبع بخط ميرزا حسين الشيرازي  على نفقة الدباغ زاده إسماعيل أفندي المارديني في غرة جمادى الثانية سنة 1323 هـ في 71 صفحة، وعن هذه الطبعة طبع في قف الإخلاص في تركيا لكن باسم النعمة الكبرى العالم، خطأ. وذكر له في هدية العارفين (1/146) تحرير القيام عند ذكر مولد سيد الأنام”[17].

******************

هوامش المقال:

[1]  النور السافر(ص:390)، وشذرات الذهب(10 /541)، الأعلام(1 /234).

[2]  نفائس الدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر ص: 43_68.

[3]  نفائس الدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر ص: 68.

[4]  النعمة الكبرى(ص: 5).

[5]  النعمة الكبرى(ص: 5 ـ6).

[6]  النعمة الكبرى(ص: 6).

[7]  النعمة الكبرى(ص: 6).

[8]  النعمة الكبرى(ص: 6).

[9]  النعمة الكبرى(ص: 6ـ 7).

[10]  النعمة الكبرى(ص: 7).

[11]  النعمة الكبرى(ص: 10).

[12]  النعمة الكبرى(ص: 11).

[13]  النعمة الكبرى(ص: 10).

[14]  النعمة الكبرى(ص: 28ـ 29).

[15]  النعمة الكبرى(ص: 19).

[16]  نفائس الدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر(ص: 62) الهامش: 3.

[17]  التآليف المولدية في التعريف بما أفرد بالتصنيف في المولد الشريف (ص: 31) الهامش: 4.

**************

جريدة المصادر والمراجع:

-الأعلام  لخير الدين الزركلي الدمشقي. دار العلم للملايين .ط15: 2002 م.

-شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لعبد الحي بن أحمد بن محمد بن العماد العَكري الحنبلي، أبي الفلاح،  تحقيق: محمود الأرناؤوط، دار ابن كثير دمشق بيروت ط1، 1406 هـ ـ 1986 م.

-النعمة الكبرى على العالم في مولد سيد ولد آدم لشهاب الدين بن حجر الهيتمي، ويليه كتاب الجوهر البحار للنبهاني ، ويليهما الحقائق في قراءة مولد النبي عليه السلام،  مكتبة الحقيقة. استانبول ـ تركيا.1432هـ 2011م.

-نفائس الدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر، لأبي بكر بن محمد بن عبد الله باعمر السيفي تحقيق: أمجد رشيد، دار الفتح، الأردن، ط1: 1437 /2016.

-النور السافر عن أخبار القرن العاشر لمحي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله العَيْدَرُوس ، دار الكتب العلمية – بيروت ط1 1405.

التآليف المولدية في التعريف بما أفرد بالتصنيف في المولد الشريف لعبد الحي الكتاني، تحقيق: خالد السباعي. دار الحديث الكتانية، ط1 ،1432هـ ـ 2011م.

راجع المقال الباحث: يوسف أزهار

Science

عبد الفتاح مغفور

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق