مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصةشذور

التشوف إلى مقامات التصوف (11) درر من تفسير ابن جزي الغرناطي (مقام الرجاء)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده

وبعد فهذه درة أخرى من نفائس درر الإمام العلامة أبي القاسم محمد بن أحمد بن جزي الغرناطي المالكي (ت:714) اقتنصت من تفسيره المسمى بـ«التسهيل لعلوم التنزيل» انتزعها الإمام من قوله تعالى: ﴿وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين﴾، [الأعراف:55]؛ محتفيا رحمه الله بالقيد دون المقيد، وبالصفة دون الموصوف؛ لذا آثرنا سلفا التقدمة للمقامين الواقعين صفة بموصوفهما ـ أعني الدعاء ـ؛ سيرا على مساق الآية الكريمة، على ما حرره المفسرون، وأعربه المعربون.

ثم كانت البداءة بما به البدء أولى فقها وأثرا وتعرفا؛ (مقام الخوف والخشية)؛ إذ كان المجلي في الآية، والسابق في الأثر، والمعتبر في مقامات الترقي، وما قرينه ـ أعني مقام الرجاء ـ عند القوم إلا خادم له؛ إذ لولا التشوف إلى سابغ فضله، والصغو إلى واسع رحمته، والاستنام إلى سابل عفوه لتفطرت أكباد الخاشعين خشية إجلال وتعظيم، فبالرجاء يفثأ غليان صدور العارفين، وتبرد حرارة وجدان السالكين؛ لما فيه من مشاهدة اللطف، وملاحظة العطف، وهو مدرك من مدارك التعرف سما بالإنسان على غيره من خلقه سبحانه إلى يفاع التكرمة والتفضيل؛ وعليه يتنزل قول الحق سبحانه:   ﴿لو أنزلنا هذا القرءان على جبل لرأيته خـشعا متصدعا من خشية الله﴾، قال أبو القاسم القشيري: «ليس هذا الخطاب على وجه العتاب معهم، بل هو على سبيل المدح وبيان تخصيصه إياهم بالقوة، فقال: ﴿لو أنزلنا هذا القرآن على جبل﴾ لم يطق ولخشع، وهؤلاء خصصتهم بهذه القوة حتى أطاقوا سماع خطابي»([1])، ومن هذا السبيل حمل الأمانة التي أبتها السماوات والأرض والجبال إباء استصغار لأنفسهن لا استكبار، بدليل قوله تعالى: ﴿وأشفقن منها﴾، وحملها الإنسان بسر ذاك التعرف؛ إذ «المودِع عالم قادر لا يَعرض الأمانة إلا على أهلها، وإذا أودع لا يتركها، بل يحفظها بعينه وعونه، فقَبِلها، وقال: ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾ [الفاتحة: 5]. ([2])  

وآية ما ذكرنا من حال أهل الله في الخوف والخشية لائحة كتابا وسنة وأحوالا، فقد ذكر القرطبي عند تفسير قوله تعالى:﴿ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا﴾، مسائل منها:

 المسألة الأولى- قوله تعالى: ﴿ويخرون للأذقان يبكون﴾ هذه مبالغة في صفتهم، ومدح لهم، وحق لكل من توسم بالعلم وحصل منه شيئا أن يجري إلى هذه المرتبة، فيخشع عند استماع القرآن ويتواضع ويذل، وفي مسند الدارمي أبي محمد عن التيمي قال: ﴿من أوتي من العلم ما لم يبكه لخليق ألا يكون أوتي علما؛ لأن الله تعالى نعت العلماء﴾، ثم تلا هذه الآية([3]).

والمسألة الثانية: قوله تعالى: ﴿يبكون﴾ دليل على جواز البكاء في الصلاة من خوف الله تعالى، أو على معصيته في دين الله، وأن ذلك لا يقطعها ولا يضرها، ذكر ابن المبارك عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال: ﴿أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء﴾([4]). وفي كتاب أبي داود([5]): ﴿وفي صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء﴾([6]) وعن ابن مسعود أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم شطرا من سورة النساء، فإذا عيناه تذرفان([7])، وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله: ﴿ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه﴾([8]) ومن وصيته صلى الله عليه وسلم : ﴿لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين﴾([9]) وفي حديث العرباض بن سارية: ﴿ وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب﴾([10])  وعن تميم الداري رضى الله عنه أنه قرأ هذه الآية : ﴿ أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات﴾ فجعل يرددها إلى الصباح ويبكي .وقال سعد بن الأخرم : «كنت أمشي مع ابن مسعود رضي الله عنه فمر بالحدادين وقد أخرجوا حديداً من النار فقام ينظر إلى الحديد المذاب ويبكي»  وسواها غزير من السنن والآثار وأحوال أهل الله مع الخشية من العظيم القوي، والهيبة من سلطانه وجبروته سبحانه، وفي معناها كالحث على الرهبة، والندب إلى الهيبة، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم:﴿لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع﴾([11]) وفي صحيح البخاري: ﴿لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا﴾ قال الحافظ: «قوله: ﴿لضحكتم قليلا﴾ قيل: معنى «القلة» هنا العدم، والتقدير: لتركتم الضحك ولم يقع منكم إلا نادرا؛ لغلبة الخوف واستيلاء الحزن»([12])

فهذا الذي تبدى لك هـهنا من رجاحة الخشية، وأصالة الخوف دون الرجاء، هو الذي يتنزل عليه كلام القوم في جعلهم الرجاء فرعا عن الخشية، ومبردا للظى الرهبة من ذي الجلال، وبه نفهم قول أبي إسماعيل الهروي: «الرجاء أضعف منازل المريد؛ لأنه معارضة من وجه، واعتراض من وجه، وهو وقوع في الرعونة في مذهب هذه الطائفة إلا ما فيه من فائدة واحدة، ولها نطق باسمه التنزيل والسنة، ودخل في مسالك المحققين، وتلك الفائدة أنه يفثأ حرارة الخوف حتى لا يعدو إلى الإياس» ([13])

وهذا الضعف المشار إليه في قول أبي إسماعيل ليس ذاتيا، بل بالنسبة إلى ما فوقه من مقامات السالكين كالمعرفة والمحبة، والإخلاص، والصدق والتوكل وسواها

وأما «المعارضة» فبين مراد العبد ومراد ربه؛ إذ بالرجاء يريد فضله، ولعل ربه سبحانه يريد به عدله، والحري بالعارف الفناء في مراد المحبوب عن مراده فضلا أو عدلا، وإليه إشارتهم بقول ابن عطاء الله: «ربما أعطاك فمنعك، وربما منعك فأعطاك».

وأما وجه «الاعتراض» ففي تخلف مطلق مراده أو كماله؛ إذ بالرجاء يرنو ـ كما سلف ـ إلى مطلق الفضل أو تمامه، وفي تخلفه يقع نوع اعتراض. وليس يليق بالعارفين، ولا هو ديدن السالكين ناهيك عن أهل الله الواصلين

والظاهر أن التشوف إلى الفضل والإفضال من صاحب الأفضال مع كمال التسليم بالقدر عند القضاء لا يستلزم معارضة ولا اعتراضا ـ والله أعلم ـ

على أن شيخ الإسلام أبا حامد الغزالي رحمه الله قضى في الإحياء بفساد المراجحة([14])؛ لانفكاك جهتي الخوف والرجاء من حيث كونهما وسيلة للوصول؛ إذ «كل ما يراد لمقصود ففضله يظهر بالإضافة إلى مقصوده لا إلى نفسه، والخوف والرجاء دواءان يداوى بهما القلوب، ففضلهما بحسب الداء الموجود، فإن كان الغالب على القلب داء الأمن من مكر الله تعالى والاغترار به فالخوف أفضل، وإن كان الأغلب هو اليأس والقنوط من رحمة الله فالرجاء أفضل، وكذلك إن كان الغالب على العبد المعصية فالخوف أفضل..»؛ ولهذا قال: «اعلم أن الأخبار في فضل الخوف والرجاء قد كثرت، وربما ينظر الناظر إليها فيعتريه شك في أن الأفضل أيهما؟ وقول القائل: الخوف أفضل أم الرجاء؟ سؤال فاسد يضاهي قول القائل: الخبز أفضل أم الماء؟ وجوابه أن يقال: الخبز أفضل للجائع، والماء أفضل للعطشان، فإن اجتمعا نظر إلى الأغلب فإن كان الجوع أغلب فالخبز أفضل، وإن كان العطش أغلب فالماء أفضل، وإن استويا فهما متساويان»([15])؛ ولهذا كانا بمثابة جناحي([16]) الطائر لا يطير السالك إلا بهما، ولا يروم العارف الوصول إلا من خلالهما، فالخوف بلا رجاء يأس وقنوط، و﴿ لايايئس من روح الله إلا القوم الكـفرون﴾[يوسف:87]، والرجاء بلا خوف أمن من مكر الله ﴿فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون﴾ [الأعراف: 98]

والحاصل أن الرجاء من جملة مقامات السالكين، وأحوال الطالبين، وسبيل أفيح للمرتقين، «ولو فارقه  العارف لحظة لتلف أو كاد؛ فإنه دائر بين ذنب يرجو غفرانه، وعيب يرجو إصلاحه، وعمل صالح يرجو قبوله، واستقامة يرجو حصولها ودوامها، وقرب من الله ومنزلة عنده يرجو وصوله إليها، ولا ينفك أحد من السالكين عن هذه الأمور أو بعضها»([17]) فهو من أجل المقامات، وأعلاها وأشرفها، وعليه وعلى الحب والخوف مدار السير إلى الله، وهي التي قررها سبحانه، ممتدحا أنبياءه بذلك في قوله تعالى: ﴿أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه﴾ [الإسراء: 57] والمعنى: فهؤلاء الذين عظمت منزلتهم ـ وهم الأنبياء ـ لا يخشون إلا الله، ولا يرجون سوى رحمته، ولا يبتغون القرب إلا بمحبته وعبوديته، فالاقتداء بهم خليق، والتأسي بمقامهم حقيق،([18]) ﴿لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا﴾ [الأحزاب: 21].

والرجاء ـ كما ذكر أبو القاسم ابن جزي ـ على أنواع ثلاثة: محمود ومكروه وحرام مرذول:

1- فأما الأول فما فيه تشوف إلى فضل ذي الأفضال، واستدرار لرحمة ذي الجلال، واستنزال لأنعم المتعال بفعل الطاعات واجتناب المنهيات، وهو المراد بقول أبي إسماعيل: «رجاء يبعث العامل على الاجتهاد، ويولد التلذذ بالخدمة، ويوقظ الطباع للسماحة بترك المناهي» فهذه شرائطه الثلاث: أولها أن يكون باعثا على الاجتهاد، إذ الراجي النوال من المحبوب يهون عليه بذل المهجة فناء في المرغوب، وإلا فهو مدع كذوب، عن عائشة رضي الله عنه قالت:  كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال : ﴿ أفلا  أحب أن أكون عبدا شكورا..﴾ ([19]) قال ابن بطال: «فمن عظمت عليه نعم الله وجب عليه أن يتلقاها بعظيم الشكر، لاسيما أنبياءه وصفوته من خلقه الذين اختارهم»([20])

والشرط الثاني: أن يكون هذا الجهد في التعبد على سبيل من التلذذ؛ فمناجاة المرغوب المحبوب، ومشاهدة سوالف أمداده، ومطالعة متواتر ألطافه، تلذ الخدمة، حتى تصير المشاق في جنبها ملاذ، وهو معنى الفناء عند القوم، ويدل عليه ما سلف من تفطر قدميه الشريفتين صلى الله عليه وسلم.

والشرط الثالث: أن تورث مطالعة أنعم الله، والاستلذاذ بمناجاته سبحانه طباعا تأنف المرذول وتكرهه، وتجنف عن الخبيث وتمقته، فبالرياضة ارتاضت النفوس المطايب، وتناءت بفعل التكرار والتعود عن المعايب، وهو من معنى قوله تعالى: ﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾ [العنكبوت:45]

2- وأما المكروه فرجاء في تفريط: يرجو الرحمات مع تقصير في الطاعات، وولغ فاحش في المحرمات، وتلك أماني لا طائل من ورائها، ولعله المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: ﴿الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني﴾([21]) ، فالكيس الحاذق يتهم نفسه، ويعمل لما بعد الموت، والعاجز المقصر يُتبع نفسه لهواها بحيث لا يكفها عن شهوة، ولا يقمعها عن لذة؛ عجزا وتهاونا واستمراء، ثم يتمنى الأماني الفارغة، «فهو مع تقصيره عن طاعة ربه، واتباع شهوات نفسه، لا يستعد ولا يستر، ولا يصدر ولا يرجع، بل يتمنى على الله العفو والجنة مع الإصرار وتركه التوبة والاستغفار»([22])، قال ابن عطاء الله في حِكَمه: «الرجاء ما قارنه عمل، وإلا فهو أمنية».

3- وأما المرذول الحرام فهو أن «يقوى الرجاء حتى يبلغ الأمن»، فاسترسال العبد في المعاصي، واستنكافه بالكلية عن الطاعات؛ اتكالا على واسع رحمته سبحانه، وسابغ عفوه، قلب لحقائق النظام والتشريع، واستهانة بشرع الله، وأمنٌ من مكره سبحانه، ولهذا بالغ الحنفية إذ جعلوه كفرا، ([23])، وتوسط الجمهور فعدوه في كبائر الذنوب؛ لما روي عن ابن عباس ـ رغم دلالة الاقتران؛ لضعفها ـ أن النبي صلى الله عليه سئل ما الكبائر؟ فقال: ﴿الشرك بالله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله﴾([24])، ولما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: الكبائر الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله..» ([25])، والنجاء أن يكون العبد بين الخوف والرجاء، فلا يشتط به الخوف حتى ييأس من رحمته، ولا يمنيه الرجاء حتى يأمن من مكره، وآية ذلك إدئاب المهجة في عمل الخير واجتناب الشر. ([26])  قال ابن عطاء الله: «إذا أردت أن يفتح لك باب الرجاء فاشهد ما منه إليك، وإذا أردت أن يفتح لك باب الخوف فاشهد ما منك إليه».

وأما الناس فهم في الرجاء على درجات ثلاث:

أولاها: رجاء الثواب على العمل، وهو بالسائرين أليق، وبالسالكين أومق؛ لما فيه من رعونة المعاوضة التي يأباها العارفون، ويشنؤها الخلص من أصفياء الله الواصلون

وثانيتها: رجاء الرضوان؛ وهو مقام الواصلين، والمصطفين من عباده المخلصين، وفي شأنهم نزل قوله سبحانه: ﴿وسيجنبها الاتقى الذي يوتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى﴾ [الليل:17..21]  والمعنى: لا يؤتي ماله مكافأة على هدية أو نعمة سالفة، بل يفعل ما يفعل لطلب الرضى من الله من غير أن يشوبه طمع فيما يؤول إلى رغبة في ثواب، أو رهبة في عقاب، ولسوف يرضى الله عنه([27])، وذاك مقام أعز وأجل من سالفه..

وثالثتها: «رجاء أرباب القلوب، وهو رجاء لقاء الخالق الباعث على الاشتياق، المبغض المنغص للعيش، المزهد في الخلق». وهو «محض الإيمان وزبدته، وإليه شخصت أبصار المشتاقين؛ ولذلك سلاهم الله تعالى بإتيان أجل لقائه، وضرب لهم أجلا يسكن نفوسهم ويطمئنها..» ([28]) وفي الأثر: ﴿..اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك..﴾([29])

وأعظم ما يكون الشوق يوما ** إذا دنت الخيام من الخيام

وإلى درة أبي القاسم رحمه الله قال: ﴿وادعوه خوفا وطمعا﴾ جمع الله الخوف والطمع ليكون العبد خائفا راجيا، كما قال الله تعالى: ﴿يرجون رحمته ويخافون عذابه﴾ [الإسراء: 57] فإن موجب الخوف معرفة سطوة الله وشدة عقابه، وموجب الرجاء معرفة رحمة الله وعظيم ثوابه، قال تعالى: ﴿نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم، وأن عذابي هو العذاب الأليم﴾ [الحجر: 49- 50] ومن عرف فضل الله رجاه، ومن عرف عذابه خافه، ولذلك جاء في الحديث: ﴿لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا﴾([30]) إلا أنه يستحب أن يكون العبد طول عمره يغلب عليه الخوف؛ ليقوده إلى فعل الطاعات وترك السيئات، وأن يغلب عليه الرجاء عند حضور الموت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم ﴿لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى﴾([31]) ..

والرجاء على ثلاث درجات:

 الأولى: رجاء رحمة الله مع التسبب فيها بفعل طاعة وترك معصية فهذا هو الرجاء المحمود

 والثانية: الرجاء مع التفريط والعصيان فهذا غرور.

 والثالثة: أن يقوى الرجاء حتى يبلغ الأمن، فهذا حرام.

والناس في الرجاء على ثلاث مقامات:

 فمقام العامة رجاء ثواب الله.

 ومقام الخاصة رضوان الله.

 ومقام خاصة الخاصة رجاء لقاء الله حبا فيه وشوقا إليه.

ن التسهيل لعلوم التنزيل للإمام أبي القاسم الغرناطي:2/604..


([1]) ن لطائف الإشارات: 3/566

([2]) مفاتيح الغيب للفخر الرازي:25/188

([3]) ن مسند الدارمي: 1/146.

([4]) ن الترغيب والترهيب للمنذري: 1/250.

([5]) سنن أبي داود: ح 904.

([6]) ن الجامع لأحكام القرآن: 10/341

([7]) البخاري: ح 5050 ومسلم: ح 800

([8]) البخاري: ح 660 ومسلم: ح 1031.

([9]) البخاري: ح 3380 ومسلم: ح 2980.

([10]) سنن الترمذي: ح 2676 وأبي داود: ح 4607.

([11]) الترمذي: ح 1633، والنسائي: ح 3108.

([12]) ن فتح الباري: 2/531.

([13]) ن منازل السائرين:34، وانظر للتوسع في شرحه المدارج، فقد أفاض:2/39

([14]) رغم قوله: «اعلم أن العمل على الرجاء أعلى منه على الخوف؛ لأن أقرب العباد إلى الله تعالى أحبهم له، والحب يغلب الرجاء..». ن الإحياء: 4/144.

([15]) إحياء علوم الدين:4/164.

([16]) قال أبو علي الروذباري: «الخوف والرجاء كجناحي الطائر إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه، وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص، وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت» ن المدارج:2/37.

([17]) ن مدارج السالكين:2/43.

([18]) ن مفاتيح الغيب:20/358، والمدارج:2/36.

([19]) صحيح البخاري: ح 4837

([20]) شرح ابن بطال: 3/364.

([21]) سنن الترمذي: ح 2459.

([22]) ن التنوير في شرح الجامع الصغير:8/269.

([23]) ن روح المعاني للآلوسي: 5/13.

([24]) ن الدر المنثور للسيوطي: 4/367

([25]) ن مجمع الزوائد للهيثمي:1/109

([26]) ن مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للمباركفوري:7/ 383.

([27]) ن مفاتيح الغيب:31/189.

([28]) ن المدارج:2/54.

([29]) ن  مسند الإمام أحمد: ح 18351، وسنن النسائي: ح 1305.

([30]) لا يصح مرفوعا. ن المقاصد الحسنة للسخاوي:412.

([31]) صحيح مسلم: ح 2877.

د. عبد الهادي السلي

  • باحث بمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق