مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةدراسات عامة

العلامة سيدي صالح بن عبد الله الصالحي رحمه الله وجهوده لإثراء الحركة العلمية

د.خالد بن أحمد صقلي

جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية الآداب والعلوم الإنسانية. ظهر المهراز فاس- المغرب

    إنه لمن دواعي افتخاري -بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لوفاة أحد فحول علماء سوس- أن أسهم في تسليط بعض الضوء على علَم العلماء بحاضرة سوس العالمة، والذي ستظل حياته العلمية والعملية صفحة من صفحات السجل الذهبي الذي يفتخر به المغرب على شاكلة العلماء المغاربة رحمهم الله، الذين أبلوا البلاء الحسن في خدمة أبواب من الثقافة المغربية، وظل وسيظل نجما ساطعا في سمائها.

     وإن العلامة سيدي صالح بن عبد الله الصالحي رحمه الله، يعد أحد الرواد الذين أسهموا بامتياز كبير في إغناء حقل المعرفة التاريخية، في مختلف العلوم العقلية والنقلية خاصة المرتبطة بالقرآن الكريم، والعلوم الشرعية من فقه وسنة وحديث، ولعل تربيته في بيت أسرة سليلة العلم، ومساره التربوي والتعليمي بالمدارس العتيقة بسوس، أهّله ليكون قبلة لطالبي العلم ومبتغيه، وقد تخرجت على يديه أفواج كبيرة من الطلبة منذ سنة 1945.

شيوخه ودراسته

    ولد الشيخ العلامة الحافظ سيدي صالح بن عبد الله بن محمّد بن عبد الله بن صالح بن عبد الله بن صالح الإلغيّ الصّالحيّ السّوسيّفي داخل أسرة اشتهرت بالريادة الصوفية والتضلع في مختلف العلوم العقلية والنقلية، يوم 14 ربيع الثاني[1] من سنة 1343هــ/ الموافق لأواسط نونبر 1924م، بقرية دُّوكادير بإلْغ، فوالده هو العلامة المتمكن والأديب الحافظ سيدي عبد الله بن محمد الصالحي الإلغي[2]، الذي ذاع صيته بحاضرة سوس، وعرفت به مدرسة أيمور[3]، التي كان يؤمها الطلبة من كل حدب وصوب للتفقه في أمور الدين والتضلع في علومه، وجدّه هو العلامة الفقيه سيدي محمد بن عبد الله الصالحي[4] مؤسس المدرسة الإلغية عام 1297هـ/1879م[5].

     وقد افتتح العلامة سيدي صالح الصالحي مسيرته العلمية شأنه في ذلك شأن كل الأطفال في سنه، بحفظ القرآن الكريم بمسقط رأسه على يد ثلاثة من كبار العلماء السملاليين آنذاك، وهم: العلامة محمد بن محمد الطالبي، والعلامة محمد أولحسن تيدليو، لكن أكثر من أثر فيه منهم بشهادته وترك بصمته في طريقة حفظه وتلاوته وتجويده للقرآن الكريم، كان العلامة عبد الله أوحمد الطالبي.

   ليلتحق بعد ذلك بالمدرسة الوفقاوية[6] منتصف سنة 1354هـ/1935م، ويتتلمذ على يدي العلامة الأديب سيدي أحمد ابن الحاج محمد اليزيدي[7]، ويحظى بفرصة المشارطة[8] في هذه المدرسة بعد شيخه العلامة اليزيدي، كما واظب على الحضور مدة سنة كاملة على مجلس العلامة سيدي أحمد بن محمد الأهريبي، وفي المدرسة الجشتيمية[9] درس ثانية على يد شيخه العلامة أحمد اليزيدي، وتخرج على يديه قبل وفاته رحمه الله سنة (1364-1365هـ/1945-1946م)، ليصبح على شاكلة علماء أسرته، وعلى نهج شيوخ من كبار العلماء العاملين المتقنين لمختلف العلوم الشرعية.

     وبسيره على نهج  أسلاف أسرته وشيوخه في تلقين العلم وتدريسه وتدارسه، أثبت ما قاله  في حقه مؤرخ سوس العالمة العلامة سيدي محمد المختار السوسي رحمهم الله: “… وقد جالست المترجم وناقشته وجاذبته في مباحثات، فرأيت من نجابته ما حقق به أنه ابنُ أبيه الفذُّ الخِنْذِيذ[10]…”[11].

مشارطته بالزوايا السنية وإسهامه في إثراء الحركة العلمية بمدارس التعليم العتيق

     بعد مسار حافل استكمل فيه تكوينه العلمي في مختلف العلوم العقلية والنقلية، ووسع مداركه في المعارف الرائجة في سوس العالمة على وقته، ولى وجهه شطر المشارطة، ليبدأ مسارا جديدا في حياته؛ وهو مرحلة التعليم والتدريس والعطاء العلمي، وقد تميزت دروسه وحلقاته العلمية وكراسيه بكثرة الإقبال عليها من قبل طلبة العلم، سواء بالزوايا أو بالمدارس، ومن المدارس التي مارس فيها المشارطة والتدريس رحمه الله، نذكر:

 

لائحة بأسماء الزوايا ومدارس التعليم العتيق التي درس فيها العلامة سيدي صالح الإلغي رحمه الله[12]

     وبتفحص سريع وشامل لهذه التواريخ والمدارس العتيقة التي ما انفك العلامة الفقيد سيدي صالح رحمه الله يُسهم في انتشار إشعاعها، وفي إثراء الحركة العلمية بها، بتضلعه في علوم القرآن قراءةً وإقراءً، ودرسا وتدريسا، بكتابته ورسمه نقطا وشكلا ووقفا، واعتناء بقواعد تجويده وضبطه، رسما وأداء وقراءة، إلى جانب توسع مداركه في العلوم الأدبية والفقهية، وذيوع موسوعيته في العلوم العقلية والنقلية. كما يلاحظ القارئ أنه رحمه الله لم ينقطع عن التدريس والمشارطة في المدارس الكبرى بسوس منذ كان في سن العشرين؛ أي حوالي سنة 1363هـ/1944م، ولمدة 48 سنة متصلة، فالمدارس الإثنى عشر التِي تخرج منها يشارط فِيها في نفس سنة تخرجه منها، ويعود بين الفينة والأخرى لإحداها هنا أو هناك؛ كالمدرسة الوكاكية والإغشانية، مما يدل يقينا على محبة الناس والطلبة له، وعلى رغبته الجامحة في نشر مختلف العلوم والمعارف بحواضر سوس العالمة، والأكثر من هذا وذاك هو صفاء سريرته ونبل أخلاقه، وعلى الرغم من أنه ومنذ بداية التسعينات اعتزل المشارطة جملة وتفصيلا، إلا أنه ظل قريبا من منابع العلم؛ فإلى جانب عمله في المدرسة الحسنية العتيقة بتزنيت من 1996 إلى سنة 2009، أصبح بفضل اجتهاده وجده وموسوعيته العلمية من أبرز أساتذة الكراسي العلمية بحاضرة تيزنيت، والتي تربع عليها من سنة 1994 إلى سنة 2014، فكان من أجَلِّ علماء مجلسها العلمي وهيئة الإفتاء بها، كما أنه في هذه المرحلة العمرية من حياته عاد إلى شغفِه الأول، فاتجه إلَى التأليف والتقييد، ورمَّم وصنف أغلب مؤلفاته المطبوعة حاليا، كما أطلَق العِنان لقلمِه لتخطيط مؤلفات جديدة، كانت نتاجا لمِراسِه في دروب العلم، إلا أنها لم يُكتب لها النشر قيد حياته رحِمه الله.

     ولقد تأثر في منهجه التدريسي في مختلف فنون العلوم بثلة من فحول شيوخه؛ خاصة والده العلامة سيدي عبد الله الصالحي الذي كان عمدته وداعِمه ومُجيزه في درب العلم، وهو الأمر الذي أشار إليه العلامة سيدي المختار السوسي الذي قال في هذا الصدد: “… ثمّ كانت المذاكرات التي لا تنقطع في حضرة والده أكبر مشحّذ لصارمه، حتى صار قاطعا لا نظير له في حلبته الإلغيّة…”[13]، وهي منهجية تعتمد على بسط النص وتحليل الشرح، مع الحرص على صفاء اللغة وسلاسة التعبير حرصا كاملا، يلتزم فيه بالبعد التام عن الغموض والشرح المطنب المعقد لمتن النص، ولم يكن يخفي ارتيابه اتجاه الرواة والنساخ الذين كثيرا ما كانوا يحرفون عمدا أو خطئا النص الأصلي وبعض ألفاظه ومفاهيمه، ويعطونه أبعادا مغايرة؛ إما شكلا أو نقطا أو تعبيرا، وهو ما يعني قمة اجتهاده في تخريج النص وإيصاله بمدلوله الأصلي، دون التقيد بنفس اللفظ، وهو الأمر الذي يعدُّه الباحثون ثورة على التقليد مع الحفاظ على المعنى الأصل، بل وظل حريصا على أداء مهامه التعليمية لمدة 92 عاماً قضاها رحمه الله فِي التعليم والتدريس والتصنيف إلى حين وفاته رحمه الله، فاستحق أن يشيد به معاصروه، بأنه كان عالما  ماهرا في المعقول والمنقول، وبحرا زاخرا في المعارف والعلوم، ويثني عليه تلامذته الذين تخرجوا على يديه، وأصبحوا بدورهم على شاكلته من فحول العلماء علما وعملا.

سرد بيبليوغرافي بــإنتــاجه الفكري ووفاته رحمه الله

     لقد كان اهتمامه رحمه الله بالتقييد والنسخ والتأليف أمرا طبيعيا، نابعا من وسطه العلمي/ الفقهي/ الصوفي، ومن تمرسه في الدرس والتدريس في حواضر سوس، دون أن يرحل عنها قيد أنملة، وهو الأمر الذي لاحظه مؤرخ سوس، حيث قال وهو يصف أخلاقه ومرافقته لوالده في كل مسامرة أدبية[14] وحلقة وكرسي علميين ومدرسة وزاوية: “شابّ هيّن ليّن هادئ، منكمش منعزل…، كان دائمًا يلازم والده بكلّ أدب، ولا يتخطّى إشارته، فاعتكف ببركة إشارته على المطالعة، وفارق غرارة أقرانه، حتّى إنّه صار مضرب الأمثال عند كلّ من يعرف حاله…، وقد أمره أبوه أن لا يسافر إلى الحواضر، ولذلك لم يرها إلى الآن”[15].

     فلا مجال إذن للغرابة حين نجده ومنذ سن الرابعة والعشرين، أي منذ سنة 1369هـ/1949م، يكتب ويدون المقيدات، ويُخمس ويسدس ويُعقب على أمهات المؤلفات، حتى قال عنه مفخرة المغرب العلامة سيدي محمد المختار السوسي وفي شأنه: “… وقد رأينَاهُ يُزاوِل التألِيف فِي فنُون شتَّى، فَلَئِن زَادَ قُدُماً لَيَكُونَنَّ غَدًا عَلَّامَةَ إلْغ الفريد، كمَا هُو عليْه وَالِده الآن حَفِظَه الله ووفقه…”[16].

     وفي جواب له – في إحدى اللقاءات الصحفية – عن الدوافع التي أدت به إلى اقتحام مجال التأليف، علما أن العلماء السوسيين بصفة عامة كثيرا ما يفضلون عدم الخوض في هذا المجال؟ فأجاب رحمه الله: “كان باعثي الكبير على التأليف هو ما أراه من نقص في المؤلفات العلمية التي يرجع إليها طلاب وفقهاء المدارس العتيقة، فقد تبين أن هناك بعض الفنون تحتاج إما إلى زيادة توضيح وبيان، وإما إلى تدقيق بعض الأمور بما يستلزم التفصيل أو التحقيق والنقد. وبالإجمال فإن بواعث التأليف عندي لا تخرج عما أشرت إليه، إلا بالقدر الذي يجعلني ألبي رغبة بعض الإخوان الذين يلتمسون مني أن أكتب في فن معين. وأعترف أن جل المصنفات التي أخرجتها إلى الوجود كانت بفضل تحفيز وتشجيع بعض الإخوان، وخاصة لما أراه منهم من استحسان لما أكتبه”[17].

ومن أبرز مؤلفاته التي أغنت وستغني بنشرها حقل المعرفة بالمغرب أذكر:

كتاب: “إتحاف الجيل بزبدة علم الخليل“، وهو نظم في العروض مع شرحه[18].

كتاب: “بذل الصابون على بذل الماعون“، رد على رسالة سيدي عبد الحي بن محمد بن الصديق في شأن إقامة الجمعة بقرية إماون بقبيلة آيت باها.

كتاب: “الحلل الحريرية على فاتحة الجزولية[19]، مباحث في النوع والجنس والصنف عند النحاة المناطقة.

كتابي: “الحقائق المكللة”، و“الدرة الألغية” في علم النحو. ويليه كتاب: “تعاليق على الشرح الكبير للشيخ الأزاريقي على المبنيات الجشتيمية[20].

كتاب: “دليل الفارض ومفتاح الفرائض“، في علم المواريث[21]. 

كتاب: ” رسالة في بيان أنواع الرّجز المستعملة قديما وحديثا“.

كتاب: “شرح ملخص البناء في الحروف والأفعال والأسماء”.

وكتاب: “شرح مبنيات  أبي موسى الجزولي[22].

كتاب: “المدرسة الأولى[23].

تحقيق كتاب: “المطلع على مسائل المقنع[24]، وهو اختصار لكتاب”الممتع في شرح المقنع[25]، للعلامة محمّد المرغتيّ[26].

كتاب: “المنقع بتحقيق المطلع[27].

تحقيق كتاب: “نظم الرّسموكيّة” في علم العروض، لأحمد بن سليمان الرّسموكيّ.

نظم في عدد الحروف التي هي من أجزاء الكلام في اصطلاح النّحاة المستعملة في كلام العرب.

نظم محمّد بن محمّد بن العربي ابن زكري في علم  التّوقيت.

 

بعض من إنتاجه الفكري المنشور رحمه الله

     ولأن العلماء هم ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في تعليم الناس شؤون دينهم، وحملهم لهم على الصراط الحميد الذي به يجمع الإنسان بين صلاح دنياه التي فيها معاشه، وصلاح دينه الذي هو عصمة أمره، وصلاح آخرته التي إليها معاده، والإصلاح وظيفة العلماء وشأنهم الدائم، الذي به تزكو معارفهم، وترتفع أقدارهم ودرجاتهم، ولقد أدرك العلماء المغاربة على مر عهود الدولة المغربية مكانة الإصلاح والتوجيه، وأثره في المحافظة على القيم الإسلامية، فهبوا مرشدين ومصلحين، ينصحون ويوجهون من طرُق مختلفة، أبرزها وأنفعها التقييد والتأليف، وتقديرا له رحمه الله على مجهوداته التعليمية ومساره العلمي الحافل، فقد حاز على الجائزة التكريمية التنويهية للفكر والدراسات الإسلامية، التي تنظمها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بمناسبة إحياء ذكرى عيد المولد النبوي، والتي تسلمها من يد أمير المؤمنين سنة 1428هـ/2007م بمدينة مراكش.

     وما أوردته إن هو إلا نزر يسير من بحر لا ينضب معينه، ولعل المطلع الأكاديمي على هذا الإنتاج الفكري الغزير ليتجلى له وبوضوح مدى الاستيعاب العلمي والأدبي للعلامة سيدي صالح الإلغي رحمه الله، وموسوعيته الفذة في مختلف مناحي العلوم العقلية والنقلية، وتمكنه من أوابِدها وشوارِدِها، وتضلعه خاصة في كل الفنون الفقهية التي تُدرس في المدارس التي تخرج منها،  وهي التي كانت على عهده رائدة تدريس وتلقين مختلف الفنون والعلوم، وحاملة لواء السبق في نشرها. وما مؤلفاته وإنتاجه الفكري إلا دليل وشاهد على عمق تضلعه وتمكنه وموسوعيته، وبأنه وعاء مليء علما وحلما وصبرا وزهدا وورعا وتقوى…، وهو ما أكده المؤرخ سيدي المختار السوسي رحمه الله حين قال فيه في ذاك الوقت وهو لا يزال في ريعان شبابه: “… هذا أحد أفراد حلبة جديدة إلغيّة، صارت الآن تستوليّ على الرّاية العلميّة في إلغ…”[28].

     وقد جاء أجل العلامة الفاضل سيدي صالح رحمه الله بعد مسار مهني وتربوي حافل بالعطاء العلمي، في سنة اعتبرها أغلب الباحثين سنة وفاة فحول علماء حاضرة سوس، فبعد وفاة شيخ الجماعة العلامة سيدي الحاج عبد الله أيت وغوري[29]، والعلامة سيدي الحاج محمد البوشواري[30]، والعلامة سيدي محمد البوجرفاوي المشهور ببلمكي[31]، وغيرهم من كبار العلماء، جاء أجل العلامة المتفنن سيدي صالح بن عبد الله الإلغي يوم الخميس 27 ذي القعدة 1438ﮬ، الموافق لـ 17 غشت 2017م، بمنزله بتزنيت، بعد أن صلى صلاة الظهر، ولم تظهر عليه حسب مقربيه أدنى علامات قُرب الأجل، حتى خرجت وهو في كامل صحته وعافيته روحه سالمة، وانتقلت إلى بارئها مطمئنة، مصداقا لقوله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي  وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾[32]، وصُليَ عليه بعد صلاة الجمعة بمسجد السنة بتزنيت، ووريَ جثمانه رحمه الله بوصية منه بجوار أسلافه ورفقاء دربه الميامين. 

 

     ويكفيه وذويه ومحبيه فخرا مراسلاته العلمية مع كبار علماء عصره، والتي توجت بزيارة العلامة الأديب سيدي عبد الله كنون رحمه الله له بأكلو أوائل السبعينات، ومراسلته واستدراكه على عميد المؤرخين المغاربة سيدي محمد المنوني، إضافة إلى رسالة الشكر التي بعثها له مؤرخ المملكة العلامة عبد الهادي التازي شاكراً إياه على إثارته لكيفية عصر حب شجرة أَرْكَان، وأورد رحمه الله تفاصيل هذه المراسلة فِي كتابه (المدرسة الأولَى)،كما جرت مراسلات كثيرة بينه وبين مؤقت مراكش العلامة سيدي محمد بن عبد الرازق الأندلسي الفاسي المراكشي[33]، وله مراجعات ومذاكرات أشار إليها في كتابه: (البدر الطالع)، مع العلامة سيدي محمد البوجرفاوي بلمكي في علمي الفلك والتوقيت.

خــاتــمـــة

    وكما هو معلوم، فإن ذاكرة التاريخ المغربي لتحفل بضروب من أسماء لعلماء بصموا التاريخ منذ الفتح الإسلامي، بل وأسهمت البنية التركيبية المغربية ومقوماتها المؤسساتية في بلورة إشعاعهم العلمي والصوفي، ونشر إنتاجاتهم وذيوع صيتهم، حتى اتفق الخاصة والعامة على جليل أعمالهم وعظيم أفعالهم، وخصُّوهم بالتقدير والاحترام، فكان لهم قَدَمُ السبق في ميدانهم، وقادوا الحركة الثقافية والعلمية في مجتمعهم.

     ولقد كانت عدد من المناطق المغربية مرتعا خصبا للعلوم بمختلف فنونها، وحاضرة سوس العالمة أبرزها، إذ استطاعت أن تحتضن كل من قصدها من المغرب وخارجه، حتى أضحت مركزا إشعاعيا وحاضرة علمية عالمية، لا مفر لطالب العلم من زيارتها، للجلوس بين يدي علمائها، وحضور الكراسي العلمية بمساجدها وزواياها، وهذه الشهرة لم تكن لتكتسبها لولا رواد وأعلام شكلوا نبراسا في سمائها، وطبع كل واحد في تخصصه ومجاله جوانب من سجلها، وكان لها الشرف في أن أقبرَ عدد منهم تحت ترابها، فشيد على بعضهم القباب، وعلى آخرين أضرحة، أو أحيطوا بأسوار، وظل آخرون كعامة سكانها لا يميزهم إلا علمهم وإنتاجهم الفكري، وما اكتسبوه من صيت وما خلفوه من تلاميذ. ولكن ما يؤسف له هو النكران لهم، واعتبارهم في عداد النسيان، فلم يعد أكثر الناس يسمع بأسمائهم، أو يطّلع على سيرتهم، أو حتى يتذكر إنتاجاتهم، إلا أنه ومصداقا لقوله سبحانه وتعالى: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾[34].

     فمهما طال الزمن لابد للتاريخ أن يعيد ذكراهم، ويتيح الفرص للنبش في سجلات أعمالهم وإنتاجاتهم، والوقوف على سِيَرهم وأمجادهم، فعن أبي هريرة  رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)[35].

     وحاضرة سوس بصفة عامة، وجبال جزولة منها بصفة خاصة، تحتضن أعلاما أفذاذا، وأدباء كبارا، وفقهاء عظاما، لكن الزمان لم يجد بعد بمن يبرز سيرتهم، ويكشف عن إبداعهم وإنتاجهم الفكري والأدبي، وينفض عن تاريخهم العلمي والأدبي غبار العقود المتلاحقة، ويزيل الحواجز التي تحول دون ظهورهم، ويجلي صفحات تاريخهم المشرق، ويَسُلهم من زاويتي الإهمال والنسيان، بالتعريف بهم، وجمع ونشر دواوينهم وآرائهم وفتاويهم، ودراسة وتحليل وتحقيق إنتاجهم، خاصة وأن هذه الثلة من العلماء كالعلامة سيدي صالح الإلغي أسهم على شاكلة شيوخه في تقريب مختلف العلوم الفقهية والدينية من الطلبة والدارسين بمدارس التعليم العتيق بحاضرة سوس، إيمانا منهم بضرورة تقريب العلوم وإيصالها تبعا لظروف الواقع المعيش، مع احتضان هذه النخبة  من الأعلام لمشاغل وهموم مجتمعهم ومن تم وطنهم، عبر خدمة قضاياه، والانغماس في انشغالاته الاجتماعية والاقتصادية…، مع حرصهم على تحقيق المصالحة، والسهر على تحقيق الوحدة بين مختلف مكونات المجتمع المغربي، ونشر الإسلام، وترسيخ قيمه في وجدان وروح المغاربة، عبر التدريس والتلقين والإلقاء والتأليف والمراسلة…

     وحقيقة الأمر أن هؤلاء العلماء ومن بينهم العلامة صالح الصالحي قد عملوا على مدى تاريخهم  الطويل على الجمع بين العمل  -أو كما يصطلح عليه الممارسة السلوكية الصوفية- وبين العلم، بتدريس الفقه وأمور الدين، وغيرها من فنون وضروب العلوم في إطار وحدة متكاملة لا يمكن الفصل بينها، أو حتى تجزئتها، وفي هذا الإطار يقول الأستاذ علال الفاسي: “… إن التصوف المغربي إلى جانب الفقه المالكي، كان له الأثر الفعال في توجيه كل الأفكار والسياسات التي جرت في بلادنا، فالفقه والتصوف عنصران أساسيان في تكييف المجتمع المغربي وتسييره”[36]، وتكاد عموما في كل ربوع المغرب تجد عالما يشتغل بالفقه أو بالحديث إلا وله نصيب من التصوف، ولا تكاد تدخل زاوية من الزوايا المغربية إلا وتجد فيها جناحا خاصا للتعليم والتدريس،  وبالتالي أعتقد يقينا بأنه لا تكاد تخلو أسرة مغربية من تسلسل العلماء في نسلها أو على الأقل وجود عالم صوفي في سلسلتها، ومترجمنا رحمه الله من الذين نذروا حياتهم لخدمة العلم وإيصاله ونشره وتعميمه وتسهيل حفظه وتلقيه، وذلك عن طريق الانكباب منذ فحولة سنه على تدريسه في المساجد والمدارس والزوايا، والتأليف فيه نثراً ونظما، وإفراد عدد من المؤلفات القيمة بالشرح والتفصيل والزيادة، حتى اعتُبر رحمه الله وهو بقيد الحياة من بين الأعلام الأجلاء، خاتمي رعيل من فحول أئمة المدرسة المغربية في حاضرة سوس، والذين جمعوا بين سعة الرواية، وعمق الدراية، وقوة الشخصية، ومن ثم المشاركة الرفيعة المستوى في دفع عجلة الحركة العلمية في أكثر من جانب واختصاص، وذلك بالعمل الدءوب، والحرص على التدريس والتأليف، والسهر على التوجيه، فكان له ولمدرسته المنهجية في التدريس والتلقين بالغ الأثر في إثراء الحياة الثقافية والعلمية بمغرب القرن الواحد والعشرين، واستمرار إشعاعها للأجيال القادمة.

     ولن أجد شيئا أختم به أفضل من مقتبس من كلامه، أو بالأحرى ندائه رحمه الله، الذي يبين فيه عن حرقة  علمية كانت تعلو محياه، وتلازمه طيلة مساره التدريسي، قال رحمة الله عليه: “إن ندائي هو من أجل إنقاذ ما تبقى من التراث المكتوب لفقهاء مغاربة قضوا نحبهم، بعد أن كدوا في سبيل إشاعة المعرفة، وبخاصة المخطوطات التي توجد في المكتبات الخاصة، وتطالها في الكثير من الأحيان أيدي العابثين، مما يعرضها للإتلاف، لذلك رجاؤنا كبير في أن ترى بعض هذه المخطوطات النور ولو بعد حين”.

 

الهوامش 

[1] وليس ربيعاً الأول كما ورد في كتاب المعسول.

[2] يُعد من كبار علماء المغرب بحاضرة سوس، ولد في إلغ سنة 1298هـ/1880م، وبها توفي سنة 1378 هـ/1958 م، أخذ القرآن الكريم عن سعيد بن عبد المؤمن التأوييتي عام 1891، ثم التحق بشيخ الجماعة محمد بن الحسن بالأخصاص، ثم توجه إلى المدرسة الإلغية الإيغشانية والتانكرتية، حيث حفظ المتون وتلقى العلوم الشرعية والأدبية واللغوية وفنون القريض، عن محمد بن الحاج الإفراني والعربي الساموكني، وأبي القاسم التاجارمونتي (1895- 1900)، كما درس لامية العجم ونفح الطيب، وتملّك من القريض على يد محمد الإفراني. شارط في المدرسة الإيغشانية، وفي عدد آخر من المدارس فيما بين عامي 1902 – 1937، وتخرّج على يديه العديد من طلاب العلم، كما تولّى إلى جانب التدريس خطتي  القضاء والفتوى،  وكان حريصا على إقامة المجالس العلمية والأدبية، وخلف إنتاجا فكريا غزيرا أغلبه ذو طابع شعري، أورد مؤرخ سوس العلامة سيدي المختار السوسي بعضه في بعض مؤلفاته. انظر: المعسول، المختار السوسي، مطبعة النجاح، الدار البيضاء، 1961م، ط 1 ،2/ 156. رجالات العلم العربي في سوس من القرن الخامس الهجري إلى منتصف القرن الرابع عشر، نشره  ابنه رضي الله السوسي، طنجة، 1989م. المدارس العلمية العتيقة بسوس، المتوكل عمر الساحلي، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1990م.

[3] أو المدرسة الأيمورية، درَسَ ودَرَّس بها عدد من كبار العلماء والتلاميذ، وتخرج منها نخبة من الأعلام الذين كان لهم قدم السبق في نشر مختلف العلوم العقلية والنقلية بحاضرة سوس. انظر: مدارس سوس العتيقة، نظامها وأساتذته، المختار السوسي، الفصل الثاني (في ذكر مشهورات المدارس من بين القبائل، وذكر من كان يدرس فيها من العلماء المشهورين من الأحياء والأموات)، مؤسسة التغليف والطباعة والنشر والتوزيع للشمال بطنجة، 1987م ، ص: 98.

[4] يعد من كبار علماء المغرب بحاضرة سوس، وعرف بعصاميته، حتى أضحى مضرب المثل في الحزم والجد والعلم ورفع الهمة، وقد زاول التدريس في عدة مدارس بحاضرة سوس، قبل أن يؤسس المدرسة الإلغية، وتوفي رحمه الله سنة 1303هـ/ (1885-1886م). انظر: العلامة الأديب العالي أبو علي سيدي الحسن الكوسالي، محمد الصالحي، مجلة دعوة الحق المغربية، العدد 325، رمضان 1417/ يناير-فبراير 1997، الهامش رقم 10.

[5] أسسها رفقة أخيه العلامة علي بن عبد الله الصالحي، ومن أوائل العلماء الذين شارطوا فيها وتقلدوا خطة التدريس بها أذكر: العلامة الحاج محمد اليزيدي، والشيخ الإلغي الدرقاوي، والعلامة أبو القاسم التجرمونتي، والعلامة أحمد بن محمد اليزيدي، والعلامة المدني بن علي، والعلامة عبد الله بن إبراهيم الإلغي…، وغيرهم من فحول العلماء بحاضرة سوس. انظر: مؤرخ سوس المختار السوسي، مدارس سوس العتيقة، ص ص: 96-97.

[6] تعد من المدارس العلمية العتيقة بالمنطقة، وتتبع إداريا لدائرة تافراوت، تأسست أوائل القرن 12هـ، وقد أشرف على التدريس بها عبر مختلف الحقب والأزمان نخبة من فحول العلماء الذين لا يشق لهم غبار، وأذكر من بينهم: العلامة سيدي أحمد بن الحاج محمد اليزيدي، وهو من أبرز شيوخ المتَرجم له، رحمهم الله، وسيدي الصالحي محمد بن علي الإلغي توفي سنة 1385ﮬ/ 1965م، ومن بين أبرز تلامذته العلامة المختار السوسي الذي خص شيخه بترجمة في كتابه المعسول، 2/ 291-203. وانظر: مؤرخ سوس المختار السوسي، مدارس سوس العتيقة، ص: 96.

[7] ترجم له العلامة المختار السوسي في كتابه المعسول بالجزء التاسع منه، وفي كتابه الإلغيات، 3/156-157، ومما قال فيه: “… وكذلك توفي آخر من المدرسين أصحابنا الأدباء الكبار. فأردت أن أقول فيه مرثية، تقبل حتى عند الشعراء الجدد. ولكنه لم أبلغ فيها كل ما أريد، وقد بلغت نحو (70) بيتا. قلتها في نصف نهار. ثم نقحتها في صبيحة يوم آخر. وقد مشيت فيها على نمط الرثاء. ولكن حاولت أن أرفعها جهدي على مستوى الرثاء القديم. ومطلعها:

حياتك لو تدري الحقائق: زور      وآل على مرأى العيون يمور

أيفــرح بالدنـــيا ونيل سنائــها      وإن كان ملكا من لديه شعور

أيرضى بضيم بالخيال وإن يكن     له رونق من في حشاه ضمير

أقفر يباب ليس ينقــــع غلة      لمن كان فيه روضة وغدير

[8] “شرَط له أمرا أي التزمه، وشرط عليه أمرا أي ألزمه إياه، وشارطه لعمل ما، أي شرط عليه القيام به، وأشرط نفسه لعمل ما، أي أعدها وأعلمها فعله، والمشارطة هي التزام بين شخصين أو أكثر للقيام بعمل ما بمقابل معلوم”. المعجم الوسيط، إبراهيم أنيس وآخرون، ط2، بدون تاريخ ومكان،1/ 479، مادة (شرط).

[9] تعد من المدارس العلمية المشهورة في سوس، بل في جنوب المغرب، منذ أواخر القرن  الثالث عشر للهجرة، وذلك لما قامت به من أعمال علمية وتربوية واجتماعية. وقد ذكرها العلامة محمد المختار وأثنى عليها وعلى جهود مؤسسها وشيوخها، ومما قاله في كتابه: سوس العالمة، ص: 132: “نسبة معربة إلى قرية أجشتيم مقر الأسرة الجليلة التي أسسها العلامة عبد الله بن محمد دفين الحجاز، ثم سارت قدما تنبع بالمعارف والصلاح إلى العهد الأخير، وهي بكرية النسب، ودارها دار السنة ومحاربة البدع”.

[10] تطلق على الرجل إذا كان شاعرا مُجيدا مُنقحا، وعلى الخطيب البليغ المُفوه، والسيد الحليم السخي الكريم، والعالم بأيام العرب وأشعارهم وقبائلهم، وعلى الشجاع الباسل، وعلى من فاق أقرانه علما وأدبا ومعرفة…، وتُجمع على خناذيذ. المعجم الوسيط، مادة (تخنذذ).

[11] المعسول، المختار السوسي، 2/ 218.

[12] *تاسريرت: هي قرية أمازيغية مغربية، وجماعة قروية وسط غرب المغرب، تنتمي إداريا لإقليم تيزنيت على الساحل الأطلسي.

*مدرسة إغشان: تعد من المدارس العلمية العتيقة بالمنطقة، وقد أشرف على التدريس فيها عبر مختلف الحقب والأزمان نخبة من فحول العلماء الذين لا يشق لهم غبار. مؤرخ سوس المختار السوسي، مدارس سوس العتيقة ، ص: 97.

*مدرسة إكضي: تعد من المدارس العلمية العتيقة بالمنطقة، وقد أشرف على التدريس فيها عبر مختلف الحقب والأزمان نخبة من فحول العلماء الذين لا يشق لهم غبار. المصدر السابق، ص: 95.

*مدرسة زاوية سيدي وكاك بن زلو بأكلو، نسبة للعلامة أبي محمد وكاك بن زلو المتوفى سنة 445ه/1053م، ويرجع الفضل الكبير إلى أحفاده في تعميق الوعي الديني ونشر العلم والفضيلة. وتأسيس المدارس والمراكز العلمية بسوس. المصدر السابق نفسه، ص ص: 88-89.

[13] المعسول ، المختار السوسي،2/ 218.

[14] سَمَر وسَمُرَ وسُمورا أي تحدث ليلا مع جليسه، وسامَرَه أي حادثه ليلا، وتسَامرا واسْمَرّا أي سَمِرا معا، يتجاذبون أطراف الحديث، والسَّمَرُ أي الحديث، وتعني أيضا الحكايات التي يُسْمَرُ بها، ومجلِس السُّمَّار، وضوء القمر الذي كانوا قديما يجتمعون حوله لتبادل الحديث والسمر، وتجمع على سُمَّار وسُمَّر وسَمَرَة وسَامَره، ومصدرها مُسامَرة. المعجم الوسيط، مادة(سمر).

[15] المعسول ،المختار السوسي، 2/ 218-219.

[16] المصدر السابق، 2/ 222.

[17] من حوار صحفي تم بمنزله بمدينة تيزنيت تكريما له، إثر فوزه بالجائزة التكريمية للفكر والدراسات الإسلامية، التي تنظمها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 2007.

[18] طبع عام 2001م.

[19] دار النجاح الجديدة، 2009. ومما قاله عنه: “سيهتم هذا العمل فقط بالجزء الأول من هذه المقدمة أو ما أسميته بفاتحة المقدمة. اهتمامي بهذا الجزء من مقدمة الجزولي يرجع إلى موضوعها المتصل بفن المنطق. وهذا لا يعني أن الجزولي رحمه الله يخلط بين الفنون في تأليف واحد، وإنما أتى بتلك القضايا ليجعلها وسيلة إلى مقصوده، وهو على ما يقال إشارة إلى الرد على الزجاجي في أول جمله. ولما رأيت ذلك يحتاج إلى شرح، بدأت في وضع تقارير له. وأنوي أن أسميها: (الخمائل الحريرية على فاتحة الجزولية)”.

[20] مكتبة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، سنة 1993م. وعن أهميته والموضوع الذي يعالجه قال عنه: “يعتبر هذا التأليف بمثابة مدونة لتعريفات مختلفة لمصطلحات الإعراب تكون غالبا في شكل منظوم. وقد اعتاد فقهاء المدارس العتيقة السوسية على توجيه الطلبة إلى حفظ هذه التعريفات بمجرد الابتداء من دراسة الأجرومية. كما يضم هذا التأليف كذالك تعليقات إضافية على تلك الحقائق، يستفيد منها المبتدئون من طلبة العلم، وفيه أيضا نظم على الأجرومية سميته بالدرة الإلغية”.

[21] ويعرف أيضا ب “مختصر الشرح الصغير لأرجوزة العلامة الرسموكي”، طبع سنة 1990م، ووقفت على نسخة إلكترونية منه بالمكتبة الرقمية بجامعة المدينة العالمية: (Digital Library of the International City University).

[22] طبع عام 2005م. و عن أهميته وجديته قال عنه في إطار حوار صحفي: “ويهتم هذا التأليف بالمبني وعلله، ويناقش صحة بعض العلل التي يأتي بها النحاة في ذكر الأسباب التي جعلت بعض الأسماء والأفعال مبنية”.

[23] طبع عام 1998م، و عن أهميته وجديته قال عنه في إطار حوار صحفي: “وهو عبارة عن وصف لطريقة التعليم الأولي بالمدارس القرآنية السوسية، إلا أنني كثيرا ما أميل فيه إلى وصف ما اعتاده أهل قريتي إلغ، بسب معايشتي لهم ومعرفتي بما كانت عليه أحوال التعليم عندهم في الماضي، ولا أخفي أنني في هذا التأليف اقتفيت أثر العلامة المختار السوسي الذي كان رائدا في التأريخ لسوس عموما ولمنطقة إلغ على وجه الخصوص”.

[24] توجد منه نسخة طبعة حجرية ،و20 نسخة منه مخطوطة بالخزانة الملكية بالرباط تحت أرقام: 315-1052-1583-4917-5320-6056-6258-6514-6922-7512-10353-10645-12095-12304-13289-13336-13755-13910-13957.

[25] وهو كتاب نفيس أبان فيه العلامة المرغيثي عن قدرة فائقة في علم التوقيت، وضمنه عددا من الفوائد الفقهية والأدبية والتاريخية والجغرافية، إذ بدت موسوعيته العلمية واضحة، كما أن حسه الإصلاحي كان مهيمنا على ثنايا الكتاب، حين أكد على ضعف الهمة في تحصيل العلم، وأن الخروج من عتمة الجهل يحتاج إلى التأليف المنهجي والرغبة في التحصيل. وتوجد عدد من النسخ المخطوطة منه بالخزانات العامة والخاصة، ومنها 26 نسخة بالخزانة الملكية بالرباط، وتقع تحت أرقام: 315-1638-1834-2081-2976-4475-4817-4896-4937-5260-6316-6816-7504-8179-8230-8926-9593-9934-10352-10032-12369-12374-12390-12472-13412.

[26] يعد من كبار علماء عصره، وهو من مجيزي العلامة أبي الحسن اليوسي، وإلى جانب شهرته في علم التوقيت والحساب؛ فإنه قد ألف في مواضيع أخرى،ومن تآليفه: كناشة فهرسة العوائد، وهو مخطوط بالخزانة الوطنية بالرباط تحت رقم 285د، ومجموعة أخرى ذكرها  له العلامة محمد المنوني في مقاله عن “المكتبة الحمزاوية”، الذي نشر بمجلة تطوان، عدد 8، ومن أبرز مترجميه: * صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر، محمد الإفراني، ص: 304. *نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، محمد القادري، 2/ 241، وكتاب التقاط الدرر، ص: 206. *الفكر السامي في تاريخ الفكر الإسلامي، لمحمد بن الحسن الحجوي، ص: 612. *الإعلام بمن حل بمراكش وأغمات من الأعلام، للعباس بن إبراهيم المراكشي ،5/ 304. * فهرس الفهارس، لعبد الحي الكتاني، 2/ 554.

[27] طبع عام 1999م

[28] المعسول، المختار السوسي،2/ 218.

[29] هو الشيخ والعلامة والأستاذ النحرير الفذ آيت وغوري عبد الله بن الحسين بن علي بن محمد وغوري الصوابي، الرجراجي، الوسميني، ولد في شهر ذي القعدة سنة 1352هـ/1934م، بقرية تَوْرِيرْتْ وَّانُو باقليم اشتوكة آيت باها، افتتح حياته العلمية بحفظ القرآن وتجويده وختمه، ليتمرس ويتتلمذ بعد ذلك على يد كبار علماء وشيوخ حاضرة سوس العالمة، وتخرج على يديه نخبة من الأعلام الذين حملوا مشعل العلوم الفقهية وانخرطوا في مهنة التدريس والتعليم والتلقين، وتكريما لمساره العلمي الحافل نال سنة 2011 جائزة محمد السادس نصره الله لأهل القرآن. ولانشغاله بالتعليم في مدارس سوس العتيقة لم يخلف من إنتاجه الفكري إلا ديوانين ضخمين؛ الأول جمع فيه أبياتا في مختلف الأغراض الشعرية، والثاني ضمنه  قصائد ومنظومات خاصة بذكر نسب أسرته الآغورية، وتاريخ آبائه  وأسلافه، وقد توفي في أبريل 2017م، عن سن تناهز 83 عاماً، ودفن بمقر المدرسة العتيقة إدا ومنو، إلى جانب عدد من العلماء.

[30] سليل أسرة اشتهرت بالعلم والدين والتمسك بخطة التدريس والتلقين لمختلف العلوم العقلية والنقلية خاصة منها الفقهية والدينية، وهو من أبرز فقهاء المدرسة العلمية العتيقة أيت باعزا المعروفة كذلك بـ “مدرسة إمي الفتايح”، بإقليم اشتوكة أيت باها، وبوفاته في شهر يونيو2017 فقد المغرب واحدا من أبرز وأجل علماء حاضرة سوس العالمة.

[31] هو العالم الفلكي وإمام الرباط العلمي لسيدي وكّاك بأكّلو ودفينها، كان ممن يشار لهم بالأصبع في تخصصه، وتشد إليه الرحال للأخذ عنه والجلوس بين يديه، وبوفاته في أبريل2017  فقد المغرب صرحا من صروحه العلمية، وجبلا شامخا من أعلامه الأفذاذ.

[32] الآيات 27-28-29-30 من سورة الفجر.

[33] ولد بمراكش في 18 رمضان 1324هـ، الموافق 5 نونبر 1906م، وتتلمذ على يد كبار علماء وشيوخ عصره بفاس ومراكش، وبعد حياة حافلة بالعلم والعطاء الوطني توفي بمراكش في شهر فبراير 2011، بعد أن خلف لنا إنتاجا فكريا غزيرا ومهما في مجاله، وقد أغنى به الساحة الثقافية بالمغرب.

[34] الاية 17 من سورة الرعد.

[35] انظر: صحيح البخاري، تحقيق: مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير، بيروت، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته،حديث رقم 1631.

[36] التصوف الإسلامي في المغرب، علال الفاسي، إعداد: عبد الرحمن بن العربي الحريشي، مطبعة الرسالة، الرباط، طبعة بدون تاريخ، ص: 21.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق