مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضِيَ الله عنه

اسمه ونسبه وولادته:

هو أمير المؤمنين، وابن عم سيّد المرسلين، علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو الحسن القرشي الهاشمي.

وأمُّه فاطمة بنتُ أسد بن هاشم الهاشمية، وهي أوَّل هاشمية ولِدَت لهاشمي. أسلمت وهاجرت إلى المدينة، وتوفيت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسَلم، وصلى عليها ونزل في قبرها، وقيل: ماتت بمكة قبل الهجرة[1]. وقد ولد علي رَضي الله عنه قبل البعثة بعشر سنين على الصحيح، فربي في حجر النبي صلى الله عليه وسَلم ولم يفارقه[2].

وكان رَضي الله عنه أصغر ولد أبي طالب، كان أصغر من جعفر بعشر سنين، وكان جعفر أصغر من عقيل بعشر سنين، وكان عقيل أصغر من طالب بعشر سنين[3].

إسلامه:

يعدّ عليّ ابن أبي طالب من أوائل من أسلم من الصّحابة، بل يعدّ أوّل الناس إسلاما في قول كثير من أهل العلم. وشهد بدراً والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسَلم ما خلا تبوك[4].

وعن محمد القرظي، قال: أوَّل من أسلم خديجة، وأول رجلين أسلما أبو بكر وعلي، وإن أبا بكر أول من أظهر الإسلام، وكان عليٌّ يكتم الإسلام فرقاً من أبيه، حتى لقيه أبو طالب، فقال: أسلمت؟ قال: نعم، قال: وازِر ابن عمِّك وانصره، وأسلم عليٌّ قبل أبي بكر[5].

صفته:

كان رَضي الله عنه، رَبْعَة من الرجال إلى القصر ما هو، أدْعَجَ العينين، أحْسَنَ الوجه كأنه القمر ليلة البدر حسناً، عظيم البطن، عريض المنكبين، شثْن الكَفَّين، أغْيَد، كأنَّ عنُقه إبريق فِضَّة، أصلع ليس في رأسه شعر إلاَّ من خلفه، كثير اللحية لمنكبه، مشاش كمشاش السبع الضاري، لا يتبين عضده من ساعده، قد أدمجت إدماجاً، إذا مشى تَكَفَّأَ، وإذا أمسك بذراع رجل أمسك بنفسه، فلم يستطيع أن يتنفس، وهو إلى السِّمَن ما هو، شديد السَّاعد واليد، إذا مشى إلى الحرب هَرْوَل، ثبت الجنان، قوي، شجاع، منصور على من لاقاه[6].

قال أبو رجاء العطاردي: رأيتُ عليّاً شيخاً أصلع كثير الشعر، كأنما اجتاب إهاب شاة، ربعة عظيم البطن، عظيم اللحية. وقال سوادة بن حنظلة: رأيت علياً أصفر اللحية. وعن محمد ابن الحنفية، قال: اختضب علي بالحناء مرة ثم تركه[7].

وقد  اشتهر  رَضي الله عنه بالفروسية والشجاعة والإقدام، حتى قال فيه أَسِيد بن أبي أُنَاس بن زُنَيم الكِناني قبل أن يسلم يحرض عليه قريشاً ويعيرهم به:

في كلِّ مجمع غاية أخزاكمُ ** جَذَعٌ أَبَرُّ على المذاكي القُرَّحِ

لله دَرُّكُمُ ألمَّا تُنْكِرُوا ** قد يُنْكِرُ الحرُّ الكريمُ ويستحِي

هذا ابن فاطمة الذي أفناكمُ ** ذَبْحاً وَقِتْلَةَ قَصْعَةٍ لَمْ تُذْبَحِ

أينَ الكُهُولُ وَأَيْنَ كُلُّ دَعَامَةٍ**في المعضلات وأين زَيْنُ الأَبْطَحِ

وكان أحد الشورى الذين نصَّ عليهم عمر، فعرضها عليه عبد الرحمن بن عوف، وشرط عليه شروطاً امتنع من بعضها، فعدَل عنه إلى عثمان فقبِلها، فولاه وسلم علي وبايع عثمان، ولم يزل بعد النبي صلى الله عليه وسَلم متصدّيا لنصر العلم والفتيا. فلما قتل عثمان بايعه الناس، ثم كان من قيام جماعة من الصحابة منهم: طلحة والزبير وعائشة في طلب دم عثمان، فكان من وقعة الجمل ما اشتهر.

ثم قام معاوية في أهل الشام، وكان أميرها لعثمان ولعمر من قبله، فدعا إلى الطلب بدم عثمان، فكان من وقعة صِفِّين ما كان[8].

مناقبه:

ومناقِبُهُ رَضي الله عنه كثيرة في العدّ،  حتى قال الإمام أحمد: لم ينقل لأحد من الصحابة ما نُقل لعلي.

وقال غيره: وكان سبب ذلك بغض بني أمية له، فكان كلُّ من كان عنده علم من شيء من مناقبه من الصحابة يثبته، وكلّما أرادوا إخماده وهددوا من حدَّث بمناقبه لا يزداد إلا انتشاراً.

وقد وَلّد له الرافضة مناقب موضوعة هو غني عنها، وتتبع النسائي ما خص به من دون الصحابة، فجمع من ذلك شيئا كثيراً بأسانيد أكثرها جياد[9].

وروى مسلم بسنده عن سلمة بن الأكوع، قال: «كان علي قد تخلف عن النبي صلى الله عليه وسَلم في خيبر وكان رمدا، فقال: أنا أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج علي فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله في صباحها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأعطين الراية، أو ليأخذن بالراية غدا رجل يحبه الله ورسوله، أو قال يحب الله ورسوله، يفتح الله عليه فإذا نحن بعلي، وما نرجوه. فقالوا: هذا علي، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية. ففتح الله عليه»[10].

وفي رواية البخاري عن  سهل بن سعد السّاعدي رضيَ الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه»، قال: فبات الناس يدُوكُون ليلتهم أيُّهُم يُعْطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: «أين علي بن أبي طالب». فقالوا: يشتكي عينيه يا رسول الله، قال: «فأرسِلوا إليه فأتوني به». فلما جاء بصَق في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجَع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: «انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً، خير لك من أن يكون لك حمر النَّعَم»[11].

 روايته للحديث النبوي الشريف:

يعدّ عليّ بن أبي طالب رَضي الله عنه ممن تشرّف برواية الحديث النبوي عن رسول الله صلى الله عليه وسَلّم، روى عنه أيضاً من الصحابة ولداه: الحسن والحسين، وابن مسعود، وأبو موسى الأشعري، وابن عباس، وأبو رافع، وابن عمر، وأبو سعيد، وصهيب، وزيد بن أرقم، وجرير، وأبو أمامة، وأبو جحيفة، والبراء بن عازب، وأبو الطفيل، وآخرون.

ومن التابعين من المخضرمين، أو من له رؤية: عبد الله بن شداد بن الهاد، وطارق بن شهاب، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبد الله بن الحارث بن نوفل، ومسعود بن الحكم، ومروان بن الحكم، وآخرون.

ومن بقية التابعين عدد كثير من أجلهم أولاده: محمد، وعمر، والعباس[12].

ذرّيّته:

كان لسيّدنا عليّ رَضي الله عنه من الولد الذكور أحد وعشرون: الحسن، والحسين، ومحمد الأكبر وهو ابن الحنفية، وعمر الأطرف وهو الأكبر، والعباس الأكبر أبو الفضل قتل بالطف ويقال له: السقاء أبو قربة أعقبوا، والذين لم يعقبوا: محمد الأصغر، قتل بالطف، والعباس الأصغر يقال: إنه قتل بالطف، وعمر الأصغر درج، وعثمان الأكبر قتل بالطف، وعثمان الاصغر درج، وجعفر االاكبر قتل بالطف، وجعفر الأصغر درج، وعبد الله الأكبر يكنى أبا محمد قتل بالطف، وعبد الله الأصغر درج، وعبيد الله يكنى أبا علي يقال إنه قتل بكربلاء، وعبد الرحمن درج، وحمزة درج، وأبو بكر عتيق يقال: إنه قتل بالطف، وعون درج، ويحيى يكنى أبا الحسن توفي صغيراً في حياة أبيه.

 وكان له من الولد الإناث ثماني عشرة: زينب الكبرى، وزينب الصغرى، وأم كلثوم الكبرى، وأم كلثوم الصغرى، ورقية الكبرى، ورقية الصغرى، وفاطمة الكبرى، وفاطمة الصغرى، وفاختة، وأمة الله، وجمانة تكنى أم جعفر، ورملة، وأم سلمة، وأم الحسن، وأم الكرام وهي نفيسة، وميمونة، وخديجة، وأمامة على خلاف في بعض ذلك.

وفاته:

قتل علي رَضي الله عنه شهيداً في ليلة السابع عشر من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، ومدة خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر ونصف شهر، لأنه بويع بعد قتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وكانت وقعة الجمل في جمادى سنة ست وثلاثين، ووقعة صفين في سنة سبع وثلاثين، ووقعة النهروان مع الخوارج في سنة ثمان وثلاثين ثم أقام سنتين يحرض على قتال البغاة، فلم يتهيأ ذلك إلى أن مات[13].

واختلف أيضا في مبلغ سنه يوم مات، فقيل: سبع وخمسون، وقيل: ثمان وخمسون، وقيل: ثلاث وستون[14].

—————————————————————————-

[1]  تهذيب الكمال: 20/472. سير أعلام النبلاء: 2/495.

[2]  الإصابة في تمييز الصحابة:4/464

[3]  تهذيب الكمال: 20/479.

[4]  تهذيب الكمال: 20/472.

[5]  سير أعلام النبلاء: 2/495.

[6]  الإصابة: 20/488.

[7]  سير أعلام النبلاء: 2/495.

[8]  الإصابة: 4/464.

[9]  الإصابة: 4/464.

[10]  أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب فضائل الصحابة. باب من فضائل علي بن أبي طالب رضِي الله عنه. 4/1872. رقم: 2407.

[11]  أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب فضائل الصّحابة. باب مناقب علي بن أبي طالب. 5/18. ح: 3701.

[12]  الإصابة: 4/464.

[13]  الإصابة: 4/466.

[14]  تهذيب الكمال: 20/472.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق