مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةقراءة في كتاب

العلامة أحمد بن محمد بن الصديق الغماري (1380هـ)وجزؤه الموسوم ب: “شوارق الأنوار المنيفة بظهور النواجد الشريفة” “موضوعه ومنهج مؤلفه فيه”

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم

تقديم:

يعد الحافظ  العلامة أحمد بن الصديق الغماري ([1])من العلماء البارزين، ومن خيرة حفاظ الحديث خلال القرن الرابع عشر الهجري، صنف عددا كبيرا من المؤلفات التي أبان فيها عن علو كعبه في هذا الميدان، شهد له بذلك القاصي والداني، وفي هذا المقال سأحاول التعريف بهذا العلم تعريفا موجزا، مع الحديث عن جزئه الموسوم ب: شوارق الأنوار المنيفة بظهور النواجد الشريفة؛ من حيث موضوعه ومنهج مؤلفه فيه باختصار، وهذا أوان الشروع في الموضوع فأقول وبالله التوفيق والسداد:

أولا: التعريف الموجز بالعلامة أحمد بن الصديق الغماري.

هو: العلامة أحمد بن محمد بن الصديق بن أحمد بن محمد بن قاسم بن محمد الغماري الطنجي، يكنى بأبي الفيض.

ولد في قبيلة بني سعيد القريبة من منازل غمارة بتطوان، وذلك في يوم الجمعة 27 شهر رمضان سنة 1320هـ.

نشأ المترجم في بيئة علمية، حيث بدأ بحفظ كتاب الله تعالى صغيرا على يد الشيخ العربي بن أحمد بودرة، ولم يكمله نظرا لأن والده عزم على الحج سنة 1329هـ وأخذ أفراد أسرته معه، وبعد عودته للمغرب أتم حفظه للقرآن، مع حفظ بعض المتون كالأجرومية، والأربعين النووية وغيرها، كما كان يحضر دروس والده، وكان يذاكره في علوم كثيرة من فقه وتفسير وحديث وغيرها.

رحل العلامة أحمد بن الصديق الغماري إلى بلد مصر لتحصيل العلوم، فأخذ عن شيوخ عدة، ومن أشهرهم العلامة محمد الشرقاوي النجدي (1350هـ)، ، والعلامة أحمد بن محمد الزكاري (1343هـ،) والعلامة محمد بن جعفر الكتاني (1345هـ)، والعلامة محمد بن إبراهيم السمالوطي القاهري (1353هـ)، ووالده محمد بن الصديق الغماري (1354هـ) ، والعلامة محمد إمام السقا الشافعي (1354هـ)، والعلامة محمد المكي البطاوري (1355هـ ).. وغيرهم.

،ولمكانته وعلمه فقد كثر الآخذون عنه ومن تلاميذه أذكر:  أخوه العلامة عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري (1413هـ)، وأخوه العلامة عبد العزيز بن محمد الغماري (1418هـ)، والعلامة محمد بن الأمين أبو خبزة (1441هـ) وغيرهم.

للعلامة الغماري الكثير من المؤلفات قال تلميذه التليدي: “أما مؤلفاته فهي كثيرة جدا، تناهز الثلاثمائة، والتي وقفنا عليها ورأيناها أو قرأناها نحو من مائة ونيف وأربعين، وقد كان الشيخ رضي الله تعالى عنه سيوطي زمانه في كثرة التأليف، مع الإتقان والتحرير”([2])

مات رحمه الله  في يوم الأحد فاتح جمادى الثانية سنة 1380هـ بمصر([3])، فرحم الله عالمنا برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته.

التعريف الموجز بجزء: شوارق الأنوار المنيفة بظهور النواجد الشريفة”

هذا الكتيب عبارة عن جزء صغير، جمع فيه مؤلفه ما وقع بين يديه من الأحاديث النبوية الشريفة الواردة فيها أنه صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجده، وعدد ما جمعه من الأحاديث تسعة عشرة حديثا ، ويعد العلامة الغماري من المحدثين الحفاظ الأثبات، نهج منهج المحدثين في إيراد الأحاديث والآثار  مسندة،  وقد التزم بذلك في كتابه كاملا، كما أورد الأحاديث بطرقها، ملتزما بإيراد كل طريق على حدة، مع تخريجها من مصادرها مثل: الصحيحين، ومسند الإمام أحمد، وكتب السنن، ومعاجم الطبراني، والشمائل للترمذي، ومكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا، وغيرها ، مع ذكر أقوال بعض العلماء فيها.  ثم إنه أحيانا يورد درجة الحديث وكلامه في بعض الرواة جرحا وتعديلا ،بالاعتماد على أقوال العلماء فيه، كما في قوله في حديث الزهري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان: هل قلت في أبي بكر مثلا، قال: نعم، قال: قل وأنا أسمع … قال: “أخرجه ابن عدي هكذا مرسلا ،وموصولا أيضا، وقال: لم يوصله إلا محمد بن الوليد بن أبان، وهو ضعيف يسرق الحديث، قال: وهذا الحديث مرسله وموصوله منكر ، والبلاء فيه من أبي العطوف، قلت: لا شك أنه موضوع وآثار الوضع لائحة عليه، وأبو العطوف، قال البخاري ومسلم : منكر الحديث، وقال النسائي والدار قطني: متروك، وقال ابن حبان: كان يكذب في الحديث ويشرب الخمر”([4])

وفذلكة القول أن الحافظ المحدث العلامة سيدي أحمد بن الصديق الغماري يعد من خيرة المحدثين في القرن الرابع عشر الهجري،  وصدق من وصفه بالحافظ كما قال الشيخ ممدوح في كتابه تزيين الألفاظ بتتميم ذيول تذكرة الحفاظ قال: “وهو مستحق للوصف بالحفظ، وقد وصفه بذلك جمع من أعيان شهوده من ذوي الخبرة بالحديث وعلومه، فقد اشتهر بالطلب والأخذ من أفواه الرجال، وكان على معرفة بالجرح والتعديل، وبطبقات الرواة مع تمييزه لصحيح الحديث من ضعيفه، وكان حفظه للحديث قويا” ([5])، وجزؤه الموسوم ب: شوارق الأنوار المنيفة ليدل على ذلك، شأنه في ذلك شأن مؤلفاته، التي تدل على علو كعبه في هذا الميدان فرحم الله العلامة المحدث برحمته الواسعة ونفعنا بعلمه آمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

*******************

هوامش المقال: 

([1])  من المصادر التي استفدت منها ورجعت إليها في صياغة الترجمة  الآتي:  البحر العميق في مرويات ابن الصديق (حيث ترجم فيه لنفسه بذكر أسانيده، ومروياته)، الأعلام للزركلي (1 /253) ، إتحاف المطالع لابن سودة (2 /574)، حياة الشيخ أحمد الغماري للتليدي (ص: 6 – 114 )، موسوعة أعلام المغرب (9 /3357-3360)،  معلمة المغرب (16-5520-5521). تزيين الألفاظ بتتميم ذيول تذكرة الحفاظ (ص: 101-106).

([2])  حياة الشيخ أحمد الغماري للتليدي (ص: 85-86).

([3])  ينظر: إتحاف المطالع (2 /574).

([4])  شوارق الأنوار المنيفة (ص: 45).

([5])  تزيين الألفاظ بتميم ذيول تذكرة الحفاظ (ص: 104-105).

******************

المصادر والمراجع المعتمدة:

إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع. لعبد السلام بن عبد القادر ابن سودة. تنسيق وتحقيق: محمد حجي. دار الغرب الإسلامي بيروت. ط1/ 1417هـ – 1997م.

الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين المستشرقين. لخير الدين الزركلي، ط 15/ 2002، دار العلم للملايين لبنان.

البحر العميق في مرويات ابن الصديق. لأحمد بن محمد بن الصديق الحسني الغماري. دارا لكتبي القاهرة 2007م.

تزيين الألفاظ بتتميم ذيول تذكرة الحفاظ. لمحمود سعيد ممدوح. دار البشائر الإسلامية ط1/ 1993م.

حياة الشيخ أحمد بن الصديق ويليه المبشرات التليدية. لعبد الله التليدي. المطبعة المهدية تطوان. (د.ت).

شوارق الأنوار بظهور النواجد الشريفة. تخريج أحمد بن محمد بن الصديق الغماري.  مكتبة القاهرة مصر . (د.ت)

معلمة المغرب. من إنتاج الجمعية المغربية. نشر: مطابع سلا. 1423هـ – 2002م.

موسوعة أعلام المغرب. تنسيق وتحقيق: محمد حجي، دار الغرب الإسلامي. ط2 /2008.

*راجع المقال: يوسف أزهار

Science

دة. خديجة أبوري

  • أستاذة باحثة مؤهلة بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق