اللغةُ العربيةُ و”تَرميز قَواعد الوُلوج في عالَم التقنيّات الجَديدَة”
حاجةُ اللغة العربيّة وما يَدور حولَها من معارفَ إلى مواكَبَة العصر في الوسائل والأدوات والمناهج لكي يكونَ لها حضور مؤثّر وانتشار واسع في العالَم. والحقيقَة أنّ تبليغَ العلم بالوَسائل الحديثَة يضمنُ سرعةَ وصول المعلوماتِ وحلَّ المُشكلاتِ واختصارَ المسافاتِ والأزمنَة. ولا يَعني ذلك أننا استغنينا عن تبليغ العلم بالكتاب، كلاّ، فالكتابُ أصلٌ في نقل المعرفة الأكاديميّة الرّصينَة؛ ومَرجعٌ مُعتَمَد عند الاختلاف، ولكن حانَ الوقتُ لاستعمال الوسائل التقنيةِ الحَديثَةِ، والذي لاحظتُه من قوّة استعمال الوسائل الحديثَة أنّ اللغة اللعربيةَ استفادَت من هذا الوضع الجديدِ، استفادَت طرُقًا وأساليبَ جديدةً في الصياغة والتركيب، كانَ لها أثرٌ بليغٌ في النّهوضِ باللغةِ العربيّة في العُلوم والإعلام والتّواصُل –في عالَم كَثيفٍ مُتغيّر سريعِ التّطوّر وفي ظلِّ الفجوة الرّقميّة- وما زلنا نأملُ أن تدخلَ العربيّة في مُحاورَةِ اللغات الحيّةِ الأخرى الأكثرِ استعمالاً في المجالِ التّداوليّ الفكريّ والعلميّ العالَميّ، وأخصُّ بالذّكرِ اللغةَ الإنجليزيّةَ التي تفوّقَت في مَيدان ابْتكارِ البَرمجيّات وفي ميدان الاختزالِ، والاختزالُ شرطٌ حاسمٌ من شُروطِ إدماجِ اللغاتِ في سياق التّطوّرِ والتواصُل السريع، لأنّه يُتيحُ ابتكارَ الاصطلاحاتِ والرموزِ والصّيغِ المختصِرَة.
أقولُ على العربيّة أن تخوضَ غمارَ الانتشار على الشبكَة وأن يكونَ لها "محتوى علميّ مفيدٌ"؛ إذْ لم يَعُد من المناسِبِ النّظرُ إلى اللّغاتِ على أنّها نَسَقٌ مُغلقٌ ونظامٌ مكتملٌ لا يقبلُ التطورَ ولا التّغييرَ، بل ينبغي التّسليمُ بأنّ عصرَ الإعلامياتِ فرضَ على اللغاتِ –ومنها اللغة العربيّة- أن تُواكبَ العَصرَ، وأن تَتَوافَقَ وشُروطَ توليدِ المعرفَة الجديدَة أو نَقْلها من ثقافاتٍ أخرى، وفُرضَ على اللغاتِ أيضاً تقويةُ النّظامِ الرّمزيّ للغةِ الذي يسمحُ بتوليدِ علاقاتٍ جديدةٍ بينَ الدّالّ والمدلول، وهو ما يُسميه الباحثونَ بــ: « تَرميز قَواعد الوُلوج في عَوالم التقنيّات الجَديدَة، في المعلوماتِ والمعرفَة » ، وبإنتاج الرموز وتداولها. فتأثرَ نظامُ القراءَة والبَحث عن المَعلومَة، وآنَ الأوانُ لتنشئةِ الجيل العربيّ الجديد على هذا الوضع العلمي الإعلامي القرائي الجَديد